شكاوى المواطنين لا تنقطع من تدنى مستوى الخدمة فى الوحدات الصحية وغياب الأطباء عنها وعدم توافر الأدوية طوال الشهر بها. ولهذا كان تركيز البرنامج الانتخابى للرئيس مبارك على تطوير هذه الوحدات للقضاء على أسباب الشكوى وتقديم خدمات علاجية للمواطنين. والى أى مدى تحقق التطوير وفق البرنامج الانتخابى؟ توجهنا بهذه الأسئلة الى الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة وسألناه أيضا عن برنامج طب الأسرة وهل حقق أهدافه؟ ولماذا لم تستغل الوزارة مستشفيات التكامل رغم ما أنفقته عليها من ميزانيات ضخمة؟ سألناه أيضا عن الزيادة السكانية التى شهدت ارتفاعا كبيرا رغم برامج تنظيم الأسرة.. اجابات الوزير كانت صريحة، شملت اعترافات بوجود أوجه قصور أو نقص متابعة، لكنه كشف عن تنفيذ خطط وبرامج تضمن تحقيق الأهداف المحددة.. فماذا قال الدكتور حاتم الجبلى؟ *تطوير الوحدات الصحية والمستشفيات جزء مهم جدا وأحد محاور البرنامج الانتخابي للسيد رئيس الجمهورية.. فماذا تم بشأنه حتي الآن؟ **البرنامج ركز علي تطوير الوحدات الصحية وتطبيق نظام طب الأسرة, ويوجد لدينا نحو4900 وحدة صحية وبدأنا برنامجا لتطوير2500 وحدة منها, منذ عام2007 بتكلفة تقديرية2,5 مليار جنيه. وحتي منتصف سبتمبر الماضي انتهينا من تطوير1844 وحدة. *وكيف تم هذا التطوير؟ ** شمل التطوير الانشائي لوحدات قائمة, وهدم غير الصالح منها, وشمل أيضا بناء وحدات في مناطق كانت محرومة من هذه الخدمة وذلك وفق نموذج نمطي موحد, والأهم بالنسبة لخطط التطوير هو نظام التشغيل من الداخل وهو نظام طب الأسرة الذي يعتمد علي تخصيص رقم لكل بيت وكل أسرة يكون لها ملف يشمل كل أفرادها مع ادخال بياناتهم علي الحاسب الآلي لتحديث البيانات الطبية لهم مع كل زيارة وتسجيل حالات الحمل والولادة والاصابة بأمراض كالسكر والضغط. كما أن تطوير الوحدات الصحية استحدث غرفة طواريء بكل وحدة لعلاج حالات المغص الكلوي وضيق التنفس وآلام الصدر وتقديم الاسعافات الاولية للمريض حتي يتم نقله الي أقرب مستشفي واستحدثنا أيضا وحدة لطب الاسنان ومعملا للتحاليل الطبية للحصول علي رصد لمستوي الصحة في الوحدة الصحية علي مستوي القاعدة وتحديد الاحتياجات الأساسية للمرضي وهذا يحل80% من مشاكل المواطنين مع الوحدات الصحية والنسبة المتبقية تشمل مشاكل في التشغيل أساسها عدم توافر الدواء في بعض القري طوال الشهر, وربما يرجع ذلك جزئيا وفق اعتقادي الشخصي الي عدم دقة نظام شراء وتوزيع الأدوية, وهذا ما نسعي لتلافيه في تجربة التأمين الصحي بالسويس. *وهل ستطبق هذه الوحدات معايير الجودة؟ **نعم, ولأول مرة تكون هناك معايير جودة للوحدات الصحية ويتم تطبيقها ورصدها شهريا ووفقا لمدي انطباقها تتحدد الحوافز. *وماذا عن الكوادر التي تعمل في هذه الوحدات؟ **نقيم مقر إقامة آدميا للعاملين بالوحدة سواء أطباء أو تمريض, لكن المشكلة أن هناك وحدات لايوجد بها أطباء بعد فترة معينة إما لأنهن سيدات أو لأن الوحدات بمناطق نائية لايكون هناك اقبال عليها. *هل اقبال المواطنين علي هذه الوحدات كبير؟ **من بين مارصدناه زيادة اقبال المرضي في الفترة من الثامنة والنصف صباحا حتي الحادية عشرة والنصف ظهرا وبعدها يكون الاقبال ضعيفا جدا, وفي محاولة لعلاج هذا التفاوت بدأنا في ادخال نظام زيارة الاخصائيين مرتين أو ثلاثة في الاسبوع, وطبقنا هذا النظام علي سبيل التجربة في اكثر من300 وحدة وكانت النتائج جيدة للغاية, فالمواطن يقبل علي الوحدة عندما يعلم أن بها اخصائي فتعمل الوحدة بعد الظهر ويتحسن دخلها ونوفر علي المواطن نفقات الانتقال الي المدينة القريبة حيث يوجد الاخصائيون والاستشاريون. الأمومة والطفولة *ماذا عن برامج الامومة والطفولة بهذه الوحدات؟ **وفقا لأحدث التقارير العالمية فإن مصر سجلت اكبر معدل علي مستوي العالم في خفض نسبة وفيات الاطفال تحت سن15 عاما لأكثر من75% خلال الخمسة عشر عاما الماضية وهذا ما جعل مصر تصبح البلد رقم(1) في العالم في خفض نسبة وفيات هؤلاء الاطفال وهذا أحد الاهداف الانمائية للألفية الثالثة, كما أننا نقترب من تحقيق هدف آخر وهو تقليل وفيات الأمهات أثناء الحمل أو الولادة وذلك بفضل برنامج رعاية الأمومة والطفولة الذي تعمل علي أساسه وحدات الرعاية الاساسية ومع أن هذا الانجاز يحسب للدولة الا أن الاعلام لايغطي ما حققناه. سيدات وواسطة! *ماذا عن العجز في عدد أطباء الوحدات الصحية؟ **هناك سببان الأول أن كل دفعة جديدة يكون الرجال70% من اجمالي العدد وهؤلاء يؤدون الخدمة العسكرية, وتصبح السيدات القوة الرئيسية لدينا لكن يصعب تكليفهن بالعمل في الوحدات بالمناطق النائية فيحدث العجز الذي نحاول تلافيه بتكليف طبيب لكل وحدتين متقاربتين. والسبب الثاني هو الواسطة التي تنقل الطبيب الي وظيفة بعيدة عن الوحدات الصحية حتي تنتهي فترة التكليف ليبدأ بعدها العمل في مستشفي. ومن جانبنا نحاول الحد من هذين السببين من خلال التكليف عبر الحاسب الآلي كما يحدث في تنسيق الجامعات كما أننا نقدم حوافز للتشجيع علي العمل في المناطق النائية, لكن لايزال صعبا أن تعمل طبيبة في منطقة بعيدة أو قرية معزولة مهما قدمنا لها من حوافز, لكن المشكلة بدأت تنحسر. * لكن هناك وحدات بها أكثر من طبيب؟ ** نعم, وهذا قد يكون سلاحا ذا حدين فقد يقدم الطبيبان خدمة أفضل, وقد يسمح أحدهما للآخر بالتزويغ, وهذا يعتمد علي الضغط واقبال المواطنين علي الوحدة, وقد كنت في زيارة لاحدي الوحدات بالمنيا وكان الطبيبان العاملان بها يقومان بعملهما بشكل غير عادي بينما في وحدة أخري زرتها بحلوان لم أجد الطبيبين! طب الأسرة * وما الذي وصلتم اليه في برنامج طب الاسرة حتي الآن؟ ** لدينا حاليا زمالة لطب الاسرة, وبدأنا تطبيق النظام عام2006 علي650 وحدة والآن لدينا2000 وحدة تطبقه والمستهدف تطبيقه في4500 وحدة, وهذا البرنامج به تأهيل وتدريب ويمكننا القول إن لدينا وحدة صحية لكل7500 مواطن. * لكن هل هناك قري بلا وحدات صحية؟ ** نعم, ولكن لدينا برنامج الآن لعدم ابتعاد المرفق الصحي عن تجمعات المواطنين بأكثر من2,5 كيلو متر, ونسعي لأن نوفر وحدة صحية لكل5000 مواطن أو كل الف اسرة * مامفهومكم للوحدة الصحية؟ هل يقتصر دورها علي التطعيمات أم يمتد لتقديم خدمة علاجية للمواطن؟ ** توجهنا أن نقدم خدمة علاجية للمواطنين.. فخريطة العلاج تغيرت في مصر, ففي الستينيات والسبعينيات كانت كلها امراض معدية مثل البلهارسيا وفيروس سي والاسهال, لكن هذه الأمراض بدأت تقل بدرجة كبيرة جدا ويحل محلها امراض كالسكر والضغط والفشل الكلوي والسرطان والأمراض المزمنة للرئة كالربو.. لهذا فإن دور الوحدات الصحية في السنوات العشرين المقبلة يجب أن يقدم الجانب الوقائي, وهو جوهري في الحفاظ علي الصحة العامة, وكذلك يجب تقديم خدمات رعاية الامومة والطفولة, ولابد أن نبدأ في تقديم خدمات علاجية للأمراض غير المعدية, وهذا مانسعي اليه من خلال ارسال اخصائيين. * لكن هناك شكاوي من عدم وجود علاج في الوحدات الصحية؟ ** نعترف بوجود تقصير في بعض الوحدات.. لكن أيضا هناك علاج, والدليل دراسة أجرتها جهة غير حكومية علي150 قرية من القري الاكثر فقرا اكدت أن الدواء يوجد بمعدل25 يوما في الشهر. المستشفيات المركزية * بعد ما أثير عن العلاج علي نفقة الدولة وقانون التأمين الصحي.. مامدي اهتمامك بالمستشفيات المركزية؟ ** وهناك بالقطع عدم رضا عن المستشفيات المركزية خاصة الصغير منها( الفئة ب) التي تقل سعتها عن100 سرير وتوجد في مدن صغيرة, فالكفاءات الطبية بها ليست علي المستوي المتوقع, ولايوجد دراية بطرق مكافحة العدوي.. وحتي نتمكن من اصلاح هذه المستشفيات فإننا نحتاج الي زيادة في الانفاق والتدريب, ومع اننا نسير قدما في تكثيف التدريب لكن مازال الإنفاق يمثل عائقا ضخما أمام التطوير, والتركيز حاليا ينصب علي المستشفيات العامة أو المركزية( أ) التي يتردد عليها المواطنون بصورة اكبر وتمثل حجر زاوية لسكان المنطقة أو المحافظة التي تخدمها, وخلال السنوات الخمس الماضية طورنا382 مستشفي منها68 أعيد تأهيله وتجهيزه بالكامل و171 تم تأهيل اجزاء منه والباقي تم تركيب اجهزة او تجديدها بدون اعمال انشائية, ومنتظر ان يفتتح السيد رئيس الجمهورية ثلاثة مستشفيات مطورة في بني سويف وأن تفتتح السيدة الفاضلة سوزان مبارك مستشفي الاقصر العام, وقبل نهاية العام سيتم افتتاح18 مستشفي جديدا كلها عامة وليست نوعية أو تخصصية, وقد تم تطويرها من خلال جودة الخدمة ورفع المستوي المعرفي للناس ولكن تطوير نظم الادارة يحتاج منا الي المزيد من الوقت. * هل يتم تطبيق معايير الجودة علي الوحدات الصحية والمستشفيات العامة؟ ** لدينا علي موقع الوزارة تقارير الجودة عن150 مستشفي, وتم نشرها في بعض الصحف, والمعايير التي نستند اليها عالمية معتمدة دوليا عام2007 وسوف يعاد تقييمها العام المقبل, ولدينا أول مستشفي بمصر حصل علي اعتماد محلي وهو دار الشفاء. * ماذا يفعل المريض الذي يواجه مشكلة في مستشفي مركزي؟! ** عليه أن يشكو الي الادارة الصحية التي يتبعها المستشفي فإذا لم ينجح يتوجه إلي مدير المديرية الصحية. * ولماذا لايوجد خط ساخن لتلقي الشكاوي؟ ** هذه فكرة جيدة تحتاج الي دراسة لكن لدينا خطوط ساخنة الا أنها نوعية مثل الاسعاف. * انفقت الوزارة ميزانيات ضخمة علي مستشفيات التكامل لكنها لم تستغل.. فما موقفها الآن؟ ** أعتقد أن عددها كان400 مستشفي نستغل80 منها, فقد حددنا معايير معينة لاستغلالها منها أن تصل نسبة الاشغال فيها40% أو أكثر, أو تخدم100 الف نسمة فأكثر, أو لايوجد بالقرب منها مرفق صحي علي مساحة15 كيلو مترا, فاذا انطبقت عليها هذه المعايير نحافظ عليها, وفيما عدا ذلك لم تتجاوز نسبة الاشغال في المستشفيات التي حولناها الي وحدات لطب الاسرة16% وهذا اهدار للمعدات ووقت الأطباء, ولتراجع نسب الاشغال كانت الممرضات يأتين بأقاربهن للإقامة في المستشفي وكأنهم مرضي! لهذا قررنا ترك باقي مساحة المستشفي بعد تحويلها الي وحدة لطب الاسرة لاقامة مشاريع لتنمية القري الأشد فقرا أو لاقامة اندية اجتماعية.. فلم اكن مستعدا لبناء مستشفي يلتهم أموالا اضافية. تنظيم الأسرة * ما الذي وصلنا اليه في تنظيم الاسرة؟! ** الحقيقة أن مؤشرات السكان تراجعت.. فقد سجلنا زيادة في معدلات النمو السكاني خلال السنوات الثلاث الاخيرة مما أصابنا بحالة قلق شديدة وكان للسيد رئيس الجمهورية توجيهات مشددة في هذا الشأن. * هل السبب وجود تراخ؟ ** ليس تراخيا, لكنه عدم اهتمام أو متابعة, فعندما نقارن بين المسح السكاني لعام1996 وعام2006 نجد أننا لم نتقدم, فقد توقفنا عند1,9 مولود لكل اسرة, فوضعنا هدفا استراتيجيا هو الوصول الي1,7 عام2012 ثم الي1,2 عام2017 لنصل الي طفلين للاسرة ورغم صعوبة تحقيق هذا الهدف لكننا يجب أن نحدد هدفا طموحا. * كيف تحققون هذا الهدف؟ ** لقد اكتشفنا أن الزيادة الاساسية تأتي من الريف, ولهذا قررنا الاستفادة من تجربة التطعيم ضد شلل الأطفال والتي نجحت بعد تطبيقها بالوصول الي كل بيت, وسنطبق الفكرة ذاتها بالتعاون مع وزارة الاسرة حتي نطور الوضع الاجتماعي للأسر, فهدفنا واحد.. والبرنامج الذي سنطبقه يعتمد علي تنظيم الاسرة طبيا وتطوير وضعها اجتماعيا, وقد تم عرض البرنامج علي رئيس مجلس الوزراء, وأول قرية طبقنا فيها البرنامج هي الكولا بسوهاج والمستهدف تطبيقه في881 قرية بالصعيد.