عادت المليونيات مرة أخري, وعاد معها الصخب من توقف تام لحركة المرور, وتعطيل المصالح بالأماكن الحيوية أهمها علي الإطلاق ذلك المبني الشامخ والعتيق مجمع التحرير الذي يعد من أقدم المنشآت في ميدان التحرير ووسط البلد وبه الكثير من الإدارات الخدمية. حيث يتردد عليه يوميا ما يقارب من ال10 آلاف مواطن, ويتكون من13 طابقا به ثلاثة طوابق خاصة بالجوازات لخدمة المواطنين والسائحين من مختلف الجنسيات. وفي جولة لتحقيقات الأهرام داخل ميدان التحرير لمتابعة سير الحياة في مجمع التحرير وجدنا المجمع مغلقا كما هو الحال دائما مع أية مليونيات, فأمس الأول في مليونية للثورة شعب يحميها عندما حضر العاملون والموظفون إلي مكاتبهم داخل المجمع في نحو الساعة الثامنة صباحا تم إبلاغ الموظفين بأنه سيتم الانصراف في الواحدة ظهرا وقبل تجمع المتظاهرين وتوافدهم إلي الميدان. تقول فريدة عثمان موظفة بالتجمع: إننا نحرص كل الحرص علي إنهاء مصالح المواطنين, ولكن في ظل تلك الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد وخوفا علي مصالح الشعب وبما يحتويه المجمع من إدارات مختلفة بخلاف التي تم نقلها لما فيها من أوراق ومستندات تهم المصالح العامة للبلاد, لذلك تعلن حالة الطوارئ وتغلق أبواب المجمع سواء الرئيسية أو حتي الخلفية, حيث يوجد بالمجمع8 أبواب ويستقبل الآلاف, والمشكلة في أن الأمن المسئول عن تأمين المجمع وسلامة المواطنين تابع لشركات أمن خاصة, وهناك بوابة وحيدة تابعة لوزارة الداخلية ولها بوابات إلكترونية خاصة ورجال أمن يقومون بتفتيش من يدخل إدارة الجوازات وذلك لتأمين مصالح الشعب, مضيفة أن جميع العاملين والموظفين طالبوا كثيرا بنقل مجمع التحرير من ميدان التحرير. ويتطرق لأطراف الحديث سيد كمال موظف بإدارة الأموال العامة بالمجمع ويقول, إننا كموظفين نخشي علي مكان عملنا كما أننا تعرضنا من قبل وبعد الثورة أثناء المليونيات المختلفة للضغط والهجوم من قبل بعض البلطجية, حيث تعرضت حياتنا للموت وشاهدنا الكثير من المواقف المؤلمة أمامنا, وتم غلق أبواب المجمع بالحديد والجنازير وتم حبسنا داخل مكاتبنا وتأخرنا عن مواعيد العمل الرسمية, كما أن ميدان التحرير أصبح مليئا بالباعة الجائلين الذين افترشوا الأرض عنوة, إضافة إلي رجال الشرطة الذين يقذفون القنابل المسيلة للدموع مما أدي إلي إضرارنا وتم غلق جميع النوافذ بسبب رائحة الغاز التي تؤذي العين والجهاز التنفسي, ولا ندري إلي متي سيستمر وقف الحال هذا للكثيرين الذين نري وجوههم تحكي حالهم وحزنهم علي ما يجري. وعلي الجانب الآخر يوضح سمير أحمد صاحب إحدي الشركات السياحية أن كل الشركات تعاني ندرة العمالة منذ ثورة25 يناير, حيث تضطر هذه الشركات ومعها شركات الصرافة والمحال التجارية إلي الغلق وذلك خوفا من تجاوزات البعض والتطاول وأعمال العنف والتخريب واستخدام بعض بلطجية الشركات كمأوي ومبيت لهم, وعندما نحاول منعهم يقومون بالتهجم علي المحال والشركات وإحداث تلفيات بها, مما يؤدي إلي فرار العمال وتخوف السائحين ومن ثم يذهب العمال والسائحون إلي الشركات الأفضل أمنا وبعيدة عن ميدان التحرير. ومن أمام المجمع التقي الأهرام أحد المواطنين ويدعي إسماعيل إبراهيم(35 سنة) حيث كان يبكي حاله متحسرا علي أحوال البلد ويطالب بحقوقه فيقول: جئت اليوم أملا في إنهاء أوراق سفري إلي المغرب حيث أعمل هناك, وأنا مرتبط بمواعيد لا يصح تأخيرها, ولكنني فوجئت بعدم استطاعتي دخول المجمع وإنهاء أوراقي, وهذا ليس حالي وحدي بل حال الكثيرين غيري.