عندما أثارت الأهرام قضية المسجونين الذين تحولوا خلال فترة العقوبة الي عمال منتجين بينما يتحولون بعد خروجهم إلي أشخاص منبوذين في المجتمع، فقد بادر السيد حبيب العادلي وزير الداخلية بتوفير فرص عمل لمن أمضي فترة العقوبة. بشرط حسن السير والسلوك والتأهل لحرف تعلمها في المؤسسات العقابية, وبدأت المبادرة بأول10 فرص عمل كمرحلة تجريبية تمهيدا لتعميمها فيما بعد, والوظائف الانتاجية تتيحها القطاعات الانتاجية بمصلحة السجون ليعودوا للسجن لكن كمنتجين. المبادرة تم الاعلان عنها في المنتدي الثقافي الذي عقده قطاع السجون, ويتحدث عنها اللواء عاطف شريف مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون والمشرف علي المشروع الذي قال ان المنتدي الذي عقد بسجن المرج العام كشف عن غلق أبواب المجتمع أمام المفرج عنهم: وهناك نبذ وعدم تقبل لهم نهائيا خوفا منهم وحرصا علي عدم التعامل مع شخص يطلق عليه سوابق في الوقت الذي قد تم تأهيل المسجون نفسيا واجتماعيا ومهنيا داخل المؤسسات العقابية التي تجعله مواطنا صالحا يندمج في المجتمع بسهولة خاصة انهم تعلموا مهارات ومهنا كثيرة وبرعوا فيها, واشتركوا في العديد من المعارض ونالوا الكثير من الجوائز والتقدير سواء في التجارة والحدادة والأشغال اليدوية والرسم أو عمل السجاد اليدوي الفاخر. ولكن حتي لو قام السجين بالانتاج داخل منزله للأسف لا يستطيع تسويق انتاجه نهائيا لتخوف المجتمع ونبذه له. ولذلك قامت بعض السجينات المفرج عنهن باحضار انتاجهن أو عرضه في معارض السجون لأنها الجهة الوحيدة التي تقبلهن والتي تمد لهن يد المساعدة وهي الجهة الوحيدة القادرة علي تسويق منتجاتهن. وخلال المنتدي قامت جمعية مصر الخير برئاسة السيد المفتي بتبني مسجون الإسكندرية المشهور الذي حكم عليه بالمؤبد وخرج حديثا من السجن ولديه140 ألف جنيه حصيلة عمله داخل السجون ولم يجد من يساعده لدرجة أنه صرف معظم هذا المبلغ وعرض مشكلته في أكثر من جهة إعلامية, فقررت مصر الخير أن توفر له فرصة عمل تساعده علي الاستمرار في حياته. ولذلك اصدر اللواء حبيب العادلي قرار بتوفير فرص عمل للسجناء المفرج عنهم بشرط أن يكون السجين حسن السير والسلوك ومكتسبا بعض المهارات ليجد فرصة عمل شريفة في أي قطاع من القطاعات الانتاجية داخل السجن ويكون المرتب مبدئيا500 جنيه شهريا هذا بالاضافة للحوافز والمكافآت علي الانتاج. وتعد هذه المبادرة فاتحة خير وفتح باب الأمل لكل سجين بأنه سيجد فرصة عمل شريفة بعد انتهاء مدة العقوبة, وهذا يدفع السجناء ليكونوا حسني السير والسلوك لتنمي الأمل داخل نفوسهم, وعن القطاعات الانتاجية التي يمكن ان يعملوا بها. وعن الأنشطة الانتاجية التي يمكن ان يعمل بها السجناء المفرج عنهم بالقطاع فهي أنشطة متعددة ومتنوعة منها: صناعة الأثاث الخشبي والمعدني والكونتر بسجون أبي زعبل والقناطر وبرج العرب تتميز بها السجون ولها جودة وشهرة كبيرة. وقد بلغت مبيعات عام2006 2007 نحو11,5 مليون جنيه. وعام2007 2008 بقيمة12.5 مليون جنيه بزيادة10%. وأضاف رئيس قطاع السجون أن هناك تميزا أيضا في صناعة الدواجن المتكاملة والتي سنستكملها بافتتاح المجزر الآلي خلال أيام بطاقة8000 دجاجة في اليوم وتوجد لدينا ثلاجات بسعة200 طن للتخزين وهذه المشروعات تهدف الي المشاركة في توفير احتياجات المجتمع حيث تطرح هذه الدواجن في الأسواق ومنافذ البيع المختلفة في مختلف نوادي الشرطة ويمكن للمواطن العادي الحصول عليها بسهولة وهي مطابقة لمواصفات الجودة وآمنة أيضا لأننا ننتج أعلافها بمعرفتنا كما أنها أرخص من سعر السوق بكثير. أيضا مشروع التسمين ويشمل3 آلاف رأس ماشية و1500 رأس غنم يباع الكيلو ب38 جنيها أما مشروع البيض فينتج16 مليون بيضة سنويا. أيضا هناك27 مخبزا اقمناها بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي ويتم توزيع كميات كبيرة علي الأسواق تصل الي350 ألف رغيف في اليوم ونظرا لجودته العالية يطالب الجميع بتوسع مصلحة السجون لانتاج المزيد من الخبز ونحن علي استعداد تام, ولكننا نحتاج الدقيق من وزارة التضامن الاجتماعي. وحاليا يتم انشاء مصنع لتعبئة المياه الطبيعية( المعدنية) من وادي النطرون وهي من أنقي نوعيات المياه في مصر. هذا إلي جانب انتاج عسل النحل في منطقة سجون القطاع المشهور بالخصوبة الزراعية والحدائق وهناك مصانع لانتاج الحلاوة الطحينية بطاقة6 أطنان يوميا ايضا ينتج القطاع ما يلزم لقطاع الشرطة من ملابس وأحذية. وهناك خطة لتطوير المشروعات والتوسع فيها وزيادة الانتاج وجودته لاستيعاب أكبر عدد من النزلاء في هذه المواقع الانتاجية وحلمنا أن نحول السجون إلي مناطق منتجة. وأوضح رئيس المصلحة أن تشغيل المسجون فلسفة عقابية حتي لايفكر في ارتكاب جرائم جديدة أو الهروب بالاهتمام بدور السجن في التأهيل وتعلم حرفة متخصصة وهناك مراكز صيانة في السجون بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي بعد أن أختلفت الفلسفة العقابية من العزل إلي السماح باكمال الدراسة والاتصال الدائم بين النزيل وأسرته, كما أننا نسمح له مع اقتراب نهاية المدة بالخروج كل أسبوعين ليقضي48 ساعة يعود بعدها إلي الزنزانة دون وجود حالة هروب واحدة. وهناك معارض للأشغال اليدوية في منطقة القناطر الخيرية ومعروضاتها علي أعلي مستوي.. وهناك معرض دائم للأثاث في جمعية العباسية. رأي السجينات ولكن ما رأي السجينات في قرار توظيف المفرج عنهم في وظائف إنتاجية داخل القطاعات الإنتاجية بالسجون؟ تقول: لبني عبدالعزيز34 سنة سجينة بعنبر12 بسجن القناطر.. في الحقيقة إنني لا أصدق وسعيدة جدا لكن مايؤلمنا ويؤرقنا خلال فترة العقوبة هو ماذا سنفعل بعد الافراج فقد طلقت من زوجي وتخلي عني ولا أمل لي في اي فرصة عمل ولو حتي خادمة فكنت اشعر بيأس شديد ولا أرغب في مغادرة السجن, أما الآن فيمكن أن اعيش دون أن أذل أو اضطر إلي العودة مرة أخري للسجن بعد يأس من تقبل المجتمع لي كخريجة سجون. وتقول عزة علي عبدالحميد سجينة انها حاصلة علي بكالريوس تجارة ودبلوم دراسات عليا في الاحصاء وتمهيدي ماجستير ورئيس اللجنة النقابية وكانت تعمل في شركة اسمنت بورتولاند. وتورطت في قضية شيكات: أتمني ان ينال كل مسجون خاصة من لديه شهادة عليا أو خبرة في أي مجال فرصة عمل شريفة داخل قطاعات السجون او في الشركات أو الوزارات ويكون تحت المراقبة لمدة طويلة من جهات مباحثية حتي يكون الجميع مطمئنين لان المسجون إنسان من حقه أن يعيش عيشة كريمة بعد أن حصل المجتمع علي حقه ونال المسجون عقابه. فلابد أن تتغير نظرة المجتمع السطحية تجاه خريجي السجون لان اكثر من90% منهم ارتكبوا الأخطاء تحت ضغط شديد او دون قصد أو غرر بهم.. ولذلك فأنا سعيدة بقرار وزير الداخلية واتمني أن نحصل علي العديد من الوظائف الكريمة. أيضا السجينة: وردة كامل محمد مسجونة لمدة عام قضت منها معظم المدة الزمنية وتستعد للخروج للحياة من جديد تقول إنها سعيدة بالخبر الخاص بتشغيل المساجين غير الخطيرين وحسني السير والسلوك لانه فرصة جديدة للحياة مرة أخري وعمل شريف قد يساعد في تقليل نسبة الجريمة خاصة أن أكثر من25% من زميلاتي المسجونات عدن للسجن بعد الخروج المرة الأولي ولم يجدن اي فرصة عمل شريفة في الحياة مما اضطرهن للعودة للطريق الخاطيء مرة أخري ولذلك فالقرار حكيم وله مردود إيجابي شديد علي الجميع لأنه يزرع الأمل في قلوب اليائسيين ويكون حافزا جيدا لان يتمسكوا بالاخلاق الحميدة وحسن السير والسلوك داخل السجون فترة العقاب. أما فاطمة عبدالقوي مسجونة ولديها أربعة أطفال وزوجها كمسري وتقضي فترة عقوبة لمدة سنة فتقول كنت أتألم كثيرا وأنا أشعر بأنني سأخرج للحياة ولا أجد فرصة عمل تساعد زوجي في الحياة لان دخله بسيط والجميع يرفض مساعدة المساجين والمسجونات كأنهم مصابون بمرض الجرب وأنا كنت احيانا أجد لهم العذر لكن هناك قسوة شديدة من المجتمع يرفض المسجون نهائيا ويجعله منبوذا من الحياة ويغلق في وجهه كل طاقات الأمل والعمل الشريف واسعدني أن وزارة الداخلية التي راعتنا أثناء فترة سجننا أفضل مراعاة تحل مشاكلنا بعد الافراج وهذا عمل خير تثاب عليه. واتمني أن تحذو كل الجهات حذو وزارة الداخلية وتعطي فرصة ويكون تحت المراقبة المفرج عنهم. وتقول: آمال فهمي24 سنة غير متزوجة الفكرة في حد ذتها فكرة كريمة خاصة أن أغلب المسجونين والمسجونات كانت لهم عودة للسجن بعد الخروج والافراج الأول لعدم وجود لقمة العيش الشريفة وأي فرصة عمل لهم وكان طريق الخطيئة هو الطريق الوحيد الذي فتح لهم أذرعته. ولذلك فهذا القرار يغلق باب الخطيئة والجريمة واتمني أن تكون هناك نوعية من مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية للمواطنين بمساعدة هؤلاء السجناء خاصة الحالات الانسانية الحرجة. وتقول: صباح سيد رمضان30 سنة مسجونة لمدة3 سنوات بإيصال أمانة بقيمة6000 جنيه.. لقد ظلمت ظلما كبيرا بعد خلاف مع احد الاقرباء ولذلك فانا لست مجرمة ولا مزورة ولا لصة. ولكن فوجئت بهذه التهمة التي اتمني من الله أن ينقذني منها.. ولذلك فنظرة المجتمع لكل سجين علي أنه مجرم هذا ظلم كبير وأن كان هناك بعض المجرمين فعلا, ولكن التعميم فيه ظلم كبير ولذلك كان قرار السيد وزير الداخلية بإتاحة فرص عمل للسجناء ذوي السمعة الطيبة وحسني السير. والحقيقة خلال الفترة القصيرة التي قضيتها في سجن القناطر وجدت أن هناك الكثير من المحبوسات يشعرون بظلم كبير سواء من عدم الدراية أو المعرفة أو الجهل الذي غرر بهم أو سوء نية الأخرين أو الطيبة المفرطة وغيرها من الاسباب التي جعلتهم خلف الأسوار وهم أبرياء. أيضا: شريفة عبدالراضي سجينة بعنبر13 بسجن القناطر والمسجونة والباقي علي مدة العقوبة ثلاثة أشهر تقول: أتمني أن أخرج سريعا لانني ولدت إبني في السجن ولديه عيب خلقي واتمني أن اعالجه عندما تنتهي مدة العقوبة.. وقد طالبت بوظيفة في اي جهة حتي أستطيع أن أعالج ابني المريض ولذلك فقرار السيد وزير الداخلية بإعطاء فرص عمل للمفرج عنهم هو عمل إنساني من الطراز الأول لأن المساجين والسجينات مشكلتهم الأساسية هي بعد انتهاء مدة العقوبة وليس أثنائها لرفض المجتمع لهم ونبذهم وعقابهم مرة اخري بطرق مختلفة من عدم التعامل معهم وعدم مساعدتهم أو توفير أي فرص عمل لهم أو لقمة عيش شريفة. ولذلك اتمني أن الفكر المستنير لوزارة الداخلية ينتشر في جميع الوزارات الأخري.