في الوقت الذي كشفت فيه نتائج أحدث دراسات المعهد القومي للتغذية عن أن 19٪ من أطفال مصر مصابون بقصر القامة نتيجة سوء التغذية أكد المركز القومي للبحوث إصابة 27٪ من تلاميذ المرحلة الابتدائية و63٪ من المراهقين بأمراض سوء التغذية وهو ما يؤثر سلبًا علي التحصيل الدراسي والأداء العقلي للتلاميذ. الإحصاءات والدراسات السابقة تعيد إلي الأذهان أزمة قديمة متجددة وهي ملف سوء التغذية المدرسية واندثار قيمة الوجبة المدرسية رغم رصد الدولة مبلغ 354 مليون جنيه لتوفير تلك الوجبة لخمسة ملايين تلميذ بمراحل رياض الأطفال والابتدائية. يؤكد أحمد عبدالحليم، مدير إدارة التغذية المدرسية بوزارة التربية والتعليم، أن الوزارة تستعد مبكرًا بالتنسيق مع المديريات لاعتماد الميزانيات وتوفير الوجبات المدرسية، وبالأخص بالمناطق النائية والفقيرة ومراحل رياض الأطفال لأنها عامل مهم في زيادة قدرة التلاميذ علي الاستيعاب وتقوية النشاط الذهني والبدني والحد من ظاهرة التسرب. تنسيق مع الوزارات لافتًا إلي التنسيق مع الوزارات مع أكثر من جهة منها وزارة التجارة والصناعة لاختبار الشركات المنوط بها توفير الأغذية، ومركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة لتوفير الوجبات ومفتشو وزارة الصحة لمراقبة العينات. ويقول عبدالحليم: كنا نتولي تقديم الوجبات المدرسية لحوالي 10 ملايين تلميذ، أما العام الحالي فتم رصد 354.800 مليون جنيه لتوفير الوجبات المدرسية ل5 ملايين تلميذ، وذلك بعد التعاون مع المحافظات ووزارة التضامن الاجتماعي لتحديد القري والأماكن الأشد فقرًا والأكثر احتياجًا للوجبات المدرسية وذلك بناءًا علي تعليمات رئاسة الوزراء بتطبيق اللامركزية في ذلك. ويضيف: للأسف لا نتمكن من توفير الوجبات علي مدار العام الدراسي، حيث يتم توفيرها لمدة 120 يومًا لمرحلة رياض الأطفال بعدما كانت لمدة 60 و80 يومًا للمرحلة الابتدائية ويحرم منها طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية. ويوضح أنه تتم الاستعانة بالمعهد القومي للتغذية لتوفير العناصر من المغذيات الدقيقة وغير الدقيقة التي يحتاجها التلاميذ، كذلك معهد البحوث الزراعية، وهناك وجبة 200 مللي لبن وبسكويت لمرحلة رياض الأطفال ووجبة الفطيرة أو البسكويت للمرحلة الابتدائية. تبرعوا لتوفير الوجبات! ويستطرد عبدالحليم: نحن بحاجة لمليار و800 ألف جنيه لتوفير التغذية المدرسية لجميع التلاميذ، خاصة أن برنامج الأغذية العالمي الذي يمنح 16.4 مليون ودر للتغذية المدرسية من العام الدراسي 2007/2006 وحتي 2011/2010، قد أوشك علي الانتهاء، لهذا طالبنا الأزهر باستصدار فتوي بجواز التبرع لمشروع الوجبات المدرسية واعتبارها زكاة مال، وقد تم ذلك، كما ناشدنا رجال الأعمال من خلال المحافظات للتبرع.. وأعلن عبدالحليم عن اعتماد الميزانيات لكل محافظة وأكثر المحافظات نصيبًا هي أسوان 36 مليون جنيه وأقلها جنوبسيناء 2 مليون و200 ألف جنيه.. ومع عدم تغطية التغذية المدرسية لجميع محافظات مصر، يزداد الوضع سوءًا خاصة بالمناطق الفقيرة حيث ترتفع نسبة إصابة الأطفال بأمراض سوء التغذية ويغيب دور العلاج في ظل وجود معهد قومي واحد للتغذية وغياب وجود أقسام التغذية بعيادات ومستشفيات التأمين الصحي، وهذا ما أكدته د.نفيسة العطار، المتحدث الإعلامي بالهيئة العامة للتأمين الصحي، مشيرة إلي أن المسئولين عن عيادات التأمين الصحي أطباء بدرجة ممارس عام، كما أن العيادات الشاملة التابعة للتأمين الصحي وعددها 700 عيادة، ويتولي مسئوليتها إخصائي الأطفال، ولا يوجد بها تخصصات التغذية للأطفال. وأوضحت أنه في حالة قيام الأطباء سواء الممارس العام أو إخصائي الأطفال بتشخيص حالة التلميذ علي أنها أحد أمراض سوء التغذية يتم تحويله للمعهد القومي للتغذية لتلقي العلاج اللازم. سوء تغذية من جانبها، تقول د.سحر خيري، أخصائي تغذية بالمعهد القومي للتغذية، المعهد هو الجهة الوحيدة المنوط بها استقبال الأطفال الذين يعانون أمراض سوء التغذية علي مستوي محافظات مصر، حيث يوجد بها عيادات سوء التغذية وقصر القامة والسمنة التابعة للأطفال. موضحة أن أحدث الدراسات التي أجريت بالمعهد تكشف عن أن 19٪ من أطفال مصر مصابون بقصر قامة ناتج عن سوء التغذية، فضلاً عن أن أغلب الأطفال المترددين علي العيادات يعانون من مرض الأنيميا، ويصاحب هذا تأخر في التحصيل الدراسي وقلة المجهود العقلي الذهني. وتنتقد خيري قلة إقبال الأطفال من المحافظات النائية، رغم أن المعهد هو الوحيد من نوعه علي مستوي مصر وتفسر ذلك بغياب الثقافة الغذائية وعدم الوعي بأمراض سوء التغذية لدي المصريين. وتؤكد: نسعي من خلال المعهد، لتدعيم فكرة التشخيص المبكر لأمراض سوء التغذية، من خلال إجراء التحاليل الطبية وقياس الوزن والطول ومتابعة نمو الطفل ومعرفة أسباب المرض، وتوفير العلاج بالمجان كذلك المشورة الطبية والوعي الغذائي للأهالي. وتطالب د.سحر، بضرورة توفير الوجبات المدرسية بالمحافظات الفقيرة لأنها الحل الأمثل لعلاج أمراض سوء التغذية، خاصة إذا ما احتوت علي المغذيات غير الدقيقة الماغنسيوم والحديد والزنك في ظل زيادة معدلات الفقر بتلك المحافظات. وتنتقد د.علياء هاشم، أخصائي التغذية بالمعهد القومي للتغذية، عدم وجود خطة حكومية للتثقيف الغذائي للأطفال والوقاية من أمراض سوء التغذية والاكتشاف المبكر لها وعلاجها وكذلك توفير المتخصصين بأمراض التغذية للأطفال بعيادات ومستشفيات التأمين الصحي، من أجل التعامل مع الحالات بالمحافظات البعيدة عن المعهد القومي للتغذية. وتطالب بتنظيم ندوات توعية للمواطنين، للتغلب علي الظروف الاقتصادية وما هي الأغذية البديلة للبروتين الحيواني غالي الثمن ونوعية الأغذية التي يجب توفيرها للطفل.