مسلسل الحرائق مازال مستمرا ودائما المتهم البريء هو الماس الكهربائي الذي يلقي عليه المسئولون التهمة في حين أن الاهمال هو المتهم الحقيقي. لا يمر شهر بدون حدوث كارثة إما في مصنع أو فندق أو مؤسسة حكومية ومع ذلك لا نستفيد من أخطائنا رغم أن الأمر يسير لو اتبعنا الاشترطات العادية لمواجهة كوارث الحريق. وعلي سبيل المثال حريق فندق شيراتون هليوبوليس والحريق الهائل بالمنطقة الصناعية بالعاشر من رمضان الذي أتي علي5 مصانع بالكامل في2003 وثبت أن هذه المصانع لم تراع شروط البناء والدفاع المدني. وحريق مسرح قصر ثقافة بني سويف2005 ووفاة32 شخصا وحريق مجلس الشوري عام2008 وتم تقدير حجم التلفيات والخسائر الناجمة بنحو6 ملايين و800 ألف جنيه. وحريق في مبني سيتي ستارز أغسطس2009. وحريق في أحد مصانع شركة جهينة للصناعات الغذائية بمدينة السادس من أكتوبر, فجر يوم22 أبريل الماضي. ومنذ أيام شب حريق مدمر في مخازن شركتي موبينيل ومرسيدسومخزن أخشاب بالمنطقة الصناعية في أبورواش وتجاوزت الخسائر المبدئية300 مليون جنيه. وعند الوقوف علي أسباب هذه الحرائق نجد أن الإهمال هو سيد الموقف, ويمثل الإهمال نسبة تصل بدون مبالغة إلي75% من أسباب نشوب الحرائق هكذا بدأ اللواء محمود مبارز مدير مصلحة الدفاع المدني سابقا كلامه موضحا: سواء كان هذا الإهمال في تركيب أجهزة الإنذار والإطفاء الآلي الأتوماتيكي وصيانتها, أو في تخزين البضائع والمنتجات في المخازن وتكدسها لتصل إلي السقف وتسد أجهزة الإنذار, فلن تعمل لأن المفروض أن المياه أو مادة الإطفاء تنساب من الرشاشات وتفترش المكان فلن تجد طريقها, فضلا عن أنه لاتوجد تهوية, فعندما يحدث حريق يصعب اكتشافه حتي يعلن عن نفسه,. * ولكن لا يتم تركيب هذه الأجهزة في بعض المشروعات الكبري لأن تكلفتها كبيرة؟ يجيب قائلا: أجهزة الإطفاء لا تتجاوز5% من تكلفة إنشاء أي مبني, البعض يبخل في تركيب هذه الأجهزة لكن الندم هو النتيجة الحتمية لهذا التوفير في النفقات والذي يكبد صاحبه أضعاف ما فكر في توفيره, في الوقت الذي توجد فيه كثير من الشركات الكبري تلتزم بتركيب هذه الأجهزة لكن المشكلة السائدة في معظم الحرائق هي إعمال صيانة أجهزة الإنذار والإطفاء الآلي, فهذه الأجهزة يجب أن تتم معاملتها بنفس معاملة السيارة الخاصة والتي نقوم بعمل صيانة دورية وتجارب عملية لها, فلا يمكن الاكتفاء بتركيب هذه الأجهزة في المباني فقط وهو ما يعتمد عليه الكثيرون دون مراعاة صيانتها, والنتيجة أنه وقت نشوب حريق في المبني تكون المفاجأة أن أجهزة الإطفاء يحدث بها انسداد بسبب أملاح أو رواسب أو غيرها من التلفيات. * هناك كثير من الشركات المتخصصة في هذا المجال وتختلف الصيانة حسب التعاقدات التي تتم في هذا المجال فقد تكون الصيانة كل شهر أو كل ثلاثة أشهر لابد من أن يكون لدي المنشآت الكبري ادارة للأمن الصناعي يعمل بها متخصصون مدربون علي صيانة وتشغيل أجهزة الإطفاء بأنواعها المختلفة, كما يجب تدريب بعض الأفراد في نفس موقع العمل علي صيانتها علما بأن رسوم التدريب زهيدة رغم أنها من أساسيات الحماية وكذلك استعمال الطفايات اليدوية حتي يمكن اللجوء إليها في حالة تعطل الأجهزة الأتوماتيكية, والبعض لايضع في المنشأة الطفايات اليدوية ظنا أن لها عمرا افتراضيا. كما يجب الالتزام بكود الحريق المصري عند اقامة أي مبني واختيار نوع أجهزة الإطفاء حسب نوع النشاط الذي يمارس في المبني, واللجوء في هذا إلي الشركات المتخصصة وعدم البحث عن الأرخص في أجهزة الإطفاء خاصة بعد أن أصبح منها ماهو صناعة صينية عمرها الافتراضي لا يستمر أكثر من شهر, ومن هنا فلابد من البحث عن الأجود والأصلح ليس فقط وضع جهاز لمجرد الحصول علي رخصة التشغيل, وأصبحت جهات الادارة لاتمنح تراخيص التشغيل إلا بعد تركيب أجهزة الإنذار والإطفاء الآلي. المباني القديمة المهندس الاستشاري أ.د علي رأفت رئيس قسم العمارة سابقا بهندسة القاهرة يقول: يجب أن يقوم الدفاع المدني بمراجعة المباني القديمة بحيث يتم تزويدها بأجهزة إنذار وإطفاء أوتوماتيكي خاصة المباني العامة والمصانع والمكتبات والمعارض والمتاحف والسينمات والمسارح والمراكز التجارية( المولات).. إلخ وذلك حسب الأصول المراعاة في تطبيق الكود المصري, وهذا بالتوازي مع ما يتم تطبيقه منذ عامين علي المباني الحديثة حيث أصبح توفير هذه الأجهزة في المباني شرطا أساسيا من شروط الحصول علي رخصة تشغيل, وهو مالا يعطي للمالك فرصة للاعتراض علي تركيب هذه الأجهزة إذا ما وضعها المهندس الاستشاري في تصميم المبني. أسس التصميم ولكن عند تصميم أي منشأة عامة أو صناعية أو تجارية يجب الأخذ في الاعتبار طرق الحماية من الحريق كما يوضح د. علي رأفت كذلك السيطرة عليه في مكانه دون انتشاره في بقية أجزاء المبني, ومن هذه الطرق وضع أبواب مضادة للحريق لعزل المنطقة التي بها الحريق عن المناطق الأخري والتي تغلق سواء يدويا أو أتوماتيكيا في حالة حدوث الحريق وفي عدم وجود أفراد, ودورها حصر الحريق في الغرفة أو الجزء الذي نشب فيه. ومن الضروري أن يتم بناء هذه المنشأة كاملة من الخرسانة المسلحة والطوب لأنها أكثر مواد البناء تحملا للحريق, وتصمد أمامه لمدة تصل إلي أربع ساعات دون انهيار للمبني أما المباني التي يتم بناؤها بالحديد المكشوف دون غطاء خرساني فلا تصمد أمام النار سوي ساعة واحدة ولابد أن يراعي في التصميم مداخل ومخارج الهروب يسهل الوصول إليها وتدريب العاملين عليها وعلي طرق استخدام وسائل الإطفاء. ومن حيث فحص المباني بعد إنشائها سألنا د. أميمة صلاح الدين رئيس جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء قالت: من جانبنا نفحص المبني من حيث التصميم حيث يجب توفر عدة نقاط أساسية مثل دراسة المداخل والمخارج اللازمة واتساع الطرقات الداخلية ومدي مراعاة إمكانية هروب الناس بسهولة في حالة حدوث حريق وغيرها من الأسس المتعارف عليها.