طبيعة الكون الذي يعيش الناس في جزء منه خلقه ربه الأعلي مختلف الأنواع والألوان اختلاف تنوع وتلون, وقد جاءت نصوص القرآن مؤكدة هذه الحقيقة, يقول الله تعالي:( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به. ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والانعم مختلف ألوانه كذلك) فاطر(82,72) وكذا طبيعة الحياة تختلف وتتغير بحسب مؤثرات الزمان والمكان, ومن ثم كانت طبائع البشر وقسمات خلقتهم مختلفة كما خلقها الله سبحانه فكل إنسان له شخصيته وتفكيره الخاص, كما ينفرد كل إنسان بصورة وجهه ونبرة صوته, وبصمة بنانه, وهذا اختلاف تنوع, أكده القرآن من خلال قول الله عز وجل ( ومن آياته خلق السموات والأرض وأختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعلمين)( الروم) وهنا يمكننا القول: إن الاختلاف سنة سائدة في الكون, وفي الإنسان الذي هو منه, أخذا بمنطوق ومفهوم الآية الكريمة علي سبيل المثال القائلة:( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة وحدة ولايزالون مختلفين) هود(81) ولاتشذ عن ذلك المجالات العقدية والتشريعية بن أهل الرسالات الدينية, بيد أن جانبا واحدا يسير في اتفاق وهو الجانب الأخلاقي, الذي هو ركيزة في كل دين وضعي أو سماوي. فمثلا: الزرادشتية وهي ديانة بلاد فارس قديما تقول نصوص الفنديداد أحد الاسفار المقدسة لدي الزرادشتيين: الطهارة يا زرادشت هي في ديانة مزدا, طهارة الانسان الذي يطهر بأفكار حسنة, وأقوال حسنة, وأعمال حسنة) الفنديداد فصل(01) وفي الطاوية إحدي الديانات المنتشرة في الصين يقول لاوتسي مؤسس الطاوية:- أنا خير مع الأخيار, وخير مع غير الأخيار كتاب الطاو فصل(94) أما في الرسالات السماوية تقول التوراة العهد القديم: لا تغضب قريبك ولا تسلب. ولاتبت أجرة أجير عندك إلي الغد. ولاتشتم الأصم وقدام الأعمي لاتجل معثرة, بل اخش إلهك سفر لاويين الاصحاح(91) وفي الإنجيل العهد الجديد يقول:( أحبوا أعداءكم. أحسنوا إلي مبغضكم. باركوا لاعنيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم. من ضربك علي خدك فاعرض له الآخر ايضا. ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك ايضا. وكل من سألك فاعطه. ومن أخذ الذي لك فلا تطالبه. وكما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم بهم لوقا الإصحاح(61) وجاء القرآن يؤكد هذا الجانب ويوضحه في ايات كثيرة يقول الله سبحانه وتعالي:( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عدوة كأنه ولي حميم) فصلت(43), وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: إن رسول الله لم يكن فاحشا ولا متفحشا, وكان يقول: خياركم أحاسنكم أخلاقا صحيح البخاري لاريب إذن بعد هذا السرد النصي أن الجانب الأخلاقي متفق بين الديانات والرسالات السماوية, وهذا الامر يعطي أهمية بالغة لهذا الجانب, إذ إنه وصف للسلوكيات الايجابية التي يتسني أن يتوخاها الانسان, ويسعي لأن يجعلها واقعا في حياته, ومن ناحية أخري يصور السلبيات السلوكية التي ينبغي أن نعرض وننأي بجانبنا عنها. إذن, فحري بالانسانية أن تجمع ولاتفرق, أن تؤلف ولاتنفر, وأن تنأي بعيدا عن كل مايعكر صفو التقدم الحضاري, والرقي العلمي والاخاء الانساني, كي نلمس في الواقع القاسم المشترك في الديانات. د. خالد السيد غانم