رسالة نامور:ريم عزمي: رحب فيف كعادته بالإبداعات العربية, وهو المهرجان السينمائي الدولي للأفلام الفرانكوفونية( الدول الناطقة بالفرنسية) في مدينة نامور البلجيكية في دورته رقم27 والتي عقدت دورته مؤخرا, وتميزت بالتعرف علي الجديد لدي السينمائيين من دول مختلفة,ويلاحظ في هذه المرة رغبة المهرجان في المزج بين ما هو خام أو حقيقي أو وثائقي وبين ما هو روائي بالغ البساطة. قررت الألوان المصرية الفاقعة فرض نفسها علي الأجواء الأوروبية الغائمة من خلال فيلم'السيدة العذراء والأقباط وأناLaVierge,lescoptesetmoi', إنتاج مصري فرنسي قطري مشترك وإخراج' نمير عبد المسيح', ويناقش قضية ظهورات السيدة مريم العذراء في مناطق مختلفة من مصر, والتي أثارت جدلا واسعا ما بين مؤيد ومعارض, لكن في نفس الوقت يتطرق لعلاقة المسيحيين والمسلمين ببعضهم البعض في إطار فكاهي خفيف, ويعتمد المخرج الشاب علي أسرته سواء في بداية الفيلم الأسرة الصغيرة التي هاجرت إلي فرنسا, و بدء من منتصف الفيلم التركيز علي الأسرة الكبيرة الموجودة في أسيوط, وجعلهم يتحدثون بتلقائية عن مشاعرهم وإيمانهم وأفكارهم, ثم يستعين بهم لتقديم مشهد تمثيلي في النهاية. وأكثر ما جذب الجمهور البلجيكي هي الألوان الحية في صعيد مصر والضوء الذي يملأ المكان ويفتقدونه بشدة في بلادهم, والبشرة البرونزية للمزارعين والخضرة الزاهية لأفدنة الذرة اللانهائية, والأزياء المميزة للسكان. ووجدنا أنفسنا أمام نوعية من الفن التشكيلي وهو فنالناييفLartnaf أي الفن الساذج الذي ينوي التسرب إلي عالم السينما! والناييف هو فن فطري بدائي شعبي لا يتقيد بالقواعد الكلاسيكية أو التقليدية للفن, وبعض الفنانين الكبار لجأوا إليه بعدما وصلوا لمرحلة ناضجة من الفن مثل' بول جوجان وبابلو بيكاسو', وربما لجأ السينمائيون الأوروبيون لذلك ردا علي التحذلق الأمريكي, فالسينما خاصة في هوليوود تتجه لعمل شديد التركيب, والمتابع لآخر الأفلام سيجد أن الجزء السابع من الرجل الوطواط'صحوة فارس الظلامtheDarkKnightRises' يتحدي نفسه في المؤثرات الخاصة, ويستدعي قصة معقدة ليبهر الجماهير في كل مرة, أو حودايت الأطفال التي أصبحت مناسبة أكثر للكبار منها للصغار مثل قصة بياض الثلج التي تحولت إلي نوعية دامية في'يامرآتي يامرآتيMirrorMirror' بطولة جوليا روبرتس, ومرة ثانية إلي'سنو وايت والصيادSnowWhiteandtheHuntsman' بطولة تشارليز ثيرون. وبجانب الرغبة في العودة إلي البساطة كنوع من الشعور أكثر بالراحة سواء للمبدع أو المشاهد, تبين طريقة الناييف أن الإنسان من الممكن أن يكسر حاجز الخوف أمام الفن وأن يخوض التجربة بكل شجاعة, وألا يخشي التقنيات أو كلام النقاد, وهنا ينتابنا شعورا أن تصوير الفيلم لايوجد شييء أسهل منه, ويمكن لأي شخص لديه ولو قليل من موهبة أن يخوض التجربة.وبالفعل بدأنا نرصد حالات كثيرة لأشخاص كانوا بعيدين عن مجال السينما أو لديهم علاقة بالكتابة السينمائية أو بتنظيم المهرجانات قرروا العمل في مجال الإخراج خاصة وأن هذه الدراسات أصبحت متاحة أكثر مع تطور برامج الكومبيوتر. ونري تجربة مصرية ثانية من خلال الفيلم الروائي القصير'بحريBahari' إنتاج مصري وإخراج' أحمد الغنيمي'والذي يدور في إطار عبثي عن' المرجيحة' التي يركبها الأطفال في منطقة شعبية في الإسكندرية, وتتمتع بزينة فولكلورية مدهشة مما يثير خيال أحدهم فيقرر تصويرها, لكن ذلك لا يقابل برضا سكان المنطقة! وفي قلب أوروبا نجد تجارب لمبدعين من أصول عربية, يودون عرض مجتمعهم بشكل مبسط, ربما كمحاولة للاقتراب من الغربيين وتعريفهم بهؤلاء المهاجرين الذين يعيشون وسطهم ويشتركون معهم في جوانب إنسانية كثيرة ولديهم مخاوفهم وأفراحهم ومشاكلهم اليومية, فيطرح الفيلم الروائي الطويل'الإمتناعRengaine' إنتاج فرنسي وإخراج' رشيد جيداني' قضية الزواج المختلط بين فتاة جزائرية وشاب أسود في أوروبا ورفض الأسرتين لهذه الزيجة, والتناقضات الثقافية لدي العرب وبحثهم الدائم عن الهوية, وهو مستوحي من قصة والدي المخرج حيث ولد لأم جزائرية وأب سوداني في فرنسا, وكما لو كنا بصدد فيلم وثائقي يسجل شهادات جميع الأطراف في العائلة! وفيلم'سينما إن شاء اللهCinemaInchallah' إنتاج بلجيكي وإخراج' جيوم فاندربرج وفنسان كوين' وهو فيلم وثائقي يدور حول مجموعة من الشباب المغاربي الهاوي للسينما يقومون بتصوير أفلام خفيفة تعكس ثقافتهم ومناقشتهم لفكرة الحلال والحرام في الفن, وحرصهم علي تقديم أعمال مقبولة من الأسر العربية والمسلمة.