قبل زيارة الرئيس محمد مرسي الأخيرة لألمانيا حذر سياسيون المان بارزون في مقدمتهم وزير الداخلية هانس بيتر فريدريش من ان مصر تحولت خلال الأشهر الأخيرة لمركز جذب للجهاديين والسلفيين المتطرفين من المانيا. حيث يتخذها بعضهم مركزا لنشر افكار السلفية الجهادية وإطلاق تهديدات إرهابية ضد المانيا والدول الغربية وبعضهم يتدرب فيها علي إستخدام الأسلحة والمتفجرات, بينما يتخذها البعض الآخر نقطة إنطلاق للإنضمام للجهاديين في مالي او في ليبيا وسوريا والصومال واليمن. وقد طالب الحزب المسيحي الإجتماعي, الشريك في الإئتلاف الحاكم في المانيا, الرئيس المصري قبل لقائه بالمستشارة انجيلا ميركل في برلين بتكثيف التعاون الأمني بين مصر وألمانيا من اجل التصدي لهذه الظاهرة الآخذة في التضخم والتي تمثل تهديدا لامن مصر القومي ايضا وليس لألمانيا ولأوروبا فقط. وليس واضحا ما إذا كان هذا الملف قد تم التطرق إليه خلال المباحثات المصرية الألمانية في برلين ام لا ولكن الأكيد ان المخاوف الالمانية تزداد يوما بعد يوم من ان يتمكن الجهاديون من تثبيت اقدامهم في مصر علي الحدود الجنوبية لاوروبا فتصبح مركزا لتجنيد المزيد من الشباب الألماني المسلم وتحريضهم علي تنفيذ إعتداءات في المانيا نفسها. وقد اثارت صحيفة شتوتجارتر ناخريشتن الالمانية مزيدا من المخاوف بتقريرها الذي نشرته منذ ايام قليلة وإعتمدت فيه علي مصادرها الخاصة ومصادر امنية مصرية والمانية, حيث حذرت الصحيفة من تحول مدينة مرسي مطروح علي حدود مصر الغربية إلي مركز للجهاديين الالمان, وذكرت ان هناك ثمانية متطرفين المان يتدربون حاليا في معسكر بالقرب من مطروح علي استخدام الأسلحة والمتفجرات.ومن اشهر الجهاديين الالمان في مطروح حاليا حسب الصحيفة, مغني الراب الالماني السابق دينيس كوسبرت الشهير بديسو دوج والمسئول عن بث تهديدات فيديو بتنفيذ عمليات إرهابية في ألمانيا في نهاية العام الماضي. وتقول الصحيفة ان كوسبرت يغادر مطروح إلي سوريا للمشاركة في عمليات هناك ثم يعود مجددا إلي المدينة الساحلية المصرية, كما تقول أن سكان مطروح ورجال امن مصريين تعرفوا في الصيف الماضي علي ثلاثة سلفيين المان متشددين آخرين, فضلا عن قيادي بارز في جماعة انصار الشريعة يقوم بتجنيد الشباب في المانيا والنمسا. وتقول ايضا ان الأسلحة تتدفق علي مطروح عبر الحدود الليبية وان الشرطة المصرية تمكنت في نوفمبر الماضي من ضبط ثلاث عربات نقل محملة بالمدافع الرشاشة وصواريخ ارض جو وصواريخ مضادة للدبابات كانت موجهة لاعضاء هذه الجماعة. وحذرت الصحيفة من ان' الدولة المصرية' ليست راغبة ولا هي قادرة علي التصدي لهذه الجماعات الجهادية التي تتحرك بحرية علي حدودها الغربية, كما ان الأجهزة الامنية الالمانية لا تستطيع ان تراقب انشطة هذه الجماعات علي الأراض المصرية. وقبل نشر هذا التقرير كان رئيس جهاز حماية الدستور الالماني هانس جيورج ماسن قد عبر عن قلقه الشيد إزاء تحول القاهرة وليس مرسي مطروح لمركز للسلفيين الجهاديين القادمين من المانيا وقال ان سلطاته رصدت سفر نحو60 سلفيا متشددا من المانيا إلي مصر منذ الصيف الماضي. كما اشار هانس بيتر اوول, مسؤل الملف الأمني في الحزب المسيحي الإجتماعي إلي ان الجهاديين الالمان كونوا بالفعل شبكات لتهريب انصارهم إلي الدول المشتعلة مثل مالي وسوريا وليبيا بعيدا عن اعين السلطات المصرية. ووفقا للعديد من التقارير الالمانية فإن إحدي الشخصيات المحورية في هذا التنظيم الجديد هو النمساوي محمد محمود الذي يلقب بابو اسامة الغريب والذي سجن في النمسا اربع سنوات بسبب دعمه تنظيم القاعدة, وبعد الإفراج عنه في سبتمبر2011 توجه لألمانيا حيث اسس جماعة ملة إبراهيم في مدينة زولينجن بشمال الراين وستفاليا. وقد راقبته السلطات الألمانية بضعة اشهر قبل ان تتدخل لتحظر الجماعة وتشن حملة امنية واسعة علي اعضاء الحركات السلفية المتشددة في انحاء المانيا. وإزاء الحصار الإعلامي والأمني في المانيا توجه محمود إلي القاهرة وتبعه عدد كبير من السلفيين المتشددين من المانيا حيث اسست الجماعة ما يعرف بالجبهة الإسلامية العالمية التي تتهمها السلطات الالمانية ببث التهديدات الإرهابية لألمانيا. ومن بين رسائل التهديد الأخيرة التي ارقت اجهزة الأمن الالمانية رسالة لشخص يدعي ابو عزام الالماني عبارة عن نشيد حماسي يهدد فيه المستشارة انجيلا ميركل بالقتل وبتنفيذ إعتداءات علي مبني الرايشستاج في برلين. وتتعامل السلطات الالمانية مع هذه التهديدات بجدية شديدة, فصرح متحدث بإسم مكتب مكافحة الجريمة بأن المانيا مستهدفة منذ فترة من قبل الجهاديين والإرهابيين المتطرفين برغم عدم وجود مؤشرات ملموسة علي قرب وقوع إعتداءات في اراضيها. وبرغم ذلك ذكرت مجلة دير شبيجل ان إجتماعا لافرع مواجهة الازمات في الأجهزة الأمنية الالمانية انعقد مؤخرا لبحث كيفية التصدي لتهديدات إرهابية محتملة بالاسلحة البيولوجية. ومن جانبه طالب وزير الداخلية فريدريش إزاء ما وصفه' بالقلق الشديد تجاه المخاطر القادمة من مصر ومالي بتشديد قوانين مكافحة الإرهاب بما يتيح للسلطات الألمانية طرد المتطرفين الإسلاميين الأجانب الذين يدعون لاستخدام العنف كوسيلة لفرض الشريعة الإسلامية, اما من يحمل منهم الجنسية الالمانية فيتم سحب جواز سفره لمنعه من مغادرة المانيا ووضعه تحت رقابة مشددة, فضلا عن تشديد الرقابة علي اتصالات الجماعة السلفية بشكل عام في المانيا والتي يزداد عددها باطراد ليقدر وفقا لأحدث ارقام جهاز حماية الدستور في المانيا ب4500 شخص معظمهم في ولاية شمال الراين وستفاليا غرب المانيا, وتشير الإدارة الالمانية إلي انه اصبح من الصعب الآن التفرقة بين من يعتنقون افكار السلفية الجهادية وبين من ينبذون العنف منهم.