في رسالته المعنونة لكي نحل المنازعات اقترح كاتبها انشاء لجان لحل المنازعات في كل قطاعات الدولة تخفيفا لعبء التقاضي, وأؤكد له أن هذه اللجان موجودة بالفعل بموجب القانون رقم7 لسنة2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات والمعمول به اعتبارا من تاريخ نشره عام2000. والذي بمقتضاه لا تقبل أي دعوي ترفع رأسا للقضاء ضد أي جهة إدارية في الدولة إلا بعد اللجوء لهذه اللجان المذكورة والتابعة فنيا لوزارة العدل مباشرة, وذلك أيا كان نوع النزاع وقيمته اللهم إلا استثناء وحيدا في حالة الدعاوي المستعجلة التي لا تحتمل بطبيعتها التسويف. وقد استقرت احكام محكمة القضاء الإداري وغيرها من المحاكم علي القضاء بعدم قبول الدعوي لعدم اتباع الطريق القانوني الذي رسمه القانون رقم7 لسنة2000 سالف الذكر في حالة ما إذا كان رافع الدعوي لم يلجأ للجان التوفيق المصطلح علي تسميها لجان فض المنازعات قبل عقده لواء الخصومة أمام القضاء. لكن الطامة الكبري أن هذه اللجان مجرد حبر علي ورق برغم المجهود الخرافي المبذول من المستشارين القائمين عليها الذين تصل توصياتهم في بعض الاحيان من الدقة والحرفية من حيث التسبيب إلي مصاف الاحكام الصادرة عن أعلي جهات قضائية في الدولة لكن للاسف الشديد فإن التوصيات الصادرة عنها لا تنفذ ولا تعادل قيمة المداد الذي كتبت به ذلك أنها لا تذيل بالصيغة التنفيذية وتصبح واجبة النفاذ إلا بعد موافقة الجهة الإدارية عليها وما يعنيه من ذلك من أن تغدو الأخيرة خصما وحكما في آن واحد وهو ما لا يجوز قانونا. ولايقف تعنت الجهات الإدارية عند حد عدم الموافقة علي التوصيات الصادرة في بعض القضايا المهمة التي قد يستساغ أن تكون محل خلاف قانوني لكنها تطبق ذات القاعدة علي الدعاوي قليلة القيمة التي قتلت بحثا في أروقة المحاكم كدعاوي المقابل النقدي لرصيد الاجازات التي لا تحتاج إلا لتفعيل التوصيات الصادرة بها دون الحاجة إلي تكدسها داخل المحاكم وما تؤدي إليه من ارهاق للقضاة والمتقاضين. ونافلة القول ان اللجان المطالب بها موجودة فعليا لكن ما يحتاج إلي إعادة نظر هو القانون المنشئ لها بحيث تناله يد المشرع الحكيم بالتعديل لتصبح التوصيات الصادرة عن هذه اللجان واجبة النفاذ فور صدورها مع إمكان التظلم منها امام المحاكم وفقا لنظام التظلمات المعمول به في قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي يظل هو الاصل والشريعة العامة في إجراءات التقاضي وعلي وجه الخصوص تتمتع هذه التوصيات بشمولها بالنفاذ المعجل في الحالات التي يقدم فيها ذوو الشأن ما يفيد وجود سوابق قضائية مستقرة بشأنها دون ما حاجة لإعادة بحثه خاصة ان عدم نفاذ هذه التوصيات يثير مظنة إهدار المال العام في عمل مثل هذه اللجان التي بهذه المثابة لا فائدة منها ولا طائل من ورائها بصورتها الحالية. سمير علي حسنين المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة