وزير التعليم العالي الفلسطيني يشيد بالدعم المصري لبلاده    الكندوز وصل ل 250..تراجع أسعار اللحوم في الأسواق    عاجل| مصدر أمني يكشف حقيقة استشهاد جندي آخر في حادث الحدود برفح    مجلس الوزراء يعقد جلسته عبر الاتصال المرئي برئاسة خادم الحرمين الشريفين    روسيا تطور قمرا جديدا للاتصالات    انتظام 24 لاعبا في معسكر منتخب مصر استعدادا لمباراتي بوركينا وغينيا بيساو    إصابة 12 شخصا إثر اصطدام ميكروباص بملاكي في البغدادي بالأقصر    عاجل.. براءة متهم من تهمة تزوير أوراق لتسفير عناصر الإرهاب إلى الخارج    وزيرة الثقافة تعلن أسماء الفائزين بجوائز الدولة للتفوق    خالد عبدالغفار: يجب تسريع وتيرة العمل للنهوض بصحة سكان إقليم شرق المتوسط    «الضوابط والمحددات الخاصة بإعداد الحساب الختامي» ورشة عمل بجامعة بني سويف    «عياد»: «دليل التوعية الأسرية» نتاج للتعاون بين الأزهر والكنيسة و«الصحة»    بيت الزكاة والصدقات ينتهي من المسح الشامل لقريتين في بورسعيد    رئيس جامعة دمياط يتفقد اللجان الامتحانية بالكليات    روسيا: لم نتلق وثائق رسمية من بولندا بشأن قيود مفروضة على تحركات دبلوماسيينا    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    التشيك تؤيد حق أوكرانيا في ضرب أهداف في الأراضي الروسية    القبض على المتهم بقتل صديقه في مشاجرة بقليوب    إلغاء قطاري 1191 و1190 المارين بالمنوفية أيام الجمع والعطلات    جريمة جديدة داخل سيارة تابعة لتطبيقات النقل الذكي.. والضحية «راجل»    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    رئيس الوزراء يتابع جاهزية المتحف المصري الكبير وتطوير المناطق المحيطة    «بيت الحاجة» عرض لفرقة مصطفى كامل بمهرجان نوادي المسرح    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    شبانة: لجنة التخطيط تطالب كولر بحسم موقف المعارين لهذا السبب    برلماني: الرئيس يثق في قدرة الحوار الوطني على وضع رؤية اقتصادية جديدة للدولة    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    تشكيل الدوري الإنجليزي المثالي بتصويت الجماهير.. موقف محمد صلاح    وزير الإعلام البحريني يزور جناح مدينة الإنتاج الإعلامي في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    سياح من كل أوروبا.. شاهد رحلات جولات البلد على كورنيش الغردقة    بالأسماء.. حركة تغييرات تطال مديري 9 مستشفيات في جامعة الإسكندرية    بشرى للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    الجنايات تعاقب عامل بالسجن 3 سنوات لإدانته بالاتجار في الحشيش    خلال زيارته للمحافظة.. محافظ جنوب سيناء يقدم طلبا لوفد لجنة الصحة بمجلس النواب    رئيس إسكان النواب: سنتابع أسباب عدم توفير الاعتماد المالي لشبكات الشرب في المنوفية    محافظ الجيزة: تطوير وتوسعة ورصف طريق الطرفاية البطئ    تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة فؤاد شرف الدين.. «كان يقاوم الألم»    فيلم السرب الأول في شباك تذاكر أفلام السينما.. تعرف على إجمالي إيراداته    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الثلاثاء 28-5-2024    نسألك أن تنصر أهل رفح على أعدائهم.. أفضل الأدعية لنصرة أهل غزة ورفح (ردده الآن)    مع اقترابهم.. فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    حل وحيد أمام رمضان صبحي للهروب من أزمة المنشطات (تفاصيل)    وزيرة الهجرة تستقبل أحد رموز الجالية المصرية في جينف بسويسرا    مراسل القاهرة الإخبارية: الآليات الإسرائيلية تسيطر ناريا تقريبا على معظم مدينة رفح الفلسطينية    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    مواعيد مباريات الثلاثاء 28 مايو - كأس مصر.. ودوري السلة    مشيرة خطاب: النيابة العامة من أهم السلطات الضامنة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان    رئيس وزراء إسبانيا: نعترف رسميا بدولة فلسطين لتحقيق السلام    الأهلى يواجه سبورتنج فى نهائى دورى سيدات السلة    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    عاجل| وفاة الشاعر اللبناني محمد ماضي    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    وزير الصحة يبحث مع نظيره الفرنسي سبل تعزيز التعاون في اللقاحات والأمصال    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-5-2024    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    جولة ل«المصري اليوم» بسوق الأضاحى فى شبين القناطر.. الخروف يبدأ من 12 ألف جنيه    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ويكيليكس الديناصور الغامض المثير‏(1‏ 2)‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 12 - 2010

في أفلام هوليوود الأمريكية خاصة أفلام جيمس بوند هناك دائما عقلية اجرامية فذه تملك توظيف قدرات علمية فائقة التقدم لتدمير العالم وشل حكوماته ومؤسساته بترتيبات عبقرية مجنونة‏. وبالرغم من كل ما تملكه العبقرية السوداء من خطط وترتيبيات لتنفيذ مؤامرتها الشيطانية إلا أن العميل السري‏007‏ يتمكن في الثواني الأخيرة من افشالها وسط جحيم من المخاطر اللامتناهية لينتهي الفيلم دائما وسط مشاهد ساخنة لجيمس بوند مع رفيقته الحسناء في النضال والحرب بحكم أن المشاهد تستهويه دائما النهايات السعيدة للأحداث وانتصار الخير علي الشر‏,‏ ولكن علي خلاف افلام هوليوود واقتداء بافلام بوليوود الهندية التي يلاقي فيها الخير ويلات حامية الوطيس حتي يتمكن في النهاية من الانتصار علي الشر ويدفع في سبيل انتصاره الكثير من الخسائر الفادحة فإن حرب امريكا علي الإرهاب واعلان الحرب المقدسة علي مايسمي الاسلام الأصولي والدول المارقة قد استوجبت ان تقدم امريكا قرابين الحادي عشر من سبتمبر وأن يسقط برج التجارة العالمي في نيويورك رمز الازدهار والسطوة الاقتصادية والتجارية وان يسمح بضرب البنتاجون مقر وزارة الدفاع ورمز السطوة العسكرية والهيمنة السياسية المطلقة علي امتداد خريطة العالم في اليابسة والبحار والمحيطات‏.‏
وعلي غرار افلام جيمس بوند فإن المسئولية عن الجريمة الكبري علقت في رقبة رجل واحد هو أسامة بن لادن القابع في جبال تورا بورا بأفغانستان وعلقت في رقبة تنظيم واحد هو القاعدة التي يتزعمها بن لادن ويقودها ويحركها ولكن فات المفسرين والمحللين أن جيمس بوند في تحركه يسانده دعم تقني ولوجستي بلا حدود يوفره جهاز المخابرات البريطانية الذي يعمل هو لديه بكل امكانياته وقدراته ومعلوماته وبكل ما يتيحه منذ اللحظات الأولي من تكنولوجيا حديثة فائقة التقدم تتيح لبوند النجاة في أقسي اللحظات وأحلكها‏,‏ أما أخونا هذا القابع في جبال تورا بورا فإن من يقدم له الدعم التقني والفني واللوجستي والمعلوماتي فإنها حركة طالبان وهي كذلك مجموعة القاعدة وهي في النهاية والبداية جماعة المجاهدين التي تلقت الدرس من مدربي المخابرات المركزية الأمريكية وتلقت الدعم المالي والتسليح منها حتي تتمكن من هزيمة الامبراطورية السوفيتية يوم أن كانت هناك امبراطورية عالمية مرهوبة الجانب تناطح للسيطرة والنفوذ علي قمة العالم في ذلك الوقت والأوان قبل أن تنهار من الداخل في لمح البصر مع أوائل التسعينيات من القرن العشرين وتتقوض دعائم معسكرها وتذهب أدراج الرياح ما كان تروج له من ايديولوجية شيوعية ظلت تناطح الايديولوجية الرأسمالية لعقود طويلة وغابت تحت مطرقة قوة خفيه غامضة وكأنها لم تكن وكأنها سحابة صيف أمطرت وضاعت مياهها الباهتة قبل أن تصل إلي الأرض‏.‏
وبنفس منطق افلام جيمس بوند وبنفس سيناريو احداث الحادي عشر من سبتمبر ومسئولية الفرد الواحد القابع في تورا بورا وتنظيم القاعدة وطالبان القابعين في جبال افغانستان وباكستان وكهوفها المظلمة العميقة شهدت نهاية عام‏2010‏ اطلاق فقاعه عالمية هائلة تماثل في نتائجها علي ارض الواقع كوارث الفقاعات العقارية والمالية التي هزت اركان العالم عام‏2008‏ وقد اطلق مارد النميمة الدولية مع ما ينشره موقع ويكيليكس من وثائق دبلوماسية امريكية تفضح التقييم السري غير العلني لسياسات دول العالم ولقياداته ورؤسائه وتضع في المقدمة وعلي سطح الأحداث وعلي المسرح المفتوح مباشرة للجمهور العالمي وثائق عن تقييمات العالم المخفي وحساباته وتقديراته واهتماماته ثم يعلق كل ذلك وفقا لتقاليد النظام العالمي المعاصر برقبة فرد واحد هو جوليان اسانج ناشر موقع ويكيليكس الاسترالي الجنسية باعتباره قرصان الكتروني فوضوي وباعتباره كما بن لادن وكما ضحايا جيمس بوند ارهابيا يستهدف الأمن القومي الأمريكي والعالمي وينصب السيرك العالمي الصاخب وتخرج سارة بلين المرشحة الخاسرة علي منصب نائب الرئيس للحزب الجمهوري في الانتخابات التي فاز فيها أوباما لتطالب باعتبار موقع ويكيليكس منظمة ارهابية ويخرج المستشار الأول لرئيس وزراء كندا الدولة المتحضرة المزهوة باحترام القانون وسيادته ليطالب باغتبال ناشر الموقع وتصفيته جسديا في عودة صارخة لمنطق العصور الوسطي الظلامية ووقائع محاكم التفتيش الأوروبية المخزية للبشرية‏.‏
ريكيليكس نموذج للعدو الخفي والطيف الغامض
وكما في كل القضايا الشائكة والمعقدة التي تشغل بال كل العالم اعلاميا ويتفرغ الساسة للحديث عنها ليل نهار والتحذير من مخاطرها والاعلان عن سياسات واجراءات لملاحقتها ومنع اذاها عن المواطن العالمي فان كوديه زار الفقاعات العالمية العظمي تصارع التأكيد علي ان الملاحقة والعلاج يتطلب تقديم القرابين علي مذبح العدالة الوهمي والمختلق وهي قرابين نستوجب دائما انتهاك الحريات الشخصية والقضاء عليها كما يحدث في امريكا منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر والتمادي في التخويف وصولا إلي تعرض البشر لنزع ملابسهم قطعة قطعة وبلوغ مرحلة نزع ورقة التوت في المطارات الأمريكية وتحول الحكومات وأجهزتها الأمنية في امريكا ودول الغرب الي ممارسة رذائل الأخ الأكبر علي المواطنين باعتبارهم الأخوة الصغار منعدمي الأهلية والعقل والرشاد ومع هذا المناخ المحموم والمرسوم فان موقع ويكيليكس يوشك أن يتحول إلي نموذج جديد يضاف الي مجموعة النماذج الغامضة القائمة بالفعل بنفس المواصفات وبنفس التركيبة الغريبة التي تخرج تماما عن سياق التفكير العاقل الموضوعي بحكم أن النظام العالمي يحترف صناعة الأعداء غير المرئيين وإدارة معاركه الكبري الطاحنة مع قوي خفية غير محددة الملامح وغير محددة الأبعاد يدور حولها تساؤلات وشكوك عن حقيقة وجودها من عدمه‏,‏ كما يقال ويتردد عن اسامة بن لادن وأيمن الظواهري وغيرهما وتذهب كل الأحاديث إلي العدم وكأن العالم الحديث يحترف اعلان الحرب علي الأطياف التي يحاك حولها من القصص والحكايات ما يحولها إلي أساطير للشر كما هي شخصية دكتور نو في افلام جيمس بوند‏.‏
والمثير للدهشة والاستغراب والعجب أن موقع ويكيليكس يملك كل مواصفات الطيف الغامص الذي يمكن الادعاء معه أن هناك قوي شيطانية منحرفة تسعي لارهاب العالم وتهديد أمنه وسلامته وتحميلها جميع الأوزار وكل التبعات في احاديث الساسة وفي أجهزة الاعلام واستخدامها لشغل كل العالم عن قضاياه الأساسية والحياتية اليومية وما تحمله في طياتها من عناصر دمار للبشرية ولأمنها وسلامتها الحقيقيين وكما أن بن لادن مجهول العنوان وكما أن القاعدة بلا عناوين وبلا وثائق وبلا مقرات محددة وبحسابات وأموال غير معلومة المصدر وغير موثقة عند الصرف وبلا حسابات ختامية فإن ويكيليكس كذلك بالتمام والكمال حيث ترصده الكتابات الصحفية الأمريكية باعتباره كيانا هلاميا يندرج تحت حكايات الخرافات والأساطير وأحاديث أمنا الغولة التي يحكيها الجميع بالرغم من عدم القدرة علي الأمساك بها واللقاء المباشر معها وجها لوجه علي امتداد التاريخ البشري ولكنها موجودة دائما للتخويف عند اللزوم والاستدعاء عند الحاجة واستخدامها وقت اللزوم وهي فزاعه من الفزاعات التي يجيد النظام العالمي المعاصر استخدامها لتغطية ارتكابه أفظع الجرائم واقساها وأشدها تدميرا وتخريبا‏.‏
ووفقا للكتابات الصحفية الأمريكية فإن ويكيليكس لا يديره موظفون ولا يعمل به اصحاب وظائف محددة ولا يستعين حتي بموظفين لأعمال الخدمات مثل نسخ الوثائق والأهم من ذلك أنه لا يملك مقرا ثابتا وحتي اسانج المشرف علي الموقع لا منزل له محدد العنوان بل تتم استضافته لدي المعجبين به والأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء وكأنه يسكن في المطارات ومحطات القطارات ولا تقوم للموقع قائمة من دونه تماما كما أسامة بن لادن الذي يعتبر هو تنظيم القاعدة وعلامة الشهرة المسجلة عالميا للتعريف به ويذكر مقال نشرته جريدة الحياة لرافي خاتشادوريان نقلا عن صحيفة ذا نيويوركر الأمريكية أن الموقع يعتمد علي مئات المتطوعين علي امتداد العالم يسهمون بالدرجة الأولي والأساس في صيانة بنية الموقع التحتية المركبة ومساهمة غالبية المتطوعين ضئيلة ولكن هناك ركيزة من المساهمين مؤلفة من نحو أربعة أو خمسة أشخاص يكرسون وقتهم للموقع وهؤلاء لا يفصحون عن أسمائهم ويتم تعريفهم بالحروف الأولي لأسمائهم ولا يتنازلون عن السرية حين يتناقشون علي منابر ويكيليكس المشفرة ويجيد الموقع التخفي علي شبكة الانترنت حيث تحفظ وثائقها ومعلوماتها في اكثر من‏20‏ خادما الكترونيا موزعين في الكرة الأرضية ويحملون اسماء مختلفة كما أن المتعاطفين مع الموقع انشأوا مواقع‏/‏ مرايا علي الانترنت لدعمه ومساندته‏.‏
وتشير الكتابات الصحفية إلي أن ناشر موقع ويكيليكس يعتمد في تمويله علي التبرعات من الأصدقاء والمتعاطفين بالرغم من أنه ليس منظمة من منظمات المجتمع المدني بل هو أقرب ما يكون لأن يسمي انتفاضه اعلامية علي الانترنت وعندما أعلن الموقع عن حيازته لنحو ربع مليون وثيقة أمريكية دبلوماسية وعن حيازته لوثائق تتصل بأعمال المصارف والمؤسسات المالية والشركات العالمية الكبري وتفاوض مع عدد من كبري الصحف الأمريكية والأوروبية علي نشرها من خلالها بترتيبات خاصة لم يحصل علي اموال مقابل هذه الوليمة الهائلة اعلاميا بكل ما تحمله من اثارة وتشويق وكأن الموقع يرفض أن يضبط وهو يقوم بتعاقدات مالية ويرفض أن يقوم بتسلم اموال حتي لا تخضع بالتالي للمراقبة والمحاسبة المالية والضرائبية باعتباره منشأة وشركة أو حتي منظمة أهلية امعانا في التخفي وامعانا في عدم الوقوع فريسة للقانون وقواعده واحكامه حتي يبقي علي اعماله باعتبارها حصاد ونتيجة لعمل متطوعين فقط لاغير وفي نطاق اجراءات التضييق علي ناشر الموقع باعتباره العلامة التجارية للموقع فقد نشرت صحيفة وول ستريت جورنال في صفحتها الأولي يوم الثلاثاء الماضي أن البنك السويسري بوست فينانس قد اغلق الحساب الخاص بجوليان اسانج ناشر الموقع الذي كان يتلقي من خلاله التبرعات في خطوة اعتبرت لونا من الوان التضييق والحصار للموقع‏.‏
ولا تقتصر الملاحقة لصاحب الموقع علي الحصار المالي فقط ووصلت الي سجنه في لندن بتهمه الاعتصاب في السويد كما اتخذت اجراءات علي شبكة الانترنت للتضيق علي الموقع ذاته علي الشبكة حيث اعلن موقع أمازون الشهير توقفه عن استضافة ويكيليكس واعلن اعضاء من الكونجرس الأمريكي عن مطالبتهم بضرورة مساءلة ومحاسبة امازون عن اسباب استضافته للموقع بالأساس كما تردد في فرنسا أن السلطات تدرس حجب الموقع من التداول ومنعت السلطات الأمريكية الموظفين والعاملين من الدخول للموقع في أماكن عملهم وهو ما يعني تهديدا بعدم الدخول للموقع علي الإطلاق ويؤكد ذلك التوجه قيام كلية الشئون العامة والدولية بجامعة كولومبيا الامريكية بتحذير طلابها من الدخول علي وثائق الموقع أو حتي متابعة اخباره علي موقعي فيس بوك وتويتر باعتبارها وثائق سرية يعني مجرد الأطلاع عليها الأضرار بمصلحة الطلاب في الالتحاق بإحدي الوظائف بالمؤسسات الأمريكية الفيدرالية والأكثر خطورة أن الكلية دعت طلابها الي عدم نشر أية تعليقات حول تلك الوثائق بصفحاتهم الالكترونية علي المواقع الاجتماعية واوضحت أن هذه التعليمات صادرة من قبل مسئولين بوزارة الخارجية الأمريكية وفي ضوء ردود الفعل الأمريكية الرسمية فإن الموقع ابدي سخريته من القيود علي حرية التعبير في الدولة التي تطلق علي نفسها بلد الحرية والديمقراطية‏.‏
فتح النيران علي الحريات الشخصية وقمع حرية التعبير
وقد تكون القيود علي حرية التعبير والقيود علي الحريات الشخصية عموما التي تعرضت لهجمة شرسة وعنيفة في اعقاب احداث الحادي عشر من سبتمبر هي الضحية الخطيرة لتسريبات موقع ويلكيليكس ليس فقط في امريكا ولكن علي امتداد خريطة العالم خاصة وأن الدول الاوروبية وامريكا قد توسعت بشكل حاد في تقييد الحريات الشخصية وفي التدخل اللصيق في أدق تفصيلاتها وأصبح التنصت علي الاتصالات ووضع كاميرات المراقبة في الشوارع والميادين والمحلات والشركات والمنشآت العامة والخاصة شبه ضرورة بخلاف مايتم من اجراءات تأمين وتفتيش مكثفة وباستخدام الاجهزة المتقدمة في المطارات وغيرها وهو ما يثير بالفعل جدلا صاخبا في امريكا واوروبا وارتبط بتنامي حدة السخط الشعبي في الفترة الأخيرة وقد سعي كتاب اليمين المحافظ المتشدد مثل ميلتون فريدمان لاستغلال نشر الموقع للوثائق للادعاء بأن المواطن الأمريكي ينشغل بالأمور الجانبية والهايفة من وجهة نظره مثل التفتيش الدقيق في المطارات وغيرها ولا يهتم بتحديات الأمن القومي الخطيرة‏.‏
وتكشف الأحداث المتوالية امريكيا علي الخصوص أن امريكا يمكن أن تنزلق في مستنقع داخلي خطير يمكن أن يثير الفوضي والاضطراب الداخلي بدرجة عالية ولكنه يتيح الفرصة للقوي اليمينية المتطرفة من أصحاب الايديولوجية الاصولية المسيحية الصهيونية للمزيد من السيطرة علي الدولة والمجتمع والمواطن من خلال درجة عالية من التخويف ودرجة عالية من اثارة الرعب العام من الخطر الخارجي الذي يهدد الأمن القومي الأمريكي ليعيد الي الأذهان والي الساحة نفس الاحداث التي واكبت حملة المكارثية في اوائل الخمسينيات من القرن العشرين بعد الحرب العالمية الثانية وبزوغ نجم الامبراطورية السوفيتية ونجم الشيوعية عالميا حيث قاد السناتور مكارثر عضو مجلس النواب حمله لمطاردة من اسماهم بالشيوعيين العملاء لقوي الخارج المهددين للأمن القومي الأمريكي ونجح في قصف اقلام كبار الكتاب الأمريكان ومنع كبار نجوم هوليوود من العمل وزرع الفتنة والنميمة في قطاعات المثقفين والعلماء ورجال السياسة وتحول الكثيرون منهم إلي مخبرين علي زملائهم وإلي شهود زور بحثا عن النجاة والأفلات من اتهامات مكارثر ومحاكماته وجلساته العلنية للاستجواب وما تحمله من تشويه للبشر وقتل معنوي وقد صنعت المكارثية بالرغم مما يقال عن سقوطها شرخا في المجتمع الأمريكي وزرعت الخوف في نفوس الكثيرين حتي اليوم واثبتت علي الملأ أن السلطة الحاكمة تملك دائما انيابا ومخالب تستطيع استخدامها ضد المعارضين وانها قادرة علي إختلاق الاسباب والمبررات والذرائع لتبرير افعالها وسلوكها مهما كان شديد الخطأ ومهما تعارض وتصادم مع القيم الاساسية التي يصف المجتمع بها نفسه وتقدم الدولة بها نفسها للعالم الخارجي‏.‏
‏***‏
ومع اثارة زوبعه الخطر الداهم علي الامن القومي تتصاعد المخاوف الكبيرة من عودة المكارثية الي امريكا وتصديرها علي نطاق واسع لدول العالم خاصة وأن احداث الحادي عشر من سبتمبر صنعت المناخ الملائم لقيامها وابرزت امكانات سطوتها علي الحياة في امريكا من خلال حالة الرعب المصنوعة باحكام واتقان للتخويف من الإرهاب والدق المتواصل بنغمة امكانية أن يضرب امريكا في لحظة واحدة بأقل درجة من درجات عدم الحذر الذي وصل الي حدود إنفاق امريكا لأكثر من تريليوني دولار في حرب قذرة بالعراق وافغانستان تسدد من جيب دافع الضرائب الأمريكي وتتضح علامات الخوف والرعب من المكارثية وضياع الحريات الشخصية والعامة من الجدل الواسع الذي يدور داخل جامعة كولومبيا تعليقا علي نصائح المسئولين بوزارة الخارجية في التعامل مع موقع ويكيليكس حيث ارسل الدكتور جاري رسك الباحث بمعهد الشرق الأوسط بالجامعة رسالة للادارة الأمريكية يقول فيها نحن نعلم أن ويكيليكس امر سيئ بالنسبة للادارة ولكن ارجو الا تزيد الادارة الأمر سوء من خلال تجريم من يدرس السياسة الدولية مؤكدا أن المذنب الحقيقي هو نظام الأمن القومي الذي انهار تماما ليسمح بحدوث مثل هذا الخرق الأمني باوضح رد الفعل الحقيقي يجب أن يرتبط بأصلاح هذا النظام وليس بتجريم من يتلق تلك المعلومات علي بريده الالكتروني وهي رسالة يمكن فهمها بشكل اعمق في ضوء تنازل اوباما خلال الأيام الماضية عن تعهداته الانتخابية بخفض الضرائب للفقراء وزيادتها للأغنياء بحجة التوافق مع الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب وهو ما يؤشر للقبضة الحديدية لليمين المحافظ واصراره علي عدم انتخاب الرئيس اوباما الاسود لفترة رئاسة ثانية عن طريق القتل المعنوي لبرنامجه الانتخابي والتزاماته امام المواطنين باستخدام الفقاعات المهمة بديلا عن التصفية الجسدية التي هددت المنظمات المتطرفة بتنفيذها؟‏!.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.