هو أمير الغناء العربي- بلا جدال الذي تربع علي عرش إمارة الإحاسيس ومخاطبة المشاعر الصادقة لأكثر من ثلاثة عقود, غني خلالها العاطفي والوطني والأغنية الناقدة المعبرة عن أوجاع وهموم المصريين حتي صار مرادفا ورمزا للجدية, وملاذا آمنا للمحبين الذين أضناهم السهد والتعب, وظل وسيظل الناقل الرسمي لكل مواطن الشجن المحبب في حياة أمة علمت الدنيا معاني الحضارة والحب والسلام. إنه المطرب الكبيرهاني شاكر الذي ينتمي بحكم موهبته إلي جيل المطربين العظام الذين يتعاملون مع الفن بحرفية وإحترام وفطنة نابعة من أصالة أهل البلد,ومن هنا كانت أغانيه عنوانا بارزا للدفء المغلف بصفاء الروح, غدا الجمعة يقف هاني شاكر علي خشبة مسرح دار الأوبرا ليحيي حفلا ساهرا في مهرجان الموسيقي العربية, حول هذا الحفل,وبرنامجه الجديد' صوت الحياة' كان هذا الحوار الذي يساوي متعة صفاء أغانيه الجميلة, فهو يبهرك ببساطته, ويجذبك بمفرداته المتقنة, ويستفزك بصدقه الفطري, فإليكم نص حواري معه. تحيي غدا حفلا ساهرا في مهرجان الموسيقي العربية وغنيت مؤخرا في أحد الفنادق الشهيرة, هل تري أن مثل هذه الحفلات القليلة التي تقام م بين الحين والآخر وعلي فترات طويلة كافية للجمهور المتعطش للغناء الأصيل باعتبارك واحدا من رموزه؟ بصوت ملئ بالشجن والحزن قال: طبعا غير كافية! وشئ محزن جدا أن تختفي الحفلات الغنائية في مصرالتي كانت رائدة في في هذا المجال بصفة منتظمة وفي كل المواسم سواء شم النسيم أو الأعياد,أوحفلات شهرية مثل أضواء المدينة و ليالي التليفزيون,والجمهور كان يعيش علي هذه الحفلات وينتظرها بفارغ الصبر لرؤية مطربيه المفضلين,وكانت فرصة أيضا لاكتشاف المواهب الجديدة, وما يحزنني بشدة أن مصر في السنوات الأخيرة أصبحت كل يوم تفتقد أرضية جديدة أو ما كان يميزها,وهذا أثر علي تواجد الفنان المصري عربيا, فلم يعد المطرب المصري موجودا في الحفلات والمهرجانات العربية الكبيرة بإستثناء مطرب أواثنين أو ثلاثة علي أكثر تقدير,وأتمني وأحلم أن يعيد السيد صلاح عبدالمقصود وزير الإعلام' حفلات أضواء المدينة' و'ليالي التليفزيون' مجددا لأنه شخص مثقف, ولقد سعدت جدا وأشكره من خلال' الأهرام' علي نقله حفلي الأخير في دار أوبرا الأسكندرية علي الهواء مباشرة في التليفزيون المصري. بعض المسئولين ينظرون إلي الفن علي أنه رفاهية أو أنه ليس مهما مثل غيره من القضايا التي يناقشونها ما ردك علي هذا؟! بانفعال شديد قال:' الفن عمره ما كان رفاهية',الفن مكمل لأسياسات الحياة,لأنه يرتقي بذوق وأحاسيس ومشاعر الناس,خصوصا لو فن جميل راقي, وأنا متأكد لو حفلات أضواء المدينة وليالي التليفزيون موجودتان بصفة منتظمة كانت قد ساهمت في حماية الناس من الأغاني المبتذلة التي يطلقون عليها أغنية شعبية, والتي تبعد كل البعد عن الأغنية الشعبية التي استمعنا إليها بأصوات مطربينا الكبار,ووقع الجمهور فريسة لهذه الأغاني التي حاصرته في كل مكان, كما وقع فريسة أيضا لأفلام البلطجة والعنف التي تتصدر المشهد السينمائي حاليا وتحقق أعلي الإيرادات,وأختفت أفلام الرومانسية والحب والعاطفة,والأفلام التي تحث الإنسان علي حب العمل وطاعة الله, والتي كان يخرج منها الجمهور وهو ممتلئ بالحلم والنشوة, والأمل, وحب العمل,وأيضا بالقدوة التي كان يجدها في أفعال فتيان الشاشة وأصبحت البلطجة سلوك حياة وليست فقط سلوك فرد, والخوف علي الجيل الطالع الذي يتشكل حاليا إذ لم نسرع بإعادة الأشياء إلي نصابها الصحيح. إلي ماذا ترجع ظاهرة الانفلات الأخلاقي التي حدثت مؤخرا؟ للأسف الناس فهمت الثورة خطأ,الثورة التي حدثت شيئ جميل ورائع وكان لابد منها للقضاء علي كل الأشياء السلبية التي كنا نعاني منها,لكن الثورة ليس معناها أن أكون بلا أخلاق أوأن أسرق أو أغتصب أو أتحرش أو أضع يدي في جيب الذي بجانبي, أوأسير بالسيارة في الاتجاه المعاكس,أونترك الحبل علي الغارب,الثورة قامت لكي تهدم نظاما فاسدا وتبني نظاما جديدا قائما علي العدل والمساواة وحب الوطن والعمل,لكن للأسف أصبحنا بلا نظام ولا أخلاق ولا احترام للقانون,باختصار:' داخلين علي غابة'!! هل الفن تخلي عن دوره في التعبير عن الثورات التي حدثت؟ الفن الراقي الهادف ليس موجودا أصلا فكل ما تراه الآن أغاني مبتذلة يطلق عليها شعبية,وأفلام بلطجة وعنف,وممثلين عرايا الصدر يحملون سيوفا وسلاحا أبيض,أو أفلاما كوميديا رخيصة,في أعقاب الثورة عبرت بعض الأغاني القليلة عنها,لكن تسارع الأحداث السياسية والإقتصادية السيئة علي مستوي العالم العربي جعل الشارع يفقد التركيز,وأي منتج محترم يريد تقديم فن راق يخاف الآن إنفاق أي فلوس,لأنه يعلم جيدا أنها لن تعود إليه,خاصة في الغناء,بسبب القرصنة وسرقة الأغاني فور طرحها,فالمناخ العام سئ نلاحظ أنك لم تقدم أعمالا غنائية جديدة منذ فترة.. لماذا؟ صحيح لم أقدم جديد علي مستوي الكاسيت,لكن قدمت أكثر من حفل ناجح سواء في مصر أو بعض المهرجانات العربية, وتحمست من عامين وبالتحديد في رمضان الأسبق وقدمت دعاء دينيا من ألحاني وكلمات تراثية بعنوان' في مدح الرسول',وعهدت بإخراج هذه الكلمات لمخرج اسمه محمد السلاموني وأعطيته فلوس الكليب كاملة,وأستكمل هاني كلامه ضاحكا وساخرا وقال: والحقيقة أن السلاموني أعطي مثالا للمخرج الذي يتأني طويلا في عمله, فعلي مدي عامين مازال يفكر كيف يخرج هذا العمل للنور, بالعودة للفن: هل مطرب بقامة وحجم هاني شاكر يجد نفسه في حفل مثل الحفلات التي تقام في الفنادق؟ ' ليه لأ'.. الغناء في الفنادق ليس عيبا,طالما تحترم نفسك وتحترم جمهورك, وطول عمرنا نغني في الفنادق سواء في رأس السنة أو الأعياد, طالما لا يوجد للفنان متنفس يخرج فيه فنه أين سيغني؟! وبصراحة ذهلت في حفلي الأخير في عيد الأضحي من كم الحضور الكبير الذي كان موجودا, وأيضا نوعية الجمهور المحترم المتعطش للفن الجميل الحقيقي,شعرت يومها كأني أغني في الأوبرا وليس في فندق,وما أسعدني إني وجدت جنسيات عربية كثيرة من سوريا والعراق وفلسطين والأردن وغيرهم, والكل متجاوب وسعيد بما أقدمه. ما ظروف اشتراكك في برنامج' صوت الحياة' ؟ من زمان ونفسي أقدم هذه النوعية من البرامج المنشرة عالميا, وعندما عرض علي المسئولين في قناة الحياة فكرة البرنامج رحبت علي الفور,لأني وجدت ذلك واجب من خلال خبرتي وحبي للفن وللجمهور بماذا تعلل الهجوم الذي حدث علي البرنامج فور عرض الحلقة الأولي حتي أن منتج كاسيت يدعي' ريتشارد الحاج' أرسل بيان صحفي علي إيملات الصحفيين يهاجم البرنامج؟ أحب أشكر كل الذين هاجموا البرنامج وأولهم ريتشارد الحاج, وأشعر أنه يوجد حملة منظمة ومقصودة للهجوم علي البرنامج بدليل أن الهجوم حدث مع عرض الحلقة الأولي,كما ظهرت كثير من الشائعات التي تتعلق بوجود مشاكل بين لجنة التحكيم,وكل هذا ليس له أساس من الصحة إلا إذا كانوا يعتبرون أن الإختلاف في وجهات النظر الفنية يمثل مشكلة, لكني أحب أن أطمئن الجمهور والصحفيين والنقاد الذين يقولون أن البرنامج فقير,أن البرنامج ليس فقيرا,ولم يبدأ بعد, وأن ما يشاهدونه حاليا مرحلة التصفيات,وبعد إنتهائها وبداية من منتصف شهر نوفمبر الجاري سيشاهدون البرنامج بشكله الجديد المختلف تماما عن الحالي,وستقدمه الفنانة رزان مغربي. لكن البعض قارن' صوت الحياة' ببرنامج'TheVoice' ؟ المقارنة ظالمة لأن فكرة كل برنامج مختلفة تماما عن الآخر,ولا أريد أن يتسرع الناس في الحكم علي' صوت الحياة'. هل نحن في حاجة إلي مثل هذه البرامج التي كثر عددها؟ بالتأكيد لأن الناس محتاجة تشاهد هذه النوعية من البرامج التي استطاعت جذب الجمهور علي مستوي العالم وليس فقط علي مستوي العالم العربي, وأجمل شئ سيفعله برنامج' صوت الحياة' إنه ليس مجرد إختيار صوت,ولكن الموهبة التي ستفوز ستتبناها قناة الحياة وتدعمها فنيا, وتقوم بتصوير أغنيات وإنتاج ألبوم لها,ولن تتركها أو تتركه إلا بعد أن تصبح أو يصبح نجما. ما مدي صحة أنك تركت الشركة المنتجة لألبومك الأخير؟ هذا صحيح حيث شعرت إنهم يفضلون الفنان اللبناني عن المصري,ولم يقدروا قيمة هاني شاكر الفنية,وقصروا في دعاية ألبومي الأخير معهم, ولم ينفذوا ما إتفقنا عليه رغم إنفاقهم3 ملايين جنية دعاية لمطرب لبناني جديد,وحفاظا علي كرامتي الفنية كان أقل شئ أن أنسحب وأترك لهم الشركة التي يملكها رجل مصري ويهمه شكل المصريين,وإستكمل ضاحكا إلا إذا كان المصريون شكلهم' وحش'.