تحقيق:باسم صادق بعد زحف الإهمال والعشوائيات إلي الأحياء الراقية في القاهرة تفاءل الكثيرون خيرا بإنشاء مدينة الشيخ زايد التي تحدث عنها الجميع بانها نموذج للمدينة الراقية ذات الشوارع الواسعة والنظافة التي تنافس أرقي أحياء أوروبا والمساحات الخضراء التي تغطي كل ركن في المدينة.. وفجأة ذهب الحلم هباء وامتدت يد العشوائيات لتضرب المدينة بشدة وتحول ميادينها لأسواق للباعة الجائلين.. وطوابقها الأرضية إلي ورش ملوثة للبيئة ومقلقة للراحة. المسئولية تائهة بين محافظة6 أكتوبر والمجتمعات العمرانية والضحية هم السكان. تبدأ الحكاية حسب ما قاله محمد عبدالجليل أحد سكان المدينة بامرأة قادمة من الفيوم, حيث افترشت تلك المرأة في ذات نهار رصيف المستشفي العام بقفص بلح, ثم تلاها أحد باعة الخضر, ويوما بعد يوم تحول الميدان الأهم في الحي الأول والذي يشغله المستشفي العام ومكتب البريد وحضانة الأطفال إلي سوق كبيرة أبطالها باعة جائلون. إيمان خيري مخرجة بالتليفزيون المصري وتسكن الحي الأول تؤكد وجود مصالح متبادلة خفية, وتشير إلي أن جميع المحلات والمقاهي المنتشرة غير شرعية تقفل أبوابها بساعة علي الأقل قبل مرور أي من حملات المحافظة. مدينة بلا محافظ.. هكذا قال رامي إبراهيم أحد السكان حيث انه بعد تجاهل الجهاز ومدير التنمية المحلية شكاواه الخاصة بتعدي المقاهي غير الشرعية علي المساحات الخضراء تقدم بشكواه إلي محافظة السادس من أكتوبر ليفاجأ بأن السيد المحافظ ليس له سلطان علي مدينة الشيخ زايد ومن ثم نصحه مدير مكتب المحافظ بان يواجه مصير شكاواه مع جهاز المدينة. وبسؤال أنور عبدالخالق مدير مكتب محافظ السادس من أكتوبر أجاب أن مدينة الشيخ زايد ومدينة السادس من أكتوبر غير تابعتين للمحافظة وانما هما تابعتان لهيئة المجتمعات العمرانية بوزارة الإسكان وبسؤاله عن مصير الشكاوي المقدمة للمحافظة ضد رئيس جهاز المدينة قال ان هذه الشكاوي تحال إلي رئيس الجهاز للبت فيها, أي أن السيد رئيس الجهاز يصبح بقدرة قادر الحكم والمشكو في حقه في الوقت نفسه. محمد عبدالحليم موظف وأحد سكان الحي الأول رسم قوسا كبيرا بذراعه ليشير إلي كم المقاهي التي تفتح أبوابها علي مدار الليل والنهار قائلا: هنا في مدينة الشيخ زايد مقهي لكل عقار, لافتا إلي أن المشكلة ليست فحسب في انتشار هذه المقاهي وانما في استغلالها كل المساحات الخضراء المفترض انها رئة المدينة وضمها إليها, ما يعني أولا تحول هذه المساحات الخضراء إلي أراض جرداء, وما يعني ثانيا حرمات المدينة من متنزهاتها الطبيعية وحرمان الأطفال من أماكن للعب.. أما أحمد عبدالرحمن( نائب رئيس إدارة الحاسب الآلي في أحد البنوك) فيتفق معه ويضيف أنه حتي الساحات التي تقع في منتصف الحي الأول يستغلها البعض في اقامة حفلات زفافهم التي تمتد حتي الصباح دون أن يتدخل رئيس المدينة لمنعها, حتي إنه يشاع بين كثير من السكان أن هذه الأفراح تقام بترخيص من سيادته وجهازه! عوض أحمد بجريدة الأخبار وأحد سكان الحي الأول, قال ان محال الألوميتال وتقطيع الرخام في سوق المهندسين باتت تتنافس علي الأكثر قدرة علي ازعاج سكان العمارات فبين أصوات منشار تقطيع الألوميتال وصراخ صاروخ الرخام ضاعت أحلام الحياة الهادئة, ناهيك عن التلوث الناتج عن تقطيع الرخام والذي يهدد صحة المواطنين قاطني الحي الأول. إيهاب أمين( مهندس صوت) يشكو من ورش تصليح السيارات التي انتشرت في محلات سنتر اللؤلؤة أهم مراكز المدينة التجارية وكذلك أسفل كثير من العقارات دون أن يمنعهم أحد برغم ان مثل هذه الأنشطة ممنوعة بحكم القانون في المناطق السكنية. حاتم حافظ الذي يسكن المدينة منذ6 سنوات والذي شهد تطور المدينة وتزايد معدلات الإهمال بها قال إنه حين شكا لنائب رئيس جهاز المدينة من فشل رجال الجهاز في فرض القانون أخبره الأخير أن الفساد في المدينة أصبح مؤسسة في اشارة إلي قيام صغار الموظفين بتبليغ أصحاب المحلات قبل خروج أي حملة.. الذين سكنوا مدينة الشيخ زايد منذ سنوات يتجولون اليوم بين شوارعها وكأنهم لا يعرفونها, ففي عامين فقط تم تغيير شركة النظافة فملأت القمامة شوارع المدينة, واختفي عمال الزراعة فاختفي اللون الأخضر وشغل أصحاب المحال غير المشروعة الأرصفة وواجهات المحال واستولي أصحاب الورش علي الشارع, ولم يعد لسكاني الشيخ زايدإلا ذكريات عن ماضي مدينتهم.