اعتمدت الدراما التليفزيونية علي النصوص الأدبية للكاتب الكبير نجيب محفوظ, وهو ما جاء ضمن دراسة جامعية للزميل د. عبد الغفار رشدي, بعنوان دور الدراما التليفزيونية في معالجة أعمال نجيب محفوظ والتي حصل بها علي درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولي, وفيها التقي مع أديبنا العالمي نجيب محفوظ في إطار بحثه. وقد ذكر كاتبنا الكبير محفوظ: أن التليفزيون لديه الامكانية لتقديم الاعمال الأدبية أفضل من السينما, لأن السينما مركزة وقصيرة, وتضطر لحذف أشياء كثيرة من النصوص الأدبية وتضيف أشياء كثيرة تخلقها, بينما التليفزيون يسير مع الرواية بدرجة كبيرة. وعن طول المسلسل التليفزيوني وهل يفرض علي كاتب السيناريو الالتزام بكل مايرد في العمل الأدبي, أم تظل له الحرية في تغيير النص؟ قال محفوظ: طول المدي الزمني للمسلسل التليفزيوني لايفرض أي التزامات أو تقييد لحرية كاتب السيناريو ويصح له أن يغير, وهناك أسباب كثيرة للتغيير مثل شرح النص الأدبي, كما توجد أشياء في العمل الأدبي لايمكن إظهارها في التليفزيون فيستغني عنها بأشياء أخري, فالتغيير جائز طالما لايغير المضمون والعمل ككل, ويظل المشاهد وهو يري المسلسل يذكر أن هذا العمل عن القصة الأدبية المأخوذ عنها, بصرف النظر عن أية شخصية معينة أضيفت للمسلسل وهي ليست في القصة, أو شخصيات حذفت من القصة الأدبية, كل هذا جائز. وحول تحويل العديد من أعماله الي الدراما التليفزيونية, وما أدخله كتاب السيناريو من تعديلات جوهرية علي النص الأدبي الأصلي, فعن روايته السمان والخريف تم إعداد مسلسل في منتصف السبعينيات من القرن الماضي بطولة كمال الشناوي ومن إخراج نور الدمرداش, وتحولت فيه أحداث الرواية من قبل ثورة23 يوليو1952 إلي قبل ثورة التصحيح في15 مايو1971, وبالتالي تغير المحور الزمني للعمل, وأيضا رواية اللص والكلاب التي كانت تدور في الستينيات من القرن الماضي, ثم تحوير النص في المسلسل ليكون في السبعينيات وما بعدها حيث الجماعات الإسلامية وشركات توظيف الأموال, وبالتالي تغيرت ملامح الصراع الدرامي, فكيف يري هذا التعديل؟ وقد أوضح محفوظ: أن هذا التعديل قد يكون ضروريا, وأحيانا تري الرقابة أن أشياء معينة لايجب ظهورها علي الشاشة لأسباب وضرورة سياسية وليس لأسباب فنية. أما في بعض الأعمال الدرامية والتي رغم التغيير الكبير في النص الأدبي, وبعد التعديلات الجوهرية, يتم وضع اسم المؤلف عليه أيضا, فهذا يعد نوعا من الغش, وفيه إيذاء للمؤلف واعتداء علي فكره ورؤيته. وللأسف تأييد المؤلف الأدبي التعديلات التي يتم إدخالها علي النص الأدبي يكون نتيجة ليأسه من تقديمها بشكل صادق وليس أقتناعا, وهذا فيما يتعلق بي. ورغم أن الكاتب الكبير نجيب محفوظ كتب وشارك في كتابة سيناريوهات العديد من الأفلام السينمائية الناجحة منها لك يوم ياظالم و ريا وسكينة والفتوة و شباب امرأة و الناصر صلاح الدين و جميلة أبو حريد وأنا حرة لم يكتب أعماله الأدبية بنفسه للسينما والتليفزيون. وعن ذلك قال محفوظ: لا أقوم بكتابة السيناريو والحوار لأعمالي الأدبية بنفسي فلاشك أن كتابة السيناريو والحوار ستكون علي حساب الإبداع الأدبي. وأشار نجيب محفوظ في هذه الدراسة إلي أن المواصفات الواجب توافرها في النص الأدبي, الذي يمكن تحويله إلي عمل درامي تليفزيوني ناجح أن يحتوي علي قدر كبير من الحركة والتغيير, ويكون مضمونه متجاوبا مع الناس ويمس أشياء تهمهم. وأن أفضل عمل درامي تليفزيوني تم أخذه عن نص أدبي له ويعتز به هو الثلاثية والذي تم إنتاجه خارج مصر بإحدي الدول العربية, حيث تم إنتاج جزءين منه فقط هما بين القصرين و قصر الشوق ولم يستطيعوا تقديم الجزء الثالث السكرية لأسباب سياسية حيث كان يقوم علي الإخوان المسلمين والشيوعيين, أما أفضل كاتب للسيناريو والحوار قدم أعماله من وجهة نظره فهو محسن زايد, الذي كتب الثلاثية للتليفزيون, كما أجاد في كتابة قصة أيوب في فيلم تليفزيوني. وأكد محفوظ أن كتاب السيناريو لايلجأون إليه لأخذ رأيه في معالجتهم لأعماله الأدبية, لأنهم يعرفون مبداه, وهو أن ماينسب له هو النص الأدبي فقط, ولكن في مرات قليلة نادرة جاء له بعض كتاب السيناريو لأخذ رأيه والاسترشاد, وكان يقول لهم رأيه مجرد رأي يأخذون به أو بغيره فهم أحرار, ولم يسبب لهم متاعب مطلقا. ويري محفوظ أن هناك كتابا للسيناريو والحوار يجدهم في مستوي العمل الأدبي, وهناك كتابا للسيناريو والحوار يجدهم في مستوي العمل الأدبي, وهناك نوع يعتبرهم شغيلة يعملون أي شيء للكسب دون تركيز. وكانت النصيحة التي قدمها الكاتب الكبير نجيب محفوظ من خلال هذه الدراسة لكاتب السيناريو الذي يتولي نقل نص أدبي إلي عمل درامي تليفزيوني أن يدرس العمل الأدبي جيدا, ويستخرج المواقف الدرامبة به, من أجل الاستفادة منها واستغلالها, وذكر أن الأمر في النهاية يعود لمدي موهبة كاتب السيناريو وثقافته.