قبلتني بنيتي، مبتسمة كعادتها، مستعدة للذهاب لنزهتها الأخيرة، لم أشعر بقبلتها هذه المرة، فأنا أبوها، ماتت أمها منذ عامين، نعيش صديقين، نقسم بيننا أعمال البيت، نزور أمها مرة كل شهر، نبكي سويا، ثم يضمنا الحضن، نجترُ ذكرياتنا معا، نخفي أحزاننا بين ضلوعنا، هي وحيدتي ني?ين، أميرة عمري، وتاج نفسي، الذي أعطانيه ربي، وحينما يغلبنا الحزن.. نبكي ونبكي، ثم نتعاهد علي الرحيل من الدنيا سويا، فهل خنتِ عهدي يابنيتي، لماذا أنت تموتين وحدك، وماذا أفعل بحياتي يا ني?ين بعدك، لم أكن أدري أنكِ بهذه الأنانية، لماذا تركتِني إذن؟ قلتِ إنكِ ستعودين مبكرا للعشاء سويا، أنا وأنتِ وعمر، بقي العشاء ولم تعودي، من قتلكِ يا بنيتي، فلترُدي علي، من المطعون فينا يا ني?ين ؟ أنا أم أنتِ، من قتلوه هو أنا يا حبيبتي، لماذا لا تحتضنيني الآن؟ أين قبلة صديقُكِ العجوز التي أدمنتُها منك يا بنيتي؟ أيوه بنت.. أنت فاكرة نفسِك كبرتِ ولا إيه.. ؟ ما لكِ تتمددين أمامي مشوهة بلا حراك ..بلا أمل، مُدي إلي يديكِ لأقبلهما، فمنذ ولدتِ وأنتِ تقبلين يدي، مُدي يديكِ لتحتويني كما كنتِ يا بنيتي، إياكِ وتركي وحيدا، مع الذكريات والصور.. ماذا أفعل بغرفتكِ.. ملابسكِ.. ماذا أفعل بفستان الفرح....لا لن أحتمل، من سيختار لي ملابسي.. ومن سيمسح بيديه دموعي حين الألم، من سيقولُ لي بعدكِ لقد تأخرت يا سي بابا؟ من سيناديني بأبي يا بنيتي.. يا لقسوة قلبكِ .. يا لوحشتي، أتتركيني وحيدا بعدما عودتيني معني الحنان.. أترحلين وألعقُ أنا مرارتي.. كوني رحيمة بأبيكِ يا لهفتي، أخبريني ما أفعله بقلبي الممزق بعدكِ يا حب عمري ووحيدتي، فحبُ عمري أنتِ، أنت الزهرةُ والأمل، كيف أردُ إليكِ جميل حبكِ .. يا للألم؟ كيف استباحونا معا..دعيني أقبلُ وجهكِ، دعيني أرتمي بحضنكِ، لا اتركوها بين أحضاني أرجوكم، أنا أريد أن أقبل قلبها، ما هذه الدماءُ التي تنزفُ منكِ يا حبيبتي، إنها دمائي أنا، سألعقُ ما تبقي منها، ليست دماءك يا ني?ين.. بل عمري الذي اندثر، ما هذا الاختبارُ القاسي ياربي، فلتستر بنيتي، ما هذه الضرباتُ المحفورة علي جسدكِ كله؟ ما كل هذه الدماء من حولي، وما تلك الجثث، أين كنتِ يا وحيدتي؟ ما الذي فعلوه بك، يا ناس أين كانت بنيتي، ما الذي حدث، مالكم تتجمعون حولي، لست مجنونا.. أنا عاشقٌ لابنتي، لن تأخذوها مني، اتركوها معي.. لا ني?ين لم تمت.. هي فقط غائبة عن الوعي.. صدقوني.. ستفيقُ الآن، جئتموني بحبيبة عمري جثة.. ماذا أفعل بها، لم تكن تخونني ، لم تكذب علي يوما.. تعود دائما بابتسامتها العذبة المشرقة أين هي؟ ما هذا الفزع المطل من وجهها؟ ماذا فعلتم بها؟.. ، أنا لم أحترم وصية أمكِ يا ابنتي، أنا لم أرع فيكِ شبابكِ وتركتكِ تذهبين لموتكِ، ليتني أنا، ماذا أقول لأمكِ في زيارتي القادمة لها، من سيزورها معي، كفاكِ نزفا، كفاكِ نوما .. قومي الآن معي ، سأهزّكِ بشدة.. أتوسلُ إليكِ بحق من خلقكِ.. الناس بتتفرج علينا، لا لن أترككِ، خذيني معكِ.. من أراد أن يأخذ ابنتي من حضني فليأخذني معها، فلا بيتٌ لي ولا سكن، حبيبةُ عمري، بيتي وسكني، لا مأوي لي بعدكِ يا ابنتي، أنت مأواي وسندي الذي انكسر، أستحلفكِ بالله أن تقومي، افعلي شيئا.. حاولي أن تشيري إليّ، كي يفهم من حولي أنكِ لم تمتي، هم لا يفهمون أنها غيبوبة وستقومين، حاولي يا بنيتي فلتحركي يدكِ، أصبعكِ، ، هاهو عمر خطيبكِ قد أتى.. فابتسمي كما عودتينا، لماذا أنتِ متجهمةٌ هكذا، لماذا تصرخُ يا عمر.. لا يا ولدي,, ني?ين لم تمت، مدّ إليها يدك يا عمر، هذه ني?ين التي أحببتها.. وكتبت أشعارك لها في ليل الدجي، وقلت لي إنها من السماء أتت محبوبتك، هذه ني?ين التي طالما تغنيت بها، وحكيت عنها كما يحكي العاشقون حبهم، لماذا تركتها وحدها ياولد، هذه ني?ين يا عمر التي رزقك الله بها، هذه ني?ين التي تحمل قلبا طاهرا، فموعدُنا أنا وأنت و ني?ين الآن علي العشا، فهل نسيتِ وعدكِ بأنكِ ستعزمينا يا بنيتي، ماذا بكِ إذن؟ لا تأخذها مني ياعمر.. هي لا تحتمل..أرجوك.. لا تصرخ بجانبها.. بنيتي حضني أنا، حبي أنا، أحببتها قبلك فلا تنزعها من حضني يا ولد، ، مالي أراك تبكي يا عمر.. لماذا تؤمنون كلكم بأن نبض ابنتي قد انتهي، هي لم تمت فلتناد عليها يا عمر.. هي تحبك .. ستسمعك.. قل لها يا عمرعن المفاجأة التي كنت تعدها لها.. هي لم تعلم أنك حجزت قاعة الفرح، أخبرها بأنك يوما يا ولدي إلا وحدثتني عنها وأكبرتها، علام تبكي يا عمر.. لم تكن بنيتي لتحتمل أن تراك هكذا، نيفين لم تمت.. سيحضرون الآن أطباء علي أعلي مستوي، فلننتظر.. ليست دموعي بنيتي، أنها سني عمري التي تنتهي، وقلبي ينفطر..أتتذكر يا عمر مقولة ابنتي بأنها لن تستطيع الاعتذارعن رحلتها، وبأنها تعلم الطلاب قيمة الوطن، لماذا تأخروا.. ما هذا الضجيج المنتشر... لا تأخذوا مني بنيتي..!! [email protected] المزيد من مقالات أيمن عثمان