'سترحل بيلوسي.. ويأتي عيسي'.. عبارة تنتشر علي السنة المهتمين بالسياسة والانتخابات في كاليفورنيا في إشارة إلي توقع خسارة الديمقراطيين للأغلبية في مجلس النواب. وبالتالي نزول رئيسته القوية نانسي بيلوسي نائبة سان فرانسيسكو عن مقعد القيادة حتي لو حافظت علي مقعدها في المجلس, فيما يترقب أهل الولاية رئاسة النائب الجمهوري داريل عيسي- الذي يمثل دائرة فيستا- للجنة الرقابة الواسعة الصلاحياتOVERSIGHTCOMMITTEE التي تتوعد الرئيس الأمريكي بارك اوباما بمراجعة سياسات إدارته في جلسات علنية سوف تصعب من موقفه في انتخابات الرئاسة عام2012. والفارق كبير بين بيلوسي وعيسي وهما يمثلان طبيعة تحولات السياسة الأمريكية من طفرة ليبرالية غير عادية إلي عودة التيار الرئيسي للحزب الجمهوري الرافض للسياسات الحالية بعد أقل من24 شهرا من وصول أوباما إلي الحكم. مصير سياسات داخلية كثيرة سيتوقف علي نتائج انتخابات الكونجرس بمجلسيه ونتائج انتخابات37 من حكام الولايات- يوم الثلاثاء المقبل. كما سيتحدد إتجاه البيت الأبيض ووزارة الخارجية في شئون عالمية متنوعة بناء علي مصير الحزب الديمقراطي الحاكم في صناديق الإقتراع. وتمثل كاليفورنيا درة الانتخابات الأمريكية بحكم تعدادها وثرائها وقوة إقتصادها الدي يعتبر مؤشرا علي سلامة وتعافي الإقتصاد الأمريكي. الجانب الرمزي في قصة' بيلوسي عيسي' يعبر عن تبدل المزاج في ولاية عملاقة تملك القدرة علي إدارة مقاليد التغيير في وقت تعاني نسبة معتبرة من أبنائها من البطالة ومشكلات معقدة مع الضرائب والإنفاق الحكومي والمهاجرين غير الشرعيين والرعاية الصحية وضربة الرهونات العقارية القاصمة التي أوجعت الطبقة الوسطي بلا رحمة ورفعت معدل البطالة إلي12%. وعلي متن الطائرة من نيويورك إلي مدينة لوس أنجلوس إلتقيت بسيدة تعمل في مجال المنظمات غير الحكومية وتعيش في مدينة' سانتا مونيكا' وفور سؤالها عن الانتخابات قالت بلهجة حادة ومضطربة' أنا ديمقراطية.. أشعر بقلق شديد من تيار حفل الشاي اليميني الذي ينتقد وينتقد دون ان يقدم حلولا.. ويتجاهل منتقدو أوباما أن بوش وراء كل ما نحن فيه اليوم'. ومضت السيدة ميليندا في شرح حال الإنتخابات فقالت' الحملات الإنتخابية أصبحت تحمل وجها قبيحا جدا بسبب الإنفاق المبالغ فيه.. فقد أنفقت مرشحة واحدة هي ميج ويتمان أكثر من141 مليون دولار- حوالي800 مليون جنيه- علي الإعلانات التليفزيونية والصحفية المكلفة من أجل الفوز بمنصب الحاكم وأخرون ينفقون للإطاحة بديمقراطيين بارزين في كاليفورنيا من بينهم السناتور الشهيرة باربرا بوكسر'. وكاليفورنيا في جميع الأحوال تمثل عينة واسعة للانتخابات التشريعية الأمريكية بكل تقلباتها وتوقعاتها.. ومثلما قدمت الولاية قيادات ديمقراطية بارزة في الكونجرس السابق تعود قيادات جمهورية إلي قيادة لجان رئيسية خاصة في مجلس النواب ومنها لجان تختص بقضايا العلاقات الخارجية مثل النائب جاري لويس بدائرة ردلاند والمرشح بقوة للعودة لرئاسة لجنة الاعتمادات التي تتعامل مع قضايا المساعدات الخارجية والنائب الجمهوري هوارد ماكيون- من مدينة سانتا كلاريتا- مرشح للعودة رئيسا للجنة القوات المسلحة التي سوف تتعامل مع قضية الانسحاب من أفغانستان في يوليو المقبل وفقا لخطط البيت الأبيض. وتقول البرفسور جين جان من جامعة جنوب كاليفورنيا والمشرفة علي استطلاعات الرأي الأخيرة لصحيفة' لوس أنجلوس تايمز' إن عدد نواب كاليفورنيا في الكونجرس يسمح بوصولهم إلي رئاسة لجان مؤثرة مثلما هو الحال مع الديمقراطيين اليوم. وفي جولة سريعة بمدينة لوس أنجلوس يمكن رصد شعبية الديمقراطيين- مثل كل المدن الكبري- بينما تستقر شعبية الجمهوريين في المناطق الريفية ولا وجود حقيقي لحزب' حفل الشاي' في معظم الولاية. كما أن الرئيس أوباما مازال يحظي بشعبية مرتفعة نسبيا رغم أن المزاج العام يري البلاد تسير في الطريق الخطأ. وتوضح البرفسور جان ل' الأهرام' أن كاليفورنيا وولاية واشنطن- في الشمال الغربي- يشكلان معا ما يعرف بحائط الصد أو' فايروول' بلغة الكمبيوتر حيث يسمح فوز الديمقراطيين بأغلبية مقاعد النواب وكل مقاعد الشيوخ فيهما بالحفاظ علي الغالبية في الكونجرس ومن هنا تأتي أهمية معركة السناتور بوكسر التي تواجه منافسة حقيقية من مرشحة أخري تنفق الملايين. ويبدي الناخبون الديمقراطيون تساؤلات متصاعدة عن لغز الأموال الضخمة التي تتدفق علي كاليفورنيا للتأثير في نتيحة الإنتخابات والتي ربما تكون مقدمة لموجة جديدة علي مستوي البلاد. ويقول توم براون رئيس أحدي الشركات في منطقة' سيجنال هيل' إن الإنفاق علي حملات الجمهوريين من خارج الولاية يفوق الحدود الطبيعية ويستهدف تشريعات محددة مثل تشريع مقترح لوقف العمل بكود البيئة النظيفة' التشريع23 في وقت الأزمة المالية الدي تنفق عليه شركات كبري من خارج الولاية بميزانية دعاية تتجاوز9 ملايين دولار. ويقول ديفيد لورات من صحيفة' لوس أنجلوس تايمز' إن الرأي العام في كاليفورنيا أصبح محاصرا بالإعلانات الانتخابية التي تثير أسئلة حقيقية اليوم عن' بيع وشراء الديمقراطية' في أمريكا لكن يظل الحكم علي المرشح يعتمد في جانب كبير علي جوانب إنسانية ولا يحب الناخب الأمريكي أن يري مرشحا ينفق للفوز بمقعد دون مضمون حقيقي والدليل أن عشرات الملايين التي تنفقها المرشحة الجمهورية وتمان لم تضعها في مقدمة سباق حاكم الولاية وتراجعت بمقدار13% خلف الديمقراطي جاري براون. وتشير جين جان إلي أن وصول الجمهوري أرنولد شوازينيجر لحكم الولاية فترتين لم يكن لغزا لانه لم يكن محسوبا علي المؤسسة الجمهورية التقليدية علي الإطلاق وهو يؤيد الحق في الإجهاض وقضايا ليبرالية تضعه في خانة المستقل أكثر من كونه جمهوريا. ويقول أي جي ديوني الكاتب الشهير في' واشنطن بوست' إن الإنفاق الكبير يقوم به مرشحون أفراد ولم يحدث إستعراض لقوة رأس المال في الانتخابات الأمريكية علي هذا النحو مند عشرات السنين. ويقف تيار' حفل الشاي' في المنطقة المعتمة لتمويل الحملات الإنتخابية من خلال مجموعات إقتصادية تتبرع بسخاء للجمهوريين. وفي محاولة لفهم التيار الواعد علي الساحة الأمريكية التقت' الأهرام' جاري إيفان رئيس حفل الشاي في منطقة' ساوث باي' بلوس أنجلوس ومن الوهلة الأولي شن الرجل هجوما حادا علي أوباما وإتهمه بالتسبب في غرق البلاد في عجز الموازنة وقال أن العجز زاد بمقدار3 تريليونات في العامين الأخيرين. ومضي قائلا' نحن نمثل منتصف الطريق.. ولسنا متطرفين.. وندعو إلي تقليص حجم الحكومة وتقليص عجز الموازنة ورفع العبء عن الأجيال القادمة'. وفي المناقشة مع قيادي' تيار الشاي' شدد إيفن أن أوباما يحمل أفكارا' إشتراكية' وكثير من مؤيديه إعترفوا بعضويتهم في الحزب الشيوعي الأمريكي وأن الأب الروحي للشاب أوباما كان عضوا في الحزب الاشتراكي في شيكاجو. كما أرجع إيفن جزءا من انتشار دعوة تيار الشاي إلي الإحباط في صفوف اليمين من سيطرة الإعلام الليبرالي وتحوله من الإنحياز للديمقراطيين إلي الدعاية المباشرة لأفكارهم. وفي وسط المنافسة الشرسة والملايين التي توزع في كل الاتجاهات يقف الناخب حائرا ويقول استطلاع لمدرسة جون كنيدي للحكومة إن واحدا من كل ثلاثة ناخبين لم يحدد توجهاته التصويتية وهو ما يفتح طاقة نور للديمقراطيين حتي اللحظة الأخيرة.