كشف خبير المياه المصري الدكتور وائل خيري المدير التنفيذي الجديد لمبادرة حوض النيل عن الأسباب الحقيقية التي دفعت دول المنابع إلي الاسراع نحو التوقيع علي اتفاقية منفردة دون انتظار موافقة باقي الدول الأعضاء بحوض النيل. وقال الدكتور وائل خيري في أول حوار أجراه معه الاهرام فور اجماع وزراء المياه والري بدول حوض النيل علي تعيينه مديرا تنفيذيا للمبادرة انه يتوقع عودة دول المنابع الي مبدأ الاجماع والتعاون.. وتناول في حواره العديد من الملفات الساخنة وتوقعاته بشأنها.. واليكم تفاصيل الحوار: ** بداية.. كيف تم ترشيحك لمنصب المدير التنفيدي لسكرتارية مبادرة حوض النيل؟ * جرت العادة ان ترشح كل دولة من دول حوض النيل أحد مواطنيها ذوي الخبرة والصلة بالموضوعات الفنية لشغل هذا المنصب لمدة عامين. وبعد اختيار وزارة الري لي وموافقة بعض الجهات تمت الموافقة بالاجماع خلال جلسه مغلقة لوزراء المياه بدول حوض النيل في اجتماعات اديس ابابا الأخيره علي اختياري للمنصب الذي حان ميعاد استحقاق مصر لتوليه طبقا للقواعد المتفق عليها. ** ما هي الأسباب التي دعت دول المنابع للاسراع بالتوقيع بشكل منفرد دون الدول الأخري؟! * دول حوض النيل لها كامل التقدير والاحترام حيث ان كل دولة تحاول وتسعي الي تأمين مستقبل شعوبها ونتيجة لحدوث عدد من التغيرات الداخلية والخارجية في السنوات العشر الأخيرة منها ما حدث داخليا من تزايد النمو السكاني بمعدلات مخيفة في دول مثل تنزانيا واثيوبيا وكينيا والكونغو حيث وصلت الزيادة المسجلة في معدل المواليد الي ما يزيد علي2,8% أي انه في أقل من40 سنة سوف يتضاعف عدد السكان بهذه الدول. ومن التحديات الخارجية التغيرات المناخية حيث تعتمد دول الحوض علي المطر في توفير الغذاء لشعوبها حيث تغيرت في الفترة الأخيرة كميات ومواسم الأمطار. ومن الأسباب أن بعض دول الحوض بدأت في التفكير في كيفية الاسراع في تنفيذ خطط ومشروعات التنمية لديها حيث وجدت أن الدول المانحة والممولة لن تقدم أي تمويل كبير( بمئات المليارات) لهذه الدول بدون وجود هيئة او شخصية اعتبارية اقليمية تضم دول الحوض ألا وهي مفوضية حوض النيل. ولهذا السبب تحديدا اسرعت هذه الدول الي التوقيع لتتمكن خلال فترة زمنية قصيرة من تمويل المفوضية الي واقع ملموس ولها الشخصية القانونية والدولية وتستطيع حينئذ الحصول علي التمويل اللازم لمشروعاتها. ومع ذلك أري أن الاسراع بالتوقيع أحدث شرخا كان يمكن تلافيه لأن المشروعات الثنائية والمشتركة كانت تتم بدون أي معوقات. ** وهل مشروعات المبادرة كافية لتنمية ورخاء شعوب دول حوض النيل؟! * بالطبع لاتكفي لأنها تنفذ في مناطق صغيرة وتعد كأمثلة او نماذج يحتذي بها في تنفيذ المشروعات في مناطق اخري بدول الحوض وحتي الآن لايوجد في المبادرة مشروعات ضخمة بالشكل الذي يمكن أن تحدث دفعات قوية في الاقتصاد القومي لدول حوض نهر النيل ولكن المقصود والغرض من المشروعات الحالية هو ايجاد بداية. ** ما هي أهم المشروعات الحالية التي تم الاتفاق عليها لتنفيذها في اطار المبادرة؟! * منها مشروعات للربط الكهربائي بين الدول المطلة علي بحيرة فيكتوريا وهناك خط كهربائي يربط بين السودان واثيوبيا تم الانتهاء منه وهناك خط جديد مقترح للربط ما بين السودان ومصر بتكلفة تصل الي1,8 مليار دولار كما أن هناك خطة لربط جميع دول الحوض ببعض للربط الاقليمي ليتم الانتاج في دول المنابع والمساقط والنقل والبيع لدول اخري. ** وماذا عن مشروعات التعاون المشترك بين مصر ودول حوض النيل؟! * ومن أهمها وأكبرها حجما مشروع مكافحة الحشائش في بحيرة فيكتوريا و كيويبا لصالح الشعب الأوغندي والتي جاءت استجابة لنداء اوغندا نتيجة انسداد البحيرة بالكامل بالحشائش بالاضافة لبرامج أخري في عدد من الدول مثل تنزانيا حيث تم حفر الآبار الجوفية لمياه الشرب والاتفاق علي حفر40 بئرا جديدة وفي جنوب السودان وفي كينيا وغيرها من الدول بالحوض. ** هل مبدأ الأخطار المسبق كان عائقا امام تنفيذ مشروعات المبادرة؟! * قاعدة الأخطار المسبق تم استخدامها في أكثر من15 مشروعا مائيا صغيرا بين دول حوض النيل وتمت بناء علي توافر الثقة المتبادلة وروح التعاون وتم تنفيذ والانتهاء من هذه المشاريع بالفعل فتنفيذ المشروعات لايستلزم وجود مفوضية حوض النيل. ** ما هي أهداف مشروعات المبادرة واهميتها لشعوب دول الحوض؟! * الهدف الرئيسي للمبادرة هو احداث تنمية اقتصادية اجتماعية تعود بالنفع علي جميع دول حوض النيل بدون اضرار وهي تمثل الرؤية المشتركة حيث تم وضع25 مشروعا ذات أولوية في التنفيذ كل مشروع له ابعاد اقليمية تخدم دولتين او أكثر تم وضع ميزانية تصل الي220 مليون دولار عند بداية تنفيذ مشروعات لعمل الدراسات التخطيطية والاعداد لها بالاضافة للتكلفة التشغيلية للمبادرة كما تم زيادة المنح بمبلغ30 مليون دولار مقدمة من صندوق المانحين بالبنك الدولي بهدف تهيئة المناخ الجديد لولادة مفوضية لحوض النيل ذات شرعية دولية واقليمية. كما أن هناك مشروعات اخري علي المستوي الوطني لكل دولة وذات أولوية تم الاتفاق علي ان تأخذ الدول قبل التنفيذ موافقة باقي الدول الاعضاء ومن هذه المشروعات الوطنية مشروع غرب الدلتا بمصر ومشروعات توليد الطاقة من محطات الطاقة الصغيرة علي افرع نهر النيل بالدول الأخري. ** هل تري ضرورة لأهمية زيادة برامج توعية الشعوب بدول الحوض بجميع المتغيرات؟! * الشعوب هي المحرك الأساسي للحكومات فاذا اقنعنا الشعوب باهمية وضرورة التعاون وامكانية الاستفادة من الفواقد الحالية لمواجهة مشاكل الفقر والجوع والمرض, لذا يمكن ان تكون الشعوب هي القوي الدافعة للضغط علي الحكومات ومن هنا يجب توجيه وسائل اعلامية لها لحثها علي هذا الدور. * هل المياه هي المصدر الوحيد للتعاون والحاكم للعلاقة بين دول حوض النيل؟! ** ليست المصدر الوحيد للتعاون بين دول الحوض وان التعاون يمكن ان يشمل مجالات اخري متعددة لوجود مميزات نسبية كثيرة جدا, فهناك دول تتميز بالزراعة مثل زراعة البن في اثيوبيا والشاي في اوغندا وانواع محاصيل زراعية مختلفة في كينيا. والسؤال هو: لماذا لا يتم التبادل التجاري البيني وتوسيع انشطة التعاون بين الدول وتطوير النقل وغيره من القطاعات تستفيد دولة من المصادر المائية في توليد الكهرباء والطاقة في مقابل امداد الدول الأخري بالكهرباء او بشيء آخر في المقابل؟ وأعتقد أن هذا من أهم الموضوعات التي يجب العمل والسعي لها وبفاعلية. * هل تري ان الموارد المائية الحالية تكفي لاحتياجات جميع برامج التنمية بدول الحوض؟! ** بكل تأكيد حوض النيل به الكثير من الخيرات والموارد المائية التي تكفي وتزيد وقد تفيض, ولكن اذا صدقت النوايا وكان التعاون صادقا ولم تدخل فيه اي شوائب أخري سياسية من دول أخري. * كيف تري مستقبل العلاقة بين دول الحوض؟! ** أري ان التعاون هو الطريق الوحيد والقصير لتنفيذ البرامج التنموية الطموحة لدول حوض النيل لرخاء شعوبها. وضرورة وحتمية التعاون ليست بالشيء الجديد خاصة في تاريخ التجمعات والاحواض المائية المشتركة في العالم. وأؤكد ان الجميع مستفيد بلا اي اضرار علي اي دولة أخري, لهذا أتوقع ان ترجع جميع دول المنابع إلي مبدأ التعاون والاجماع خاصة ان هذه الدول ستجد بعد فترة ان الفائدة لم تكن كبيرة كما كان متوقعا وسيكون وقتها هذا الامر سببا في الرجوع مرة أخري إلي التفاوض والتعاون علي اعتبار ذلك الطريق السهل والمؤكد للوصول لاحسن النتائج للجميع. * ما هي مهام ومسئوليات المدير التنفيذي لمبادرة حوض النيل؟! ** من بينها أنه المسئول عن عدد من الامور أهمها الاتصال والتنسيق مع وزراء المياه والري بدول الحوض حول جميع الموضوعات الفنية التي تخص المبادرة والموارد المائية بالحوض. ومن مهامه أيضا الإشراف الكامل علي الجهاز الاداري والفني بالمبادرة. بالإضافة إلي مسئوليته عن الاتصال والتواصل مع الجهات المانحة خاصة ان مشروعات المبادرة تمول عن طريق صندوق ائتمان المانحين بالبنك الدولي لاستقطاب تمويل ومنح جديدة تضاف إلي الدعم الحالي للمبادرة لخدمة أهداف التوسع في أنشطة المبادرة. * ماذا يمثل لك اختيارك لهذا المنصب؟! ** أشكر الله علي الثقة الغالية لكل من قام بترشيحي, وعلي رأسهم الدكتور محمد نصرالدين علام وزير الري, واعتبر هذه الثقة مسئولية كبيرة جدا خاصة في هذه المرحلة الفاصلة في عمر مبادرة حوض النيل والعلاقات بين دولها ولذلك فإن هذه الوظيفة تحد وأتمني ان تكلل جميع المساعي والجهود بالنجاح لخدمة شعوب المبادرة جميعا بما فيها مصر وطني.