من ظاهرة الثأر في الصعيد إلي ظاهرة التوثيق في المجتمع القبلي لشمال سيناء وتعني في حالة عدم التوصل إلي اتفاق في المجلس العرفي للقبيلة بين الأفراد المتنازعين قيام أحد الأطراف بخطف صاحب المشكلة أو سيارة. أو أي شيء ثمين إلي أن يتم حسم النزاع, حسام شاهين منسي عضو مجلس الشعب عن دائرة العريش يقول: إن هذه الظاهرة تمثل مؤشرا خطيرا في طريقه إنهاء الخلافات بين القبائل, موضحا أن الاختطاف, يتم بنظام السطو المسلح علي الأفراد. ولا يقتصر الأمر إلي هذا الحد, بل هناك من قام بالسطو المسلح الأسبوع الماضي علي أحد محلات الموبيل بمنطقة المساعيد وأمطروا المحل بوابل من الرصاص. ويشير مصدر أمني إلي أن ظاهرة التوثيق تحدث بشكل يومي بالمحافظة, وتحولت إلي ظاهرة تتعارض حتي مع الأعراف السائدة بين القبائل, والمشكلة هي عدم قيام أي طرف بعمل محضر رسمي لدي قسم الشرطة, فتجد الجميع علي علم بالقضية, ولكن ليس هناك أي إجراء قانوني يتخذ في هذا الشأن. المستشار مصطفي بلاسي يري أن هناك طبيعة خاصة لبدو سيناء وأحكامهم العرفية, إلا أنه لا يجوز للعرف أن يتعارض مع القانون. ويشير إلي أن ما يتذرع به البعض من رسوخ مبدأ التوثيق كعادة عرفية لدي البدو لا مجال له أمام القانون, ومن يرتكبه يقع تحت طائلة القانون, وبرغم معارضة الظاهرة للقانون, فإنها مازالت موجودة, وتمثل صداعا لرجال الأمن, كما صرح بذلك مصدر أمني ل الأهرام, فماذا حدث بسيناء خلال العامين الماضيين؟ فاللون الرمادي هو اللون السائد خاصة بمنطقة وسط سيناء التي تشهد يوميا توترات مختلفة تارة مع رجال الأمن, وتارة أخري بين القبائل بعضهم البعض, وتارة بين سكان المدينة وأبناء البادية.. هذا اللون الذي غلب علي اللون الأصفر للصحراء أصبح السمة الظاهرة فلا يكاد يمر يوم دون أن تسمع عن خطف سيارة من هنا أو من هناك بسبب نزاعات علي قطعة أرض, أو خلافات قبلية بين الأفراد بعضهم البعض, وهو ما يسمونه ظاهرة التوثيق العرفية! وهي تعني في قانون العرف أنه إذا كان هناك خلاف بين اثنين دعي حدهما الآخر إلي جلسة عرفية, فإذا رفض أحد, الأشخاص القضاء العرفي يكون مصيره هو وعائلته خطف أي سيارة لهذه العائلة تحت تهديد السلاح لتوضع عند شخص يسمي الأمين لإجبار صاحب المشكلة للتقاضي عرفيا وغالبا ما تنتهي هذه الظاهرة بكارثة إما قتل أو تطور الأمر لخطف أفراد, هذه الظاهرة وأن كانت موجودة قديما بسيناء كما يشرحها القاضي العرفي يحيي الغول بقوله ان هذه الظاهرة كانت موجودة قبل أن يشرع القانون وكانت توثق فيها الجمال وليس السيارات, حيث كانت تتم بطريقة إذا اختلف شخصان علي حق معين من الحقوق, فينذر من يدعي أن له الحق الشخصي الآخر برغبته في تسوية الخلاف عرفيا فإذا رفض لمدة ثلاث مرات يقوم بأخذ جمله دون استخدام السلاح, ويضعه عند شخص آخر يسمي الأمين لحين تسوية النزاع, يروي سامي بكير قصته مما تعرض له علي يد من يملكون السلاح فيقول انه يمتلك منزلا هو أسرته متوارث منذ مائة وعشرين عاما بمنطقة السكاسكة بالعريش وفجأة ظهر ثلاثة من البدو الملثمين, وطالبوهم بإخلاء المنزل لأنه يخصم وعندما اعترضوا كان نصيب أخوته الثلاثة عدة دفعات من السلاح الآلي لإجبارهم علي ترك منزلهم وسرقته غصبا, ويضف سامي لقد قمت بعمل محضر بالشرطة, إلا أن المشكلة الحالية في أشقائي الذين يرقدون بمستشفي العريش في حالة خطرة, وأضاف أننا طوال سنين عمرنا نعيش جنبا إلي جنب مع جيراننا من أبناء البادية ولا توجد أي مشاكل إلا أن هذه القلة المنحرفة هي التي خلقت المشاكل. ويطرح سلامة الرقيعي عضو مجلس الشعب عن دائرة بئر العبد الحلول المناسبة لإنهاء هذه الظاهرة بقوله: ان ابناء المنطقة يجدون فنون الزراعة وجميع مقوماتها متوفرة من أرض خصبة بمنطقة تسمي السر والقوارير وتبلغ مساحتها300 ألف فدان ومن أجود أنواع التربة لاسيما أن هذه المنطقة مسمدة ذاتيا, وبحسبة بسيطة فإن كل فدان يحتاج علي الأقل إلي ثلاثة أفراد للعمل أي أنها ستوفر ما يقرب مليون فرصة عمل, في حين سكان المنطقة لا يتجاوز عددهم50 ألف نسمة, وبالتالي فإن خلق مثل هذه الفرص سيجعل معظم الشباب يتجهون إليها, ويعملون بها وينتهي الفراغ الذي يعانون منه ويفكرون في الإنتاج بدلا من البحث في الكتب العرفية لجلب المال.