الحديث عن اليابان يطرح في المخيلة تتابع شريط الاحداث والقفزة الهائلة بعد الانكسار وإعادة بناء الذات بعد دمار الحرب العالمية الثانية كما يطرح ذات الحديث إن لم يكن يفرض, المقارنة بين توالي القفزات اليابانية في مجال الاقتصاد والصناعة. وتطورات الاقتصاد المصري الذي كان واقعا يستشهد به وفد الساموراي في عام1864, في مجال الدلالة علي النهضة الصناعية حينذاك. لقد نفضت اليابان عن نفسها مرارة الماضي ووضعت نصب أعينها بناء المستقبل. وقد كان المواطن الياباني هو الوسيلة والأداة الرئيسية في العبور من المرارة الي الثقة وبناء المستقبل, ومن ثم كانت هذه التجربة بكل أبعادها الركيزة الاساسية في تحديد الاطار العام لعلاقات التعاون الدولي بين طوكيو ومعظم العواصم وخاصة في القارتين الاسيوية والافريقية, علي ان تكون التنمية الشاملة بأبعادها الاقتصادية والتكنولوجية إضافة الي التعليم والثقافة, هي الدعامات الرئيسية للركيزة الاساسية ألا وهو المواطن ايا كان موقعه الجغرافي ولون بشرته. من هذا المنطلق والتجربة الذاتية في مجال التحول في دولة نامية الي قوة اقتصادية عملاقة استندت علي مقولة'WakonYosai' أو الروح اليابانية والتعليم الغربي, جاءت القوانين المتتالية المنظمة للمساعدات الانمائية الرسمية المقدمة من الحكومة اليابانية الي دول العالم التالي, خلال عالي1999,1992 ثم المراجعة في عام2002, وما يرتبط بذلك من مؤسسات تمويل ودعم فني. ومن هذا المنطلق يتعين النظر الي التعاون الدولي بين مصر واليابان والذي يندرج تحت العلاقات الثنائية وفي اطار مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الافريقية, وكذلك من خلال مؤسسات التمويل الدولية فعلي الرغم من أن آسيا تستقطب بالجزء الأكبر من المساعدات الرسمية اليابانية, تليها افريقيا فأمريكا اللاتينية ثم منطقة الشرق الأوسط, الا انه يوجد جوانب متميزة في التعاون الياباني المصري, تختلف عما عداها من أوجه التعاون الياباني علي صعيد العلاقات الدولية. وقد فرض هذا التميز, التراث الحضاري والثقافي المصري, والموقع الجغرافي السياسي الجيبولينيكي الذي يجعل من مصر البوابة الرئيسية للكثير من الدول الأخري في القارتين الآسيوية والافريقية عامة, ومنطقة الشرق الاوسط خاصة. اضافة الي, وهذا هو المهم المواطن المصري, وارتفاع نسبة صغار السن والشباب في الهرم السكاني لمصر, مما يعني مزيدا من التركيز علي مجالات البيئة والصحة, ثم التكنولوجيا والتعليم والتأهيل لسوق العمل. ومن هنا كانت مجالات التعاون المصري الياباني أبرز ما يكون في هذه المجالات الثلاثة الرئيسية وما يتفرع عنها من فروع ثانوية أو توزيعات جغرافية داخلية. ناهيك عن العديد من الجمعيات والمجالس والمنظمات المشتركة التي يعود بعضها الي اكثر من نصف قرن من الزمان. فالتميز الحضاري المصري والولع الياباني به يكمن وراء مساهمة طوكيو في مشروع متحف مصر الكبير بقرض ميسر يبلغ35 مليار ين, بالاضافة الي الدعم الفني في مجال الحفظ والترميم وقاعدة البيانات الاثرية. بالاضافة إلي مشروع مراكب الشمس الثابتة. واستقبال المعارض المختلفة للآثار المصرية.... الخ * وإذا كان الحديث عن الحضارة ينجرف الي الماضي, فان انشاء دار الاوبرا الحديثة أو المركز الثقافي والتعليمي عام1988, يمثل حلقة الوصل بين التراث والحديث. وتميز خاص لمصر. * وكان للموقع الجغرافي المصري, دوره في صياغة التميز وتوجيه التعاون المشترك بين طوكيو والقاهرة, ومن ثم فازت قناة السويس بالعديد من مشروعات التعاون ابتداء من السبعينات وحتي الآن سواء في اطار التوسيع والتعميق لمسار الملاحة, وليكون كوبري السلام الذي يعبر القناة وتم انشاؤه عام2001, بمنحة يابانية واحدا من أهم الكباري المعلقة في العالم ودعم بتطوير نفق الشهيد أحمد حمدي ليكون الانطلاق والتواصل مع محافظة سيناء ايسر وأفضل وتأتي الموانيء المختلفة في الاسكندرية, دمياط والعين السخنة بالاضافة الي مطار برج العرب ليدرج في اطار التعاون والتواصل بين الجانبين. * ويأتي المواطن المصري ليشكل العنصر الحالي والمستقبلي في صياغة ركائز المساعدات والمنح المادية والتعاون الفني والتكنولوجي والبيئي بين مصر واليابان. فاذا كانت الجامعة المصرية اليابانية احدث الترجمات للتعاون المشترك والحرص علي البعد التقني والتكنولوجي في تعليم المواطن المصري مع الرغبة في التوسع العمراني من خلال اختيار مدينة برج العرب مقرا لها. فسوف نجد ان مستشفي ابو الريش للاطفال يمثل احدي حلقات الترجمة الفعلية. كما ان ازمة المواصلات واختناق المرور كان لها نصيبها من الدراسات الخاصة بالقاهرة الكبري واستراتيجية النقل حتي عام2027, وبما يدعم بمشروعات البنية التحتية. وتماشيا مع ماسبق سوف تجد مشروعات توفير الطاقة من المصادر المختلفة, التقليدية والمتجددة كالرياح والطاقة الشمسية نصيبها في هذا الصدد, وكذلك مشروعات المياه وبخاصة في محافظات الصعيد وانتهاء بالجيزة مرورا بالفيوم وبني سويف الي المنيا وأسيوط. إن قائمة التعاون المصري والياباني تمتد وتتسع لتشمل مجالات متعددة ابتداء من التراث الحضاري والثقافي الي التنمية البشرية والمواطن المصري, وقد ترجمت في رموز أساسية ابتداء من دار الاوبرا والمتحف المصري الكبير, الي جسر السلام... الي الجامعة المصرية اليابانية, وهي الأولي علي صعيد العالم الثالث.. وقبل هذا وذاك مستشفي ابو الريش للاطفال.. كل هذه الرموز دليل تميز المكانة المصرية.. في دائرة الاهتمامات اليابانية والذي يعود لسنوات طويلة مضت, كما انها دليل حي وعملي لكيفية الانطلاق من مرحلة وتصنيف الدولة النامية.. الي رحاب أوسع ومكانة اقتصادية أقوي, وهو ما نتطلع اليه. المزيد من مقالات نزيرة الأفندي