قرأت رسالة الخوف من الماضي التي نشرت السبت الماضي, والتي روي فيها كاتبها قصته مع العديد من الفتيات في سن المراهقة ثم طاردته فكرة ان جميع البنات كن علي علاقات سابقة. فعندما تقدم الي واحدة اكتشف انه كان علي علاقة بها ولذلك يخشي من شبح الماضي أن يطارده في مستقبل أيامه, وقد لاقت صدي كبيرا ومناقشات محتدمة بين قراء بريد الأهرام علي الموقع الالكتروني علي شبكة الانترنت, ولي رأي في هذه المشكلة تتفق معي فيه الكثيرات من الفتيات, فليس مستبعدا وسط المجتمع المفتوح الذي نعيش فيه والافلام والقصص التي تروج للرومانسية والحب ان تكون اي فتاة قد عاشت قصة حب عفيفة لم تتعد الخطوط الحمراء, وارتبطت عاطفيا بابن الجيران وذهبا معا في رحلات كالتي يقيمها سكان المناطق العشوائية, ولكن القدر جعلها مثلا تلتحق بالجامعة بينما هو لم يكمل تعليمه فذهب كل منهما في طريق مختلف. فهل نحكم علي هذه الفتاة بانها صاحبة ماض اسود, لمجرد انها ارتبطت بابن الجيران علي اساس الزواج ولم يكن لهما نصيب معا؟ بالتأكيد لكل منا سواء شابا او فتاة قصة حب لم تكتمل, ومن غير المعقول ان نعتبرها ماضيا مشينا فنخفيها ونحكم علي صاحبة التجربة بانها غير شريفة وليس مستحبا الزواج منها. ثم لماذا لايحاسب كل طرف الآخر منذ لحظة الارتباط به رسميا؟ وما كان في الماضي بالتأكيد ذهب ولن يعود, فلقد كانت لي صديقة متحررة نوعا ما وكانت في اثناء فترة الجامعة تقيم علاقات متعددة دون ان تتخطي الخطوط الحمراء وكانت ملابسها اقرب للعري, وعاشت العديد من قصص الحب العفيفة التي لم تكتمل, لان الشباب كانوا يفهمون نمط حياتها بطريقة خاطئة, وكانت لهم اغراض دينئة منها لكنها لم تلق لهم بالا ومضت في طريقها الذي رسمته لنفسها, وبعد التخرج ارتدت الحجاب والتزمت المنزل واصبحت ملابسها محتشمة وتركت شقاوة الجامعة الي غير رجعة وغيرت حياتها تماما واصبحت انسانة اخري, واعجب بها احد الشباب في مناسبة اجتماعية وتقدم للزواج منها وبعد اشهر معدودة ذهبت لزيارة عائلتها ومعها زوجها وقررا المبيت في غرفتها القديمة في بيت عائلتها, فاستغل زوجها الفرصة واخذ يعبث بمحتويات الغرفة واغراضها المهملة فوق الدواليب التي لاتعلم هي نفسها عنها شيئا, فوجد العديد من الصور التي تجمعها بشباب في الجامعة وصورا لرحلاتها مع طلبة كانت قد ارتبطت بهم عاطفيا, واقسمت لي بانها كانت تظن أن تلك الصور قد ضاعت وتم التخلص منها لانها نسيت تلك الفترة تماما بكل ما فيها واعتبرتها فترة طيش لا اكثر, وانها اصبحت شخصية جديدة تماما ولكن زوجها لم يتفهم ذلك واعتبرها انها خدعته بمظهرها الذي يوحي بالالتزام ووضع الصور امام عائلتها والقي عليها يمين الطلاق امام والديها, وثار ثورة عارمة بدعوي انه تم النصب عليه من عائلة صديقتي. لماذا يفتش البعض في الماضي الذي عفا عليه الزمن وغطاه التراب واندثر تماما؟ ولماذا لايبدأ الشاب او الفتاة حياة جديدة, وما المانع ان تكون الفتاة قد اخطأت خطأ عابرا ثم تابت؟ انني اود ان اذكر كل شاب ينبش في الماضي باننا لسنا ملائكة فالشباب يعيشون قصصا وتكون لهم صداقات بدافع الحب او الارتباط, ويجب ان يلتمس كل طرف العذر للطرف الآخر وفي النهاية اذكر الجميع بان الله يقبل التوبة من كل البشر. * في مسألة العلاقات العاطفية توجد في حياة الإنسان مرحلتان مهمتان: الأولي: مرحلة المراهقة, وفيها يطلق الشاب العنان لنفسه فيفعل ما يحلو له, من تعارف علي الفتيات, ومحاولة الاقتراب منهن, وإذا لم يجد من يوجهه فقد تصل به الأمور إلي ما لا تحمد عقباه. والثانية: مرحلة النضج حيث يكون أكثر اتزانا, وتتغير نظرته إلي الحياة, ويختار شريكة حياته بعقلانية, ووفقا للقواعد الدينية والأخلاقية, وعادات وتقاليد المجتمع الذي يعيش فيه, وما يقال عن الشاب ينطبق علي الفتاة, وهكذا نجد أننا محكومون بقواعد لايمكن أن نحيد عنها, أو نرضي بديلا لها. والخطوط الحمراء التي تتحدثين عنها.. ياسيدتي.. تقصدين بها العلاقات المحرمة, لكنني أراها في كل تصرف يفتح باب الشيطان, ويدفع المرأة أو الرجل إلي ارتكاب الخطيئة الكبري, فاللمم أو اللمسات التي يراها البعض أشياء عابرة, هي بداية الكارثة علي الفتاة والشاب علي حد سواء, فمن ينساق وراء أهوائه سوف يقع حتما في المحظور إن عاجلا أو آجلا. وإذا سلمنا بهذه الحقيقة فإن ما ينبغي علي الفتاة أن تفعله هو أن تلتزم حدود آلتعامل الأخوي, ولا تتعدي علاقات الزمالة العادية مع أي شاب, وكذلك هو يجب ألا تمتد علاقاته بزميلاته إلي خارج أسوار الجامعة, أو مقر العمل. أما من ناحية العلاقات العاطفية فقد يرتبط شاب بفتاة لفترة من الوقت ويكتشفان بعدها عدم وجود تقارب بينهما, فيضطران إلي فسخ الخطبة, ويذهب كل منهما إلي حال سبيله, وفي هذه الحالة لا غبار علي الفتاة إذا التقطت لها عدة صور مع خطيبها السابق مادامت صورا عادية. والأفضل دائما هو أن تشير الزوجة في حديثها مع زوجها إلي علاقات الزمالة والشلة خلال فترة الدراسة الجامعية, حتي لا يفاجأ بما لايتوقعه فتتسرب الشكوك إلي نفسه, والمؤكد أنه عاش مواقف مماثلة, وهي أمور بسيطة لا تستدعي أن نتوقف عندها, ويكون تعاملنا معها بهذا التهور الذي أوصل العلاقة بين صديقتك وزوجها إلي حد الطلاق. وفي كل الأحوال فإن التوبة الصادقة والالتزام الديني يمثلان أساسا متينا لحياة مستقرة, وهنا أقول إن الزوج والزوجة يجب أن يحكم كل منهما علي تصرفات الآخر منذ لحظة الارتباط حيث لا يكون مسموحا لكليهما بأي تجاوزات, ويكونان لبعضهما بمثابة كتاب مفتوح, وتكون تصرفاتهما بمنتهي الشفافية, وبهذه الطريقة تتحقق الثقة المتبادلة بينهما. وأنصح زوج صديقتك بأن يعيد زوجته إلي عصمته, فالطلاق ليس هو الحل, وقد يفتح عليه باب الندم علي فقده زوجة أحبته وارتبطت به وفضلته علي كل من عرفتهم خلال الفترة التي سبقت طلبه يدها, وأسأل الله لهما حياة مستقرة, ولك التوفيق.. والله المستعان.