في قديم الزمان كان أهل المحروسة يستخدمون المخلة القماش عندما ينوون شراء خضار أو بقالة, بل كان طلبة المدارس البسطاء يستخدمون هذه المخلة كشنطة مدرسة. كان بائع الخضار يقوم بوزن ما يريد الزبون من خضراوات ووضعها في المخلة الخاصة به دون لف أو تكييس, وكان البقالون يقومون بلف المشتريات من البقالة من جبن وحلاوة وزبد وما إلي ذلك في ورق زبدة.. أما البيض فكانت له سلة خاصة, وعموما لم يكن يباع كثيرا لأنه في الأصل كان هناك اكتفاء ذاتي في كل منزل, فكل بيت به عشة فوق السطوح فيها من الفراخ والديوك والبط ما يسد الحاجة. أما عن اللبن فكان يمر عليك في البيت بائع اللبن بالقسط الشهير الخاص به ليفرغ ما تريد من لبن في الكسرولة الألمونيوم التي كانت دائما ما تذهب لوابور الجاز أو البوتاجاز فيما بعد لغليه. اختلف الوضع كثيرا الآن فالشنطة البلاستيك أصبحت هي أساس التعامل ومنها ما هو مصنوع من بلاستيك خفيف أو ثقيل سواء لاستخدامات البقالة أو الخضار أو مشتريات الملابس أو أي شيء. ومن أنواع هذه الشنط ماهو معاد تصنيعه بصورة رديئة قد تسبب المشكلات الصحية للإنسان.. العجيب والغريب في هذا الأمر أن جميع ربات المنازل في مصر يفسحن مكانا ليس بالقليل للاحتفاظ بهذه الشنط ولا تفكر أبدا في رميها أو في استخدامها استخداما آخر, وما أعرفه علي وجه العموم هو أن هذه الشنط لا تبلي أو تتحلل حتي لو رميت في القمامة لأنها مصنوعة من المشتقات البترولية والكيماوية. وعلي الرغم من أنني أناصر المخلة القماش حتي وقتنا هذا ولدي منها العشرات وأستخدمها دائما, إلا أن منزلي به الكثير من هذه الشنط البلاستيك التي أحاول أن أستخدمها جيدا في تجميع القمامة منذ سنوات. لقد حان الوقت لكي نعظم استفادتنا من هذه الشنط في مشروع قومي يعود بالفائدة علي المواطن والدولة بتكلفة تساوي صفرا. وسوف أشرككم بتجربتي الشخصية في الاستفادة من هذه الشنط والتي بدأت منذ أكثر من عشر سنوات. فماذا لو وضعت ربة المنزل شنطة بلاستيك في كل غرفة من غرف المنزل وفي حمام أو حمامات كل منزل وفي المطبخ لكي يتعود أبناؤها علي رمي المخلفات بها, ولمها كل يوم في كيس واحد ووضعها في صندوق القمامة. ولماذا لايضع كل قائد سيارة كيسا من البلاستيك في سيارته لرمي أوراق المناديل وعلب السجائر الفاضية ومغلفات أكياس البسكويت وعلب المشروبات الغازية به وعند امتلائه يضعه في أقرب صندوق قمامة. لماذا لانحيي هذا المشروع للنظافة العامة ونسميه المشروع القومي للشنطة البلاستيك.. ولماذا لا تتبناه الجمعيات الخيرية! ألسنا كمواطنين محتاجون أشد الاحتياج إلي النظافة كحاجة الفقير للأموال؟ أو اليتيم إلي متابعة؟ أليست خدمة المجتمع هي أساس خدمة الفرد؟ وحتي يكتمل المشروع ويكلل بالنجاح, لماذا لا تقوم الدولة بتصنيع صناديق قمامة بحجم معقول, بحيث يوضع صندوق أمام كل منزل ويصنع من المخلفات البلاستيكية. لقد كانت الدولة توزع في العصور الماضية صناديق قمامة حديدية توضع أمام كل متجر, وكانت هناك سلال مهملات معلقة في كل عمود إنارة وكانت المدن فعلا نظيفة.. أما الوضع الآن فقد بلغ درجة غير مسبوقة من السوء! أحمد رأفت صادق - خبير موارد بشرية