سرعان ما دخل عبد الناصر الحياة السياسية المدنية لتحقيق أهداف الثورة, وقام بتشكيل لجنة لوضع دستور مدني, مشكلة من قيادات سياسية وخبرات دستورية. ولكن اللجنة أنحرفت بصياغته نحو الرأسمالية والسيطرة وإقصاء شباب الضباط الأحرار عن المشهد السياسي, واشتد العود ونمت العقيدة لإنهاء الإستعمار أنطلاقا للحرية والكرامة لشعب مصر وتحررة, والإتجاه نحو الأشتراكية الأسلامية, والوفاء للقومية العربية, والدعم الكامل لثورة اليمن علي الحكم الإمامي وأستقلال سلطنة عمان من الأنجليز, ودعم ثورة الجزائر ضد( فرنسا), وإحياء الكيانات الأفريقية الداعية للاستقلال, ونشر روح الثورة علي ديكتاتوريات الجنوب الأمريكي, والعمل علي الأستقواء بالدول المتحررة في تحالف دول عدم الأنحياز. وقد دخلت الثورة صراعا مع البنك الدولي الواقع تحت الهيمنة الأمريكية العائق في عدم تمويل مشروع بناء السد العالي لإفشاله كهدفا قوميا للنهضة, وموقفا آخرعدائيا أمريكيا بالأمتناع عن تسليح الجيش المصري, بعد أن رفضت مصر التحالفات الغربيةوالأمريكية عسكريا وأقتصاديا, مما دفع الأدارة المصرية الأتجاه نحو دول الشرق الأشتراكية تحقيقا للمصالح المشتركة, وبعيدا عن أيدلوجيات الحرب الباردة القائمة بين الغرب ومعسكر الشرق بزعامة الأتحاد السوفيتي, وتستغل تأميم قناة السويس, ثم محاربة فكرة القومية العربية بنواتها الأولي في الوحدة بين مصر وسوريا, ولتتجمع سحابات الغضب لتغيم سماء مصر لتتجاوز إرادة الغرب للسعي علي رحيل عبدالناصر العدو الأعظم, وقامت حروب شنت بالتواطوء( حرب56 الفاشلة) والتأمر( نكسة67) وتبعياتها التي رفضها الشعب المصري بكل أطيافه.. ليبدأ عبدالناصر في إعادة تأهيل الجيش وإعلاء القيمة الروحية والعقائدية التي لم تهزم علي ممر العصور, وكانت حرب الإستنزاف وتصدي عبدالناصر لحالة التشرذم التي أصابت الكيانات العربية, والقوي الفلسطينية لمواجهة إسرائيل الجيش والدولة, وأطماعها المدعمه من الغرب.. ورحل عبد الناصر بعد توديع أخر حاكم عربي كان مشاركا في الدعوة التي أطلقها للتوافق العربي والحفاظ علي كيانات الأمة ومحيطها( الشرق الأوسط). ( للحديث بقية) [email protected] المزيد من أعمدة عبدالفتاح إبراهيم