مع الدعوة للموافقة علي القانون الجديد للتأمين الصحي يطرح هذا السؤال نفسه: هل يستطيع القانون الجديد ان يعالج عيوب ومشكلات التأمين الصحي؟ وهل الازمة العلاجية في هذا النظام تكمن في القوانين المكتوبة ام في مقدمي الخدمة والمنتفعين بها؟ بالنظر للوضع الحالي يتضح ان هناك تبادلا للاتهامات بين مقدمي الخدمة والمنتفعين بها, وان كان الواقع يؤكد ان كليهما برئ ان لم يكن مظلوما, فمقدمو الخدمة من الاطباء وطاقم التمريض وغيرهم لا يحصلون علي اجور عادلة أو مناسبة لظروف الحياة, فالطبيب الاستشاري الذي يناظر يوميا اكثر من50 حالة ومطلوب منه ان يستمع لشكوي كل مريض ويشخص حالته ويحدد العلاج لكل منهم ويحصل علي عشرين جنيها كأجر لهذه العيادة!. أما العمليات الجراحية فيرتفع اجرها الي500 جنيه, علما بأن الاسعار لم ترتفع ولو بنسبة1% منذ اكثر من15 عاما, اما التمريض ففي احد مستشفيات التأمين الصحي تشرف4 ممرضات فقط علي12 طفلا اجريت لهم جراحات في القلب, وبالرغم من كون هذه العناصر البشرية من اطباء وتمريض وعاملين تعد اساس التنمية في التأمين الصحي فإنه لا ينظر اليها بعين الاعتبار مما يدفع الاطباء لتوجيه مريض التأمين الصحي الي عياداتهم الخاصة. اما المشكلة الجديدة لهم والتي بدأت منذ عدة اشهر فهي الرسوم التي يدفعها المريض في شكل تمغة عند الكشف أو12 جنيها رسوما علي الموجات الصوتية ويدفع نسبة20% من قيمة التحليل ويدفع عشرة جنيهات عن كل يوم يقضيه المريض في المستشفي الذي قد يمتد لأسابيع اذا كان ينتظر التحضير لعملية. وإذا نظرنا الي القوانين فقد تعددت وتطورت وشكلت العديد من القرارات الوزارية ايضا وذلك منذ ان وضعت الدولة قانون التأمين الصحي عام1964 وبدأت تعميمه علي فئات محددة من المجتمع. نظام علاجي موحد الدكتور نبيل المهيري استاذ الجراحة العامة والرئيس السابق لهيئة التأمين الصحي يؤكد ان المطالبة بتغيير قانون التأمين الصحي بدأت منذ السبعينيات, وذلك لتغيير الجزء المالي وما يتعلق بالموارد الخاصة بالهيئة بما يتيح لها تقديم الخدمة الصحية بشكل افضل, وهذا هو جوهر التأمين الصحي واساس تحسينه بما يتيح تسعير الخدمة الطبية بشكل افضل وما يترتب عليه حصول الاطباء علي الاجور العادلة, وبالتالي يتحقق المطلب المهم في مجال الطب وهو تفرغ الاطباء لممارسة المهنة لدي هذه الجهة وحصولهم علي مرتبات مجزية ولايلجأ الطبيب الي طرق اخري لتحسين دخله مستغلا مريض التأمين الصحي الذي يأتي للعيادة الخاصة بالطبيب. أما الجانب الثاني المهم جدا فهو ان يتم تنظيم الخدمات الصحية في مصر وان تكون نظاما متكاملا, فنحن لا نملك في مصر حتي الآن نظاما للتسجيل الطبي الذي يضمن الرقابة علي الجودة في تقديم الخدمة الطبية والصحية, وكذلك يعين الطبيب علي العلاج الامثل للمريض من خلال اعطاء المريض رقما يسجل من خلاله جميع الحالات المرضية التي اصابت المواطن والتاريخ الطبي بالكامل وبهذا التسجيل تراقب الجودة الطبية ويكون هو الفيصل بين الطبيب والمريض في حالة الاختلاف في الآراء ولكننا في مصر لم ندخل هذا النظام حتي الان بالرغم من كونه جزءا اساسيا من مهمة الطب وربما هذا يتعلق ايضا بعدم وجود نظام موحد لتقديم الخدمة الطبية في مصر مما يتيح للمريض ان يتردد علي اكثر من طبيب في جهات مختلفة مثل التأمين الصحي والعيادات الخاصة والمؤسسة العلاجية وهو امر لايحدث في جميع دول العالم. اما الدكتور طارق الغزالي حرب استشاري جراحة العظام فيري ان القانون الحالي به عدد من المشكلات اولها: انه لا يشمل جميع فئات المجتمع, ويشير الي الملاليم التي يحصل عليها الطبيب المطالب برؤية اكبر عدد ممكن من الحالات في وقت محدد فتكون النتيجة ان الكشف علي المريض وتحديد العلاج لا يكمل الدقيقة الواحدة اثناء نوبتجية العمل التي يحصل فيها علي20 جنيها اجرا وهو عائد هزيل مقارنة بالاجور علي المستوي العالمي. اما الادوية والعلاج الذي يكتبه الطبيب فغالبا ما يتلقي المريض العلاج بالشك اعتقادا بأنها ذات مادة فعالة ضعيفة وهذا من الافكار التي تسيطر علي مرضي التأمين الصحي. ويضيف كل هذه المشكلات يمكن حلها من خلال تحسين العائد المادي للهيئة وهو ما يسعي القانون الجديد لتحقيقه ويبدي الدكتور الغزالي اندهاشه من المقاومة التي يبديها بعض المواطنين للنظام الجديد للتأمين الصحي فهم يرون انه من المبالغ فيه ان يتم دفع اشتراك شهري لكل فرد في الاسرة قد يصل الي10 جنيهات في حين ان اضعاف هذا المبلغ قد تدفعها الاسرة في حالة زيارة طبيب في عيادته الخاصة لعلاج فرد واحد فقط من الاسرة. ومن جهته يري الدكتور اشرف حاتم مدير عام مستشفيات جامعة القاهرة ان القانون الجديد يؤكد اهمية ربط المريض علي طبيب الاسرة الذي يقدر حالة المريض والتخصص الذي يحتاجه دون تحميل المريض عبء المرور علي اكثر من طبيب, ويشير الدكتور اشرف حاتم الي انه من المتوقع ان يرتفع تقديم الخدمة داخل جميع المستشفيات والجهات الصحية حيث لن يتعاقد التأمين مع الجهات التي تعاني من التقصير أو السلبيات ولن تجد هذه الجهات عملا لها نظرا لكون النظام الجديد يشمل جميع المواطنين.