من أهم مميزات العمارة الدينية في عهد المماليك الشراكسة هو صغر مساحتها خاصة تلك التي بنيت داخل أسوار القاهرة القديمة. وقد استتبع صغر مساحة مدرسة أو خانقاه صغر حجم الإيوانات خاصة الإيوانين الشمالي والجنوبي. وقد انتصرت المدارس في عهد المماليك الشراكسة علي تدريس مذهبين وليس أربعة إيوانات حسب المذاهب. وكانت مقصورة علي إيوان القبلة والإيوان المقابل له, وأدي ذلك إلي صغر مساحة الصحن الذي غطي بسقف خشبي عادة تتوسطه فتحة مثمنة الشكل أطلق عليها( الشخشيخة). وأحيط السقف الخشبي بشريط من الكتابة بالخط الثلث المملوكي. وحرص المعمار علي فصل الصحن عن الإيوانات, وأدي صغر الإيوانين الشمالي والجنوبي إلي كبر مساحة إيوان القبلة بحيث يشغل حائط القبلة كلها. وتؤدي الأبواب إلي حجرة واحدة تعلوها أخري. أما دكة المبلغ فمصنوعة من الحجر أو الرخام ويصعد إليها من سلم خارجي خلف الإيوان. واستحدث في آخر العصر المملوكي بناء أنواع من القباب استخدمت كاستراحات خلوية للراحة والاستجمام أو للرياضة والنزهة. ومن أمثلة القباب قباب يشيك بن مهدي بكوبري القبة وبميدان الفيداوية بالعباسية. أما أهم المميزات المعمارية لهذا العصر هو المآذن المتعددة الرءوس وهو طراز مصري لم يسبق إليه أحد. ومن أقدم أمثلة القرن التاسع الهجري مئذنة جامع جنبلاط المجاور لباب النصر شمال القاهرة المعزية وكانت مزدوجة الرءوس وهدمت سنة1799 م. ويأتي بعد ذلك مدرستا باي الرماح بالقلعة بنيت سنة809 ه وسقطت وأعيد بناؤها علي الأصل سنة1870 م ومدرسة الرماح بحي الناصرية بالقاهرة التي لا تزال تحتفظ بمئذنتها التي أنشئت سنة911 ه. ومدرسة الغوري تعتبر المئذنة أول مئذنة بنيت في مصر علي أربعة رءوس سنة911 ه وآلت للسقوط لثقل علوها وأعيد بناؤها وكسي عليها بالقيشاني الأزرق واستبدلت الرءوس الأربعة إلي اثنتين. وجددتها هيئة الآثار العربية وأعادت بناء القمة وجعلتها خمسة رءوس ومئذنة الغوري بالجامع الأزهر أقيمت سنة915 ه ولها سلم مزدوج. ومئذنة جامع خابر بك ولها سلمان أحدهما بابه من السطح والثاني علي الطريق. وأهم المآذن ذات الرءوس المزدوجة خارج القاهرة مئذنة جامع القمري بميت غمر وسقطت سنة1963 م وقائمة الآن دون رءوس وكانت مئذنة جامع العمري في المنيا ذات رأسين. أما مئذنة جامع محمد أبو الدهب بميدان الأزهر فتشبه مئذنة الغوري في تعدد رءوسها ولكن شكل الرءوس علي شكل( الزلع).