لا توجد لدينا ذاكرة حقيقية وموثقة للمسرح المصري منذ بداياته وحتي وقتنا الحاضر, فيما عدا بعض المذكرات ومحاولات عشوائية بغرض تعظيم دور كاتبها وتقليل دور آخرين. أو لتصفية حسابات شخصية، وهذا ما دفع الفنان والباحث د. عمرو دوارة إلي تدشين أول موسوعة شاملة للمسرح, بعنوان بانوراما المسرح المصري من1872 إلي2010. وتتناول النصوص المسرحية وكتابها والمؤلفين والمخرجين ومهندسي الديكور والموسيقيين ومصممي الاستعراضات. وقد استغرق اعدادها20 عاما, وتضم4 آلاف وستمائة عرض مسرحي في أكثر من تسعة آلاف صفحة, وتصدر في عشرة مجلدات ضخمة تحوي أكثر من عشرة آلاف صورة للعروض المسرحية. وإزاء عمل بهذه الفخامة والأهمية كان لابد من لقاء صاحبه تحدث د. عمرو دوارة عن موسوعته قائلا: اكتشفت من خلال مشاركتي في اعداد الجزء العربي من قاموس المسرح غياب الذاكرة المسرحية الحقيقية, خاصة أن القاموس كان يعتمد بالدرجة الاولي علي التراجم الشخصية حيث يشارك كل فنان بالكتابة عن نفسه, وللأسف فإن الحقائق الواردة من الفنانين غير دقيقة وهناك أشياء كثيرة سقطت من الذاكرة. بجانب انني خلال عملي مع والدي فؤاد دوارة اثناء توليه الاشراف علي المركز القومي للمسرح لمدة عام عايشت معاناته في محاولة الوصول للمعلومات لاستكمال الوثائق الخاصة بالمسرح, وقد عثرت علي محاولات سابقة عن فترات محدودة, خاصة بأشخاص أو بمسارح معينة حتي المحاولات التي جرت عن طريق إنشاء إدارة للتوثيق في عام1962, أو من خلال إنشاء ادارة مركزية عام1982 لم تتم بشكل علمي لأنها اعتمدت علي الصحف وحدها وركزت علي القطاع العام فقط. ماذا عن المنهج المتبع في اعداد الموسوعة؟ دراستي لنظم المعلومات أفادتني كثيرا في اعداد الموسوعة من خلال الاعتماد علي ما يعرف بوحدة العرض بعيدا عن الانتاج الشخصي, بمعني أنني حللت كل عناصر ومقدمات العمل المسرحي في البداية تاريخ أول عرض للمسرحية وملخصها وهل قدمت من قبل أم لا, والفرقة المنتجة وأسماء المؤلف والمخرج والممثلين ومهندس الديكور وتراجم وافية لكل المشاركين في المسرحية أي ستجد اكثر من موسوعة داخل البانوراما, بجانب ثلاث صور لكل عرض. ولان هذه البانوراما تشمل عروضا قدمت خلال148 عاما فهناك صعوبات واجهت د. دوارة فيما يتعلق بدقة التوثيق, مثل تضارب المعلومات وغياب الميزانية المفتوحة لشراء المراجع والصور والصحف والمجلات النادرة وضعف مكافآت الفريق المعاون ومحدودية التعامل مع أجهزة الكمبيوتر وخلافه ولا يبقي سوي الخطوة الأخيرة, ألا وهي إصدار البانوراما في شكل يليق بتاريخ المسرح المصري ودوره, والكرة الآن في ملعب وزارة الثقافة وهيئاتها التي تستطيع بإمكانياتها إخراج هذه البانوراما في أحسن شكل.