"روزاليوسف" تقتحم أوكار المشعوذين والدجالين

مثلما حرص المفكرون والمبدعون وأصحاب الرأي والفكر علي مخاطبة الجمهور العريض الذي يتردد يوميا علي الإنترنت انتقل أيضا النصابون والدجالون إلي نفس الساحة حاملين أسلحة وأساليب أكثر تطوراً لاصطياد فرائسهم خاصة أنهم في هذه المرة يخاطبون عقولاً أكثر نضجا ووعيا أو علي الأقل توصف بأنها متعلمة بدليل أنها عرفت طريقها للشبكة العنكبوتية ربما يكون لعب الدجالين علي نفس الأوتار التي تمثل مشاكل حياتية موجودة في كثير من البيوت المصرية كالمشاكل الزوجية والعنوسة وعدم الانجاب والسحر والمس لم يختلف عن ذي قبل ولكن الآليات والتكنيك هذه المرة مختلف تماما حيث اختفي الشيخ دنجل صاحب العمة القديمة والبخور وظهر الدجال دوت كوم!
تواصلنا مع مجموعة من الدجالين والمشعوذين عبر المواقع الإلكترونية وكان أولي تجاربنا مع الشيخ "صالح" الذي أعلن عن نفسه من خلال موقع أسرار روحانية بأن لديه أكبر موقع للعلاج بالقرآن من السحر الأسود والذي تم عمله باستخدام شياطين الجن والمس العشقي والذي يحول دون زواج الشاب أو الفتاة.
وقف الحال
الشيخ يؤكد قدرته من خلال الموقع علي جلب الحبيب لأي فتاة خلال ساعة وعلاج وقف الحال للمطلقات والأرامل وفك "المربوط" من الرجال والنساء.. ويدعي بأنه يعمل بهذا المجال منذ 40 عاماً وأغلب زبائنه من الدول الأوروبية ودول الخليج وأنه تمكن من ترويج آلاف الفتيات والمطلقات والأرامل ومساعدة العديد من السيدات علي الإنجاب وفك السحر الأسود من خلال الاتصال برقم محمول موجود بالموقع اتصلنا بالرقم المعلن عنه فرد بمجموعة من الأسئلة المتتالية.. ما اسمك واسم زوجك ونوع المشكلة التي تعانين منها فأدعينا وجود مشكلة "عدم زواج" فطلب السكوت وبدأ يردد مجموعة من العبارات المتلاحقة تفيد بأن المتصلة بنت حلال وقلبها طيب وتحب الخير للقريب والغريب وعزيزة النفس وكثيرة الهم وتحمل هموم غيرها ولا تحمل هم نفسها سريعة الغضب وقريبة الرضا وتحب عشرة الناس وهذا يسبب لها المشاكل.
ومشكلتها الأساسية أنها تشعر بالسبة لعدم زواجها والآن هناك سيدة تكرهها سعت لعمل سحر أسود لها بعدم الزواج والفرقة والبغض والكره بينها وبين أي عريس يتقدم لها والحل في أن يتم إبطال مفهوم هذا السحر من خلال العلاج وإذا كنت تريدين أن تحصلي علي عريس بعينه فإن التكلفة تختلف.
السحر الاسود
وأكمل حديثه بأنه يسارع في فك السحر الأسود وأنه ليس علينا سوي دفع مبلغ 3 آلاف جنيه عبارة عن كروت شحن فودافون فئة 200 جنيه ويتم إرسالها علي رقم هاتفه برسالة أو إبلاغه بها مؤكدا أن هذا المبلغ ليس له وإنما لزوم شراء البخور اللازمة لاستحضار الجن حتي يتم إبطال مفعول السحر كذلك شراء أجزاء من بعض الحيوانات والطيور كناب الذئب أو الضبغ ورأس الهدهد وأنه في حالة عدم القيام بذلك فأنه لم يتم الزواج أبدا.
وعندما استفسرنا عن طريق العلاج وعما إذا كان هناك إجراءات علي المتصل فعلها أعلن الدجال بأنه ليس علينا فعل شيء أو حتي قراءة القرآن أو الأذكار وإنما هو عليه أن يبدأ العمل بعد إرسال المبلغ المتفق عليه إذ يبدأ في استحضار الجن علي مدار اليومين لفك السحر و باليوم الثالث يجب علينا الاتصال به حيث سيتولي قراءة القرآن علي مدار ساعتين ويلزم خلال ذلك أن يضع المسحور إناء ليشرب منه الماء ويقرأ عليه الشيخ عبر الهواء وبعد ذلك يتم استخدام الماء المقروء عليه للاستحمام والشرب منه ورش أرجاء المنزل ثم بعد يومين سيتم الخطوبة والزواج.
وحاولنا الاستفسار منه عن إمكانية العلاج مباشرة بدلا من الهاتف تحدث بصوت صارخ بأن هذا أسلوبه منذ 40 عاماً وأنه نادر أما يتعامل مع زبائن بمصر وأغلب زبائنه من الخليج وسيدات المجتمع وهذه طريقته للعلاج "الرباني".
وكررنا التجربة مع دجال آخر يطلق علي نفسه "يوسف العمري" ويعلن عن نفسه بأنه عالج الآلاف هاتفياً ويتمكن من إحراق الجن اليهودي والعاشق والنصراني والمجوسي والآخر حسي والمربوط ويؤكد من خلال الموقع الإلكتروني بأنه يقدم أقوي الخدمات الروحانية لجلب الحبيب وحل مشاكل الأزواج من خلال الاتصال هاتفياً.
المس العشقي
وعندما اتصلت به وادعينا أننا بحاجة للتعرف علي شخصه قبل العلاج بدأ حديثه: "متفاخرًا" بأنه قام بتأليف 10 كتب عن السحر والعلاج بالقرآن وأنه عالج ما لا يقل عن 5 آلاف حالة عنوسة ومثلها للمطلقات، كذلك تمكن من مساعدة 10 آلاف سيدة علي الإنجاب وهذا من خلال فك الأعمال، بالإضافة لقدرته علي علاج "المس العشقي" للفتيات هاتفيا، حيث يحول الجن دون زواجهن.
ولا يتوقف معجزاته عند هذا الحد، حيث يدعي قدرته علي علاج الأمراض العضوية للرجال والنساء أو كما يطلق عليها لفظ "المربوط" بالإضافة لقدراته علي شفاء المصابين بالأمراض النفسية كالقلق والكآبة والصرع والتي غالبا ما تكون -كما يدعي- بسبب "السحر الأسود". وتطرق "الدجال" لقدراته علي زيادة الرزق بالعمل، حيث أكد أنه يمكن تحقيق المنال بالعمل وإزالة المصاعب من خلال قدرته علي صنع "الأعمال".
وبعد حديث طويل، استفسر منا عن المشكلة، وهنا أدعينا أنها عدم الإنجاب، فما كان منه إلا أن أعلن بأن هناك "سحر" تم عمله بمساعدة الجن للمنع من الإنجاب، وأن بعد دفع الأتعاب سيتم فك السحر وعمل "تحصين" ضده.
وعندما سألناه عن تكلفة ذلك، أعلن بأن علينا دفع 3 آلاف جنيه لفك السحر، ثم ألفي جنيه لعمل "تحصين" وأن تلك المبالغ لزوم شراء البخور من دول المغرب والخليج "كالصندل الأحمر والمستكة التركي والمسك الخام"، وسيتم إرسال هذا المبلغ إلي مكان سوف يحدده لاحقًا حيث يتسلمه ابنه.. وبعد ذلك بأسبوع سيتم سماع "البشارة".
دفع التكاليف
ويكمل: بعد دفع التكاليف، سيتم ذكر اسم السيدة التي قامت بعمل السحر الأسود، رغم أن هذا قد يسبب له مشاكل، ولكنه يصنع المعجزات الطبية والعلاجية من خلال ملايين من الجن سخرها له الله لعلاج الأمراض المستعصية والناجمة عن السحرة -كما يسرد.
وعندما طالبنا لقاءه مباشرة للعلاج اعترض قائلاً: "أعالج الناس دون أن أراهم أو يروني" وهذا أسلوبي خاصة مع السيدات، وأنه ليس علينا سواء دفع الأتعاب مقابل استلام "الأحجبة" التي سيتم وضعها تحت رأس الزوج بغرفة النوم، علي أن يتم الجماع في ذات اليوم وإلا لن يفلح "العمل" وفك السحر.
الشيخ "سليمان" الذي يطلق علي نفسه لقب "المعالج الروحاني" يعلن عن قدراته الفائقة للعلاج بالقرآن من خلال الاتصال هاتفيا.. اتصلت به وادعيت المعاناة من الخلافات الزوجية، وبعد سؤاله عن اسم المتصلة واسم الأم بدأ مجموعة عبارات متلاحقة بأن صاحب المشكلة "بنت حلال وطيبة وتحب الخير للقريب والغريب وعزيزة النفس....." وأن هناك سيدة تكرهها وترغب في زوجها وقامت بعمل سحر أسود بالفرقة والخلاف والكره لها من قبل زوجها.
ثم طلب أتعابه عبارة عن ألفي جنيه لفك السحر الأسود، يتم إرساله له برسائل قصيرة بأرقام كروت شحن "موبينيل" فئة 200 جنيه.
غضب الشيخ
ولم يكن من الصعب علينا اكتشاف أن هذا الشيخ "سليمان" هو ذاته الشيخ "صالح" الذي سبق أن اتصلنا به وادعينا أن لدينا مشكلة "عدم الزواج" وعندما واجهناه بذلك غضب بشدة وهدد بأنه سيسعي لعمل سحر أسود لنا بالفرقة والطلاق وأغلق بعد ذلك الهاتف.
من جانبها، توضح د.فادية أبوشهبة، أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن ممارسة الدجل والشعوذة عبر الإنترنت يعتبر جنحة وليست جناية وأقصي عقوبة لها 3 سنوات طبقًا للمادة 336 من قانون العقوبات وجرائم النصب.
ويؤكد د.محمد رأفت عثمان، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أنه لا يوجد ما يسمي بالمعالج الروحاني أو العلاج بالقرآن، فالقرآن فقط لإزالة الهم والكرب والحزن.
أما المشاكل العضوية كعدم الإنجاب أو المشاكل النفسية كالصرع فهذا دواؤها لدي الطبيب.
وبالنسبة للمشكلات الاجتماعية كالعنوسة وتأخر الزواج أو الخلافات الزوجية، فهي مشكلات مجتمعية ترجع لأسباب اقتصادية وبدنية ونفسية وليس للسحر والمس والأعمال وتلك الخرافات ولهذا لابد من إغلاق تلك المواقع التي تروج للخرافة.