علي هامش اجتماع الاتحاد الإفريقي حول تعزيز السلم والأمن والاستقرار في إفريقيا والذي عقد بالقاهرة, كان لقائي مع السيد جان بينج, رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي. لتقييم نتائج هذا الملتقي المهم إلي جانب أهم القضايا التي تشغل القارة الإفريقية وبدأ جان بينج حديثه مشيدا بأن هذا الملتقي الذي أطلق عليه الخلوة رفيعة المستوي حول تعزيز السلم والأمن والاستقرار في إفريقيا كانت مناسبة فريدة من نوعها, اجتمعت فيها مختلف المنظمات الدولية والقارية والإقليمية وممثلو الأعضاء الدائمين بمجلس أمن الأممالمتحدة والذين يعملون من أجل الارتقاء بالسلام والأمن في إفريقيا, والمبعوثين الخاصين من أجل إعطاء دفعة إضافية لتحقيق هدف مشترك يدور حول التخلص من النزاعات في إفريقيا. * ألا تري أن هناك تطورا إيجابيا إزاء السلام في إفريقيا؟ { نعم.. هناك تطور إيجابي في مجمل وضع السلام والأمن في إفريقيا.. وتقدم في عمليات السلام منذ إنشاء مجلس الأمن والسلام التابع للاتحاد الإفريقي.. ومنذ أن قام الشركاء الدوليون بمضاعفة مساندتهم السياسية والدبلوماسية والمالية للاتحاد الإفريقي, بنية إنهاء الصراعات والأزمات الطاحنة في القارة, وهناك ديناميكية مشجعة تعكس تقدما ملموسا في تسوية الصراعات وعملية تعزيز السلام والخروج من الأزمات التي تطحن القارة الإفريقية في كل من سيراليون وليبيريا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجزر القمر. ولكن كل هذه العمليات في غاية الهشاشة وتتطلب حرصا شديدا ومتابعة من أجل ضمان دعمها.. ولم تعد تحديات السلام في القارة الإفريقية تنحصر فقط في النزاعات المسلحة, وإنما هناك نسبة عنف مسلح يدخل في إطار الصراعات التي تواجه فيها القوات العسكرية بعضها من أجل السلطة أو الأراضي أو الموارد. * كيف تقيم العنف الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالانتخابات والذي كان موضوع اهتمام الملتقي؟ } لقد أبرزت مجموعة الحكماء الخاصة بدعم دور الاتحاد الإفريقي في منع وإدارة وتسوية المنازعات والصراعات العنيفة المرتبطة بالانتخابات في إفريقيا.. أن الانتخابات التي أصبحت عنصرا أساسيا للمشاركة الشعبية في عملية الحكم منذ موجة الديمقراطية التي اكتسحت إفريقيا منذ بداية التسعينيات لم تدخر التحديات الجديدة, وإنما صراعات وعنف بين النظام الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والمجهودات التي تهدف إلي تدعيم التكامل الإقليمي. ودعيني أقول لك إن الخلافات حول الحدود تشكل مصدرا آخر للقلق, لأن نصف قرن قد مضي علي التحرر السياسي للقارة الإفريقية, وإنما لم يتم تحديد الحدود الموروثة من الاستعمار الأجنبي وهناك إذن مشاكل فنية ومالية جوهرية.. وهناك أقل من ربع الخطوط علي الحدود الإفريقية تم تحديدها, ولقد أوجد هذا الموقف وجود مناطق ضبابية تهدد بممارسة السياسة القومية.. وعندما تتمتع هذه المناطق بموارد طبيعية, فإن إدارتها تكون بالطبع أصعب.. ولقد سجل الاتحاد الإفريقي خلال السنوات الأخيرة تزايدا مقلقا للصراعات علي الحدود وبفضل حكمة الدول المعنية, فإن هذه الخلافات لم تنزلق إلي صراعات معلنة ومفتوحة. * كيف تقيم التعاون بين الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي من أجل إقرار السلام في إفريقيا؟ { لدينا علاقات وثيقة بين الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة ومنذ2007, فهناك مشاورات بالتناوب بين أديس أبابا ونيويورك وكل من لجنة الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة تعملان معا وتتناولان جميع المسائل المرتبطة بالسلام في إفريقيا, ولدينا لجنة مشتركة في دارفور والمنظمتان تتعاونان أيضا في مجال التنمية المؤسسية المتعلقة بالمؤسسات مع برنامج دعم القدرات الذي أبرم عام2006. ولقد تناولت أخيرا العلاقات بين الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة تمويل العمليات الإفريقية الخاصة بحفظ السلام. * انتهج الاتحاد الإفريقي عدة آليات لمنع الصراعات منذ أن تم اعتماد البروتوكول الخاص في يوليو2002 بدربان بجنوب إفريقيا, بإنشاء مجلس السلام والأمن للاتحاد الإفريقي.. فما هي أهم هذه الآليات؟ { إن هذه الآليات مرتبطة بحقوق الإنسان, وبالحوكمة, ومناهضة الفساد, ودعم العملية الديمقراطية في القارة, ونزع السلاح, والإرهاب, ومعالجة الصراعات العرقية, ولقد قمنا بالتصديق علي عدة نصوص سوف يؤدي احترامها والالتزام بها إلي انخفاض مخاطر الصراعات والعنف في القارة وتدعم السلام. ونحن ملتزمون بتسوية الصراعات في القارة من خلال تعاون وثيق مع الآليات الإقليمية والأممالمتحدة, والاتحاد الأوروبي, وجامعة الدول العربية, ومنظمة الفرانكوفونية, والشركاء الثنائيين والمتعددين الأطراف. وبرغم كل هذه المجهودات, فإننا نواجه عددا ضخما من التحديات وعلي رأسها الضغوط المالية الخاصة بعمليات مساندة السلام. * وماذا عن الاحتفالية الخاصة بيوم السلام العالمي في21 سبتمبر المقبل وأهميتها؟ { إنها تأتي في إطار الأنشطة العامة والسلام والأمن.. والاتحاد الإفريقي يعمل من أجل إنجاح هذه الاحتفالية التي تعتبر بمثابة يوم لمناهضة العنف عبر القارة الإفريقية, وبذل جهود إضافية ومتجددة من أجل تلبية احتياجات السكان المدنيين في مناطق الصراع. * وأخيرا ما هي في رأيك أهم النتائج التي حققها ملتقي القاهرة لتعزيز السلم في إفريقيا؟ { إن هذا الملتقي قد أتاح فرصة رائعة لتبادل وجهات النظر حول المجهودات التي تبذل من أجل الارتقاء بالسلام في إفريقيا.. ولقد تناولنا خلاله مناقشة التغييرات غير الدستورية للحكومات, والعنف المرتبط بالانتخابات, وعمليات السلام, وإقرار العدالة والمصالحة, ونزع السلاح, وإصلاح الأمن, وإدارة الموارد الطبيعية, وتنفيذ اتفاقات السلام.. ولقد قمنا بالتركيز علي قضايا القرن الإفريقي والصومال ودارفور ومنطقة البحيرات العظمي والدول المتضررة من قبل هذه المنطقة والتطورات في غرب إفريقيا, بما فيها النيجر وغينيا وغينيا بيساو والصحراء الغربية والشريط الساحلي. ولقد قمنا بتكوين صورة واضحة لوضع السلام والأمن في القارة الإفريقية, وقمنا بتحديد التحديات وانتهاج أفضل الحلول بما في ذلك تعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية والشركاء علي المستوي الاستراتيجي والعملي, وقمنا بمناقشة كيفية إنجاح يوم السلام في جميع دول القارة.. ولعل نداء القاهرة من أجل السلام يعكس أهمية نتائج هذا الملتقي, واهتمام مصر بتعزيز الأمن والسلم في إفريقيا.