اعتماد 30 معهدا أزهريا وروضة بالدقهلية من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    «المؤتمر»: المحليات التزام دستوري و«حياة كريمة» عوضت غياب المجالس المحلية    توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة طنطا ومعهد الفيزياء النووية بكازخستان    رئيسة مجلس الأمن: ندين أي استخدام للقوة لتهجير الفلسطينيين في قطاع غزة    قبل موقعة الأهلي «النارية»| الإسماعيلي يحل الأزمات الداخلية    فاتح جمرك ينعش آمال البقاء في الدوري التركي    «بيطري المنوفية» يضبط 800 كجم سردين فاسدة قبل طرحها في شم النسيم.. صور    العثور على جثة طفلة غارقة في ترعة بقنا    السجن 7 سنوات لسايس لإدانته بقتل شاب في الجيزة    زاهي حواس.. حارس الكنز بقلم أحمد العصار    زوجي ترك الصلاة بعد ابتلاء أصابه؟.. ورد مفاجئ من أمين الفتوى    لقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا.. هل يجب على كل من تلقى التطعيم الشعور بالقلق؟    وزير العمل ل «البوابة نيوز»: الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص 6000 جنيه اعتبارًا من مايو    برعاية وزارة الإسكان ، ملتقي عقاري مصري سعودي 13 مايو المقبل    انطلاق دورات التنمية السياسية للشباب بالدقهلية    غدا.. محاكمة المتهم بهتك عرض طفلة في التجمع الأول    لميس الحديدي: كل أنظار العالم تترقب مصير الحرب في غزة الساعات المقبلة    «قناع بلون السماء» كسر قيود الأسر بالقلم    تامر حسني يوجه رسالة خاصة للرجال في يوم زفافهم.. اعرف التفاصيل    آليات وضوابط تحويل الإجازات المرضية إلى سنوية في قانون العمل (تفاصيل)    بتوجيهات شيخ الأزهر.. انطلاق القافلة «السَّابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة    مدير تعليم دمياط يشهد ملتقى مسؤلات المرشدات بدمياط    صندوق تحيا مصر يطلق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة بالتعاون مع بيت الزكاة والصدقات    معهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية، 50 عامًا من العطاء العلمي والبحث والإبداع    "محظوظ بوجودي معكم".. محمد رمضان يرد على تصريحات المخرج خالد دياب    فانتازي يلا كورة.. بالمر على رأس أفضل الترشيحات ل"double week"    أندريه زكي يستقبل مشيرة خطاب ورئيس لجنة حقوق الإنسان للتهنئة بعيد القيامة    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    حدث في 8 ساعات|مدبولي: استضافة اللاجئين تكلفنا 10 مليارات دولار.. وبدء موسم العمرة الجديد في هذا الموعد    منافس محتمل لمصر.. أوزبكستان إلى أوليمبياد باريس    "Challengers" يزيح فيلم "Civil War" ويهيمن على شباك التذاكر الأمريكي    بخطوات بسيطة.. طريقة تحضير بسكويت القهوة سريعة الذوبان    اليوم.. طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحاناتهم بمادتى النحو والتوحيد    مواعيد قطارات السكة الحديد من القاهرة لأسوان والعكس    المحرصاوي يوجه الشكر لمؤسسة أبو العينين الخيرية لرعايتها مسابقة القرآن الكريم    تعرف على أفضل الأدعية والأعمال المستحبة خلال شهر شوال    أوروبا تكافح التضخم بطرق مختلفة.. نصف سكان إسبانيا يخفضون الإنفاق على الغذاء والطاقة بسبب ارتفاع الأسعار.. فرنسا تلجأ لتقليل كميات المنتجات بنفس السعر وتقر قانونا جديدا للمتاجر.. وألمانيا تسرح العاملين    برج الحوت.. حظك اليوم الإثنين 29 أبريل: ارتقِ بصحتك    عبقرية شعب.. لماذا أصبح شم النسيم اليوم التالى لعيد القيامة؟    جامعة مساتشوستس ترفض إنهاء علاقاتها بالاحتلال وتدعو الطلاب لفض اعتصامهم فورا    العرض العالمي الأول ل فيلم 1420 في مسابقة مهرجان أفلام السعودية    الهند.. مخاوف من انهيار جليدي جراء هطول أمطار غزيرة    إصابة شخص في تصادم سيارتين بطريق الفيوم    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    فانتازي يلا كورة.. دي بروين على رأس 5 لاعبين ارتفعت أسعارهم    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    ولع في الشقة .. رجل ينتقم من زوجته لسبب مثير بالمقطم    مصطفى مدبولي: مصر قدمت أكثر من 85% من المساعدات لقطاع غزة    تراجع أسعار الذهب عالميا وسط تبدد أمال خفض الفائدة    شبانة: لهذه الأسباب.. الزمالك يحتاج للتتويج بالكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزهر‏..‏ وحوار الأديان‏(1‏ 2)‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 05 - 2010

شيخ الأزهرالحديث في حوار الأديان وحوار الحضارات‏,‏ عادة مايكون أقرب إلي أساليب المجاملات منه إلي أساليب حل المشكلات وللوصول إلي أسس قابلة للتطبيق من أجل سلام ينعم به الجميع‏..‏ أعتذر سلفا عن المصارحة التي قد لايفضلها البعض في مثل هذا المقام‏,‏ فيقيني أن المصالحة الحقيقية لابد أن تسبقها مصارحة حقيقية أيضا‏,‏ وأن تشخيص المرض تشخيصا صحيحا هو نصف العلاج كما يقولون‏.‏
ولنتفق منذ البداية علي نقطة تمثل من وجهة نظري كمسلم حجر الزاوية في بناء أي تعاون ينتظر من الإسلام والمسلمين هذه النقطة هي‏:‏ ضرورة إقصاء العقائد الدينية‏:‏ يهودية كانت أو مسيحية أو إسلامية‏,‏ إقصاء كليا‏,‏ من مجال الحوار أو المصالحة أو الإصلاح‏,‏ وأعني بالعقائد الدينية تلك التي يختلف بها هذا الدين عن ذاك‏,‏ وتجعل من المؤمنين بها إما‏:‏ يهودا أو مسيحيين أو مسلمين‏.‏
هذه العقائد هي دوائر مغلقة علي أصحابها المؤمنين بها‏,‏ ويجب أن تكون محل احترام متبادل بين الجميع‏,‏ لكنها أبدا لن تكون محل إيمان أو اعتراف متبادل بين أتباع الأديان‏,‏ أو تعديل لمصالحة طرف آخر‏..‏ فلنتفق أيضا في أن أي حوار في عقيدة بين مؤمن بها يثبتها‏,‏ ومنكر عليه ينفيها‏,‏ لابد أن ينقلب في النهاية إلي جدل وصراع ومواجهة بين نقائض لاتثبت لدي مؤمن إلا بقدر ماتنتفي لدي الآخر‏.‏ والأمر الوحيد المقبول في الحوار ها هنا هو وجوب ان يحترم كل طرف عقيدة الآخر‏,‏ ويسلمها له‏,‏ وإن لم يؤمن بها الطرف المقابل‏,‏ وألا يطلب من المسيحي مثلا أن يعترف بالصفات التي يتصف بها نبي الإسلام كما جاءت في القرآن‏,‏ أو كما هي عند المسلمين‏,‏ وفي المقابل لايطلب من المسلم أن يعترف للسيد المسيح عليه السلام بكل الصفات التي يتصف بها في المسيحية‏,‏ ويؤمن بها المسيحيون‏.‏
وفي هذا المجال تحديدا ينهي الإسلام أتباعه عن جدال أهل الكتاب جدالا يؤدي إلي التخاصم والتنازع‏,‏ ويأمر المسلمين إذا اضطروا للدخول في محاورات عقدية مع أهل الكتاب أن يعلنوا إيمانهم بالقواسم المشتركة بين الأديان الثلاثة وفي مقدمتها‏:‏ الإيمان بالله والكتب السماوية‏,‏ وعقيدة التوحيد‏,‏ وإسلام الوجه لله تعالي ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون
‏(‏سورة العنكبوت‏:‏ الآية‏46)‏
ومايقرره القرآن من ضرورة التوقف عن الجدل غير الحسن مع المؤمنين من أهل الكتاب هو فرع عن حقيقة قرآنية أخري تقرر أن اختلاف الناس في العقائد إرادة إلهية لامفر منها في هذا الكون‏,‏ وأن مشيئة الله قضت أن يتوزع الناس علي عقائد شتي‏,‏ وأنه لامطمح في جعل العقائد عقيدة واحدة مشتركة‏,‏ ومن ثم فإن كل حوار يجعل من العقائد عقيدة واحدة جامعة تعرض علي الناس جميعا‏,‏ فضلا عن كونه وهما يستحيل تحقيقه‏,‏ فإنه لايستقيم والإرادة الإلهية التي شاءت اختلاف الناس في عقائدهم وأديانهم ولغاتهم وألوانهم وأعراقهم وحضاراتهم‏,‏ وذلك رغم انتسابهم جميعا في الأصل إلي أب واحد وأم واحدة‏..‏ ومن هنا أمر القرآن نبي الإسلام في مواقع كثيرة بغلق باب الجدل مع غير المسلمين من المؤمنين في عقائدهم‏,‏ بينما فتح له باب الحوار العقلي المنطقي علي مصاريعه مع غير المؤمنين من الكفار والوثنيين والملحدين‏,‏ وهذا مانفهمه من مواضع عدة في القرآن مثل‏:‏
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين‏(‏ هود‏:118)‏
ولو شاء الله لجمعهم علي الهدي‏(‏ الأنعام‏:35)‏
لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلي الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون‏(‏ المائدة‏:48)‏
لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه‏(‏ الحج‏:67)‏
وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون‏(68)‏ الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون‏(69)(‏ الحج‏:69,68)‏
قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلي هدي أو في ضلال مبين‏(24)‏ قل لاتسألون عما أجرمنا ولانسأل عما تعملون‏(25)‏ قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم‏(‏ سبأ‏:24‏ 26)‏
من هذا المنطلق أجدني متحفظا علي دعوة أصحاب الديانات الثلاث لعرض قضاياهم المذهبية والثقافية الخاصة بهم لتكون موضع بحث لدي الهيئات الدولية‏..‏ وأن تفهم كل مسألة من العقائد الدينية في سياق ارتباطها بالآخر‏.‏
وإذا كان مافهمته من هذه الدعوة صحيحا فإني أتساءل‏:‏ ماذا يتبقي من مقومات الأديان إذا استجبنا مسلمين ومسيحيين ويهودا إلي دعوة كهذه‏,‏ وأصبحت عقيدة كل منا متصالحة بنصوصها ومدلولاتها مع عقيدة الآخر التي تقول شيئا مغايرا‏,‏ وربما مناقضا أحيانا؟ بل لست أدري كيف يمكن منطقيا ارتباط النقيض بنقيضه أو فهم كل منهما في سياق الآخر؟ إن من المعلوم أن عقائدنا في السيد المسيح عليه السلام تتقاطع ولا تلتقي علي تصور واحد مشترك يجمع بينها‏,‏ وقد ظلت هذه العقيدة منذ فجر المسيحية وحتي الآن نهبا لتصورات شتي‏,‏ ولايمكن إثبات أحدها إلا مع انتفاء الآخر وزواله‏..‏ وكذلك العقيدة في محمد عليه الصلاة والسلام ظلت وستظل مورد خلاف عند الناس بين تجريد من النبوة أو إثباتها له كغيره من سائر الأنبياء والمرسلين‏,‏ أو تكذيبه في كل مايقوله جملة وتفصيلا‏.‏
والباحث المنصف في مسألة اختلاف العقائد والأديان يدرك قيمة التوجيه القرآني في هذا الموضوع‏,‏ وهو الالتزام باحترام عقائد الآخرين والبعد عن مجادلتهم فيها‏,‏ كما يدرك خطر الحلول التي تشجع علي تمدد عقيدة واحدة يري فيها أصحابها خلاصا للبشرية كلها ويتسلطون بها علي الناس بقوة السلاح أو قوة الإغراء‏,‏ أو استغلال عوز الفقراء وحاجتهم إلي المال والغذاء والدواء‏.‏ فكل هذه سبل مرفوضة في شريعة الإسلام‏,‏ لأنها تتعامل بمنطق المصلحة والغرض وضرورات الجسد في موضع التعامل بالعقل والإرادة الحرة وضرورات المسئولية والضمير‏.‏
واستنادا لما سبق أري ضرورة إرساء مبدأ أن يحترم كل منا عقيدة الآخر‏,‏ وألا يطلب من المؤمنين تعديل عقائدهم ليوائموا بها عقائد الآخرين وأن تجرم كل الضغوط التي تمارس لتحويل الناس عن عقائدهم وأديانهم‏.‏

المزيد من مقالات د.احمدالطيب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.