أكتب إليك هذه الكلمات, ودموعي تتساقط علي الورق, والقلم يرتعش في يدي والبكاء والعويل من حولي.. أما السبب يا سيدي فهو أنني اكتشفت فجأة ما لم يكن في الحسبان ولا أدري كيف ستمضي حياتي معه. ودعني أروي لك قصتي منذ البداية فأنا شاب في الرابعة والثلاثين من عمري, ولدت في أسرة بسيطة بإحدي قري القليوبية, أبي فلاح, وأمي ربة بيت ولي خمسة إخوة ثلاث بنات, وولدان, وأنا الابن الأصغر في ترتيب الذكور, واستطعت برغم ظروفنا المادية الصعبة ان احصل علي ليسانس لغة عربية, وتزوجت من قريبة لي حاصلة هي الأخري علي مؤهل عال.. لكننا لم نجد عملا ثابتا, فعملت مدرسا بالحصة لعدة شهور ثم جاءتني فرصة سفر إلي الخارج, فسافرت لمدة عام وعدت في الاجازة الصيفية. ووجدت حماي في المستشفي مصابا بغيبوبة كبدية, ويحتاج إلي نقل دم بصورة عاجلة, فتقدمت للتبرع له.. ولم تمر ساعة واحدة حتي جاءني الطبيب, وقال لي انت مصاب بفيروسC وعليك إجراء تحاليل عاجلة لتحديد حالة الكبد, ودخلت في دوامة التحاليل التي اثبتت أنني أعاني من فشل كبدي هكذا مرة واحدة وتطورت حالتي فانتفخ بطني بشكل ملحوظ.. وكتمت الخبر عن أسرتي فظروفنا لا تحتمل الحديث عن أي مرض, لأننا ببساطة لا نملك ثمن الكشف الطبي!.. ولم تمر أيام حتي مات حماي, وساءت حالتي بشدة وسقطت علي الأرض مغشيا علي مرات عديدة, وعرف الجميع ما اعانيه.. وجاءت كلمة الأطباء قاسية لا حل لك سوي زرع كبد من متبرع, وأن تكاليف الجراحة375 ألف جنيه.. يا الله.. من أين لي بهذا المبلغ الضخم وأنا لا أملك قوت يومي؟! هل كتب علي أن أرحل عن الحياة مصابا بهذا المرض الذي لا علاج له؟.. إنني أري نظرات الحسرة والألم في عيون زوجتي وأولادي ووالدتي وأخوتي وهم يرونني أذبل أمامهم. إنني لا أخشي الموت, فكلنا سنموت, ولكن هل إلي هذا الحد تلعب النقود دورا مهما في حياة البشر؟.. لقد بادرت إحدي اخواتي باستعدادها للتبرع لي بجزء من كبدها, وأكدت التحاليل امكانية ذلك.. وعرضت مسكني البسيط للبيع نظير مبلغ مائة ألف جنيه, وانتقلت للإقامة مع أخي في إحدي حجرات شقته, ولكن المشوار مازال طويلا. الأيام تمر والحالة تسوء, ولا أدري ماذا أفعل؟.. فهل أجد من ينتشلني من براثن المرض؟.. وهل يأتي يوم أعود فيه كما كنت من قبل.. إن صورة حماي ماثلة أمامي, وأتذكر اللحظات الأخيرة قبل رحيله.. وأتخيل أن كل ما حدث له سوف يتكرر معي.. إنها مأساة يصعب علي أي إنسان تصورها.. واسأل الله أن يعافيكم منها, ومازلت انتظر الأمل, فهل تجد لي مخرجا مما أنا فيه؟!. ** وما تدري نفس ماذا تكسب غدا, وما تدري نفس بأي أرض تموت, فإذا سلمنا بهذه الآية الكريمة عشنا في راحة وطمأنينة, وأدركنا أن كل شيء مقدر ومكتوب.. وأراك شابا مؤمنا, ومتدينا وقادرا علي أن تضع الأمور في نصابها الصحيح. ولعل رسالتك تفتح قلوب أهل الخير, ومنهم كثيرون يكرسون ما أنعم الله بهم عليهم لعلاج غير القادرين, وإجراء الجراحات اللازمة لمن يعانون نفس حالتك. وجراحة الكبد الآن أصبحت ميسرة في العديد من المستشفيات, وبالذات لمن هم في مثل سنك, وفي انتظار العطاء الإلهي علي أيدي هؤلاء الكرماء, وثق أن الله سوف يدبر لك أمرا كان مفعولا, وهو وحده المستعان.