التأمين الصحي الشامل حلم يقترب من التحقيق وقد بدأت خطواته التنفيذية الحقيقية مع بدء تجربة محافظة السويس ثم سوهاج وخلال شهور الإسكندرية. وبالموافقة النهائية علي القانون الجديد ولائحته التنفيذية يدخل هذا المخطط القومي الضخم مرحلة الجد حيث أنه يوجد نحو15 مليون مواطن ستتحملهم الدولة من غير القادرين كما أنه يوجد نحو10 ملايين آخرين ستساهم الدولة جزئيا في علاجهم في نظام التأمين الجديد, وفي حوار مع الدكتور سعيد راتب مساعد وزير الصحة ورئيس هيئة التأمين الصحي قال إن وزارتي المالية والتضامن الاجتماعي ستقومان بتدبير المبالغ الخاصة بدعم علاج غير القادرين, ويجري الاستعداد للدخول في هذا المشروع من قبل صدور القانون حيث يجري تجهيز وتطوير المستشفيات وإعداد جميع الوسائل لضمان حصول كل مواطن علي حقه في العلاج بعدالة.. وأكد أن تطبيق التأمين الصحي الشامل لن يتم في يوم وليلة كما يتصور البعض فالعملية ستستغرق نحو7 سنوات لتغطية أكثر85% من أبناء مصر.. المسئولون في التأمين الصحي في معسكر دائم للإعداد لهذه المرحلة وتم اقتحام هذا المعسكر للحصول علي حديث من رئيس الهيئة يتناول آخر المستجدات والتطورات علي كل المحاور. يعد الجانب الصحي والعلاجي من الأسس التي يجب أن تضعها الدولة في أولوياتها, ومنها نشأت فكرة التأمين الصحي الشامل.. فماذا يرتكز النظام الجديد وأهم ملامحه العامة؟! يشير الدكتور سعيد راتب إلي أن التأمين الصحي في مخططه الجديد سيكون قائم علي وحدة الأسرة بدلا من الفرد والمجتمع الجغرافي وليس الطبقي, فجميع المواطنين سواء عامل أو موظف أو حر أو غير قادر سيكون تحت مظلته, وتم تحديد نسبة غير القادرين بنحو20% من السكان وستتحمل الدولة اشتراكاتهم بالكامل وهناك نسبة تزيد عن10% سيحصلون علي دعم جزئي من الدولة, والفكرة هنا تقوم علي تقديم خدمة صحية شاملة ومتكاملة ذات جودة للمواطنين, ولم نجبر المواطن علي شئ فهو سيكون أمامه حرية الاختيار بين مجموعة من مقدمي الخدمات المؤهلين, مما سيؤدي لنوع من التنافس والتطوير وحسن الأداء بين المراكز والمستشفيات المتعاقدة مع التأمين والمستفيد الأول المواطن المريض, وسيجري تطبيق معايير الجودة بصرامة عليها ورقابتها لضمان انضباط العمل بها وستتعرض المراكز المقصرة وغير المطابقة للمواصفات للاستبعاد. ومتي سيتم تطبيق النظام الجديد؟ يتوقع انه بانتهاء الموافقات علي القانون ولائحته التنفيذية سيتم التطبيق وهو من المتوقع أن يكون في نهاية العام الحالي. وهل سيتم تطبيقه بتوسع مرة واحدة, مما قد يحدث خللا؟! أكد رئيس هيئة التأمين الصحي ان الفكرة العامة في تطبيق القانون الجديد التدرج في عملية الدخول في التطبيق حتي يتم التحقق من كل خطوة ومراجعة كل جزئية لضمان الجودة والنجاح المرحلي, فستنتهي مرحلة التطبيق الشامل في السويسوسوهاجالإسكندرية عام2014 ثم العمل في جميع المحافظات حيث يرتبط التطبيق بنظام متطور يعمل بالكمبيوتر والشبكات المتقدمة لإدارة المنظومة كلها وإجراءات الترسية وتجهيز الشبكات والبرامج التشغيلية وتستغرق هذه العملية أكثر من عامين. وإلي أي حد وصلت تجربة السويس؟ تعد تجربة السويس البذرة الأولي كما يقول الدكتور سعيد راتب, ففيها تم تطوير المستشفيات والخدمة علي جميع المستويات وتم ضم13 ألفا ممن ستتحملهم الدولة من مستحقي الضمان بالإضافة لنحو50 ألف طفل قبل سن المدارس, إلي جانب250 ألفا لهم اشتراك تأمين صحي وفقا للنظام الحالي, ويتبقي ثلث مواطني السويس سيتم إلحاقهم في النظام الجديد بعد صدور القانون وفقا للقواعد المعمول بها, ومازال العمل جاريا في تجربة السويس بنجاح.والتأمين بدأ يعد لتطبيق التجربة في محافظة سوهاج, وبها عدد كبير ممن ستتحمل الدولة اشتراكاتهم, وستكون المحافظة الثالثة هي الإسكندرية, وتتميز بوجود قاعدة جيدة للتأمين الصحي وسيجري البدء فيها خلال عام, ويتوقع أن يستغرق التطبيق المرحلي نحو7 سنوات حتي يكون التأمين شاملا لجميع أبناء مصر, أو علي الأقل85% من السكان. هناك تعدد وتنوع في المراكز والمستشفيات في مصر منها ما هو عام وما هو خاص.. فما هو شكل التعامل معها؟, وكيف سيتم الاستفادة من مستشفيات وزارة الصحة؟! هذا الموضوع تم حسمه تماما.. فالنظام الجديد مرن ويتيح التعاقد مع جميع المستشفيات الجامعية والأهلية والحكومية والخاصة بل الجيش والشرطة, والباب مفتوح للمراكز المتخصصة المتميزة بكل شفافية ووضوح فقد بلغ عددها106 مراكز, وفقا لقواعد صارمة بلا مجاملات, وبالتالي لن نعاني من قصور في عملها لأن الباب كما هو مفتوح لدخول مراكز جديدة فهو مفتوح لخروج من تقل جودتهما. وهل سيتم فرض التعاقد مع المستشفيات العامة بوضعها الحالي؟ لا بالطبع سيتم تطويرها لتتماشي مع نظم الجودة وتتطابق مع المعايير وسيجري رفع مستواها قبل التعاقد للوصول لمعايير التأمين, وستقوم بعملية التطوير وزارة الصحة فكل جهة عليها تطوير مراكزها لإتمام التعاقد, وهناك تشدد إلي حدما يجب الالتزام به حتي يكتب النجاح للنظام المنشود. كما تم تطوير المستشفيات التابعة للتأمين الصحي وإدخال خدمات تخصصية جديدة بها, وزيادة أسرة الرعاية المركزة وإنشاء قسم لزراعة الكلي والتوسع في جراحات المخ والأعصاب والعمود الفقري, وقساطر القلب, وتسعي الهيئة لتوزيع استثماراتها علي مستوي الجمهورية بعدالة. مع تضاعف المؤمن عليهم.. د.. فهل هناك القوي البشرية في الهيئة لتواجه هذه الزيادة, ومت سيتم إعدادها؟ يجيب الدكتور سعيد راتب مؤكدا من هنا تأتي أهمية التعاقد مع المستشفيات والمراكز الأخري حيث يوجد بها الأطباء والتمريض والعمالة وبالتالي لن يحدث قصور في القوي البشرية لكن سيتم تطوير القوي البشرية وتدريبها. التطبيق السليم سيتطلب دعم كبير من الدولة.. فما حجمه؟ وهل هو ثابت أم متغير؟, وما مدي استمراريته؟ يوضح رئيس هيئة التأمين هذه القضية مؤكدا أن الدولة وضعت النظام الجديد لرعية جميع فئات الشعب خاصة غير القادرين والفلاحين وهذا مايوصي به الرئيس مبارك, حيث ستتحمل وزارتا المالية والتضامن اشتراكات نحو20% من المواطنين ودعم تحديث المستشفيات العامة لتكون ملائمة, فتكلفة الرعاية الصحية في مصر بلغت32 مليار جنيه يتحمل الناس منها60%, لكن عند تطبيق النظام بالكامل سينخفض ما يتحمله المواطنون إلي40% مما سيحقق لهم الاستقرار المالي, وعدم التعرض للأزمات المالية عند الطوارئ, وروعي أن مبلغ الدعم متحرك وفقا للتضخم والأسعار والتكاليف. ظلت ميزانية التأمين الصحي صامدة حتي العام الماضي.. فما حجم العجز الذي حدث وهل سيتزايد؟ وما السبب؟ يؤكد أن الهيئة تبذل مجهودات كبيرة للاستفادة من أي أموال ومنذ فترة يجري تجهيز البنية الأساسية وتحديث الآلات والأجهزة والتوسع في الخدمات استعدادا للتأمين الجديد, كما أن مشروع علاج مرضي الفيروسات يمثل حملا حيث يبلغ تكلفة العلاج بالانترفيرون270 مليون مما سبب خللا في الميزانية بلغ172 مليونا جنيه, وسيصل العجز في العام المقبل لنحو850 مليونا. هل التأمين الصحي بدأ في تقديم خدمات جديدة حيث يعاني البعض من عدم وجود بعض الأدوية وعدم تغطية بعض العمليات؟ يختتم الدكتور سعيد كلامه ومازالت التساؤلات تتلاحق أن التأمين أدخل خدمات وأدوية جديدة منها عمليات زرع الأعضاء والتوسع في أدوية السرطان والهرمونات وإدخال أصناف دوائية جديدة مما يحمل الميزانية أعباء جديدة, فبلغ المصروف عليها700 مليون جنيه تمثل30% من إجمالي نفقات التشغيل وهي نسبة عالية عالميا, وتم تحديث قائمة الأدوية عن طريق أساتذة الجامعات والخبراء لتضم530 دواء يتم مراجعتها كل عامين. وبرغم ذلك هناك إصرار لتنفيذ وعد الرئيس مبارك للمواطن البسيط.