الحوار مع الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية يتسم دائما بالصراحة والوضوح باعتبار ان لغة الارقام لاتكذب, رغم عدم شعور المواطنين بما يتم اعلانه من ارقام نمو وارتفاع في مستويات المعيشة. وهو الامر الذي حرصنا علي طرحه امام المسئول عن التنمية الاقتصادية من خلال حوار نستكمله اليوم معه خاصة بعد الاجتماع الذي عقده الرئيس مبارك مؤخرا ليستعرض مع مجلس الوزراء نتائج تنفيذ برنامجه الانتخابي وما تحقق لصالح المواطنين. الدكتور عثمان حرص علي ان يجيب وبكل وضوح علي كل ما يشغل بال الناس من تراجع مستوياتهم المعيشية بسبب ارتفاع الاسعار, ومشاكل البطالة والفقر والغلاء وفرص العمل.. والاجور.. ولماذا لا يتم ضخ استثمارات اضافية في قطاع الكهرباء لتقليل فترات انقطاع التيار؟ * الأهرام: من هو الفقير.. ومن هو محدود الدخل, وما الأساليب التي تسعون من خلالها لتحقيق نظام دعم أكثر شمولا؟. * الوزير: لم نعد نخفي مشكلة الفقر أو نتحرج منها كما كنا في الماضي.. اليوم نعتبرها مشكلة واعترفنا بوجودها ونسعي لقياس حجمها وهل تزيد أم تنخفض وما أسباب الزيادة والعكس.. اننا نسعي, من خلال بحوث الدخل والإنفاق, لمعرفة الفقراء والوصول إليهم واستهدافهم وتنميتهم وهو ما تم بالفعل وتوصلنا إلي أن هناك نحو8.6% فقراء فقرا مزمنا وهم من يحتاجون إلي كل اشكال الدعم, وهناك نحو8.2% سقطوا في خط الفقر نتيجة تغيرات مجتمعية أو وظيفية. أيضا كان الفضل لمجلس الوزراء ورئيسه بالاهتمام بالفقر ورصد هذه المتغيرات وتم الاتفاق علي أن مصدرنا في معرفة ورصد هذه التغيرات هو المسح الذي يجريه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء كل خمس سنوات وطالبت الحكومة إجراء هذا المسح كل سنتين. آخر مسح تم2009/2008( عام الأزمة) التقرير يحمل شعار البنك الدولي والوزارة فهو تقرير مشترك بين خبراء البنك الدولي والخبراء المصريين.. وتم رصد التغيرات الاجتماعية التي حدثت مع النمو الاقتصادي الجيد وكان السؤال الأزمة وانخفاض معدلات النمو وارتفاع الغلاء ماذا فعلوا في أحوال الناس والنتائج تشير إلي زيادة نسبة الفقر2009 عن عام2008 وهو أمر متوقع لان معدل النمو انخفض فزاد معدل الفقر.. وزاد الغلاء وارتفع من13.2% إلي16.2% ولكن المهم هو تحركات الفئات الاجتماعية المختلفة فالعينة تجري علي12 الف أسرة كل ثلاث أشهر اي48 ألف أسرة في العام. أصبح لدينا ثلاث نقاط زمنية واضحة.. لدينا بيانات واستمارات المبحوثين في فبراير2005 وفبراير2008 وفبراير2009 النتيجة أن الفقر انخفض بين2005/2004 وبين2009/2008 ولكن التحركات هي الأهم.. واتضح انه في فترة النمو الاقتصادي وانخفاض نسبة الفقر هناك8.5 مليون فرد كانوا تحت خط الفقر في عام فبراير2005 خرجوا من خط الفقر عام2008 وهذا الرقم من واقع مسوح48 ألف أسرة مصرية في جميع المحافظات ومن جميع المستويات وهناك6.5 مليون نزلوا تحت خط الفقر, يكون الصافي هو انخفاض نسبة الفقر اي هناك ناس خرجت وأخري تضررت. الشيء نفسه حدث وقت الأزمة مع الاختلاف أن المحرك الرئيسي هو الغلاء.. وكان تأثير الغلاء علي فئات أكثر من فئات أخري اي انه طال الفئات الفقيرة أكثر لان الارتفاع في الرقم القياسي مصدره الرئيسي هو الطعام والشراب الذي يمثل70% من الفئات الفقيرة وبالتالي كان تأثير الغلاء علي هذه الفئات أكثر لأنه خلال الفترة من2004 إلي2009 كان متوسط الزيادة في أسعار السلع47% كمتوسط عام.. ووصلت نسبة الزيادة في أسعار السلع للفقراء خلال نفس الفترة64% في المتوسط ومن ثم كل من لم يزيد دخله بنسبه64% نزل تحت خط الفقر.. مثل عمال الزراعة بالاجر, غير المشتغلين بعقود أو تأمين.. الخ. * الأهرام: ما هي دلالة هذه الأرقام؟ * الوزير: هذه المسوح أكدت أن نحو78% غير فقراء, وهناك8.6% كانوا فقراء واستمروا كذلك, و8.2% سقطوا في الفقر, و5.2% خرجوا من الفقر.. أي حوالي4 ملايين فرد كانوا فقراء وخرجوا من خط الفقر.. ومن ثم يجب ان يكون التركيز أو الأولوية الأولي لمن هم قريبون من خط الفقر, أما ال8% الفقراء فقرا مزمنا فهؤلاء من يستحقون معاش الضمان الاجتماعي إذا استطعنا الوصول إليهم وأعطيناهم الدعم المطلوب خرجوا من خط الفقر.. ومن هنا كانت فكرة الألف قرية الفقيرة لبرمجة اي نظام للدعم علي تحديد هذه النسب مع بطاقة الضمان الأسرة والضمان الاجتماعي وبالتالي يمكن التعامل معهم..من هنا تأتي أهمية الدعم.. وتقييم برامج الدعم ونعمل علي ترجمة هذه المعلومات لرسم خريطة الفقر وتوصلنا إلي أن لدينا الف قرية فقيرة ويتم استهدافها جغرافيا ومن ثم توجه لها موارد واعتمادات إضافية وايضا بطاقات الضمان الاجتماعي وندرس تقديم دعم نقدي لمساعدة الأسر في تخطي حاجز الفقر ومساعدة نفسها ونربط الدعم الموجه للأسر بتحقيق أهداف التنمية من ناحية الانتظام في تعليم الأبناء وعدم عمالة الأطفال.. واقول ارتفاع معدلات النمو.. السبيل الوحيد لارتفاع مستويات المعيشة * الاهرام: ماذا عن اهم مؤشرات العام الماضي2010/2009 ؟ * الوزير: أيضا انتهينا من إعداد تقرير الربع الرابع والعام كله, وهو تقرير يرصد المتغيرات المختلفة في جميع المجالات, وتم تلخيصها في8 مؤشرات ايجابية تغطي المجالات الاقتصادية المختلفة.. المؤشر الايجابي الأول: معدل النمو الاقتصادي في الربع الرابع من العام الماضي2010/2009 وصل إلي6%, وحققنا معدل نمو سنوي5.3% وهو معدل نمو يفوق المستهدف تحقيقه في العام الماضي وهو4% ومن ثم ما تحقق هو معدل نمو جيد جدا. واشار الوزير الي أن معدل النمو يصل إلي6% خلال الربع الأخير من العام المنتهي مما يشير إلي ارتفاع النمو ربعا بعد ربع ابتداء من الربع الثاني2009/2008 فنجد كل ربع أعلي من السابق إليه ومن ثم نجد أن الربع الرابع للعام2010/2009 أعلي من الربع الثالث له وهو ما يشير إلي الأفضل واستمرار الاتجاه التصاعدي ومن ثم نتوقع أن يتجاوز الربع الأول من العام المالي الحالي2011/2010 نحو6% وهكذا في ظل الأوضاع المرئية نستطيع أن نتوقع تحقيق معدل نمو أعلي من6.5% كمتوسط للعام المالي الحالي. المؤشر التالي هو معدلات البطالة.. لم يحدث خلال فترة الأزمة زيادة ملموسة في معدلات البطالة وكان المعدل خلال الأزمة9.4%, المؤشر الايجابي الجيد انه مع بدء تحسن معدلات النمو في الربع الاخير من العام الماضي2010/2009 انخفض الي اقل من9%.. وهناك علاقة طردية بين معدل النمو ومعدلات التشغيل.. كل نقطة مئوية زيادة في معدل النمو تعني توفير من200:175 الف فرصة عمل جديدة إضافية.. ونستهدف سنويا تشغيل750 ألف فرد * الأهرام: أين المجلس القومي للأجور.. وما دوره؟ * الوزير: صدر قرار إنشاء المجلس القومي للأجور في يونيو من عام2003 يلتزم بوضع الحد الأدني للأجور علي المستوي القومي مع مراعاة نفقات المعيشة وكذلك اجراء الدراسات اللازمة علي المستوي القومي لإعادة النظر في الحد الأدني للأجور مع مقترحات دورية لا تتجاوز ثلاث سنوات علي الأكثر وتم تكليف مجموعة عمل من الخبراء ومن أعضاء المجلس بإعداد دراسة حول الحد الأدني للأجور وخلصت إلي ضرورة تعديل الوضع القائم ورفع الحد الأدني للأجور آخذين في الاعتبار العبء الذي يفرضه ذلك علي الموازنة العامة للدولة مع الحفاظ علي تحفيز القطاع الخاص علي الاستثمار وإيجاد فرص عمل جديدة. * الأهرام: ما هي معايير تحديد الحد الأدني للأجور؟ * الوزير: أهم هذه المعايير دراسة مهمة نشرت عام2005 لمنظمة العمل الدولية ذكرت أن المعيار الأساسي الذي يتم أخذه في الاعتبار في البلدان المختلفة التي تطبق نظام الحد الأدني للأجور هو التضخم أو تكلفة المعيشة تليه الظروف الاقتصادية العامة ومستويات الأجور ثم تأتي بعد ذلك محددات أخري مثل احتياجات العمال ومستوي الإنتاجية ومستوي التشغيل ثم في النهاية قدرة المنشآت علي الدفع وسداد مزايا الضمان الاجتماعي ومن المنطقي ان يكون هذا الحد الأدني للأجر أعلي من حد الفقر.. ومن الضروري عدم المبالغة عند تعديل الحد الأدني.. حتي لا ينعكس ذلك سلبا علي جدول الأجور والمرتبات في الدولة لجميع العاملين كما أن البنك الدولي وضع قاعدة لحساب الحد الأدني تم حسابها علي أساس أنها لأسرة مكونة من أربعة أفراد يكون دخل الفرد دولارين كحد أدني في اليوم وتكون الحسبة كالتالي:2*4=8 دولارات. واذا حسبنا قيمة الدولار مقابل الجنيه وهو5 جنيهات تقريبا يصبح الحد الأدني حوالي1200 جنيه وهي حسبة خاطئة لأن قيمة الدولار حسب توصيات البنك تساوي ما يعادله في القوة الشرائية في كل بلد فليست كل الدول تتعامل بالدولار. وبالحسبة الاقتصادية وجدنا أن ما يعادل قيمة دولارين الشرائية هي نحو185 قرشا ولو رفعناها الي جنيهين اثنين جنيه يصبح الحد الأدني450 جنيها فقط. * الأهرام: هل يأخذ المجلس في اعتباره الزيادات المتتالية للأسعار؟ * الوزير: دائما تتم مراعاة ارتفاع الأسعار فقد حدد القانون الحد الأدني للأجور بمبلغ35 جنيها ومع مراعاة التضخم يكون الرقم اليوم450 جنيها. * الأهرام: هل يتوافق هذا الرقم مع الواقع؟ الوزير: لا يتوافق مع الواقع لأن الحد الأدني لما يتقاضاه اي عامل دون مؤهل في الحكومة في الدرجة السادسة مثلا يتجاوز ال35 جنيها وصافي ما يحصل عليه حاليا يقدر بنحو450 جنيها. ونوضح أن هذا الحد هو ما يجب ألا يتقاضي العامل أقل منه وهو قابل للزيادة وفقا لاختلاف الحالات * الأهرام: هل لدي المجلس صلاحيات للضغط علي القطاع الخاص بزيادة أجور العمال؟ *الوزير: في حالة رفض بعض الشركات الالتزام بهذا الحد يحق للعامل التقدم بشكواه إلي النقابة التي ينتمي إليها ثم إلي المجلس القومي للأجور للنظر في شكواه ومن تجاربنا السابقة فإن كلا من العاملين وأصحاب الأعمال يلتزمون بقرار المجلس القومي للأجور ومن حق كل طرف أن يلجأ للقضاء ويعتبر قرار المجلس في هذه الحالة استرشاديا للمحكمة. *الأهرام: لماذا لم تخطط الحكومة, مع ارتفاع مستويات المعيشة, لزيادة الاستثمارات في مجال الكهرباء لنخرج من بوتقة نقص الطاقة الكهربائية وقطع التيار الكهربائي يوميا عن بعض المناطق لمدد مختلفة؟ *الوزير: هذه المشكلة تواجه جميع الدول.. وقطاع الكهرباء من انجح القطاعات في مصر خلال الخمسين عاما الماضية, وخططه لعام2027 موجودة, وفي السنتين الماضيتين تم زيادة5 ميجاوات في الطاقة الإنتاجية للكهرباء, والمشكلة التي تواجهنا هي فترة الذروة خلال الساعة من8 إلي10 مساء.. الاستثمارات المطلوبة لتغطية هذه الفترة تساوي خمسة أضعاف الاستثمارات التي تمت خلال ال20 سنة الماضية, وهذه المحطات ستعمل خلال ساعتين فقط وباقي اليوم,22 ساعة, لن تعمل لعدم الحاجة إليها.. ومن المتوقع أن تنتهي هذه المشكلة في عام2012 عندما يتم الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية لان فترة الذروة لديهم تختلف عن مصر. * الأهرام: لماذا تستجيب الأسعار في مصر للأسعار العالمية ارتفاعا, ولا يحدث العكس.. كالبنزين والسولار مثلا ؟ * الوزير: الحكومة لا تنتج سلعا, ولكن يرجع السبب في ذلك إلي عدم انضباط الأسعار وفوضي الأسواق التي يبذل وزير التجارة مجهودا كبيرا لاعادة الانضباط إليها.. اما فيما يخص البنزين والسولار فمازال رغم انخفاض اسعارها عالميا مازال سعر البيع لايغطي تكاليف الانتاج. *الأهرام: لماذا يوجد تفاوت كبير في الرواتب بين العاملين في الحكومة؟ *الوزير: رقم ال96 مليار الموجودة في الموازنة العامة للأجور يدفعها المواطن في شكل ضرائب وتوزع علي العاملين المدنيين في الدولة ولا يستطيع أحد أن يتقاضي مليما واحدا خارج هذه الموازنة. المستشارون وخلافه يتقاضون رواتبهم من خارج الموازنة.. وهي مسئولية من يوفر هذه الاعتمادات.
ادار الندوة : عادل إبراهيم - المشاركون في الندوة - أحمد العطار- رأفت أمين - عادل شفيق- صفاء جمال الدين - ممدوح الولي- رأفت سليمان - عبده الدقيشي أعدها للنشر : مجدي حسين