محلاها عيشة الفلاح تغني بها قديما محمد عبد الوهاب لكنه لم يكن يعلم أن هذا الفلاح سيضع رأسه بين كفيه حائرا يحاول الاجابة عن السؤال: ماذا أزرع بدلا من الأرز؟ فالمحاصيل الصيفية لن تسعفه, وزراعة الخضراوات لن تحل أزمته المالية, والأسعار المعلنة للمحاصيل المنافسة للأرز مثل الذرة والقطن لاتثلج الصدور بل تزيدها اضطرابا, ولن تعوضه انتظاره موسما كاملا بلا عائد أملا في الخير الوفير الذي انقطع بتحجيم زراعة الارز! يقول عبد العزيز عبد الشافي( فلاح) اضطررت الي زراعة البامية والسمسم بدلا من الارز, وجاءت الزراعة متأخرة بسبب عدم توافر البذور والتقاوي وذهبت الي وزارة الزراعة لشراء تقاوي البامية الحمراء فلم أجدها حيث وجدت البامية البلدي فقط التي لا تحظي بإقبال الناس, وأرشدوني الي شراء البامية الحمراء من أحد التجار بباب الخلق, واضطررت لشرائها بمبلغ كبير, والمؤسف أنني لم أجد أحدا بالوزارة يرشدني الي المحصول البديل لزراعة الأرز, وتركونا تائهين, ولم أجد امامي سوي الاجتهاد الشخصي, والسعي وراء الخبرات القديمة. بينما يؤكد محمد عبد العزيز- فلاح- أن الحيرة قادتنا للتفكير في إلغاء زراعة الأرض هذا الموسم بدلا من تكبد خسائر مالية وبدنية دون عائد إلا أننا سنعرض أنفسنا للمساءلة القانونية من خلال محاضر التبوير, فحتي زراعة القمح لم تؤت ثمارها هذا العام, وتسببت في خسائر لأول مرة بسبب سوء حالة البذور والتقاوي التي لم تدر إنتاجا.. فبعد أن كان فدان القمح يدر عائدا ب7 آلاف جنيه وصل هذا العام الي ألفي جنيه فقط واصبح انتاج القيراط نصف إردب بدلا من إردب كامل في العام الماضي. مشكلة البدائل يقول الحاج محمود أبو غريب رئيس الجمعية التعاونية للاصلاح الزراعي ونائب رئيس الاتحاد العام للتعاونيات ان مشكلة الفلاح أنه يختار الصنف الذي سيقدم له عائدا وأهم هذه الاصناف هو الارز والفلاح كره زراعة القطن من جراء عملية الجني حيث تقل مساحته المنزرعة كل عام عن العام السابق والحكومة تركت المسألة للفلاح في اختيار ما يشاء لزراعته, فالعام الماضي فضل الفلاح زراعة اللب مع انه ليس من المحاصيل الاستراتيجية ولم يكن سعره ثابتا, وأما الارز فحددت الوزارة1,1 مليون فدان لزراعته بتخفيض مليون فدان تقريبا عن العام الماضي, وهي مسئولة عن توفير المياه, وهذا المليون فدان الباقي سيوجه لزراعة الذرة او القطن او اللب او الخضراوات في بعض الأحيان. ويضيف محمود أبو غريب أنه برغم أن الحكومة كانت صريحة في الاعلان عن سعر الذرة بموجب200 جنيه للإردب إلا أنها بالنسبة للفلاح زرعة معوضة فهو بسأل نفسه كيف سيخزنه؟ وهل ستباع أم لا؟ وبرغم ذلك فان المتوقع ان يزيد محصول القطن الي500 ألف فدان هذا العام بدلا من350 ألف فدان العام الماضي, وسترتفع زراعة الذرة من مليون فدان العام الماضي الي مليون ونصف المليون فدان هذا العام. أين التعويض؟ ويوضح عبد الرحيم الغول- رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس الشعب- أن اللجنة حصلت علي موافقة بزيادة المساحات المنزرعة بالأرز في محافظات زراعته بنسبة25% توزع بواسطة المجالس الشعبية والمحلية واعضاء مجلس الشعب والشوري ومحافظ الاقليم. كما حصلت اللجنة علي موافقة وزير الزراعة علي تأجيل الغرامات لمدة عام بشرط أنه اذا عاد للمخالفة مرة اخري تطبق عليه الغرامتان. فضلا عن أن لجنة الزراعة تسببت في رفع سعر الذرة والقمح والقطن حتي يستطيع الفلاح أن يحقق عائدا من جرائها ليستطيع أن يهجر زراعة الأرز إلي الذرة والقمح والقطن وسيعتبر رفع أسعار المحاصيل الأخري أحد وسائل التشجيع, فلا يجوز أن أفرض علي الفلاح عدم زراعة الأرز, ولا أعطيه ما يعوضه عن هذه الزراعة. أصناف جديدة الدكتور عبدالعظيم الطنطاوي نائب رئيس اللجنة الدولية للأرز حاليا ورئيس مركز البحوث سابقا, يؤكد أنه إذا كان هناك حل لمشكلة تسويق الذرة والقطن فمن الطبيعي أن يلتزم المزارع بحزام الأرز ب1,1 مليون فدان فقط, وهذه الكمية ستكفينا, وسنصدر منها أيضا, إلا أن هذا الأمر مشروط بحل مشكلة الذرة والقطن, فهي المحاصيل المنافسة والفلاح يهمه ألا يزرع نفس المحصول لأن تغيير المحصول يعني قلة الآفات وإنخفاض تكاليف الإنتاج ويزيد من كفاءة الأرض, وإدرار المحصول وقد تحدد لزراعة الأرز محافظات دمياط والشرقية والبحيرة وكفر الشيخ والغربية والدقهلية بموجب1.1 مليون فدان, وما يزيد أو يزرع خارج حزام الأرز يغرم الفلاح ويجرم وتهد مشاتله. ويضيف الطنطاوي أن مشكلة البديل من أهم مشاكل الموسم الصيفي الذي يكون إما قطنا أو ذرة شامية أو محاصيل زيتية مثل فول الصويا وعباد الشمس, فإذا رأي الفلاح أن أيا منهما له عائد فمن المؤكد أنه سيزرعه, ولكن نظرا لعدم وجود آلية تسويق تشرف عليها الحكومة لتسويق محصولي الذرة الشامية والقطن لتحقيق عائد ينافس ما يحققه الأرز فسوف يتجه الفلاح للمحاصيل المنافسة, ولكن ما يحدث الآن هو أن الدولة تعلن عن سعر الذرة ب200 جنيه للأردب والقطن من650 إلي800 جنيها للقنطار, وهذا الإعلان بعد حسابات المزارع فهو متأكد أنه سيخسر, لذلك فمن المفترض أن الوزارة عند الاعلان عن الأسعار تعطي سعرا مربحا, ولذلك لابد من حساب تكاليف الإنتاج الخاصة بهذين المحصولين المهمين, وهما الذرة والقطن من خلال لجنة متخصصة مع مجموعة من الاقتصاديين الزراعيين لتحديد تكاليف إنتاج هذه المحاصيل بدقة ولايكون السعر جزافيا, خاصة أن ما واجه المزارعين في محصول الذرة العام الماضي مشكلتان هما السعر المتدني الذي لايحقق ربحا وتكدس الذرة, مما جعلها تتعرض للعفن بعد تأخر الوزارة في استلامها.. ويوضح نائب رئيس البرنامج العالمي للأرز أن سعر الأرز المصري هو أعلي سعر في الأرز العالمي, إذ يصل سعره إلي ألف دولار للطن, في حين يباع في مصر ب1600 جنيه مصري, كما أنه ينافس أرز كاليفورنيا واستراليا.. ويؤكد أن هناك أصنافا جديدة من سلالات الأرز تتحمل الجفاف ولا تحتاج لكميات مياه قليلة مثل القمح والذرة, وهي موجودة ويمكن استخدامها وتعطي إنتاجية عالية..