بعضهم قضي ليلته السادسة في مخيمات الإيواء التي أنشأتها القوات المسلحة, والآخرون فضلوا العودة لمنازلهم التي دمرتها السيول.. القصص متشابهة والهم واحد فالمياه الغاضبة طاردت الجميع في أسوان: العجوز عبد الحفيظ محمد صالح يجلس أمام منزله يتحسر علي منزله الذي أصبح اطلالا وتقول ابنته فاطمة: حاصلة علي دبلوم صنايع وأبحث عن عمل, فقدنا منزلنا وكل أثاث المنزل ثلاجة وبوتاجاز وغسالة ودولابين و4 أسرة ضاعت في المياه وأصبحت خردة ولاندري ماذا نفعل وليس لدينا مدخرات. أما أسرة محمد حسن محمد4 أفراد بالنجع الجديد بأبو الريش قبلي فينامون عند الجيران, ويتم توزيع وجبات ساخنة وجافة ومائة جنيه لكل فرد وبطانية ويقولون: أننا لانريد إلا أن نعود لمنزلنا. المحافظ مصطفي السيد يقول ان3 فرق للحصر تعمل ليل نهار أولها يرأسها المهندس محمد مصطفي السكرتير العام والثانية مصطفي عبد المحسن رئيس مركز أسوان والثالثة يرأسها أحمد عبد العزيز وكيل وزارة التضامن وسيتم مضاهاة الحصر الثلاثي للوصول إلي قائمة واحدة لتبدأ فورا فرق الاصلاح في العمل باجراء الترميمات وإصلاح التصدعات أما بالنسبة للمنازل المنهارة فيتم بنائها في مواقع أخري بعيدا عن مخازن السيول بالأسمنت المسلح سنبني الأثاث بالمسلح ويستكمل المواطن البناء بالدبش والطوب الأحمر وسنوفر له مواد البناء ونصرف له مبلغ25 ألف جنيه. معاق فقد جهاز الحركة مشكلة رمضان سعد أحمد(23 سنة) أنه معاق لديه جهاز للحركة لأن ساقه مبتورة تحت الركبة ولايستطيع الحركة إلا بالقدم الصناعية استيقظ علي صوت المياه الهادرة وسريره يعوم في الشارع تقول والدته زينب عباس محمود بحث أهل الخير عن الجهاز حتي عثروا عليه بقرب شريط السكة الحديد وجففناه ولكنه باش ولم يعد صالحا لحركة رمضان وأصبح مقيدا ملازما بيت الجيران يبحث عن أحد يصنع له جهازا جديدا لقدمه يستطيع التحرك به. المهندس عثمان حسن عثمان رجل الأعمال سمع بقصة رمضان الذي فقد جهاز الحركة في مياه السيول التي أفسدته فطلب مواصفات الجهاز ليوفر له جهازا جديدا علي نفقته وعلي وجه السرعة. وفي جنوبسيناء: أسرار محمد أحمد البالغة من العمر(29 عاما) ومتزوجة وتكفل طفلا يتيما فتقول لقد تهدم بيتي ليلا جراء السيول العارمة التي اجتاحت القرية التي نعيش فيها فخرجنا مسرعين بملابس النوم والحمد الله استطاعت القوات المسلحة انقاذنا من الموت. أما سهير أبو الفتوح محمد الزفتاوي متزوجة ولديها4 أبناء, قتفول: كنا نتاجر في الخردة وكان لدينا فناء واسع لتجميع الخردة التي نحصل عليها ولكن فوجئنا بالسيول تجتاح المنزل وردمت الخردة الخاصة بنا والآن أصبحنا أسرة بلا مأوي أو حتي عمل نتعايش منه حيث نقيم في معسكر الإيواء, وطالبت سرعة صرف التعويضات علي أن تكون بحجم الكارثة. كما أن عايدة محمد عبد الرحمن فتبلغ من العمر(50 عاما) متزوجة تقول تم هدم اجزاء كثيرة من منزلي حيث فقدنا3 أغنام كنا نتعايش من وخيرهم وطالبت بسرعة صرف التعويضات وتوفير المسكن البديل. ومن جانبه أكد عصام إبراهيم شوشة عضو مجلس محلي المحافظة أن الجهاز التنفيذي يحاول مساعدة المواطنين في حدود الامكانيات التي وفرتها أجهزة الدولة, مشيرا أن الامكانات أقل بكثير من حجم الكارثة, حيث كانت كبيرة وغير متوقعة ولكن تضافرت جهود جميع الأجهزة لتفادي الآثار السلبية الناتجة عن الأزمة. ومن ناحية أخري أكد محمد إبراهيم محمد علي عضو المجلس الشعبي المحلي للمحافظة عن رأس سدر أن المشكلة الحقيقية التي يعانيها المواطنون تكمن في تأخر صرف التعويضات. ويطالب المواطنون بسرعة عودة المرافق العامة والخدمات الاساسية لمنطقة الجراجدة التابعة لقرية أبو صويرة, حيث إنها تعد من الاولويات, مشيرا إلي أنه يجب تجميع المتضررين في منطقة واحدة لسهولة تقديم الخدمات والاعانات العاجلة لهم. وأوضح أنه تم صرف عدد كبير من البطاطين و100 جنيه لكل متضرر و500 كرتونة مواد غذائية لكن هناك بعض المواطنين لم يحصلوا علي الاعانات. وقامت أمانة الشباب والمرأة بالحزب الوطني بالمحافظة بتوزيع ملابس وبطاطين ومواد غذائية. لمن نتقدم بطلب صرف التعويضات! وفي شمال سيناء:80 محلا تجاريا هي حصيلة مادمرته السيول في مجري الوادي وهي تخص فئة بسيطة من المجتمع كانوا يعملون كباعة جائلين بالمحافظة, إلا أن المحافظة رأت أنه من الأفضل أن يكون لهم مكان ثابت حتي يرتزقوا منه فوجهوهم للخطر وهذه هي الحكاية من ألسنة اصحاب المحلات المدمرة. في البداية يقول ناجي محمد الشهير بنجاتي لقد كنت أقوم ببيع الأقمشة علي عربة كاروا متجولا بشوارع المدينة حتي أخذتني شرطة المرافق, وعندما طالبت بتوفير محل لي لكي أتمكن من الكسب قالوا لي إن المحافظة بصدد انشاء محلات تجارية بمجري الواديبالعريش, وعلي تدبير مبلغ من المال فذهبت الي المحافظة ودفعت5000 جنيه جمعتهم من أقوات ابنائي وتسلمت محلا معمولا بالصاج وفرشت فيه وبدأت البيع, ولكن السيول جرفت كل شئ فلم نكن نعلم ان محلنا في مجري الوادي؟! أما حسن محمد عباس فيقول إنني دفعت كل ما أملك في المحل وذهبت أموالي التي جرفها السيل, وأنا اطالب بتعويض ولكن حتي الآن لم يحدث شيء ونعيش علي الكفاف! اما عباس حمدان فيقول: عملت جمعيات وأقترضت من البنك لشراء المحل, وأنا اسدد قيمته و الآن أنا مهدد بالسجن لامحالة فقد دمر السيل محلي التجاري نهائيا! وفي المقابل بقرية وادي العمر تجلس سيدة تبكي علي اغنامها التي فقدتها في السيل وتقول إن هذه هي ثروتي التي أتعيش منها من بيع الاغنام وحلب الماعز, والآن راحت اغنامي وذهب كل شيء وانا لا أعرف أروح لمين علشان التعويضات اللي بيقولوا عنها؟! ثم وجدنا سيدة تجلس في الشارع تجاوزت العقد السادس من العمر وهي تبكي وتقول الحمد الله ربنا يعوض علينا, وأتضح انها من أقرب المنازل بجوار وادي العريش وتحكي السيدة العجوز بقولها: غرقنا كلنا وخرجنا أنا واولادي واحفادي وتركنا كل شيء ودخلت المياه منازلنا وتسببت في انقطاع الكهرباء وتدمير كل ما بالمنزل رغم الاثاث المتواضع, وبكت ابنتي علي اقتراب موعد زفافها وكل جهازها دمر بالكامل, ونحن علي قد حالنا ولايوجد لي مورد للرزق غير معاشي الذي يبلغ200 جنيه فقط وأخذت تبكي قائلة ولكن ربنا معانا. وقال صبحي محمد حسين وعنده ورشة كريتال: إن السيل جاء فجأة, وأغرق ماحولنا ودخل علي الورشة, ودمر المنزل والورشة بالكامل بالمياه ودمر جميع اجهزة الورشة من ماكينات وترانسات لزوم العمل بالورشة وأيضا دمر جميع الأجهزة الكهربائية بالمنزل ويقول إن المياه دخلت المنزل وهي مختلطة بالطين الذي اتلف جميع اثاث المنزل ومحتوياته. ثم تقابلنا مع أسرة محمد عبد العزيز الذي يسكن بجوار مدرسة حمدان خليل بجوار مصب الوادي والأسر مكونة من ستة افراد والمنزل تهدم بالكامل ولم يبق شيء ولايستطيع رب الأسرة الانفاق علي بناء منزل آخر فيقول لاحول ولاقوة إلا بالله. أما فؤاد عزام فيقول: دخلت المياه منزلنا وتسببت في تدمير الكثير والكثير ولم يبق لنا أي شيء بالمنزل, وهربنا انا وزوجتي واولادي عند أحد اقاربنا لأنه ليس لدينا منزل. أما صالح أحمد محمد فقد تدمر منزله بالكامل بسبب السيل وزوجته تصرخ وتبكي قائلة لم نسدد حتي أقساط المنزل وبعت كل شيء حتي أقوم ببنائه, والأسرة تتكون من عشرة أفراد, وزوجي يعمل موظفا بسيطا وين نروح مين حيعول أسرة كبيرة بهذا الشكل, لقد كان السيل كاسحا جارفا لايبقي ولايذر, وتركنا منازلنا وتركنا معها نصف أرواحنا فالمال يعادل الروح. اما ابناء البادية فتنحصر معظم ممتلكاتهم في فقدان الماعز والماشية والأفدنة الزراعية فيقول سالمان حسن من أبناء قرية وادي العمر لقد اقترضت من البنوك لكي أعيش وأزرع خمسة أفدنة, وجرفت السيول كل الزيتون المزروع وقالوا هناك تعويضات لكن أروح فين ولمين واتقدم بأية علشان أعوض خسارتي. اما نجمة السيد سالمان فتعمل في صناعة الألبان تقول لقد فقدت جملي ومعيزي كلها وكذلك كميات الزبد والجبن التي كنت اعدها للبيع وانا اقوم بتربية أيتام وليس لي أي مصدر رزق. وفي النهاية فإن السيول قضت علي الاخضر واليابس وينحصر سؤال المضارين في أين يذهبون ولمن يتقدمون بطلب التعويضات التي يسمعون عنها فقط!! . والتقت الأهرام العديد من الاسر المنكوبة حتي تتعرف علي أحوالها.. ففي منطقة البرث بالقرب من الحدود عشرات الاسر افترشت الارض والتحفت السماء لعدة ليال وهربت من السيول بالجمال, وتقول اسرة الشيخ سالمان أبو جرادة إنه فوجيء بوجود السيل قادما من ناحية وادي الازارق ولم يكن باستطاعته الهرب عبر الصحراء علي الأقدام فأعد جماله واصطحب اسرته علي ظهور الجمال وغادر المنطقة الي منطقة أخري صحراوية بعيدا عن مجري السيل, وظل يبحث عن طعام لمدة يومين متصلة إلي أن وجد أحد اصدقائه وفي يده بضع لقيمات يابسة, واستخدام الماء في تليينها وأخذ يوزعها بقدر علي افراد اسرته الخمسة وهم يصرخون جوعا ومن جانبه يقول سالم سويلم إن السيل الذي داهمنا يعتبر مفاجأة غير محسوبة حيث ان اجدادنا لم يروا سيلا يقطع هذه المناطق منذ سنوات طويلة, ولكننا استشعرنا الخطر اثر سقوط الأمطار بشكل مكثف في هذه المناطق التي اعتادت الزخات الخفيفة فوقها ونحن نجلس في العراء دون مأوي أو حتي خيمة تقينا ليالي الشتاء قارسة البرودة ونعتمد علي مايقدمه لنا اقاربنا من طعام يقتسمونه معنا وبعض اغطية قدموها لنا ايضا كما نمضي نهارنا في جمع بقايا الحطب والاشجار نوقدها ليلا من أجل الدفء لعلها تبعث فينا بعض الدفء. وفي قرية عاطف السادات خيم الحزن علي العديد من الأسر التي فقدت منازلها وأمتعتها إلا أن الحزن الأكبر الذي ارتسم علي وجوه اسرة عوض أبو شيتة وأبكي من حوله هو ضياع ابنه الذي انزلقت قدمه الي السيل أمام أعين والده وقضي نحبه فيه ولم يستطع والده التحدث في حادثة فقده لشدة حزنه إلا أن أحد اقاربه راح يصف لنا الساعات التي أمضاها واخرون في ومن نجا بحياته يبحث الآن عن المأوي والطعام والملابس خاصة مع انهيار خدمات الكهرباء ومياه الشرب حتي إشعار آخر! البحث عن جثته ومحاولات انقاذه فقد كان الطفل محمد عوض سعيد أبو شيتة البالغ من العمر11 عاما في الصف الأول الاعدادي يعد نفسه لاداء امتحانات الدور الأول وفجأة غمر السيسل المنطقة, وفي الوقت الذي افتقد الرجل ابنه سارع سكان القرية في البحث عن الطفل, ولكن احدا لم يجده وفي اليوم التالي لاحظ الناس جثة تطفو فوق الماء هرول الجميع إليها في محاولة لانتشال الجثة التي ساور الأب الشك أن تكون لولده متمنيا أن تكون هواجسه غير حقيقية, ومضت الساعات الي أن انتشلت الجموع جثة الطفل وأصبح اكيدا انها للطفل محمد وقد ظل الأب في حالة ذهول طوال الأيام السابقة وجاء موعد دفن الجثة, ولم تجد الاسرة وسيلة لدفنها إلا علي ظهور المراكب التي كانت تقدم الخدمة للمواطنين. اما زوجة المواطن محمد أبو عمرة والذي جرفه السيل امام اعين أولاده وزوجته فتقول ان السيل داهمناوقام زوجي بحمل ابنائه علي ظهره وهرولنا مسرعين من تدفق المياه, وقد ألقي زوجي بأبنائه بمكان آمن وظل يصارع تدفق وسرعة السيول إلا أنه غاب عن انظارنا وفي اليوم التالي وجدناه ملقي علي الأرض بجوار شاطي البحر بالعريش وقمنا بدفنه بمدافن العريش. وبمنطقة شرق الواديبالعريش لفت الانتباه وجود سيدة في متوسط العمر تحاول الحصول علي بطانية واخذت تدور حول السيارة تحدث المسئولين عن التغذية والمعونات وتدعي رباب مبروك أرملة توفي زوجها منذ عامين في حادث سيارة بالعوجة وتقول السيدة إنها تعول طفلتين بعدما جرف السيل منزلي, وفقدت كل ما أملك حتي مصاريف البيت وقد حاولت التردد علي أماكن تقديم المعونات إلا أنني لم استطع الحصول علي شيء والسبب انني فقدت بطاقتي الشخصية والمسئولون علي المعونات يصرون علي ان اقدم مايثبت هويتي. وبالرغم من مرور7 أيام علي السيل فإنه مازال هناك بعض المناطق غارقة في مياه السيول وغمر الطين اساس البيوت والعديد من الاسر تقيم في العراء.