تشهد نقابة التجاريين أزمة مالية تتفاقم يوما بعد يوم, تتمثل في وجود إهدار765 مليون جنيه من مواردها علي مدي17 سنة و70% من اشتراكات الأعضاء بشيكات من جهات عملهم مع وجود عجز شديد في أموال المعاشات. تجاوز80 مليون جنيه أدي إلي النزول بالمعاش من250 إلي50 جنيها وضياع185 مليون جنيه كانت حصة النقابة في بنك التجاريين. وقامت النقابة بفصل100 ألف عضو من الأعضاء المستحق عليهم اشتراكات أكثر من5 سنوات ويتعدي عمرهم عند سداد المستحقات55 عاما, واشترطت النقابة لعودة هؤلاء الأعضاء لعضويتها أن يتقدم العضو بطلب جديد لإعادة قيده مع سداد رسوم القيد الجديد, بالإضافة إلي المصروفات الإدارية, والتوقيع علي اقرار بعدم استحقاقه المعاش إلا بعد مرور15 عاما من تاريخ إعادة القيد ويسقط هذا الشرط عند الوفاة خلال هذه المدة وسداد جميع الاشتراكات المستحقة مضافا إليها غرامات التأخير المقررة رغم عدم صحة هذه الإجراءات قانونا. وأخيرا عدم إجراء انتخابات لمجلس النقابة والنقيب لفترة زمنية طويلة وهو ما أدي من وجهة نظر الكثير من الأعضاء إلي سوء الإدارة وتدني الخدمات وضياع الأموال وكذلك عدم إنشاء اتحاد يضم مختلف فئات النقابة ولتنظيم العمل مهنيا. ومن المعروف تاريخيا أن التنظيم النقابي للتجاريين بدأ في مصر بإنشاء جمعية المحاسبين والمراجعين الملكية المصرية أسوة بالجمعية البريطانية للمحاسبين وذلك في أثناء الاحتلال البريطاني وسيطر عليها حزمة من الأعضاء تمكنوا من احتكار العمل المهني وجد الملك فاروق أن الجمعية لا تقوم بالدور المنوط بها مهنيا, فأصدر القانون33 لسنة51 لتنظيم عمل مهنة المحاسبة والمراجعة وهو ما أنهي دور الجمعية وفي عام1955 وبعد قيام الثورة تم تأسيس نقابة المحاسبين والمراجعين المصرية, وفي بداية عام72 أسس د.عبدالعزيز حجازي وزير المالية في ذلك الوقت نقابة التجاريين وسمح بدخول كل الفئات التجارية كأعضاء للنقابة وهذا أثر سلبيا من وجهة نظر البعض. قضية الأسبوع ترصد أزمة نقابة التجاريين وتفتح هذا الملف بهدف ايجاد الحلول المناسبة لهذه النقابة المهنية العريقة.. فيقول محمد شعبان الششتاوي رئيس اللجنة المفوضة والممثل القانوني للتجاريين, بداية يعاني التجاريون من مشكلات كثيرة تتمثل في شعورهم بعدم المساواة بالمهن الأخري علي مدي أكثر من ثلاثين عاما نتيجة لسوء الإدارة وفساد التنظيم الناتج من القانون رقم40 لسنة1972 الذي سمح بدخول فئات كثيرة في النقابة. ويؤكد أن الإدارة الحالية أسهمت في ضياع الأموال التي أتاحها القانون رقم40 لسنة1972 وتعديلاته بالقانون11 لسنة1992, وبلغت قيمة الموارد المهدرة45*17 سنة=765 مليون جنيه, بالإضافة إلي إهدار أكثر من70% من اشتراكات الأعضاء خاصة الواردة من جهات العمل بشيكات حيث كان يستولي علي هذه الشيكات ولا تظهر في حسابات الأعضاء برغم سداد العضو لها. وعن مبني النقابة فقد صرف عليه أكثر من30 مليون جنيه في المدة من عام1993 حتي عام1997 وكان البديل الأفضل قطعة أرض بالتجمع الخامس يقام عليها مبني للنقابة ومستشفي وناد للتجاريين وبنفس تكلفة المبني الحالي فقط. وأيضا كان الاتفاق أن يحصل العضو من صندوق التكافل علي مبلغ12 ألف جنيه لكن ما يصرف للعضو الآن لا يتعدي سبعة آلاف جنيه فأين الفرق؟! كما تعاقد أعضاء النقابة في عام1989 م علي حجز قطع أراض بمشروعها بالساحل الشمالي وتم تخصيص هذه القطع لهم في عام1995 وحتي الآن لم يتسلموها بالرغم من سدادهم لكل التزاماتهم المالية نحو المشروع ولا يعلمون ما مصير أموالهم. مع العلم أنه كانت النقابة تمتلك60% من رأسمال بنك التجاريين لسوء الإدارة خسر البنك أكثر من185 مليون جنيه وضاع حق التجاريين ولم يحاسب المسئولين عن ذلك حتي الآن. احتكار وتميز ويضيف محمد الششتاوي: سيطرت فئة لا تتعدي أصابع اليد الواحد علي80% من مراجعة شركات الأموال واعتماد ميزانياتها بينما يعاني باقي المحاسبين من عدم إتاحة الفرصة لهم للمراجعة بفرض شروط صعبة ومتغيرة كل فترة وإتاحتها لمن ينتسب إلي جمعية المحاسبين والمراجعين المصرية المؤسسة في1977/1/5 برقم2280 لسنة1977 وهي نفسها الجمعية الملكية المؤسسة بموجب المرسوم الملكي الصادر في24 أريل عام1946 وبناء علي ذلك قيد أعضاء هذه الجمعية أعضاء في لجنة القيد بالسجل العام للمحاسبين والمراجعين, وبالتالي أحدثوا التميز حيث منحوا أعضاء هذه الجمعية حق القيد مباشرة وحق مراقبة حسابات الشركات المساهمة بينما زملاؤهم في المكاتب الأخري لا يمنحون هذا الحق إلا بعد8 سنوات من قيدهم تحت التمرين وبناء علي هذا التميز في القيد والذي حدث منذ أكثر من30 عاما حيث انشأوا جداول قيد للمحاسبين بكل من البنك المركزي المصري والهيئة العامة لسوق المال حتي تستمر سيطرتهم للمهنة. بالإضافة إلي وجود حماية للمحاسب القانوني أسوة بالمحامين حيث صدر قانون الضريبة العامة علي الدخل رقم91 لسنة2005 دون اعتراض من قبل النقابة مما يجعل المحاسبين عرضة للمساءلة الجنائية, كما أن المعاش المستحق للعضو250 جنيها شهريا يصرف50 جنيها فقط وإذا تم حساب المهدر نجد أنه يصل إلي ملياري جنيه طوال ال12 سنة الماضية, ومن المفترض أن يصرف العضو أيضا50 جنيها بدل تفرغ لكن ما يصرف الآن10 جنيهات فقط ل300 ألف تجاري, وبالتالي فإن المهدر هنا أيضا مليار و44 مليون جنيه. أما الدكتور أحمد محمد تمام عبدالوهاب دكتوراه في المحاسبة فيري أن تفاقم الأزمة المالية بنقابة التجاريين يرجع إلي عدم منح حوافز تحصيل لمن يقوم بعملية التحصيل, فيمكن وضع الوحدات المحاسبية التي تقوم باستقطاع مستحقات النقابة من العاملين حوافز تحصيل, وفصل عدد كبير من الأعضاء وعدم السماح لهم بسداد اشتراكاتهم المتأخرة بدون غرامات ووضع وإجراءات تعسفية تمنعهم من سداد الاشتراكات المتأخرة عليهم لأن ذلك يعود علي النقابة بالسلب, وعدم إجراءات انتخابات للمجلس والأعضاء في مواعيدها المحددة قانونا وضعف الخدمات التي تقدمها النقابة للأعضاء وأسرهم. ويطالب باقامة مشروع اتحاد التجاريين الذي يضم في3 نقابات أسوة بنقابة الأطباء والمهندسين بدلا من النقابة الحالية وهم نقابة المحاسبين القانونية( مزاولي المهنة الحرة) ونقابة المهن التجارية وتضم في عضويتها الحاصلين علي دبلومات التجارة والمعاهد الفنية التجارية والصرافة ونقابة التجاريين التي تضم في عضويتهات الحاصلين علي بكالوريوس التجارة. النقابة في أزمة ويؤكد د.عبدالحميد الغزالي الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن نقابة التجاريين تواجه مشكلة تتمثل في ندرة الموارد والزيادة المطردة في النقابات وعلي رأسها المعاشات التي تصل إلي50 مليون جنيه سنويا, مشيرا إلي أن الموارد لا تغطي إلا40 مليونا فقط وال10 ملايين العجز تحاول الإدارة أن تحصل عليها من خلال منحة من وزارة المالية أو التجارة رغم أنها ليست ثابتة وعدم الموافقة في مجلس الشعب علي قانون زيادة الموارد التي تقدمت به النقابة. وفي رده علي المشكلات التي تواجه نقابة التجاريين قال سمير علام نقيب التجاريين: يوجد في النقابة أجهزة وإدارات خاصة بعملية التحصيل تقوم بعملها بكل جدية ولكن استطيع أن أقول إن هناك جهات عديدة لا تقوم بدفع ما سبق أن حصلته من أعضائها لتوريده للنقابة وهذا سبب مشكلة شديدة وضعت النقابة في حرج شديد أمام أعضائها الذين سبق أن حصل منهم الاشتراكات دون توريدها للنقابة, وأضاف نقيب التجاريين لكي نعطي لكل ذي حق حقه فإن أجهزة النقابة والمسئول عن عمليات التحصيل يؤدون عملهم بكل جدية علي مدار اليوم بكامله. وأذكر بكل الخير ما قام به النقيب السابق الدكتور حلمي نمر الذي في عهده تم إنشاء مبني نقابة التجاريين الذي يضم إدارة النقابة العامة, قاعات للاجتماعات لعقد الندوات والاجتماعات كما يضم أيضا6 أدوار أخري مؤجرة بالكامل لشركات عالمية تدر دخلا لنا ندعم به النقابة في احتياجاتها المادية. صندوق التكافل وفيما يتعلق بنقص أموال صندوق التكافل قال نقيب التجاريين, عندما تم إنشاء صندوق التكافل كانت الفائدة البنكية في ذلك الوقت علي الودائع بصفة عامة في البلد لا تقل عن12% ثم حدث بعد ذلك انخفاض في هذه النسبة أدي إلي عدم ورود موارد مالية كافية لتنمية التزامات الصندوق الأمر الذي أدي ومن اليوم الأول لإنشاء الصندوق إلي انخفاض ما يتحصل عليه العضو في نهاية فترة اشتراكه. وأكد نقيب التجاريين أن صندوق التكافل يخضع لإشراف الهيئة العامة للتأمين, مشيرا إلي أن أموال الصندوق تستثمر بالكامل في أوعية إدخار آمنة. وعن إهدار أموال التجاريين في بنك التجاريين قال سمير علام إن هذا الموضوع يتعدي ال30 عاما ولا استطيع التعليق عليه.. واعترف نقيب التجاريين بأنه يوجد بعض المكاتب الخاصة بالمحاسبة والمراجعة تستأثر بنصيب الأسد فيما يتعلق بأعمال المحاسبة والمراجعة, وأكد أن ذلك يرجع إلي قوة تلك المؤسسات وتمتعها بالسمعة الطيبة, مشيرا إلي أن ذلك أمر يسعد النقابة. وأوضح نقيب التجاريين في رده علي نقص معاش الأعضاء قائلا: الذي يتمتع بالمعاش الآن هم100 ألف عضو,60% منهم علي قيد الحياة و40% ورثة وكان المعاش70 جنيها شهريا طبقا لما قرره مجلس الإدارة عند إنشاء صندوق المعاشات ولكن نظرا لزيادة عدد المستفيدين من الأعضاء إلي الضعف مع انخفاض عوائد الاستثمار وضعف موارد النقابة التي تتحصل عليها طبقا لقانونها الذي تجاوز عمره40 عاما, وأصبح لا يتماشي مع معدلات التضخم وزيادة الأسعار, وانتقد عدم الموافقة علي التعديل المقترح للقانون مؤكدا أنه مطلب عادل بالنسبة لأعضاء نقابة التجاريين. وطالب نقيب التجاريين بإجراء انتخابات للمجلس والنقيب لضخ دماء جديدة, مشيرا إلي أن المجلس الحالي مضي علي وجوده فترة زمنية طويلة ومن حق الجمعية العمومية اعادة اختيار ما تراه مناسبا لادارة نقابتها وانشاء الاتحاد العام للنقابة الذي نويده بكل قوة.