مع استمرار كثير من الفضائيات في عرض إعلانات وبرامج حل المشكلات الزوجية وجلب الحظ والسعادة وقراءة المستقبل بالأوهام ومزاعم الدجالين والمشعوذين بالقدرة علي ممارسة أعمال السحر تتزايد يوما بعد يوم خطورة مضمونها الذي يروج لتجاوزاتهم العلنية المرفوضة, والتي يرصدها الخبراء ويحذرون من نتائجها في دعوة صريحة لضرورة التوقف أمامها والتصدي لفوضي الفضائيات التي تغزو النايل سات, بما يحمل الضرر للمجتمع, ولا تهدف منه إلا تحقيق الأرباح المالية فقط حتي لو كان الطريق إليها عنوانه( نشر ثقافة الخرافات بين الناس)! يقول محمود عاشور وكيل الأزهر السابق: إن إعلانات وبرامج السحر التي تعرضها كثير من الفضائيات لا يخفي علي عاقل أن الغرض منها استغلال البسطاء من المشاهدين والنصب عليهم بسرقة أموالهم بدفعهم للاتصال تليفونيا كإحدي الوسائل التي تستنزف منهم بلغة الأرقام12 مليار جنيه سنويا تضيع في الإنفاق علي كافة الأشكال المتعددة للدجل والشعوذة التي تعمل علي تغييب الإيمان بحقيقة أن( الله وحده هو الذي يدير الكون كله), ولذلك فالإيمان بقضائه وقدره يؤدي إلي الشعور بالطمأنينة, بينما اللجوء للساحر أو الدجال الذي يدعي قدرته علي( فك) أعمال السحر وحل المشكلات ومعرفة المستقبل يتسبب في المزيد من القلق والخوف من المجهول والسقوط في( فخ) النصب بإرادة كاملة. ويضيف د.سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس أن أسباب إقبال فضائيات( الدجل والشعوذة) علي تقديم إعلانات وبرامج عن السحر يرجع إلي رغبة أصحابها في الاستفادة من معاناة المشاهدين البسطاء فكريا وماديا الذين يعيشون حياتهم بغير إدراك منهم بمنطق يسمي( السهولة واليسر) الذي انتشر في المجتمع المصري مؤخرا ويعني أن الإنسان يبحث عن( حل) لمشكلاته بلا بذل أي جهد ويستسلم للكسل ويحاول تحقيق أحلامه عن طريق الإتصال بالدجالين علي الفضائيات لتحقيق السعادة الغائبة عنه, بما يعني إصابته بمرض نفسي يفصله عن الواقع ويجعل كل ما يتمناه موجودا في عالم افتراضي خيالي يحاول الوصول إليه بالشعوذة الفضائية ولكنه يفشل فيصيبه الاكتئاب الذي يفسد حياته, بينما السعادة والرزق الوفير لن يتحققا إلا بالعمل الذي سوف يكون له ناتجا ايجابيا مهما للغاية وهو التوازن النفسي بفوائده التي لا حصر لها. ويؤكد د.صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة علي أن الإعلام المرئي يصنع المصداقية للمنتجات التي يعلن عنها وللشخصيات التي تستضيفها برامجه خاصة مع تكرار ظهورها علي الفضائيات التي أعتبرها شريكا رئيسيا في ارتكاب جريمة النصب علي المشاهدين عندما تعرض عبر شاشاتها إعلانات وبرامج( خادعة) مدفوعة الأجر عن كل ما يخص الدجل والشعوذة ابتداء من إمكانية معرفة الإنسان لمستقبله عن طريق الأبراج الفلكية ومرورا بالتنبؤات حول أهم ما سوف تشهده الأيام المقبلة من أحداث استغلالا لخوف الناس من المجهول ثم الطريق إلي السعادة وحل المشكلات وغيرها من الوسائل التي تتعدد أشكالها ولكن يبقي( النصب) هو وصفها الحقيقي الوحيد لأن تلك الفضائيات لا تهتم إلا بالمكاسب المالية حتي لو كانت علي أنقاض المهنية التي تتصدر أولوياتها ضرورة احترام المشاهد بتقديم ما ينفعه وليس ما يمثل الإستخفاف به وتغييب وعيه وسرقة أمواله في اتصالات تفقره وتغني فضائيات( الدجل والشعوذة)! ويتفق في الرأي الناقد طارق الشناوي ويقول: إن كثيرا من الفضائيات تعمل تحت شعار(المصلحة المالية أولا), بمعني أن المحتوي الرجعي الذي تقدمه كثير من الفضائيات للمشاهد في غطاء روحاني مثل إعلانات وبرامج حل المشكلات الزوجية وجلب الحظ والسعادة وقراءة المستقبل بأعمال السحر تحقق أرباحا مالية كبيرة لها نظرا لكون اليقين بتصديق مزاعمها موجودا في أعماق الشخصية المصرية وهوما يؤكد علي أن الأمر كله تجاريا فقط لأنه يركز علي مغازلة مشاعر المشاهد لمعرفة ما قد يحمله له المستقبل وكشف غموضه, ليكون دائما سعيدا ايجابيا لكل من يدفع قيمة الإتصال التليفوني بصاحب الإعلان أو بالبرنامج الذي يستضيفه, وللأسف فإن تلك المعتقدات منتشرة في العالم ولكنها تعمقت أكثر علي المستويين المصري والعربي بفعل كثير من الأعمال الدرامية الراسخة في أذهان المشاهدين والتي ناقشت عالم الدجل والشعوذة بطريقة خاطئة نتج عنها جذبهم إليه بدلا من الإبتعاد عنه.