محافظ أسوان يكرم الحاصلين على المراكز الأولى بالدورات والبرامج التدريبية بسقارة    كل ما تريد معرفته عن صندوق إعانات الطوارئ للعمال    تراجع طفيف في أسعار الذهب مع تقلص التوقعات بخفض الفائدة في 2024    بايدن يلزم الصمت في مواجهة الحراك الطلابي الرافض للحرب على غزة    مسؤول أممي إعادة إعمار غزة يستغرق وقتًا طويلًا حتى 2040    إعلان عقوبات مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    تصفيات كأس العالم| فيفا يحدد مواعيد مباراتي منتخب مصر أمام بوركينا فاسو و غينيا    لتعريض حياة المواطنين للخطر.. القبض على شخصين لاستعراضهما بدراجتين ناريتين في القاهرة    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    الغربية تواصل حملاتها التفتيشية المفاجئة على الأسواق والمخابز والمطاعم    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    تعطل رحلات الطيران في مطار دبي من جديد بعد هطول أمطار غزيرة    "الفنون التشكيلية" يفتتح معرض "بنت مصرية" ل نادية قنديل بمتحف أحمد شوقى.. صور    كيف نحتفل بشم النسيم 2024؟    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    مؤتمر «مجمع اللغة العربية» يوصي بإضافة منهج ل أساسيات الذكاء الاصطناعي (تفاصيل)    تفاصيل موقف غريب جمع بين محمد رشدي وبليغ حمدي في بيروت وما علاقته ب «العندليب»؟    «اللهم يسر لي كل عسير واختر لي فإني لا أحسن التدبير».. أجمل دعاء يوم الجمعة    إطلاق المرحلة الثانية من مسابقة النوابغ للقرآن الكريم في جنوب سيناء 25 يوليو    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    عاجل.. هيئة الرقابة المالية تقرر مد مدة تقديم القوائم المالية حتى نهاية مايو المقبل    الأوقاف تعلن افتتاح 19 مسجدًا.. غدًا الجمعة    محافظ شمال سيناء: رفح الجديدة صممت لاستيعاب 75 ألف نسمة «من الجيل الرابع» (تفاصيل)    الداخلية تضبط 12 ألف قضية تسول في شهر    أردوغان يعلق على التظاهرات الطلابية بالجامعات الأمريكية لدعم غزة    أول رد من الكرملين على اتهام أمريكي باستخدام «أسلحة كيميائية» في أوكرانيا    وزير البترول ينعى رئيس لجنة الطاقة بمجلس الشيوخ    ميقاتي يحذر من تحول لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 لطلاب الجامعات.. تعرف على التفاصيل    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    كاف يحدد موعد مباراتي مصر أمام بوركينا فاسو وغينيا في تصفيات كأس العالم    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    صحة الإسكندرية: فحص 1540 مريضًا في قافلة "حياة كريمة" ببرج العرب    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    الإمارات: مهرجان الشارقة القرائي للطفل يطلق مدينة للروبوتات    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 48 شخصا    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    إعلامي: الخطيب طلب من «بيبو» تغليظ عقوبة أفشة لإعادة الانضباط في الأهلي    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكة الموت‏!‏
المتيني:مغادرتي لمنصبي تعبير عن تحمل المسئولية محمد صادق سراج :الاستقالة الخيار الوحيد

في خضم تأثير حوادث القطارات‏..‏ تهتز المشاعر ويخالج الألم القلوب وتذرف العيون الدموع وسرعان ما يتواري الحزن كأنه في انتظار حادث جديد‏..‏ حادث قطار أسيوط لن يكون الأخير‏,في ظل استمرار تردي أوضاع هيئة السكك الحديدية. وتجاهل إصلاح هياكلها الإدارية والمالية وإيجاد رؤية تؤدي الي تحسين الخدمة المقدمة للمواطنين وتحمي أرواح الأبرياء وتغلق سكة الموت. لم تعد هيئة السكة الحديد تحتمل مزيدا من الاهمال.. فقد هوت بها السنوات الماضية الي قاع سحيق يسدد علي أثره الدولة والمجتمع ضريبة باهظة الثمن.

في هذه الأجواء, انتفض الدكتور محمد صادق سراج رئيس لجنة النقل بمجلس الشوري في وجه أوضاع هيئة السكك الحديدية وترهل أدائها الذي أصبح يحصد بين حين ولآخر أرواح أبرياء ليس لهم ذنب اقترفوه غير قبولهم مرغمين للإهمال, واستسلامهم لخطط تسير ببطء وأفكار تطوير لم تبرح الورق. اختار الدكتور رشاد المتيني وزير النقل المستقيل تحمل المسئولية تجاه ما حدث ورفض قبول سياسة الأمر الواقع, واعترف بتقصير حدث.. لكن مشاعر الرضا تسكنه عن اداء الأشهر الثلاثة التي قضاها في موقعه في هذه المواجهة حال هيئة السكك الحديدية حاضرا ومستقبلا.
د. رشاد المتيني وزير النقل المستقيل:
مغادرتي لمنصبي تعبير عن تحمل المسئولية
استقالتك.. هل جاءت هروبا من المسئولية التي يتعين عليك تحملها ؟
الاستقالة لم تكن هروبا بقدر ماكانت جرأة في اتخاذ القرار واذا لم أكن علي قدر المسئولية ماكنت أقدمت علي الانسحاب من موقعي. لقد تصرفت تصرف المسئول المتحضر ليواجه قدرا ليس له أدني ذنب فيه ولم يأخذ حظه من الوقت ليعيد ترتيب البيت من الداخل ويعالج فساد وإهمال سنوات طويلة.. لقد قبلت هذا الموقع وأحمل علي عاتقي المسئولية وخرجت منه فوق عاتقي ذات القدر من المسئولية.. فقد واجهت الحدث وأقدمت علي إتخاذ القرار المناسب عندما وجدت رغبة بأن الطرف الآخر غير عابئ بما أسعي لتقديمه.
كيف تري حدود مسئوليتك تجاه حادث قطار أسيوط ؟
هذه أقدار لا نملك مايجعلنا نحيد عنها ونقوم علي تغيب واقعها.. لست من الذين يتنصلون من المسئولية رغم عدم مرور أكثر من شهرين ونصف علي قيامي بتولي زمام الأمور كوزير للنقل والوقت لم يكن كافيا.. حتي يتم الحكم علي سلامة موقفي ووضعي أمام مسئولية حقيقية.. لقد بدأت خطوات تسير علي درب الإصلاح والتطوير والتحديث وتعديل المسار صوب الاتجاه الصحيح الذي يقود هيئة السكة الحديد إلي إعادة بنائها علي نحو يضمن خدمة جيدة للركاب. أملك مسئولية سياسية أمام المجتمع وأتحمل تبعاتها, لكن ليس من المنطقي في شيء أن يصب فساد وإهمال السنوات الطويلة فوق عاتقي.. الخطوات جاءت متسارعة لأجل تحقيق تقدم ملموس وهذه مسئوليتي التي أتحملها عن رضا وقناعة أما ان أصبح مسئولا عن حادث أسيوط وأسدد فاتورته أمام الرأي العام.. فإنه ليس من الإنصاف في شيء..
يوجد من يشاركك المسئولية فيما حدث ؟
إذا كان للوزير مسئولية تجاه حوادث القطارات علي نحو يجعلها محصورة في شكل سياسي.. فإن هناك في المقابل مسئولية مباشرة علي العاملين في هيئة السكك الحديدية.. يتعين عليهم تحملها والوفاء بها أمام المجتمع وعندما تقع هذه النوعية من الحوادث فإن عليهم التزام تقاعسوا عن أدائه وحادث أسيوط كشف عن عوار شديد في حجم المسئولية التي تقاعس عنها العاملون ولم يؤدوا دورهم علي النحو الأكمل الذي يصون الأرواح ويعالج مشكلات متكررة. وكما أن لهؤلاء مسئولية.. فإن علي سائق المركبة مسئولية أخري.. فقد تصرف علي نحو غير مسئول وكان يتعين عليه الأخذ بالأحوط والتأني قبل عبور المزلقان حفاظا علي أرواح توجد في ذمته.. نحن أمام ظاهرة اجتماعية تعكس حجم الفوضي والإهمال وعدم الرغبة في الالتزام بسلوكيات ضامنة تحول دون إحداث أزمة.. هناك تصرفات نقدم علي ارتكابها ويدفع الجميع ثمنا باهظا لها وحادث القطار يجسد هذا المعني لواقع أليم نتخلي فيه عن أبسط قواعد الحياة.
كان يتعين عليك الانتباه لحوادث القطارات بعد واقعة الفيوم ؟
الأخطاءالمتوقعة من العنصر البشري في تعامله اليومي مع القطارات يصعب التنبؤ بها وكل حادث له طبيعته وأسبابه التي قادت الي وقوعه منذ اللحظة الأولي وعملي في هذا الاتجاه يأتي ليصب في مسار تغيير الأوضاع القائمة.. القضية ليست في تدارك حادث وقع وقد يقع فيما بعد.. القضية تصب في اتجاه يتعلق بحجم المشكلات القائمة علي أرض الواقع. لدينا1260 مزلقانا مسجلين ومعروفين ونضع لها ضوابط وضمانات تقوم علي العنصر البشري ومايقرب من100 مزلقان ليس لهم ضوابط أو اشتراطات أمان.. فقد أقامها الناس بالمخالفة ويصعب السيطرة عليها وتحمل خطورة علي أرواح من يترددون عليها.. لم أكن أود الانتظار لحين كارثة وكنت أريد استباق الزمن واختصار الموقف.. لكن خطوات القدر سبقت مسيرة الإصلاح.
لم نتعلم من حوادث القطارات المستمرة بعلاج الأخطاء القائمة ؟
كثير من الناس يخرجون للحديث عن أمور تتعلق بحوادث القطارات ويدلون بآراء لاتقوم علي حقيقة الواقع أو تقف علي أبعاد القضية وهذا يقود الرأي العام الي حالة من الفوضي وغياب الوعي.. حوادث القطارات تحتاج الي وعي مجتمعي وفهم واضح لما يدور.. وزير النقل ليس مسئولا عن تحقيق الأمان لخط سير القطار وكل الأشياء المحيطة به.. وهذه أمور من الصعب تحقيقها والعمل بها علي أرض الواقع. في الماضي كان يتحمل مسئولية حوادث القطارات ويسدد ثمنها رئيس هيئة السكة وحده إلا فيما ندر تأتي بإقالة الوزير.. استخدام القطارات يحتاج الي جانب تطوير الهيئة بكل عناصرها لوعي مجتمعي وتعامل من نوع خاص..
كنت تعلم بالواقع الأليم لأوضاع السكة الحديد المتردية ولم تتحرك ؟
كل الأمور تدارست في هيئة السكك الحديدية للوقوف علي حقيقة وضعها ووضع رؤية للاصلاح.. لم نكن نلتزم الصمت تجاه الصورة السائدة وعملت جاهدا لتغيير ملامحها..لكن تحقيق ذلك أن يأت بين يوم وليلة.. يحتاج لوقت حتي يشعر المواطن بأن شيئا ما قد تحقق والوقت أمامي كان قصيرا ووعي الناس لا يسعفني أو يساعدني علي اختصار الخطوات والوقت.. فالقاعدة العريضة تتعامل مع القطارات علي نحو سيئ وكأنها تسعي لتخريب كل إنجاز. واقع السكة الحديد القائم ليس خافيا علي أحد.. فالصورة واضحة تماما وقد استغرقت في كل تفاصيلها ووضعنا رؤية لإصلاحها في أقرب وقت وأتصور أنه لم يكن هناك مستحيل لبدء مسيرة الإصلاح فيها لو خلصت النوايا وتحمل كل مسئول فيها الأمانة الملقاة فوق عاتقه.. هناك عقبات كثيرة تعترض عملية التطوير وفي المقابل جاءت الحلول وفي يقيني يسود الرضا عما كنت قد بدأت وضعه لإنقاذ الهيئة وتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين.. لكن حال القدر دون خروجها للنور.
تصديت بقوة للتعامل مع ملف إصلاح الهيئة علي نحو جاد ؟
إيماني بحقيقة المشكلات التي تكابدها السكك الحديدية دفعني للسعي جاهدا صوب التعامل مع هذا الملف الشائك المتخم بأعباء جسيمة ووضعت له رؤية كاملة تقبل التطبيق علي أرض الواقع وندفع المواطن صوب الاحساس بتحسين الخدمة لكن ليس من المقبول إعطاء الهيئة كل وقت الوزير فهناك خمسة قطاعات يتعين التعامل معها علي نحو جاد والتصدي لمشكلاتها وإيجاد الحلول لها عبر رؤي واقعية ولانني أعرف جيدا مدي أهمية الهيئة.. فقد تعاملت معها علي نحو خاص وحاولت استباق الزمن ربما نغير في القريب العاجل أشياء تكسبها واقعا مختلفا. السكك الحديدية لها طابع مختلف عن باقي هيئات ومؤسسات الدولة.. علي اعتبار أنها تتعامل مع المواطن بشكل خاص ويقع فوق عاتقها العبء كاملا في كافة المراحل وعلي أساس هذا الواقع اخلصت النوايا واجتهدت للتعامل مع هذا الملف المتخم بأعباء جسيمة وليس هناك أدني تقصير تجاه ماتم اتخاذه من خطوات تنفيذية بدءا من إيجاد مصادر للتمويل والاستثمار وبناء رؤية جادة عبر أفكار غير تقليدية.
وجدت مايعترض طريقك ويحول دون تحقيق نهضة بأوضاع السكة الحديد ؟
الوضع القائم لم يكن من السهل تغييره والتغلب علي مايقف حائلا دون الاسراع في تنفيذ مخططات التطوير.. فقد وجدت ان مناخ العمل يحتاج الي بيئة مناسبة تعين علي استيعاب عملية التحديث وأتصور ان المناخ الجيد اذا لم يتوافر فلن نجد من يسهم في إحداث نقلة نوعية للهيئة خاصة ان نظام العمل فيها تحكمه قواعد جامدة لم تعد تحقق المأمول في تقديم خدمة مقبولة للمواطنين.. كنا نحتاج في البداية الي مناخ عمل وهذا المناخ يرتبط بالقوي البشرية العاملة فيها.. لذلك سارعت بالتعاون مع القيادات والخبراء في وضع برامج تعيد تأهيل وتدريب العاملين علي كيفية تقديم الخدمة والارتقاء بمستواهم المهاري. ووجدت أيضا عثرات قانونية في تعاقدات أبرمت ولن نستطع تغييرها.. كونها قامت علي شروط مجحفة وفوق كل ذلك روتين قاتل يحول دون تحقيق المرونة المطلوبة في التعامل مع الأحداث الطارئة وتمويل غير موجود..
سقطت من بين يديك إجراءات كان عليك اتخاذها علي الفور لتدارك الأخطاء القائمة ؟
قبلت تحمل المسئولية وحمل الأمانة وطموحي يسبق الواقع المتردي السابح فيه هيئة السكك الحديدية وكنت أعلم يقينا بأن خطوات التطوير والتحديث لابد ان تسارع لانتشالها من هوة قاع سحيق آلت إليه وقد بأت من أول الطريق.. من مكان مناسب يدفع نحو تحسين الخدمة وتقديمها بصورة مختلفة.. كافة المخططات المتعلقة بذلك وضعت في صورتها النهائية وكنا قد شرعنا في تنفيذها.. لكن سوء الحظ حال دون استكمالها. أقف علي يقين وأرض صلبة واستطيع القول إنني لم أتوان في إتخاذ إجراءات كان يلزم اتخاذها لتحديث وتطوير الهيئة.. ماقدمته خلال الأشهر الثلاثة التي قضيتها في موقعي يجعلني مرتاح البال.. كوني أديت الأمانة علي نحو جاد وتمكنت خلال أيام من بناء واقع مختلف يقود السكة الحديد الي التخلص من عثراتها المالية باستغلال بنيتها الأساسية وعقد اتفاقيات مع كثير من مؤسسات الدولة واستكمال المشروعات المتوقفة وفتح نوافذ جديدة لأسلوب العمل.
مهمة الوزير القادم ستكون سهلة وفق مخططات تركتها وواقع يواجهه ؟
الوزير الجديد من المؤكد أنه يستطيع استكمال البناء والتعامل مع المخططات التي وضعت والانطلاق منها.. لكن المعضلة الأساسية ليست في مخططات قائمة وإنما تكمن في واقع صعب بدءا من المشكلات المالية المتراكمة وضعف التحويل اللازم والقوي البشرية التي تقود عملية تنفيذ الرؤي والمخططات. دون جدال الوزير الجديد مهمته لن تكون سهلة وإنما سيقع عليه عبء جسيم, ويتحمل فوق طاقته.. حتي يتمكن من علاج مشكلات صعبة في واقع الهيئة.
د. محمد صادق رئيس لجنة النقل بالشوري:
مضي زمن المجاملات.. والاستقالة الخيار الوحيد
استقالة وزير النقل... هل تراها صورة من صور التخلي عن مسئولية أراد التنصل منها؟
مضي زمن التنصل من المسئولية الوطنية والشعبية تجاه رعاية مصالح المواطنين والتقصير تجاهها, ومن يرتكب خطأ فعليه تحمله وحصاد نتائجه.. وزير النقل لم يكن أمامه صوب حادث قطار أسيوط.. ومن قبله بأيام حادث الفيوم.. غير تقديم استقالته علي اعتبار ان لديه مسئولية سياسية وإدارية لا يمكنه التنصل منها والقاؤها علي الآخرين, فنحن أمام حادث أليم ترتب عليه إزهاق أرواح أبرياء ولابد من التعامل معه علي أرض الواقع.. لم يكن أمام وزير النقل طريق آخر يستطيع ان يمضي فيه غير تقديم استقالته كون لديه مسئولية تقع فوق عاتقه.. لذلك فإن القرار الذي اتخذه يجسد نوعا من رغبته في تحمل المسئولية وأنه لم يمكث في موقعه بعد الحادث.. فالنظام السياسي يعتنق منهج عدم الدفاع عن اخطاء ترتب عليها ضرر للمجتمع.
ما الاطار الذي تضع فيه حدود مسئوليته تجاه حادث القطار؟
تنحصر المسئولية التي تقع فوق عاتق وزير النقل في شكل سياسي ومجتمعي, كونه القائم علي شئون هيئة السكك الحديدية والمهيمن علي سياسات يجب أن تكون واضحة ومعروفة عبر خطط لتغيير الواقع الأليم للهيئة وتحسين الخدمة التي تقدم للمواطنين.. هناك حادث اليم وقع ضحيته أبرياء.. نتيجة أخطاء جسيمة وإهمال وعدم توفير عوامل الأمان التي تكفل حماية الأرواح وتصون المال العام.. هذا الحادث لا يمكن يمر حدوثه دون حسم قاطع لما يتعين ان يقوم به كل مسئول يتولي موقعا قياديا ويحمل في عنقه أمانة. لابد ان توجه الي الوزير الأسئلة حول ما وضعه من رؤي لعلاج الأوضاع المترهلة للهيئة ومدي قيامه بتوفير عوامل الأمان لمنع وقوع حوادث جديدة.. كل ما يتحمله الوزير في هذه الفترة التي قضاها جديته في الإصلاح والتطوير ومن غير المنصف وضعه أمام مسئولية كاملة.. لأن أي تطوير للهيئة لن يحقق عائدا يتلمسه الناس إلا بعد مرور عام علي الأقل.
هناك من تحمل معه عبء المسئولية تجاه الحادث الأليم؟
كل من يعمل في هيئة السكك الحديدية يعايش واقعها الأليم ويعلم تماما نقاط الضعف وطبيعة المشاكل والإجراء الذي يتعين اتخاذه للتعامل معها, وكان يجب علي الوزير الإلمام بكل هذه التفاصيل والوقوف عليها لوضع رؤية عاجلة تعيد الحياة لتلك الهيئة واصلاح ما أفسده الدهر, فالهيئة تعاني مشاكل صعبة والجميع يعلمها, وأتصور أن الوزير خلال الفترة الوجيزة التي قضاها هناك استطاع التعرف عن قرب علي كل الأوضاع القائمة ومهما تكن قدرته علي التعامل معها.. فإن للعاملين فيها أيضا مسئولية مباشرة. هناك مشكلة تتجسد في وجود قيادات لم تعد قادرة علي العطاء والقيام بواجبها علي نحو جاد.. فالوزير يتحمل المسئولية وهم أيضا يتحملونها ذاتها.
الوزير لم ينتبه إلي أزمة حوادث القطارات ويعتبره ما حدث في الفيوم جرس إنذار؟
حتي نضع الأمور في نصابها الحقيقي ويأخذ كل ذي حق حقه ولا نلقي بكامل المسئولية علي عاتق الوزير وحده بينما هناك آخرون يقع فوق عاتقهم عبء جسيم في إحداث الاصلاح وتوفير عوامل الأمان, فإن حادث قطار الفيوم كان جرس إنذار, ليس للوزير وحده وإنما لكل من يعمل في هيئة السكك الحديدية.. وفي تقديري فإن هناك نوعا من الاهمال مازال مستمرا ويتعين عدم تجاهل ما يحدث كون ذلك سيكون دافعا صوب تكرار هذه النوعية من الحوادث. إن التفاصيل الكثيرة والمعقدة التي تعاني منها الهيئة كان يتوقع في ظل وجودها وقوع هذه النوعية من الحوادث ويصعب معها منع تكرارها.. لذلك لابد من البحث عن صيغة ملائمة يمكن عبرها إيقاف نزيف الخسائر.. والعمل علي بذل مزيد من الجهود لتحقيق الاصلاح والتطوير.
تكرار حوادث القطارات علي هذا النحو يكشف غياب الرؤية؟
حادث القطار الذي راح ضحيته أبرياء لم يكن الأول من نوعه.. فقد حدث بشكل أو بآخر ولن يكون الأخير تحت وطأة أوضاع الهيئة وعدم التعامل معها علي نحو عاجل ووضع خطط تعين علي تحسين أموالها.. مشكلة السكة الحديد أكبر من أي وزير ونحتاج إلي تدخل حكومي يقوم علي تنفيذ رؤية واضحة وقابلة للتطبيق علي أرض الواقع. حوادث القطارات أتوقع تكرارها إذا استمرت الهيئة تعاني هذا الواقع الصعب, ومع الأسف تعودنا علي التحرك تجاه علاج الأزمات عندما تقع حادثة, وقبلها لن نفكر ولم نضع انفسنا أمام المسئولية, وكان النظام السابق يترك الأمور تتفاقم ولا يتحرك تجاه علاج المشكلة إلا في حالة وقوع كارثة ونحن لن نقبل باستمرار وضع السكة الحديد علي هذا النحو القائم الذي يدفع كل يوم إلي وجود كارثة جديدة, فلابد أن يضع الجميع أنفسهم رهنا لتحسين الأوضاع.
الوزير كان يملك صورة قاتمة لوضع السكة الحديد ولم يحاول تغييرها؟
وضع الهيئة المتردي يعلمه الجميع, والصورة القاتمة اتصور أن الوزير يعلم تماما التفاصيل الدقيقة عنها, فقد عانت طويلا في ظل نظام عقيم من آثار الاهمال وعدم الاهتمام بإيجاد علاج جذري لمشكلات تعانيها.. لقد ورثت الهيئة نظام عمل صعب قبوله وتطبيقه لإحداث الاصلاح والتطوير الذي يدفع المواطن نحو الرضا عن الخدمة المقدمة إليه.. فالهيئة تعاني أزمة شديدة وإذا لم نتدخل للعلاج علي نحو سريع فإن مشكلاتها ستتفاقم ويتعقد وضعها.. وتحقيق الاصلاح ليس معضلة وإنما يحتاج إلي رؤي جادة وقيادات لديها رغبة وإيمان بالاصلاح.
لن أفتش في نوايا الوزير رغم أنني كرئيس للجنة النقل بالشوري أشعر بعبء المسئولية تجاه عدم السماح باستمرار أوضاع الهيئة السائدة.. أي وزير يريد النجاح في أداء مهمته لأنه يعلم تماما أن الشعب سيصب غضبه عله إذا أخفق فيها ولم يحقق لهم ما يحتاجون إليه.. والمشكلة أن لدينا فجوة مازالت قائمة في القدرة علي الانجاز والتحرك العاجل صوب التعامل مع الواقع السائد.
تملك مشاعر رضا تجاه تعامل الوزير مع ملف إصلاح السكة الحديد؟
لن أتحامل علي الوزير وأضع فوق عاتقه تركة ورثها مثقلة بالهموم والفساد.. فنحن أمام واقع مترد ويحتاج تغييره بعض الوقع, والوزير لقول الحق لم يأخذ فرصته حتي نحكم علي أدائه.. قد يكون خطه العاثر تكرار حوادث القطارات خلال أسبوعين.. مرة في الفيوم وبعدها في أسيوط, ولست ألتمس له الأعذار تجاه ما حدث أو أرفع من فوق عاتقه المسئولية التي يتحملها في الاسراع بإصلاح أحوال الهيئة.. فعليه مسئولية واضحة ومحددة بحكم توليه سدة القرار. قد يكون الوزير درس ملفات الهيئة ووضع تصوره لتنفيذ مخططات الاصلاح, لكنها لم تظهر بعد ولن نتعامل مع خطط مازالت علي الورق ولم تترجم الي واقع.. الفيصل في القضية تغيير واقع السكة الحديد, وإشعار المواطن بأن هناك شيئا جديدا قد حدث للخدمة المقدمة اليه.. الأمور تقاس بالمنطق, وواقع الهيئة يحتاج إلي نظرة حقيقية وتغيير حقيقي ولن يقبل أحد بغير ذلك.
يوجد ما يعترض طريق الوزير في تطوير الهيئة ويحول دون إصلاحها؟
نتفق جميعا علي أن الأوضاع القائمة تحتاج إلي جهود شاقة لتغيير الأحوال السيئة ووضع كل قيادة في السكة الحديد أمام مسئوليتها.. لأن الوزير بمفرده لن يستطيع تحقيق إصلاح واسع فيها.. لابد من مشاركته والعمل معه بجدية وإخلاص حتي يتم بلوغ الأهداف المرجوة.. نحن أمام هيئة تنزف خسائر مالية فادحة وتتحمل الدولة لأجلها فاتورة باهظة الثمن ويدفع أيضا المواطن من عنائه جراء تعامله معها. لن انكر أن الوزير كان أمام امتحان صعب.. امتحان أكبر من الأجابة عن اسئلته بمفرده.. كان علي الحكومة أن تعاونه وتعطيه الامكانات المالية اللازمة.. لكنني أري تخبطا في التعامل مع ملفات السكة الحديد المتخمة بمشاكل تنوء لها عصبة أولي قوة بدءا من ديون تراكمت والوزير ليس مسئولا عنها, وتمويل غير موجود, ونظام عمل عقيم لم يعد يستطيع الوفاء بما عليه من التزامات.
تناسي وزير النقل أشياء كان يتعين عليه اتخاذها للإسراع في علاج ما تعانيه الهيئة؟
السكة الحديد يأتي علاج ما فيها من مشكلات عبر خطط واعية تضع في الاعتبار وضعها القائم ويجري تنفيذها علي نحو جاد.. خطط يقبل الواقع تطبيقها.. ليس من السهل الحكم علي أداء الوزير خلال هذه الفترة الوجيزة التي قضاها في الوزارة.. لكنني أستطيع إبداء انطباع مبدئي بأن ما كان يتخذه من إجراءات يعكس أن تغيير وضع الهيئة لن يتحقق بالصورة التي يتوقعها المواطنون, لذلك جاءت حدة الغضب الشعبي تجاه حادث أسيوط ومن قبله الفيوم. الأوضاع تحتاج إلي سرعة في اتخاذ القرار والتصدي للروتين الذي أتصوره أنه العامل الأساسي فيما آلت اليه أوضاع الهيئة ودفعها نحو الحالة المتردية التي بدت عليها.. والوزير مع الأسف الشديد وقع هو الآخر رهنا لنظام عقيم ورثه ولم يستطع التعامل معه.. لابد أن نؤمن بأن الأصلاح يتطلب خطوة جادة وقلب جريء وقدرة علي اتخاذ قرار سريع يواكب طموح المجتمع.
نتصور أن مهمة الوزير القادم إلي النقل ستكون مستحيلة في ظل الأوضاع القائمة؟
دون جدال فإن هناك عبئا ثقيلا سيلقي بظلاله علي الوزير القادم ويدفعه نحو التفكير الجاد في التعامل مع أزمات السكة الحديد وسيضع ما حدث أمامه طوال الوقع وسيتخذ منه العبرة والغطه حتي يكون علي قدر المسئولية وتحقيق اصلاح وتطوير هيئة يحكمها نظام عمل يصعب استمراره.. لقد أصبحت الهيئة أمام التركة الثقيلة مكبلة بأعباء جسيمة وفي حاجة شديدة الي فكر مختلف ووزير يقظ يملك الجرأة والسرعة في اتخاذ القرار والقدرة علي سباق الزمن لإحداث تطوير للخدمة المقدمة إلي المواطنين وحماية أرواح الأبرياء وإذا لم يحظ الوزير القادم بدعم الحكومة بتوفير الدعم المالي اللازم له. فلن يستطيع إحداث تغيير حقيقي في واقع الهيئة, وفوق كل ذلك إيمانه بأفكار وخطط واقعية تعطيه فرصة لاختصار الوقت.. لأن المواطن لم يعد يحتمل التجريب والصبر تجاه خدمة تقدم إليه.. المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.