لمنع تكرار حوادث تسمم التلاميذ بعد تناول الوجبة المدرسية.. أصبح من المهم فتح ملف هذه القضية حتي تحقق تلك الوجبة هدفها وهو رفع قدرات التلاميذ الفكرية والذهنية والحد من أمراض سوء التغذية بينهم. جهات بحثية عدة تضع مواصفات صحية وغذائية للوجبة المدرسية ومنها قسم بحوث الغذاء للمركز القومي للبحوث الذي قام بدراسة كاملة استغرقت عامين, لكن السؤال متي يتم الدمج بين هذا البحث والتطبيق بالمدارس؟! إذا كان الهدف من التغذية المدرسية هو تقديم وجبة صحية و مغذية لاستكمال إحتياجات التلميذ الغذائية في أثناء وجوده بالمدرسة.. فإن للوجبة المدرسية هدفا آخر حيث إنها تعتبر جزءا مكملا لرسالة المدرسة في تنمية الوعي وتطوير السلوك الغذائي وتحسين الصادرات الغذائية. وهذا لن يكتمل فعلا إلا بالدراسة الوافية عن احتياجات كل سن وكل مرحلة دراسية.. والاهتمام بتوفير وجبة مناسبة من حيث الأمان وتكامل العناصر والتنوع والاستساغة ولهذا تحرص وزارة التربية والتعليم علي استمرار دعم موازنة الوجبة الغذائية لتصل الي أكثر من7 ملايين طالب بمراحل التعليم المختلفة من خلال22.6 ألف مدرسة بمحافظات الجمهورية بحسب تصريحات د. عبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية الذي يؤكد أنه تم اعتماد347.5 مليون جنيه للعام الحالي لشراء الوجبات المدرسية بالمحافظات عن دور التربية والتعليم يقول المهندس إسماعيل إبراهيم مشرف إدارة الخطة العامة للتغذية المدرسية إنه يتم تنفيذ5 برامج غذائية ومنها الوجبة الجافة والوجبة المطهية والفطيرة المحشوة, والبسكويت, وكوب اللبن. وكل برنامج منها يوضح و ينفذ وفقا للفئة المستهدفة وبحسب الاولويات والاستراتيجية التي تعتمد علي أن تكون الأولوية للمناطق الفقيرة والعشوائية ويتم التوزيع وفقا للخرائط الموجودة بالمحافظات, وعلي سبيل المثال يقدم بسكويت50 جراما لرياض الأطفال, بالإضافة إلي عبوة لبن200 مللي جرام وتوزع لأطفال الروضة علي مستوي الجمهورية بالاضافة إلي أن برنامج الغذاء العالمي يساعد في تغذية لرياض الأطفال بتسع محافظات وهي: الفيوم وبني سويف والمنيا وسوهاج, واسيوط وقنا والأقصر وشمال وجنوب سيناء وذلك بوجبة من البسكويت المحشو بالتمر80 جراما أو بسكويت سادة أو جوز هند50 جراما وذلك بحسب رغبه التلاميذ رياض الأطفال. كما تقدم وجبة من البسكويت السادة أو بسكويت جوز الهند80 جراما لتلاميذ المرحلة الابتدائية وفي حالة زيادة الكميات يعطي للمرحلة الاعدادية. وفي حالة إتاحة وجبة من اللبن يعطي لمدة أربعة أيام إلي جانب يومين بسكويت أو العكس بحسب الكميات المتاحة. وعن نظام التعاقد مع الشركات الموردة يقول: تتقدم الشركات بالطلبات إلي الإدارة العامة للتغذية بالوزارة وبدورنا نقوم بإخطار الصحة والتموين بوزارة التضامن ومصلحة الرقابة الصناعية واتخاذ الإجراءات الفاعلة للمناقصة, ونبعث للإدارات التعليمية بالمحافظات نبذة عن الشركات. أما الوجبة الجافة فهي وجبة عبارة عن بيض أو جبنة مطبوخ مع مربي أو حلاوة طحينية وخبز وثمرة فاكهة فهي تقدم مكيسة لتلاميذ التربية الخاصة بالقسم الخارجي وأيضا لمدارس التربية الرياضية بالمرحلتين الإعدادية والثانوية ولتلاميذ بعض المحافظات مثل الشرقية التي يتم فيها تغذية التعليم الفني طبقا لتعليمات المحافظة. أما الوجبة المطهية فهي تقدم لجميع المدارس الداخلية بالوزارة ومدرسة المتفوقين الثانوية بعين شمس وبعض المدارس الزراعية بالنوبارية. وعن تنفيذ خطة التغذية يقول: نعتمد الخطة من الوزير ويتم إخطار المديريات التعليمية بها للتمكن من الإعداد المبكر لإجراءات المناقصة, ولتفعيل اللامركزية فإن المجالس المحلية ومجالس الأمناء بالمدارس تقوم بدور فعال في تنفيذ الاستراتيجية من خلال الإشراف علي الخطة ومتابعة جودة الوجبات, وضمان توفرها في المدارس في التوقيتات المحددة. ويجب المشاركة المجتمعية وتحفيز المجتمع المدني علي الإسهام في تكلفة وجبات التغذية المدرسية التي تصل خلال العام الدراسي الحالي5.6 مليون جنيه, بالإضافة إلي المساهمات العينية المقدمة في عدد من المحافظات.. ويضيف أن الوزارة تضع تعليمات وضوابط يجب مراعاتها عند تقديم الوجبة بالمديريات ومنها المواصفات الفنية للوجبة المدرسية وتضعها اللجنة العليا المشرفة علي مشروعات وبرامج التغذية. وكما يري المهندس اسماعيل إبراهيم فإنه برغم هذه الجهود فإن الإدارة تطمع في زيادة الاعتمادات المالية المخصصة لدعم الوجبة المدرسية واتساعها لتشمل غالبية التلاميذ الخاضعين للتعليم الرسمي بالوزارة كما يوجه الدعوة لمساهمة المجتمع المدني ورجال الأعمال للمساهمة من أجل تحسين نوعية الوجبات وإقامة مطابخ لإعداد الوجبات المطبوخة. مشروع متكامل أما الأهم من إجراء المناقصات والمزايدات فتبرز الخطوة الأهم وهي وجود الوجبة المتكاملة والمتكافئة العناصر والمتجددة والتي تناسب العمر الذي تقدم إليه.. وهناك بحوث فعلية قام بها قسم بحوث الغذاء بالمركز القومي للبحوث من خلال مشروع متكامل استمر عامين للبحث الميداني عن بعض الوجبات التي تصلح والمدعمة بالعناصر الغذائية مثل الحديد وفيتامين أو ء وبعض العناصر الغذائية الهامة التي ثبت من البحث نقصها لدي أطفال مراحل التعليم المختلفة. هذا البحث الي تم تحت مسمي تطوير الوجبة المدرسية وأقيم بتمويل داخلي من المركز القومي للبحوث ومن خلال فريق بحثي كامل تحت إشراف دكتور فوزي الشوبكي أستاذ بحوث الغذاء بالمركز هدفه تقديم وجبة حقيقية صحية متكاملة غير قابلة للإهدار. وفي ذلك يقول... للوجبة المدرسية تاريخ من المحاولات وأساس وجودها أن لبحوث الميدانية لتحديد الحالة الغذائية لتلاميذ المدارس. ويضيف د. الشوبكي إذا عدنا إلي فترة قريبة حيث كانت تصرف وجبة كاملة وكان بكثير من المدارس مطبخ كامل لتقديم وجبة مطهية وكان هذا بالطبع أيام الرخاء. ولكن عندما حدث قصور في قدرة الوزارة علي تلبية هذه الوصية بدأوا يوكلونها إلي متعهدين.. وكانت أحيانا تكون من الجبن والحلاوة مع رغيف عيش.. لتحدث مشكلات من المتعهدين منها عدم كفاية هذه الوجبة أو عدم مطابقتها للمواصفات الصحية أو تلوثها.. هنا فكرت الوزارة مع الجهات البحثية أن تقدم وجبة جافة وبدأت تخرج إلي الوجود الفطيرة.. والمشكلة في هذا النظام أنه تقريبا صرف وجبة من نوعية واحدة علي مدي العام الدراسي( فطيرة أو كعكة) نفس النوع ونفس النمط والشكل يوميا مما جعل الأطفال يملون هذه الوجبة النمطية طوال العام, وطبعا انتاجها علي مستوي مركزي وتخزينها فترة من10 15 يوما حتي يتم توزيعها يفسد ما بها من مواد تعطي طعما غير مقبول وتشكل خطورة علي صحة الأطفال, وهي طبعا وراء بعض النزلات المعوية التي تحدث من وقت لآخر. ويضيف: تطوير هذه الوجبة يعتمد علي دعامتين أساسيتين الأولي أن ننشيء وجبة مدرسية ذات قيمة غذائية مرتفعة تحتوي علي جميع العناصر الغذائية المطلوبة للمرحلة السنية وفي نفس الوقت مقبولة مذاقا ونكهة وشكله. والمحور الثاني ألا تكون هذه الوجبة شكلا ونمطا واحدا بل تكون متنوعة الأشكال والأنماط.. أما المحور الثالث فهو أنه في الفترة الأخيرة دلت البحوث علي تعدد مصادر الأغذية ذات القيمة الصحية إلي جانب القيمة الغذائية كأن تحتوي علي مضادات الأكسدة. ويتابع: ونجحنا في أن نطور5 وجبات بعضها يحتوي علي السبانخ وأخري تحتوي علي القرنبيط وثالثة علي شرش اللبن وأخري علي جنين القمح. اضافة إلي أنها توفر حوالي30% من الاحتياجات الصحية من البروتين في هذه المرحلة, وحوالي40% من احتياجه من الطاقة وفي نفس الوقت تغطي احتياجاته من العناصر المعدنية كالحديد والزنك وجزء من الفيتامينات المختلفة. وتم تنفيذ هذه الوجبات بالوحدة التجريبية للصناعات الغذائية ثم أخذنا المنتج النهائي وأخضعناه لما يسمي بإختيار التذوق ويعطي عنها درجات للصفات الحسية مثل طعمها والنكهة والشكل العام إلي جانب المواصفات الحسية الأخري كدرجة الهشاشة أو الطراوة. وجبات مقبولة يضيف رئيس الفريق البحثي د.الشوبكي أن هذه الوجبات الخمس حصلت علي درجة85 95% مما يدل علي أنها مقبولة حيث لاحظنا من خلال دراستنا الميدانية أن كثيرا من التلاميذ يلقون بالكعكة التي يحصلون عليها من برنامج التغذية المدرسية من خلال بحث ميداني بمدرستين إحداهما حكومية والثانية مدرسة خاصة للتعرف علي أذواق تلاميذ هذه المرحلة, ووضعنا نتائج هذه الدراسة في الاعتبار حيث تم اخضاع وجبتنا التجريبية للتجارب البيولوجية علي حيوانات التجارب, وكان أن وجدنا زيادة وزن هذه الحيوانات ضعف تلك التي تتغذي تغذية عادية. وهنا يقترح الدكتور الشوبكي: ألا يتم تنفيذ مثل هذه الوجبات مركزيا وأن تنفذ محليا حتي يمكن أن يتم بإتفاق مع أحد المخابز بالمحليات, يكون موضعا للثقة يعطي المواصفات ويقوم بتجهيزها وتضيعها وتوزع في نفس اليوم مع المراقبة. اتصال.. ودعم عن إمكان وجود قنوات اتصال ما بين المركز القومي للبحوث صاحب هذا البحث والمسئولين بالتربية والتعليم لاستغلال هذا البحث لصالح التلاميذ يقول الدكتور الشوبكي: نتائج هذه الدراسة كاملة ومنتهية منذ يوليو الماضي وفي متناول من يطلبها. وأكدت الدراسات أنه بالحصول علي الوجبة المدرسية يزداد التحصيل الدراسي بنسبة30% بالاضافة إلي زيادة نسبة الهيموجلوبين وزيادة معدلات النمو( الطول والوزن) طبقا للدراسة التي استمرت عاما وشملت2083 طالبا بالمرحلة الابتدائية. وأوصت الدراسة وزارة التربية والتعليم بتنفيذ برامج الوجبات المدرسية في جميع المدارس الحكومية خاصة بالمناطق الفقيرة, كما أوصت بأهمية الرقابة المستمرة علي نوعية الطعام المقدم وتوفير التمويل الكافي لتنفيذ برامج التغذية بالمدارس.. وفي نفس السياق يري الدكتور خالد المنياوي أستاذ طب الأطفال بالمركز القومي للبحوث أهمية تدعيم الوجبات المدرسية بالعناصر الأساسية كالأملاح المعدنية مثل الماغنيسيوم والنحاس والزنك والحديد, حيث أكدت التجارب أن نقص هذه العناصر يؤدي إلي تغيرات مزاجية تبدأ بالافراط في النشاط يصاحبه قصور في الذاكرة ويؤثر في القدرة علي التحصيل والتعليم. وكانت أهمية هذه العناصر بالنسبة لوظائف المخ وتركيبه إذ تبين أن نقص النحاس فقط له تأثير سلبي ملحوظ علي القدرة علي التعلم والتقدم الدراسي للطالب والطفل بالذات بينما نقص عنصر الماغنيسيوم له تأثيره السلبي الملحوظ علي القدرة علي التذكر بما يعرض الطفل إلي ضعف الذاكرة كما أن عنصر الزنك له تأثيره علي كفاءة وظائف المخ من حيث القدرة علي الفهم والتذكر والاستذكار وكذلك عنصر الحديد.