يلعب المجتمع المدني في الوقت الراهن دورا أساسيا ومكملا لجهود الدولة في خطتها لتنمية محافظتي سيناءجنوبها وشمالها, باعتبارها البوابة الشرقية لحماية الأمن القومي لمصر. وانطلاقا من هذا الدور المهم اتجهت رابطة المرأة العربية منذ عام2006 بمشاريعها التنموية إلي المدن والتجمعات البدوية في قلب سيناء, فرفعت شعار لازم نشارك كلنا دي مصر بلدنا تهمنا.هذه العبارة قالتها د. هدي بدران مديرة الرابطة أثناء افتتاحها لأعمال اللجنة التيسيرية الثانية التي عقدت في مقر مجلس مدينة شرم الشيخ, وبحضور سكرتير عام المحافظة واللجنة مكونة من ممثلين عن محافظتي شمال وجنوب ورابطة المرأة العربية وأعضاء مجلس الشعب ورئيس التضامن الاجتماعي والصندوق الاجتماعي وبعض رجال الدين والإعلاميين, وهي موجودة في كل من شمال وجنوبسيناء وتتعاون معها10 جمعيات أهلية سيناوية في مشروعين يتم تنفيذهما في كل من طور ودهب ووادي فيران في جنوبسيناء, وفي العريش ورفح وبئر العبد, في شمال سيناء, جميعها تهدف إلي تنمية المشاركة المجتمعية للنهوض بالمجتمع في سيناء وللحد من العنف. 139 مجتمعا بدويا في سيناء بدأ تنفيذ المشروعين تم إجراء العديد من اللقاءات مع أهالي سيناء في الحضر والبدو للوقوف علي أكثر القري والتجمعات البدوية فقرا واحتياجا, والكلام هنا للدكتورة هدي بدران التي قالت إن محافظة جنوبسيناء تتميز بالمساحات الشاسعة وبها8 مدن ومراكز وعدد11 قرية و139 مجتمعا بدويا وتسببت هذه المساحات الشاسعة في أن العمل في سيناء ليس بالأمر السهل, ولكن يحتاج إلي تكاتف مختلف الجهود لتنفيذ مشروعاتنا التي يشارك في تمويلها الآن السفارة البريطانية والوكالة الأمريكية للتنمية. وعلي مدي ثلاثة أيام في محافظة جنوبسيناء تم افتتاح بعض المشاريع التنموية للمجتمع البدوي السيناوي, التي نفذتها الرابطة أولها كان مشغلين نسائيين لحياكة الملابس يتدرب فيهما نحو40 سيدة وفتاة بدوية من( وادي فيران), وهو تجمع بدوي في وسط الجبال علي مسافة270 كيلو مترا من شرم الشيخ, وقد وقع عليه اختيار الرابطة لتنفيذ مشروعها التنموي لأنه تجمع بدائي لا تصل إليه المياه أو الكهرباء أو الخدمات الطبية والوحدة الصحية في هذا الوادي يزورها من آن إلي آخر طبيب واحد ممارس عام ليعالج جميع الأمراض, وهذا ما دفع إحدي النساء البدويات المتدربات أثناء افتتاح المشغل إلي القول: إحنا عملين زي الأموات عايزين الحكومة تهتم بنا أكثر عايزين خط المياه اللي هايروح منطقة سانت كاترين يوصلنا يمر علينا.. إحنا مازلنا نشتري المياه وليس لدينا مواصلات تنقلنا إلي مدينة الطور. والطبيعة في وادي فيران قاسية فالجبال والصخور تحاصره من كل جانب, ومنازله تشبه الحظائر.. والذباب لا يغادر وجوه الأطفال, والنساء يصرخن عايزين فصول لمحو الأمية, وعايزين منافذ لتسويق منتجاتنا من الأشغال البدوية المميزة التي نصنعها بدقة وإتقان في المشغلين اللذين أقامهما المشروع. أما في مدينة الطور فالنساء والفتيات طالبن تعلم فن غزل الشباك لأن أهاليهن يعملون بالصيد ويريدون مساعدتهن وبالفعل تم تدريب نحو20 فتاة علي غزل الشباك. تقبل الآخر وفي مدينة دهب ومساهمة من رابطة المرأة العربية قامت بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي, بإعداد مشروع لرفع المستوي الاقتصادي للأسرة في المجتمع السيناوي, والتوعية والتثقيف من خلال تنظيم عدة اجتماعات وموائد مستديرة بين الشباب والنساء وصناع القرار لتدريبهم علي فن الحوار والتواصل مع المسئولين بأسلوب يحفظ لهم حقوقهم. وخلال وجودنا بمدينة الطور أقامت رابطة المرأة العربية ندوة في المقر الجديد لمنتدي الشباب عن كيفية( تقبل الآخر) أدارها بحكمة بالغة الكاتب الصحفي الدكتو عمار علي حسن, وأكد فيها أن تقبل الآخر أمر تقره تعاليم الأديان جميعها من أجل التسامح والمحبة والأخاء. وتقول هالة علي, خبيرة التنمية البشرية برابطة المرأة العربية ومديرة المشاريع التي تطبق في جنوبسيناء إننا نحرص علي تنظيم اجتماعات دورية للأمهات السيناويات لتبادل الخبرات حول الأدوات والوسائل التي استخدمنها لاكتشاف وإنهاء مظاهر العنف بين الشباب, بالإضافة إلي حرصنا علي إقامة دورات تدريبية للأمهات أيضا لاكتساب مهارات كافية لاكتشاف وإنهاء سلوك العنف مبكرا, بين الأبناء, خاصة في سن المراهقة. وأثناء جولتنا في جنوبسيناء لتفقد المشروعات التنموية للرابطة.. ألح علي سؤال وجهته للدكتورة هدي بدران: لماذا تهتم رابطة المرأة العربية بالتنمية البشرية في سيناء بالتحديد؟. فأجابت بصوت كله شجن بالنسبة لي هناك أمران أولهما شخصي, وهو استشهاد شقيقي الأصغر الذي روت دماؤه أرض سيناء في حرب1967 مثل الآلاف الشباب المصري, وكان ملازما أول وعمره لم يتجاوز23 عاما, وكان عريسا وقتذاك, الأمر الثاني هو اعتقادي ان تنمية شباب سيناء والقضاء علي البطالة ومساعدة أهلها في وضع حلول لمشكالهم العديدة مثل نقص المياه, والصرف الصحي, وعدم وجود مواصلات عامة بين أطرافها النائية.. هو الحل الأمثل لحماية شباب وأهالي هذه المنطقة العزيزة إلي قلوبنا جميعا. وخلال مشاركتي في افتتاح العديد من المشروعات الخاصة بالنساء والشباب وملاحظتي الفرح والبشر علي وجوه النساء بصفة خاصة, بادرت بسؤال هالة علي: ماذا بعد انتهاء فترة هذين المشروعين, وكيف تعملون علي استمراريتهما؟, فأجابت لضمان استمرارية المشروع ستكون من خلال( اللجنة التيسيرية) لكل محافظتي(شمال وجنوبسيناء) والتي تمثل الجهات المعنية بما فيها المجالس المحلية, والجهات المستفيدة, والمجتمع المدني, حيث تم تدريب الجمعيات الأهلية علي كيفية جمع المعلومات وكتابة مقترح, كما نعمل الآن علي تقوية الاتحاد الاقليمي في كلتا المحافظتين الذي يرأسه الآن عصام برهام ليكون مظلة للجمعيات الأهلية, وحلقة اتصال بين المسئولين والمعنيين في الفترة القادمة التي تسبق انتخابات مجلس الشعب. أما في مجال التوعية السياسية للمرأة السيناوية, أنه يجري العمل علي دعم المشاركة الكاملة للسيدات في العملية السياسية في الانتخابات البرلمانية المقبلة, وذلك من خلال مساعدة النساء والشباب للحصول علي البطاقات الانتخابية, وإقامة حوار مع قادة الأحزاب السياسية لزيادة عضوية الشباب في الأحزاب السياسية بنسبة20%, كما يتم تدريب النساء والشباب علي كيفية إدارة الحملات الانتخابية. وكلمة أخيرة أن تنمية سيناء بشريا هدف قومي يجب أن تتضافر من أجله جميع الجهود الحكومية والأهلية ورجال الأعمال وعلينا أن نرفع جميعا شعارا للعمل في محافظة سيناء وهو( لازم نشارك كلنا دي مصر بلدنا كلنا).