شهدت منطقة العلمين بمطروح في مفارقة منذ أيام قليلة بعد الاحتفال العالمي بمرور70 عاما علي معركة العلمين الشهيرة في الحرب العالمية الثانية، في الوقت الذي تموج به أحشاء المنطقة بملايين الألغام والأجسام المتفجرة التي تحصد آلاف الضحايا من المصريين سنويا. حضر الاحتفال السفراء والقناصل والملحقون العسكريون ل36 دولة شاركت في هذه المعركة التي كان النصر فيها من نصيب الحلفاء بقيادة مونتجومري علي قوات المحور بقيادة روميل وراح ضحيتها90 الفا من القوات المتحاربة عام01942 وقد مزقت الابواق العسكرية الانجليزية والايطالية والالمانية سكون الصحراء بنوبة صحيان بمقبرة الكومنولث للراقدين تحت الثري ليشهدوا بأن حكوماتهم مازالت جادة في الترحم عليهم والاحتفال بذكراهم والاشادة ببطولاتهم70 عاما علي اكبر كارثة بيئية تعرضت لها محافظة مطروح ومتمثلة في وجود ملايين الألغام والأجسام القابلة للانفجار في مناطق عديدة بصحراء مطروح خلفتها تلك المعركة الشرسة وفي هذا المناطق التي كانت مسرحا لها. يقول احمد عامر رئيس جمعية الناجين من الالغام بمطروح ان فخاخ الموت او الالغام مازالت باقية في مساحات شاسعة من اراضي المحافظة وتحمل بين طياتها الموت في كل خطوة من تلك الاراضي وكل شبر, فالالغام التي زرعتها القوات المتحاربة منذ70 عاما مازالت تنبض وتظهر خطورتها في شكل انفجار مدو من حين الي آخر فقد بلغ عدد ضحايا الالغام من البدو الابرياء مئات الآلاف0 بالاضافة الي آلاف الضحايا خلال ال70 عاما الماضية وآلاف من الدواب والابل والاغنام التي دخلت الي حقول الالغام للمرعي في فترات الجدب. ويضيف رئيس جمعية الناجين من الألغام التي تقوم بمساعدة ضحايا الالغام علي ايجاد مورد رزق لهم بإعادة تأهيلهم للقيام باعمال تتناسب مع حجم اصابتهم ان ضحايا الالغام يزدادون يوما بعد يوم نتيجة وجود هذه الالغام حتي الان في كثير من مناطق المحافظة مشيرا إلي ان مركز جنيف الدولي الذي يدير ملف الالغام عالميا يصنف وضع الالغام في مصر بانه وضع خطير. واكد انه تم خلال السنوات القليلة الماضية وحتي الآن تركيب اطراف صناعية لعدد كبير من المصابين من الالغام بالتعاون بين الامانة التنفيذية لازالة الالغام وتنمية الساحل الشمالي الغربي وسفارة نيوزيلاندا بالقاهرة وجمعيات اهلية ورجال اعمال مصريين وذلك في مركز العجوزة الطبي التابع للقوات المسلحة. يقول حمودة حداد من عواقل قبائل مطروح ونائب رئيس مدينة العلمين الاسبق ان هناك مناطق من الصحراء الغربية زرعت معظمها بالالغام ويوجد بها اجسام قابلة للانفجار ومن اهم هذه المناطق منطقة العلمين وهي اكبر مناطق الالغام في صحراء مطروح و تعد اراضيها من اخصب الاراضي الصحراوية بالمحافظة نظرا لتعرضها لامطار غزيرة كل عام ولذا فانها تعد من افضل اراضي المراعي الطبيعية وايضا منطقة فوكة وهي من مناطق الالغام التي يوجد بها نحو1.5 مليون لغم ومنطقة المرير وهي منطقة تقع شرق العلمين وكانت حقولها مسورة بأسلاك شائكة ولكن تجار الخردة عام1950 نزعوها واصبحت مكشوفة وغير مأمون ارتيادها. كما توجد منطقة المناصب وهي اشد المناطق خطرا بالاضافة الي منطقة دير المحافيظ وهي منطقة تقع شرق العلمين زرعت بالالغام المضادة للافراد ومنطقة ام الخوابير وهي منطقة لا خرائط ولا معالم لها ومن هنا تجيء خطورتها ومنطقة سيدي عبد الرحمن كانت مسرحا لعمليات حربية ضخمة بين الحلفاء والمحور ويؤكد محمد الرطب مستثمر بمطروح ان الألغام جمدت مشروعات كبيرة للدولة ومن أهم هذه المشروعات مشروع منخفض القطارة ثاني اكبر مشروع لتوليد الكهرباء بعد السد العالي حيث ان موقع المشروع يوجد به اخطر انواع الألغام ومشروع مد ترعة النصر العذبة الي فوكة لزراعة مليون فدان بالخضر والف فدان فاكهة والقمح واقامة مجتمع زراعي مستقر في هذه المنطقة ومشروع تربية500 الف رأس من الأغنام علي المراعي الطبيعية في منطقة العلمين بالاضافة إلي مشروعات المحاجر والمناجم والتنقيب عن البترول. وصرح السفير فتحي الشاذلي رئيس الأمانة التنفيذية لازالة الألغام بأنه يجري حاليا تنفيذ المرحلة الثانية من إزالة الألغام بناء علي طلب وزارة الإسكان والمرافق لتنفيذ مشروعات المدينة المليونية بالعلمين, حيث تم ارسال احداثيات هذه المشروعات وتحديد حدودها بدقة من وزارة الاسكان مشيرا الي ان عمليات التطهير تشهد استخدام تقنيات حديثة مثل استخدام الليزر والاستعانة بصور الاقمار الصناعية في تحديد مناطق الألغام ومن المنتظر ان تبلغ مساحة التطهير الحالية في هذه المرحلة71 الف فدان, و مما لاشك فيه ان الجهود التي تبذل حاليا لازالة الالغام هي جهود مشكورة نظرا لأنها اسفرت لأول مرة منذ70 عاما عن بدء عمليات ازالة حقيقية للألغام بصرف النظر عن المساحة التي تم ويتم ازالة الالغام والأجسام القابلة للانفجار منها وهي مساحة لا تتعدي20% من الاراضي التي مازالت رهينة للألغام حتي الان! فقد إنتظرت مصر70 عاما لكي تستطيع ان تبدأ في تطهير20% فقط من اراضينا التي حرمنا من اقامة مشروعات تنموية عليها طوال هذه السنوات التي قاربت علي ثلاثة ارباع قرن من الزمان راحت خلالها ارواح الآلاف من البدو الابرياء.