الحصانة حماية للممنوحة له لأداء العمل المنوط به بالشكل الأكمل وهي تمثل سياجا له يحميه من المكائد, ولكن حينما يرقص نائب في ملهي ليلي ويرفض دفع الحساب أو يستغلها للحصول علي ميزات كما رأينا فيما سمي بنواب العلاج علي نفقة الدولة أو غيرها من حالات التجاوزات التي مثلت جرائم أو تعديا علي المال العام وتجاوز القانون ومن هنا فإن الحصانة تحيد عن غرضها وتتحول الي حماية الفاسد وتحصينه ضد القانون رغم تجاوزاته ولذلك فإن الحصانة يجب ان تكون مقترنة بضوابط حتي لا تحيد عن هدفها. ستر العيوب حمدي خليفة نقيب المحامين يري انه يجب علي كل من يتمتع بالحصانة ان يعلم علم اليقين ان الحصانة لا تتنافي مع المبادئ والأخلاق وهي لم تشرع لستر أي عيوب أو أن تكون ذريعة للتعدي علي القيم ومن يتمتع بالحصانة يجب ان يحرص علي حماية هذه الحصانة لا أن تحميه الحصانة ويجب ان يتحوط في علاقاته مع الآخرين قدر العناية التي يبذلها وتفوق عناية الشخص الذي لا يتمتع بها وذلك حرصا علي اسمه والحصانة التي كفلها له القانون وان يكفل لذاته خطا محددا يجب الا يحيد عنه فالحصانة شرعت لحماية ممارسة عمل أو موقف لا لحماية شخص وأن الحصانة قد أعطيت للشخص بناء علي هذا التمثيل الذي ارتأي فيه المشرع وجوبها سواء في النواحي الدبلوماسية أو القضائية أو البرلمانية, وفي كل الأحوال يجب علي الشخص الذي تمنح له الحصانة ان يحافظ علي المفترض من تشريعها حفاظا علي أن يؤدي الشخص دوره تجاه الجهة التي يمثلها من خلال الحصانة التي يجب ألا يوظفها لأغراض شخصية وإنما شرعت لمساعدته علي القيام بوظيفته علي الوجه الأكمل دون أن تنال منه السلبيات. ويضيف بان ما يجري يمثل مسألة شخصية, فهناك من يجد من الحصانة مرتعا لتنفيذ أغراضه الشخصية وهناك من يري في الحصانة قيدا علي تصرفاته فيحافظ عليها وعلي اسمه, وكل من يعرف مفهوم الحصانة فانه يتحرك من خلال المبادئ التي أرساها المشرع حفاظا علي هذه الحصانة. أسيء استعمالها د.فوزية عبد الستار أستاذة القانون الجنائي ورئيس اللجنة التشريعية السابقة بمجلس الشعب تري ان الحصانة مقررة لاعضاء مجلس الشعب والحصانة البرلمانية في مصر تلاحظ انها قد أسيء استعمالها لان الغرض الأساسي لتقرير الحصانة هو حماية العضو من خصومه السياسيين لانه عند نجاحه يكيد له خصومه ليعطلوا اداءه في البرلمان ولكن مع الأسف فإن الحصانة استغلت في ارتكاب افعال وجرائم مستندين للحصانة وهذا يعني ان النائب قد حاد عن هدف الحصانة واستغلها فيما يضر المصلحة العامة ولذلك اذا شئنا الحقيقة في رأيي الشخصي انا لا أؤمن بفكرة الحصانة لأن الحصانة لأن الحصانة الانسان سواء أكان نائبا أو مواطنا عاديا يستمدها من سلوكه الشخصي بمعني ان الشخص الذي يريد ان يعيش في أمان سواء أكان نائبا أو مواطنا عاديا يجب ان يلتزم بالقانون والأعراف المقررة, ولذلك نجد الكثير من المواطنين خارج البرلمان أسوياء ولا يمس أحد بسوء. وتضيف أنه يجب ألا يكون لأحد في الدولة حصانة الا سيادة القانون فالحصانة قد تمثل انتهاكا لسيادة القانون وقد تحمي من ينتهكه, ويجب ألا يسعي شخص للحصانة للحصول علي مميزات أو وضعية خاصة. وتري أنه إن كان لابد من استمرار الحصانة أو الابقاء عليها فيجب ان تكون أولا محصورة في الجرائم البسيطة التي تمثل مخالفات أو جنحا ولا تمتد الي الجنايات بمعني انه لو طلب وزير العدل رفع الحصانة عن شخص لارتكابه جناية يجب علي المجلس ان يرفع الحصانة دون ان يكون له حق الاعتراض ويكون الأمر متروكا للقضاء وهو سلطة محترمة للفصل فيه بحيث لا يكون هناك أي شكل للحماية له وهذا قيد قاس, وأيضا الأمر الثاني دعوة النواب الي ضرورة النظر إلي طلب رفع الحصانة نظرة موضوعية بمعني ألا يتعاطفوا مع زميلهم المطلوب رفع الحصانة عنه, وبالنسبة للحصانة يجب ان تقصر رفع الحصانة علي طلبات وزارة العدل لان الطلبات التي تقدم من المضرور من الجريمة كثيرا ما تكون طلبات كيدية وبهذا نحصر الحصانة في إطار تحقيق الهدف الأساسي منها وهو حماية النائب في اداء عمله. وهناك نماذج عديدة لاساءة الاستغلال ويتضح ذلك من الوهلة الاولي فهناك من البعض أن اصبح نائبا رفع بناء العمارة دون ترخيص وكذلك جرائم اصدار شيك بدون رصيد للحصول علي سلع شراء أشياء, وكذلك أعمال الرشوة فهناك نماذج عديدة لاستغلال الحصانة أسوأ استغلال وبالتالي يفقد النائب مصداقيته. لبعض الفئات المستشار زكريا شلش رئيس محكمة استئناف القاهرة يري ان الحصانة التي تقررت لبعض الفئات ومن بينهم اعضاء مجلسي الشعب والشوري لاسباب تتعلق بعملهم البرلماني بحيث يكون حرا فيما يبديه من آراء واقتراحات وبما يبعده عن ملاحقته باجراءات خاطئة للنيل منه أو الكيد له, وقد نص الدستور علي فرض تلك الحصانة وقد نصت المادة99 من الدستور علي انه لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أي اجراءات جنائية ضد اعضاء مجلس الشعب إلا بأذن سابق من المجلس وفي غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ رأي رئيس المجلس. كما نصت المادة502 من الدستور علي سريان ذات المادة علي اعضاء مجلس الشوري, وبالتالي لا يجوز التحقيق أو اتخاذ اجراءات جنائية او تحريك الدعوي علي عضو مجلس الشعب إلا باذن المجلس وإذا أذن المجلس باتخاذ الاجراءات يعامل العضو معاملة الاشخاص العاديين كما ان الحصانة تشمل رجال القضاء لعدم التأثير عليهم لما يتصفون به في أعمالهم من حياد وهذه الحصانة المقررة للقضاء واعضاء النيابة لتمكينهم من اداء عملهم بحيدة ودون تأثير من آخرين وليس لأشخاصهم وقد تضمنت تلك الحصانة المادة السادسة من قانون السلطة القضائية وبالتالي فإن الحصانة المقررة لمثل هذه الفئات بقصد تمكينهم من أداء رسالتهم كما أن عضو مجلس الشعب لا يأخذ علي ما يبديه تحت القبة ولكن نري قلة من البرلمانيين يسيئون استخدام الحصانة وليس بعيدا عنا نواب القروض والتهرب الجمركي والعلاج علي نفقة الدولة وغيرها ومن ثم يتعين التضييق في الحصانة بحيث ترتبط بمهام ومسئوليات عضو مجلس الشعب ولا تترك مطلقة حتي لا يساء استخدامها. ويضيف أن عضو مجلس الشعب او الشوري لا يكتسب صفته كعضو وبالتالي حصانته لا تكون إلا بإتمام اجراء شكلي ومهم في ذات الوقت وهو أداؤه اليمين القانونية فاعلان الفوز لا يكفي لاعتبار الشخص عضوا بالمجلس ما لم يؤد اليمين وبالتالي يجوز اتخاذ الاجراءات القانونية ضده دون انتظار رفع الحصانة, نفترض أن عضوا بمجلس الشعب فاز في الانتخابات وسافر للخارج للعلاج أو أسباب أخري وطعن في صحة عضويته وتم التحقيق في ذلك من جانب محكمة النقض واحيلت لمجلس الشعب فاتخذ قرارا ببطلان عضويته فهل يكون قد اكتسب صفة العضوية قبل أداء اليمين الدستورية؟ لصالح العمل علاء عبد المنعم عضو مجلس الشعب السابق والمحامي بالنقض يري ان الحصانة مقررة لمصلحة العمل النيابي او الدبلوماسي او القضائي وليست مقررة لمصلحة اشخاص, والحصانة البرلمانية اساسا لمصلحة الشعب قبل النائب حتي يستطيع العضو أن يؤدي دوره بحرية ودون خوف من السلطة التنفيذية أو المكائد التي تحاك له لإعاقة عمله النيابي وهذا قصد المشرع الدستوري وعلي ذلك فإن الحصانة البرلمانية معناها باختصار ألا يساء للنائب عما يبديه من أقوال أو اعمال تتعلق بممارسة عمله النيابي ولا تنتقل هذه الحصانة لمعاملات مالية لأنه لا عمل لها في هذه الحالة ومع ذلك فإن النائب الذي يخطئ في ارتكاب جرائم ترفع عنه الحصانة ويقدم للمحاكمة وعلي ذلك فالحصانة لا تحمي النائب من جرائم ارتكبها والمفترض ان المجلس يرفع الحصانة دون تردد إذا ثبت عدم كيدية طلب رفع الحصانة ويضيف انه قد يجامل النائب من بعض زملائه فترفض طلبات رفع الحصانة رغم وجوبية رفعها ويتحصن النائب المخطئ بهذه الحصانة غير المستحقة وتتحول الحصانة من مصلحة الناخبين لميزة يتمتع بها النائب بصفته الشخصية, ويشير إلي أن هناك معايير فإذا كان الأمر ينطوي علي كيدية ترفض طلبات رفع الحصانة وإن لم يكن في الأمر أي كيدية ترفع عنه الحصانة بمجرد طلب رفعها.