كان القدر رفيقا بنا ونحن نسأل أنفسنا عن الجديد الذي سيتمكن إضافته بحلول أكتوبر2010 بمناسبة حلول الذكري السابعة والثلاثين لحرب أكتوبر1973 المجيدة, عندما تم رفع الحظر عن الوثائق غير المنشورة في مكتبة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون يوم الجمعة2 يوليو2010, وكان قوامها مائة ألف صفحة والتي حسمت حتي نهاية الزمان بقوله ان مصر خدعت إسرائيل وفاجأتها عام1973 ومن ثم هزيمتها, ولو اعتبرنا ان هذا هو الشق المادي للحرب والذي دفعت مصر في مقابله انهارا من الدماء, فإن الشق الإيماني يجب الا يغيب عن بالنا, والذي يدور حول ان المشيئة الإلهية قد كتبت لنا النصر من خلال الواقعة التاريخية الآتية: بحلول13 سبتمبر عام1973 أي قبيل نشوب الحرب بنحو23 يوما وقعت معركة جوية بين الطائرات الإسرائيلية والسورية, وبدأت تصل أجهزة المعلومات مع بداية شهر أكتوبر أخبار عن استعداد متزايد علي جانبي خطوط وقف اطلاق النار المصرية والسورية, فتم عقد اجتماع سياسي عسكري طارئ بالقدس في الثالث من أكتوبر1973 لبحث احتمال نشوب الحرب, استهله العميد آرييه شاليف مساعد مدير المخابرات العسكرية الإسرائيلية, واللواء ايلي زعيرا للأبحاث بعرض تقدير للموقف بذكره ان هناك ظاهرتين لافتتين للنظر هما تشكيل طوارئ في سوريا ومناورة في مص,ر فهل هناك شئ مشترك بينهما؟! ففي إمكان سوريا ان تنتقل من الدفاع الي الهجوم وفي إمكان مصر ان تنتقل للهجوم من خلال المناورة, وفي اعتقادي أن هذا لن يحدث وتقديري هو أن سوريا لن تخوض حربا بدون مصر ومصر تجري مناورة حقيقية, وقد وافق علي هذا الاستنتاج الجنرال دافيد اليعازر رئيس الأركان الإسرائيلي والجنرال موشي ديان وزير الدفاع, ومن ثم لم يطلب كلاهما تعبئة الاحتياط لشن هجوم وقائي علي سوريا. وانتقل وزير الدفاع للوضع علي الجبهة المصرية ووصل في خلاصة كلامه الي ان المصريين لو عبروا قناة السويس فانهم لايحلون أي شئ وسيواجهون وضعا أكثر صعوبة من الآن حيث تحميهم قناة السويس. وتعلقت الأنظار برئيسة الحكومة جولدا مائير حيث ان الكلمات التي سوف تنطق بها هي التي ستنفذ بغض النظر عن اختلاف وجهات النظر, فاستعرضت مفهومها السياسي في كلمات قصيرة بقولها أود ان اسأل ديان لنفترض ان الأمور تحركت وبدأت الحرب, انني أقبل تماما النظرية المتمثلة في الفرق بين موقف مصر وسوريا, واعتقد انه لايمكن ان يكون هناك جدال حول ذلك, فالمصريون يستطيعون ان يعبروا القناة وسيكونون بعيدين عن قاعدتهم, فما الذي سيستفيدونه من ذلك في النهاية؟! غشيت عيون رئيس الوزراء عن ان تري المدلول النفسي القومي لاحتلال القناة وتأثيره علي الكرامة الوطنية المصرية, ولم تدرك ان استرداد مصر للقناة هو رد اعتبار للأمة العربية بأسرها ومن ثم وافقت وزراءها علي عدم إعلان التعبئة العامة, فانطبق عليها قوله تعالي وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فاغشيناهم فهم لايبصرون. وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لايؤمنون( يس10,9) واستمر النقاش محتدما حتي الساعة الثانية من بعد ظهر السبت السادس من أكتوبر عام1973 عندما فتح العميد إسرائيل لبور السكرتير العسكري لجولدا مائير الباب فجأة وصاح قائلا ان الحرب قد بدأت.. والباقي معروف. أسطر اليوم هذه الكلمات لكي أؤكد لكل المصريين انه بعد هزيمة يونيو عام1967 أخذ الجميع يرددون قوله تعالي إن الله لايغير مابقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم, وغيرنا بالفعل من أنفسنا فكان الله معنا, وأملي كبير ان تكون رسالتي قد وصلت. لواء د. إبراهيم شكيب