في حديثه إلي التليفزيون الليلة قبل الماضية, وضع الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء النقاط فوق الحروف بشأن قضايا يثار الجدل بشأنها من حين لآخر دون أن يكون هناك موقف حكومي واضح وحاسم حولها. وأولي النقاط في حديث رئيس مجلس الوزراء هي انه لا عودة عن التحول لاقتصاد السوق وأن عملية التحول مستمرة ليتولي القطاع الخاص مسئولية الجوانب الاقتصادية وفرص العمل واتاحة الاستثمار. وأهمية هذا التأكيد تكمن في أن ما حدث خلال الشهور الماضية من أزمات اقتصادية عالمية وتدخلات من جانب الحكومات لإنقاذ مؤسسات مالية خاصة من الانهيار ثم تدخل مؤسسات دولية كالاتحاد الاوروبي لانقاذ اقتصاد اليونان.. كل ذلك أوحي للبعض أن الدولة ستعود لدورها الاقتصادي السابق علي حساب القطاع الخاص. لكن د.نظيف كان حريصا علي تأكيد أن دور الدولة مستمر ولكن في إطار تنظيمي ولتهيئة المناخ أمام بروز الطاقات وزيادة الانتاج, فالحكومة علي سبيل المثال مازالت تحتفظ بدورها في تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل بشكل أفضل, وهي تعتبر أن الاضرابات ظاهرة صحية مادامت تتم بأسلوب حضاري, كما انها لن تدخر جهدا لحل مشاكل المعتصمين. ثم إن الدولة ستظل حريصة علي البعد الاجتماعي الذي يعني مراعاة محدودي الدخل ومساعدتهم علي تجاوز صعاب الحياة من خلال شبكة الضمان الاجتماعي التي تعمل الحكومة علي تحسينها. وقد كانت قيمة معاش الضمان عام2004 نحو سبعين جنيها أصبحت160 جنيها حاليا بالاضافة الي قيمة السلع علي بطاقة التموين ودعم الخبز. وبكلمة أخري, فان الاصلاح الاقتصادي مستمر لكنه لن يكون علي حساب أي مواطن خاصة محدودي الدخل بل لصالحه كما يؤكد الرئيس مبارك دائما. ومن الخطأ النظر إلي دور الدولة من خلال الجوانب الاقتصادية فقط, فالانفاق علي الخدمات العامة ارتفع كثيرا خلال السنوات الماضية, حيث جري انفاق48 مليار جنيه علي التعليم وكذلك الصرف الصحي مقارنة بعام.2004 إن أهم سمات تجربة الاصلاح الاقتصادي في مصر رغم المآخذ العديدة عليها هي أنها اتبعت الأسلوب التدريجي حتي تلائم ظروف الشعب المصري وخاصة المواطن العادي. ومن هنا, فان علي كل من يدرس هذه التجربة الاهتمام بهذه السمة التي لولاها لحدثت الكثير من المشاكل. بل ان التدريجية امتدت إلي نواح أخري أهمها التعامل مع قضية الدعم الذي لا خلاف علي استمراره, ولكن النقاش يدور حول سبل ترشيده وتوجيهه إلي مستحقيه. وفي هذا السياق, فان هناك اتفاقا كاملا علي أهمية الدعم العيني للسلع وعلي أن دعم المواد البترولية غير عادل. إن الخط الذي يجمع كل هذه القضايا هو مواصلة الاصلاح وضمان عدم تأثر المواطن العادي سلبا به وتبني الاسلوب التدريجي في التعامل.