لم يكن امام المحقق سوي ان يقول له: المحاضر لم تأت حتي الآن.. وثارت مشكلة بين الطرفين تدخل علي أثرها الحرس. مما ادى الى لجوء المحامي لتقديم شكوي وجاء إلي مكتب المستشار عبد المجيد محمود النائب العام والتقي المحامي بالمستشار عادل السعيد النائب العام المساعد, وتم سؤاله في التفتيش القضائي, وثبت عدم صحة شكواه. ويوم الأحد الماضي قدم طلبا إلي نيابة طنطا ليطلب صورة من أوراق احدي القضايا وأرسل الي مدير النيابة, ولم ينتظر حسب ما هو في اوراق القضية حتي يأذن له بدخول المكتب واشتبك مع الحراس وحدث تبادل بالضرب بين الطرفين داخل المكتب وعلي مرأي ومسمع من الجميع وفجأة كان عدد كبير من المحامين يحاصرون مقر النيابة, ولم يسأل أحد أين كان كل هؤلاء ومن الذي جاء بهم في هذه الدقائق, أم أن هناك ترتيبا قد حدث؟! فشهود العيان قالوا إنهم فوجئوا بالعدد الكبير من المحامين يضربون حصارا حول مكتب النيابة وكلف المحامي العام رئيس النيابة الكلية للتحقيق في المشاجرة. لكن المحامين طلبوا قاضي تحقيق, وفي هذه الأثناء أمر المحامي العام بنقل التحقيقات إلي مكتبه علي أن يمثل الجميع أمامه, ونظرا لحالة الحصار استغرق الأمر نحو الساعة, وخلال عرض القضية ظل من هم خارج المكتب يطرقون علي الأبواب ويرددون الهتافات حتي قابلهم المحامي العام, وخلال سير مدير النيابة انقض عليه المحاميان وجري تبادل بالضرب والركل بالأقدام والأيدي أمام الجميع فكان المشهد سيئا ولايعبر عن صورة العدالة التي نحترمها ونقدرها, وتولي التحقيقات رئيس نيابة الأستئناف والرجل كان عليه أن يحقق العدالة للطرفين, فاستدعي الجميع والشهود الذين طلبهم كل طرف.. وهناك من أيد رواية المحامي وزميله وآخرون تعارضت شهادتهم مع أقوال المحاميين حتي بعض المواطنين كانت شهادتهم ضد المحامين, وصدر قرار الحبس والإحالة العاجلة للمحاكمة. ثارت نقابة المحامين, ونقيبها حمدي خليفة وعقد اجتماعا طارئا لتصعيد الموقف أو حل الأزمة التي أحدثت ارتباكا شديدا في ساحة العدالة وجعلت الرأي العام ينظر باهتمام لما يحدث من هنا وهناك ويتساءل: لماذا كل هذه المظاهرات والاحتجاجات؟! ذهب حمدي خليفة وعدد من مجلسه إلي النائب العام وكان النقيب في حالة ثورة, وكان لديهم طلبات عديدة ومنها أن تتراجع النيابة عن القرارات التي أصدرتها سواء بالحبس أو الأحالة للمحاكمة وهي أمور لايعقل من أحد الحديث بشأنها والدفاع يكون أمام المحكمة لكي يفيد ما نسب للمحاميين من وقائع اعتداءات وغيرها من الاتهامات التي وجهت إليهما. كانت لدي المحامين آمال باخلاء سبيل المحاميين بكفالة لكن المحكمة عاقبتهما بأقصي عقوبة وهي الحبس5 سنوات وهو حكم واجب النفاذ, وهناك اعتراض من المحامين لعدم تمكنهم من الدفاع عن المحاميين المحبوسين ولم يمنحهما القاضي الذي أصدر الحكم أي فرصة لكي يستطيعا تفنيد الاتهامات, وفشل المحامون في نقل وجهة نظرهم للعدالة, وهو ما أعتبر من جانبهم استغلالا للسلطة والاخلال بحق الدفاع أمام سدنة العدالة. وجاءت الصورة التي تسيء لبعض المحامين والذين افقدت التعاطف مع قضيتهم, فلا يحق لاحد تعطيل مصالح المتقاضين من أصحاب الدعاوي والذين خسروا قضاياهم أو دفعوا ثمن عدم قيام المحامي بواجبه القانوني والأمانة التي حملها في الدفاع عن موكله, وربما وجدنا في اليومين الماضيين المئات من الحالات التي ستمكث شهورا في السجون بسبب ما حدث من البعض والذين قرروا عدم الذهاب إلي المحاكم فما ذنب هؤلاء الضحايا من المواطنين ولماذا يدفع الأبرياء الثمن دائما؟! هناك من رأي أن قرار النائب العام باحالة المحاكمة العاجلة مثل غيره من القرارات التي يتخذها في القضايا التي تهم الرأي العام, لكي تأخذ العدالة مجراها سريعا, في ظل أن الطرف الآخر من القضية لايتحدث لوسائل الإعلام ولايستطيع عرض وجهة نظره أو شرح حقيقة ما حدث وهي النيابة, في حين المحامون يتحدثون ويقولون ما يريدون في كل وسائل الإعلام بدون تحفظ, وكان يفترض والحكمة تقول هذا أن يتعامل النقيب حمدي خليفة ومن معه مع هذه القضية أمام العدالة, فأي حكم وهم الأساتذة في القانون له إجراء قانوني فعلينا في دولة يحكمها الدستور والقانون أن نحترم قوانينها وهؤلاء جميعا هم الذين يتحدثون بالقانون ليلا ونهارا فكيف لهم أن يتركوه جانبا وتكون لفتهم بعيدة عن هذا المنحي القانوني, فمهنة المحاماة, هي مهنة سامية وتدافع عن الحقوق والحريات ومن ينال شرف الانتماء إليها يحترم القانون ويقدسه, فهؤلاء جميعا لهم كل التقدير لأنهم يحافظون علي مصالح جموع المحامين, لكن قد تكون التكتلات الانتخابية وحصد الأصوات وتسجيل المواقف, هي السبب الحقيقي وراء حالة الثورة والخروج غير المسبوق ومنع قضاة من دخول المحاكم أو التحطيم والاحتجاز فكل هذه الأمور ليست من سوابق المهنة وليست في قاموس من يدافعون عن المظلومين, وفي نفس الوقت لايوجد أي كائن في هذا الوطن فوق المساءلة. وجناح العدالة الواقف هم أعلم الناس بالطرق القانونية التي يلجأون إليها للاعتراض والتظلم والطعن والنقض, هذا هو القاموس الحقيقي للمحامين, الذين نريدهم كما اعتدناهم, فليس من مصلحة العدالة ولا الوطن الاستمرار في حالة الاشتباك لأن الجميع سيخسر وأولهم الأبرياء من المواطنين. ماكان يجب استمرار هذا الوضع المتأزم بين طرفي العدالة, ولا يحق لأحد من المحامين أو أي جهة أن تتدخل في أمر القضاء علي الإطلاق, فهي مسألة خطيرة علي المجتمع وتعطي رسالة سلبية.. فأحكام القضاء لا يجوز الاعتراض عليها سوي بالطرق القانونية, أما الإضراب والتهديد بعدم حضور الجلسات من بعض المحامين فسيدفع ثمنه المتقاضين وعلي الحكماء التدخل لحل هذه الأزمة علي نحو عاجل ودون إبطاء, وهناك مؤشرات ايجابية من كل الأطراف بتجاوز هذه المرحلة للحفاظ علي سير العدالة والعلاقة بين القضاء الجالس والواقف.. فهما سواء وينشدان تحقيق العدالة. [email protected]