لم يعد أمام الحكومة متسعا من الوقت تحت وطأة النزيف المتدفق في عجز الموازنة العامة.. فقد دفعتها قسوة الأوضاع الاقتصادية لاتخاذ حزمة إجراءات للإصلاح الضريبي تعينها علي تدبير الأموال اللازمة لتلبية احتياجات المجتمع المتجددة. كان الخوف يسكن الحكومات السابقة جراء بطش رجال الأعمال حيال تطبيق الضريبة التصاعدية رغم ماحققوه من أرباح طائلة نتيجة حصولهم علي مميزات لم تكن موجودة في أي من دول العالم. أقدمت الحكومة علي كسر حاجز الخوف وقررت طرح الضريبة التصاعدية للتطبيق. ربما تسهم بجزء كبير في سد عجز الموازنة وحاولت إدارة حوار مع أصحاب رءوس الأموال للوصول الي صيغة ملائمة للشرائح الضريبية المقترحة. ووجد المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال ثمة تحفظات رصدتها لجان قامت علي دراسة نظم تطبيق الضريبة فوجدتها طاردة للاستثمار والحكومة تلجأ اليها لزيادة حصيلة الأموال في خزانتها دون مراعاة للبعد الاجتماعي والاقتصادي. بينما حاول ممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب وضع النقاط علي الحروف ويزيل سوء الفهم للنظام الضريبي المقترح ويكشف أنه جاء لتحسين نوعية الحياة وتلبية المطالب الفئوية وانها ليست بدعة, كون معظم دول العالم تعمل بها.. في هذه المواجهة إبعاد أزمة الضريبة التصاعدية. حسين صبور --- ممدوح عمر حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال: الضريبة تدفع برءوس الأموال للهروب.. ونظام العمل بها تغيب عنه قواعد واضحة التصور المقترح لتطبيق الضريبة التصاعدية يمكن العمل به علي أرض الواقع؟ تدارست جمعية رجال الأعمال الموضوع من جميع جوانبه عبر لجان فنية متخصصة, تكون آراء علي أساس علمي ومنهجي وتوصلت في نهاية الأمر إلي عدم إمكانية تطبيق الضريبة المقترحة لوجود مشكلات عديدة تترتب عليها, وتضع قضية الاستثمار الذي نحاول في الوقت الراهن جاهدين لاعادته وفق معدلاته الطبيعية باستقطاب رءوس الأموال الأجنبية وتوفير المناخ الملائم الذي يدفعها, ويغريها علي العمل في مصر. تطبيق الضريبة التصاعدية سيواجه بمشكلات صعبة, تداركها في ظل العمل بها سيكون أمرا مستحيلا كونه سيخلف وراءه آثارا سلبية تدفع بحركة الاستثمار إلي التعثر, وتحول دون انطلاقها, وفي ضوء ما استقرت عليه جمعية رجال الأعمال, وقناعتها فإنه من الأفضل الابتعاد عنها, والعمل علي توفير مناخ ملائم للاستثمار وايجاد نقاط جاذبة. الوضع الاقتصادي السائد نراه يملك القدرة علي احتمال هذا النوع من الضرائب؟ الأوضاع تسير في اتجاهات خاطئة. نحن أمام اشكالية معقدة فرضها الوضع الاقتصادي السئ ومن غير المقبول اضافة أعباء جديدة فوق كاهل اقتصاد يواجه حالة نضوب في موارده. الوضع يتطلب قبل اضافة أعباء ضريبية جديدة البحث عن مخرج لإعادة الحيوية في جسده وبدء دوران عجلة العمل ووضع أصحاب رءوس الأموال أمام مسئولياتهم يتعين البدء من نقطة بداية حقيقية يحكم نظام عملها المنطق حتي لاتزداد المضاعفات. الأرباح التي يحققها رجال الأعمال يمكنها استيعاب مزيد من الضرائب؟ تتوقف المسألة علي الشرائح الضريبية المقررة والنظام المعمول به في هذا الشأن. كان هناك نظام للضريبة التصاعدية قد وضع ضوابطه وقواعده يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق, وأظن أنه يعد نظاما مقبولا ويتدرج في شرائحه علي أساس واضح وقد قبله معظم رجال الأعمال وأصحاب رءوس الأموال كونه لم يكن يشكل عبئا جسيما علي كاهلهم., دون جدال يحقق رجال الأعمال من استثماراتهم مكاسب جيدة.. لكن قضية الحكم في قدرتهم في استيعاب فرض الضريبة التصاعدية مسألة نسبية تختلف من مشروع إلي آخر, وفي كل الأحوال من المؤكد أنها تضع أعباء جديدة فوق كاهل أصحاب رءوس الأموال وتدفعهم نحو اعادة النظر في كيفية تدبير الأعباء المالية الجديدة علي اعتبار ان كل مستثمر يحدد لمشروعه نسبة أرباح متوقعة وهذا النظام من الضرائب لم يكن موجودا من قبل, وبالتالي المعادلة تتغير قواعدها. المشروعات الاستثمارية تقع فريسة للنظام الضريبي المقترح؟ أصحاب رءوس الأموال عندما اقاموا مشروعاتهم قبلوا بنظام واضح في هذا الشأن, وفي ضوئه اتخذوا مايلزم نحو ذلك والمتغيرات الضريبية الجديدة تعد نوعا من الضغوط والأعباء التي تلقي علي عاتق رجال الأعمال كونه أصبح ملزما بتسديد أموال اضافية لم يكن يضعها في اعتباره في أثناء اقامته للمشروع, ووفق ذلك فإنه يتعين ايجاد بند مالي من الأرباح التي يحققها للضريبة المقترحة. نحن الآن أمام اشكالية مشروعات مقامة بالفعل علي أرض الواقع, وأصحابها يعرفون حجم الأرباح المحققة ومشروعات أخري ستقام, وسيعيد أصحابها النظر في أمرها علي أساس المتغيرات الضريبية المقررة. ونظرة الحكومة لدعم الاستثمار في قضية الطاقة.. أصحاب رءوس الأموال في ضوء ماتوصلت إليه لجان جمعية رجال الأعمال يجدون غضاضة في النظام الضريبي المقترح, ويضع عثرات أمام استثماراتهم الحالية والمقبلة. نتوقع ان تلقي الضريبة التصاعدية بظلالها علي مناخ الاستثمار, وتدفق رءوس الأموال؟ الحكومة اختارت الطريق السهل بفرض شرائح ضريبية لم تكن موجودة من قبل وفرضها علي أرض الواقع. من المؤكد أنه يفتح الباب لجدل دائر حولها.. الشطارة في تجاوز الكبوة المالية التي لحقت بالحكومة جراء تراكمات لسياسات خاطئة وتلبية مطالب فئوية وقعت تحت تأثيرها حكومة شرف دون قواعد واضحة أو سياسات اقتصادية سليمة. فرض ضرائب جديدة لن يحقق تدفقا اقتصاديا في مجال الاستثمار, وانما يدفع إلي هروبه واتصور ان الدراسة التي اجريت بمعرفة جمعية رجال الأعمال في هذا الشأن تكشف جوانب عديدة عن هروب رءوس الأموال.. شطارة الحكومة تقوم علي أساس تحصيل الضرائب القائمة وادخال القطاع غير الرسمي من الأنشطة الاقتصادية تحت مظلتها, والبحث الذي أجري علي منشأة ناصر كونها من المناطق ذات الانشطة الصناعية غير المرخصة يوضح ان إدخال مثل هذه الانشطة في كنف القطاع الرسمي يعد طوق النجاة لتحصيل ضرائب جديدة, وتوفير أموال كبيرة. الوقت الذي يطبق فيه الضريبة يتلاءم مع المناخ الاقتصادي العام؟ إذا كانت الحكومة تسعي لإيجاد شرائح ضريبية جديدة.. فاختيار الوقت المناسب يعد ضرورة أساسية لقبول العمل بها دون ان تترك وراءها آثارا سلبية تعود علي تدفقات رءوس الأموال وجذب رجال الأعمال لتوسيع مشروعاتهم وإقامة مشروعات استثمارية للنهوض بالاقتصاد وتفتح الباب أمام توفير فرص عمل للشباب, الخطوة المؤثرة التي يتعين اتخاذها تبدأ من إيجاد مناخ للاستثمار.. مناخ مختلف عما كان سائدا من قبل لجذب رءوس الأموال وتشجيع الاستثمار الأجنبي علي العودة مرة أخري.. وجود ضريبة جديدة في هذا التوقيت قرار لن يقبله أحد لأنه جاء في مناخ غير صحي تسيطر عليه المطالب الفئوية وليس من المنطقي وسط كل ذلك ان تأتي الحكومة هي الأخري وتضيف اعباء المستثمر لن يحتملها في هذا الوقت. إيجاد شرائح ضريبية جديدة تعد في تقديرك الوسيلة الأفضل لسد عجز الموازنة العامة؟ الحكومة الآن تدفع ثمنا باهظا لسياسات خاطئة قامت علي دعم لا يصل الي مستحقيه وأصبحت تسدد فاتورة تبلغ قيمتها130 مليار جنيه واذا استمرت الأوضاع علي هذا النهج فإن الكوارث قادمة لا محالة.. لابد للحكومة أن تتخذ خطوطا جريئة برفع الدعم وإعادة صياغته حتي يصل لمن يستحقه وهي بذلك تخفف عبئا جسيما من فوق كاهلها.. قد تواجه بعاصفة غضب شعبي.. لكنها بقرارها ستقضي علي أهم عقبة مالية تواجهها. الوقت الحالي لن نستطيع الحكومة خلاله تحصيل ضرائب علي النحو الذي يسد عجز الموازنة فمعظم الشركات تعاني أزمة مالية وبعضها حقق خسائر إما لضعف الإنتاج أو تلبية المطالب الفئوية. البحث عن شرائح ضريبية تتصوره استجابة لضغوط صندوق النقد؟ يتعين علي الناس الانتباه جيدا لما نحن مقبلين عليه اذا استمرت الاعتصامات والإضرابات والمليونيات.. كل ذلك له مردود سلبي علي الاقتصاد وتدفق رءوس الأموال ورغم اعتراض جمعية رجال الأعمال علي تطبيق الضريبة التصاعدية إلا أنني أتعاطف كثيرا مع وضع الحكومة والتحديات التي تواجهها لسد عجز الموازنة وايجاد مناخ اقتصادي ملائم يحقق نموا مقبولا. صندوق النقد الدولي لن يتعاطف مع الوضع الاقتصادي السائد ويسعي الي توفير ضمانات لعملية الإقراض والحكومة لن تلجأ فقط للضريبة التصاعدية وإنما تسعي أيضا الي إعادة النظر في الدعم.. كل الوسائل الحالية التي تلجأ اليها لسد عجز الموازنة تعد نوعا من التدابير هدفها الاصلاح الاقتصادي. البعد الاجتماعي لن يكون له مكان حال البدء في تطبيق الضريبة؟ لا أجد مكانا لذلك اذا ما أقدمت الحكومة علي تطبيق الضريبة التصاعدية.. هذا النوع من الشرائح الضريبية يصب في مصلحة الحكومة ويبتعد كثيرا عن خدمة الطبقات الفقيره وإيجاد حلول لمشكلاتهم.. ليس هناك تصور واضح بأن المتحصلات الضريبية في هذا الشأن تصب في مصلحة المواطن.. القضية أن الخزانة العامة تعاني عجزا شديدا وان الدولة حتي تستطيع تلبية احتياجات المجتمع في شتي المجالات فإن عليها تدبير موارد مالية جديدة تسد بها العجز الموجود. القضية الأساسية في الموضوع أن الحكومة تريد أموالا تصب في خزانتها.. حتي تتجاوز الكبوة المالية التي تعاني أثرها.. هناك خطر يسكن تلك الخطوة ويلقي بظلاله علي الطبقات الفقيرة التي تحتاج لجهد الحكومة ورعايتها. أصحاب رءوس الأموال يلجأون لرفع أسعار المنتجات لتعويض خسائرهم حال تطبيق الضريبة؟ اتجاه الحكومة للعمل بالنظام الضريبي المقترح سيكون ضمن العوامل الدافعة لارتفاع أسعار المنتجات.. المستثمر جاء لإقامة مشروعه وفي ذهنه تحقيق حجم محدد من الارباح وتآكله يدفعه الي إعادة النظر في الأسعار المحددة لمنتجاته يتعين علينا الانتباه جيدا الي مخاطر جادة بدأت تطرق أبواب الاستثمار ومتغيرات طارده لأصحاب رءوس الأموال.. ليس من المعقول بدء الحكومة في التخلي عن جذب الاستثمار علي النحو الذي تقدم عليه.. فهي تعيد النظر في أسعار الطاقة للمصانع بينما أسعار الأيدي العاملة وتكلفة النقل في ارتفاع.. ماذا تبقي لصاحب رأس المال؟! لن يجد رجال الأعمال طريقا لتحقيق عائد ربحي مرضي لهم في ظل تلك الأزمة الطاردة للاستثمار وفوقها الضريبة التصاعدية.. تصاعدية الي أين لا أحد يعرف؟! لن يجدوا سوي اللجوء الي رفع أسعار منتجاتهم ونكون بذلك قد دخلنا في دائرة مفرغة. ممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب: الدولة لم تستفد من الإعفاءات لجذب المستثمرين ..الشرائح الضريبية تخضع لنظم عادلة في التحصيل الاقتراح الذي خرج لتطبيق الضريبة التصاعدية هناك من يراه غير قابل للعمل به؟ من أقروا بأن تطبيق الضريبة علي النحو الذي خرجت عليه غير ملائم للعمل به علي أرض الواقع, فإنهم لم يقرأوا جيدا محتواه, وحكموا عليه مسبقا بأحكام تخالف حقيقته.. فالاقتراح يحمل في ثناياه رؤي متوازنة تسهم في ضبط النظام الضريبي, وتعالج بعض الثغرات الموجودة فيه, وليس هناك ما يدعو للقلق جراء العمل به, ولن تكون له آثار جانبية تذكر, بل علي العكس سيحقق العدل بين الذين يربحون مكاسب طائلة وغيرهم ممن لا يحققون الأرباح نفسها. هناك تقسيمة واضحة ومحددة لجميع المستثمرين, وفي تقديري تعد مناسبة إلي حد كبير, هذه الشرائح الضريبية تبدأ لأكثر من مليون وحتي عشرة ملايين, ومن يتجاوز العشرة ملايين يحاسب ضريبيا بصورة أخري, وهذه النماذج يقبلها الواقع. الظروف الاقتصادية الراهنة يصعب احتمالها لهذه النوعية الضريبية؟ تعلم أن الوضع الاقتصادي يواجه عثرات تحول دون تحقيقه للانطلاقة المنشودة, ونضعه في الاعتبار, ونقف علي أرض الواقع فوق ظروفه وأوضاعه, والنظام الضريبي في كل الأحوال لا ينفصل عن النظام الاقتصادي, وحالته التي يوجد عليها, وعندما افترضنا تطبيق هذه الشرائح الضريبية وضعنا في الاعتبار كل هذه الظروف, برغم أنه لا علاقة بين فرض أو تحصيل الضرائب, لأن من يحقق أرباحا فإنه يسدد الضرائب المقررة عليه وفق القواعد المتبعة. الضريبة التصاعدية مرتبطة بما يحققه المستثمر من أرباح, فإذا حقق أرباحا أكثر من مليون جنيه فإنه يسدد عنها ضرائب22%, وإذا تجاوز حاجز العشرة ملايين فإنه يسدد عنها25%.. المسألة تسير وفق ضوابط واضحة ومحددة, والضريبة لا تفرض بصورة عشوائية ونلقي بها فوق عاتق المستثمرين, القضية برمتها تحكمها نظم عادلة بين من يكسب ومن لا يكسب. ما يحققه المستثمر من أرباح يستطيع استيعاب مزيد من الضرائب؟ لم تقدم المالية علي نظام ضريبي دون إدارة حوار مع مجتمع رجال الأعمال, وقد استمعنا إلي جميع وجهات النظر بشأن الضريبة المقترحة, ووضعنا في الاعتبار المخاوف التي تسكن البعض, وخرج المقترح بمساهمات قدمتها جمعيات رجال الأعمال واتحادات المستثمرين والصناعات, ولم تكن لديهم تحفظات علي ما استقر عليه النظام.. لا نريد العمل في جزر منعزلة, وإنما نبغي الحصول علي موافق مجتمع رجال الأعمال كونه الداعم لسداد الضريبة. ويتعين ألا ينظر البعض إليها باعتبارها نوعا جديدا من الضريبة, وستكون إضافة مالية علي كاهل المستثمرين, فمناخ الاستثمار في مصر مازال الأفضل علي الإطلاق من دول كثيرة, والدولة تسعي جاهدة إلي توفيره علي نحو جاد, وعندما نطالب رجال الأعمال بسداد ضريبة تصاعدية فإنها لا تقر أمرا غير موجود, وإنما ذلك النظام معمول به في معظم دول العالم, ولا توجد غضاضة تجاهه. أصحاب رءوس الأموال سيقعون رهنا للنظام الضريبي الجديد؟ ليس في مصلحة أحد إعطاء الأمور أكبر مما تستحق.. نحن اقترحنا نظاما ضريبيا أتصور خروجه وتطبيقه علي أرض الواقع جاء بموافقة أصحاب رءوس الأموال, وباقتناع كامل منهم, ولم تكن هناك اعتراضات تتصدي للعمل بالنظام المقترح, وأود تأكيد أن الضريبة التصاعدية نظام يطبق في كثير من دول العالم ولم يعترض عليه أحد في هذه الدولة, ويتقبله الجميع مادام أصبحت له قواعد وضوابط, وهذا ما حاولنا الالتزام به. أي نظام ضريبي تشرع الدولة في تطبيقه من المؤكد علي أثره ستجد أصواتا تعارضه وتناهضه, وهذا أمر طبيعي. يسود تيار في أوساط رجال الأعمال يؤكد هروب رءوس الأموال جراء العمل بالضريبة؟ مازال مناخ الاستثمار الذي نعيش في كنفه يضمن مميزات عديدة نادرا ما نجدها في كثير من الدول المحيطة, لنضرب مثالا بالسعودية التي تفرض ضريبة تبلغ20% وأخري للزكاة, ويتفق معها في النظام الضريبي المرتفع دول الخليج العربي, وأتصور أن هذه الدول فيها من الأموال التي تعين الدولة علي تلبية احتياجات المواطنين دون الحاجة إلي فرض ضرائب مرتفعة. الوضع الاقتصادي في حاجة شديدة إلي دعم, ولابد من وضع ذلك في الاعتبار لتحقيق انتعاشة حقيقية لموازنة الدولة, وعدم البحث عن خيارات بديلة قد تكون أصعب مما نسعي إليه الآن.. الاستثمار لن يهرب من مصر لأجل ضريبة معمول بها في معظم دول العالم, وليست بدعة نحاول الترويج لها, وإقناع أصحاب رءوس الأموال بها.. التوقيت الذي أعلن فيه البدء بتطبيق الضريبة لا يتناسب مع المناخ الاقتصادي السائد؟ نعلم أن المناخ الاقتصادي يواجه تحديات, لكن يتعين عدم الربط بينه وبين الرغبة في تطبيق الضريبة التصاعدية. لست أجد مبررا لهذا الخلط غير المفهوم, لأنها لن تشكل عبئا جديدا علي أصحاب رءوس الأموال, علي اعتبار أن النظام المقترح وضع شرائح متدرجة لمن يحقق أرباحا, وأعتقد أن الدولة من حقها علي هؤلاء أن يدعموها إذا ما واجهت تحديات مالية, وعجزا في مواردها المالية. الحكومة تدعم هؤلاء بصور وأشكال متعددة, وإذا كانت تسعي إلي وضع نظام ضريبي عادل يحقق المساواة بين المستثمرين, فإنه يتعين علي الجميع توفير الدعم اللازم لإقرار النظام.. فالقضية ليست لها علاقة باختيار الوقت.. من المفترض وجود خطوات للإصلاح الضريبي تعالج الثغرات الموجودة, والنظام المقترح علي العكس يتلاءم علي نحو جاد وفي الوقت المناسب, لأنه لن يطبق إلا علي أساس ما يتحقق من أرباح. البحث عن شرائح ضريبية يأتي في الأساس لسد العجز في الموازنة العامة؟ السنوات الماضية أقدمت الدولة علي منح إعفاء ضريبي للمشروعات الاستثمارية علي أمل أن هذا النظام سيسهم في ضرب رءوس الأموال, ووصل حد الإعفاء لعشر سنوات ولم تأت النتائج كما توقع الداعون إليه, ولم تتغير بوصلة الاستثمار لدي أصحاب رءوس الأموال, وأضاعت الدولة وفق النظام المتبع حصيلة أموال طائلة, كان من الممكن تحصيلها إذا ما طبقت نظام ضريبي عادل وواضح, وتحكمه قواعد وضوابط, وهذه هي المشكلة الأساسية التي امتدت آثارها خلال الفترة الراهنة. عجز الموازنة العامة للدولة لن تسده الضريبة المقترحة, لكنه جزء يسهم في توفير بعض الأموال اللازمة, ولن يكون بالقدر المتوقع, لأن حصيلته في ظل الظروف الاقتصادية بسيطة, ليس هناك اتجاه لفرض ضرائب جديدة لسد عجز الموازنة, وإنما تعد محاولة لإشراك رجال الأعمال في دعم اقتصاد الدولة والمساهمة في إيجاد موارد مالية. العمل علي إيجاد شرائح ضريبية يسود بشأنه تصور أنه جاء نزولا علي رغبة صندوق النقد الدولي؟ ليس هناك أدني علاقة بين الإقدام علي تطبيق الضريبة التصاعدية وقرض الصندوق الدولي.. الضريبة تأتي بإجراء ضمن سلسلة أخر ي هدفها سد العجز في الموازنة العامة الذي يرتفع مع قوة المطالب الفئوية وازديادها, ووجود أحداث طارئة تدفع الحكومة إلي الوفاء بالتزامات مالية غير مخطط لها. يتعين علي الجميع النظر إلي المصلحة الوطنية والوضع في الاعتبار أن هناك عجزا ماليا لابد من تدبير أموال له.. صندوق النقد لم يحدث أن تطرق إلي قضية فرض شرائح ضريبية جديدة, فهذه مسألة داخلية, وفكر نلجأ إليه من أجل البحث عن روافد مالية نستطيع بها تلبية الاحتياجات المتجددة لضمان استقرار المجتمع. الضريبة يغيب عنها البعد الاجتماعي والمالية تسعي لتحصيل الأموال لخزانتها؟ تقع فوق الدولة أعباء جسيمة نتيجة لازدياد حجم المطالب الفئوية بصورة غير مقبولة, ولم تعد هناك قدرة مالية علي تحقيق هذه النوعية من المطالب علي النحو السائد, ونحاول البحث عن وسائل تعين الخزانة العامة علي مواجهة تلك المطالب التي عطلت الإنتاج وأعطت صورة غير طيبة لمناخ الاستثمار في مصر, وجعلت المستثمرين يفكرون كثيرا قبل الحضور إلي هنا. المالية لا تأخذ حصيلة الأموال التي تجمعها لأي غرض سوي تحسين نوعية الحياة للمواطنين من خلال زيادة الأجور والرواتب, وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة للتعليم والصحة وخدمات البنية الأساسية وغيرها من الخدمات التي تساعد علي تحقيق الأمان الاجتماعي للناس, أليس يصب كل ذلك في مصلحة البعد الاجتماعي. الضريبة تدفع المستثمرين حال البدء في تطبيقها إلي رفع أسعار منتجاتهم لتعويض فارق الربح؟ الضريبة التصاعدية تفرض علي الأرباح وليس تكلفة الإنتاج.. هناك سوء فهم في الموضوع, نحن لا نحاصر المستثمرين بالضرائب, ونقاسمهم في الأرباح.. القضية بعيدة تماما عما يعتقده البعض.. هذه ليست ضريبة نقر بها واقعا مختلفا وإنما تعد ضبطا للشرائح الضريبية,. ولن تأخذ الدولة أكثر من حقها في ضوء الشرائح التي قبلها رجال الأعمال والمستثمرين, وأكدها محمد فريد خميس رئيس اتحاد المستثمرين. إن الخوف الذي يسكن البعض ليس له أساس من الحقيقة, لأن المستمر إذا لم يحقق أرباحا فلن تأخذ الدولة منه الضريبة.. ليس من حق المستثمرين في حالة إقرار الضريبة التصاعدية رفع أسعار منتجاتهم, لأننا ببساط لم نضف فوق كاهلهم أعباء مالية جديدة.. الأوضاع الضريبية في الضريبة المقترحة لن تنشئ واقعا مختلفا يدفع بالمستثمرين إلي إعادة النظر في الأسعار.. هذا تصور خاطئ. [email protected]