استجابة لأهالي «حي الزهور».. تحويل مقلب قمامة إلى مسطح أخضر في بورسعيد    الأسهم الأوروبية تنخفض للجلسة الثانية بعد سلسلة مكاسب    مصر والتشيك تبحثان تعزيز التعاون بمجالات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي    استمرار تراجع العملة النيجيرية رغم تدخل البنك المركزي    القسام تعلن تدمير 100 آلية إسرائيلية في غزة خلال 10 أيام    أوكرانيا تسعى جاهدة لوقف التوغل الروسي فى عمق جبهة خاركيف الجديدة    رحيل تشافي.. برشلونة يسابق الزمن لحسم صفقة مدربه الجديد    بث مباشر مباراة الأهلي والزمالك في نهائي دوري كرة اليد (لحظة بلحظة)    الأرصاد تحذر من طقس غدًا: شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 39 درجة    إصابة طالبة سقطت من شرفة منزلها في سوهاج    الحماية المدنية تخمد حريق هائل داخل مخزن مراتب بالبدرشين    محمد عادل إمام يهنئ والده في عيد ميلاده بصورة نادرة من الطفولة    بعد غلق دام عامين.. الحياة تعود من جديد لمتحف كفافيس في الإسكندرية (صور)    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    حسام موافي يوضح أعراض الإصابة بانسداد الشريان التاجي    الكشف على 917 مواطنا في قافلة طبية مجانية بقنا    "بسبب سلوكيات تتعارض مع قيم يوفنتوس".. إقالة أليجري من منصبه    توخيل يؤكد تمسكه بالرحيل عن بايرن ميونخ    "بموافقة السعودية والإمارات".. فيفا قد يتخذ قرارا بتعليق عضوية إسرائيل    وسط فرحة كبيرة من المصلين.. حضور رسمي وشعبي واسع في افتتاح المساجد اليوم    4 وحدات للمحطة متوقع تنفيذها في 12 عاما.. انتهاء تركيب المستوى الأول لوعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية    مقتل شرطيّين جنوب ماليزيا خلال هجوم يشتبه بأن منفّذه على صلة بإسلاميين    السكة الحديد: إيقاف بعض القطارات أيام الجمعة والعطلات الرسمية لضعف تشغيلها    بريطانيا تتهم روسيا بتزويد كوريا الشمالية بالنفط مقابل السلاح    سوليفان يزور السعودية وإسرائيل بعد تعثر مفاوضات الهدنة في غزة    زعيم السعادة 60 سنة فن    البيت الأبيض: الولايات المتحدة لا تريد أن ترى احتلالا إسرائيليا في قطاع غزة    عمر الشناوي حفيد النجم الكبير كمال الشناوي في «واحد من الناس».. الأحد المقبل    عمرو يوسف يحتفل بتحقيق «شقو» 70 مليون جنيه    إزاحة الستار عن 3 مشروعات باقتصادية قناة السويس باستثمارات 30.5 مليون دولار    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    بالصور.. رئيس مدينة المنيا يفتتح مسجدين جديدين    تاتيانا بوكان: سعيدة بالتجديد.. وسنقاتل في الموسم المقبل للتتويج بكل البطولات    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    الأنشطة غير المصرفية تقدم تمويلات ب 121 مليار جنيه خلال فبراير الماضي    أحمد السقا: أنا هموت قدام الكاميرا.. وابني هيدخل القوات الجوية بسبب «السرب»    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    بعجينة هشة.. طريقة تحضير كرواسون الشوكولاتة    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مخيم البريج ورفح بقطاع غزة    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    جوري بكر تعلن انفصالها بعد عام من الزواج: استحملت اللي مفيش جبل يستحمله    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    «المستشفيات التعليمية» تكرم المتميزين من فرق التمريض.. صور    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    حركة فتح: نخشى أن يكون الميناء الأمريكي العائم منفذ لتهجير الفلسطينيين قسريا    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقيه الذي ننشده

لقد بذل فقهاؤنا القدماء ومن كانوا قبلنا جهودا خارقة لا يمكن أن يتخيلها عقل أو يحيط بها خيال حتي خلفوا لنا تراثا تباهي بها الأمة الإسلامية غيرها من الأمم‏. فلا توجد أمة في التاريخ ولا في الواقع تملك هذا التراث العظيم الذي هو ثمرة تفاعل العقل مع الوحي بما يحقق مقاصد الشريعة ويراعي مصالح الناس.
إن فقهاءنا ومفتينا السابقين قد اجتهدوا لعصرهم, واستنزلوا هدايات الوحي لما يجيب عن إشكالات واقعهم, وما يجيب عن واقعاتهم ومستجداتهم ونوازلهم, ولم يبدأوا من فراغ وإنما أفادوا من اجتهادات السابقين والاستعانة بها بما لا يخالف حكما عاما محكما, وبما يحقق مصالح الخلق.
ومن ثم فإن علينا في هذا العصر الذي نعيشه أن نعمل علي تعزيز قدرة الفقهاء المعاصرين أو معظمهم من ناحية, ومن ناحية أخري إيجاد جيل فقهي يمارس الاجتهاد والتجديد وتقديم الإسلام كما هو بمقاصده وحقائقه ومبادئه... وذلك للإجابة عن أسئلة العصر ومعضلات الحياة كما أجاب من سبقونا عن أسئلة عصرهم ومعضلات حياتهم... وإلا فسوف تنحسر حركة الفقه عن الواقع, وينفلت الواقع بعيدا عن مظلة الشريعة, كما نراه اليوم في عصرنا بشكل أو بآخر, وقد تقرر أن من مقاصد الشريعة انتظام الواقع تحت مظلتها.
****
ومن الثابت علميا وعقليا أنه ليس كل اجتهادات السابقين تصلح لنا, فبعضها كان له ملابسات خاصة, أو جاء في بيئة معينة, أو لرفع ضرر موجود, أو رعاية لمآل من المآلات, أو إجابة علي واقعة عين, أو واقعة حال.. بما لا تصلح معه أن تستدعي للإجابة علي سؤال معاصر يختلف في ملابساته وطبيعته وحالاته عن السؤال القديم والإجابة عليه.
والتراث الفقهي في نظري لا يحتاج إلي تجديد من هذه الناحية, وإنما يحتاج إلي فهم عميق ودقيق.. فهم يقف علي ملابسات الرأي أو الفتوي, وما احتف به من ظروف وأحوال, وطبيعة العصر الذي كان فيه هذا الرأي, والقضايا السيارة التي كانت تشغله, والتيارات التي كانت تعيش فيه, والأحوال الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية والثقافية التي كان يمور بها هذا العصر, وهذا لا يتأتي لأي أحد.. إنما لا يكون إلا لأولي العزم من العلماء أصحاب العلم الراسخ والحجة القوية, وأصحاب الذكاء والدقة والإحاطة, والمؤيدين والمسددين من قبل ومن بعد بتوفيق الله تعالي.
وهذا هو الطريق الوحيدة لفهم تراثنا, ولاستيعاب ما فيه من آراء وفتاوي وأقوال, والوقوف علي سرها وحقيقتها بما يحول بيننا وبين أن نستدعيها استدعاء مخطئا وخاطئا, أو نجلبها في غير مكانها, فنخطئ في تحقيق المناط, وهو أخطر ما يمكن أن يقع فيه الفقيه في اجتهاد من الاجتهادات.
وليس معني هذا أن فقهنا لا يحتاج لتجديد, وإنما أقول إننا بحاجة لفهمه حق الفهم, وهذا الفهم الدقيق والمنضبط والعميق والمستوعب هو الذي سيترتب عليه معرفة ما الذي يحتاج منه لتجديد وما لا يحتاج, وما الذي يحتاج لرد أو تعليق, أو رفض أو قبول; لأن رد بعض الأقوال دون سبر أغوارها هو جناية عظيمة علي الفقه, وعلي الفقهاء في الوقت نفسه.. وهذا لا ينفي وجود بعض الآراء المعارضة لروح الإسلام, ومكمن الخطر فيها أنها تلبست بالأقوال وبعض الحواشي في بعض عصور الانحطاط العلمي والتراجع الحضاري مع إهمال لروح الإسلام وحقائق الشريعة ومقاصدها الكبري, وليس هذا موضع تفصيل القول فيه.
إننا نحتاج- بحق- في هذا العصر إلي تجديد الفقيه أكثر من حاجتنا لتجديد الفقه, فتجديد الفقه لن يقوم به إلا فقهاء حقيقيون مجددون يحيطون بعلوم الشريعة من جميع جوانبها, ويعرفون دقائق الواقع بكل تفاصيله.
الفقيه الذي ننشده هو الذي ينتقي من اجتهادات السابقين ما يناسب عصرنا.. هو الذي يفقه الواقعة المعاصرة التي يتحدث عنها حتي يحقق مناطها تحقيقا دقيقا يتنزل عليه الحكم تنزلا سليما دقيقا.. هو الذي يراعي المآلات التي يمكن أن يؤول إليها قوله أو تترتب علي فتواه.. هو الذي يفقه المرحلة التي تمر بها الأمة والظرف الدقيق الذي يمر به الناس.. هو الذي يحكم كل هذا بفهم واستلهام وتحكيم مقاصد الشريعة وحقائقها التي توشك أن تعصم الفقيه من الوقوع في الخطأ, والتي تضبط حركة التفكير, وترشد عملية الاجتهاد.
ما أحوجنا في هذا العصر إلي إيجاد جيل من الفقهاء المجددين الذي يجددون الفقه, ويجيبون علي أسئلة العصر, ويستشرفون حال المستقبل.. إننا بذلك نكون قد أسدينا خدمة جليلة للعلم والعلماء.
د. وصفي عاشور أبوزيد
مختص في مقاصد الشريعة الاسلامية ورئيس مركز بناء للبحوث والدراسات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.