أهم ما في السكن الجيران.. وأهم مافي السفر الصحبة. وأهم مافي الحب العشرة.. وحين تخلو الحياة من هذه المشاعر يختفي الدفء من حياتنا وتتحول الأشياء حولنا إلي كتل من الجليد ويغطي الصقيع وجوهنا ثم تتسلل البرودة إلي أطرافنا ولا نشعر بنبض القلب ولا راحة الجسد.. ما قيمة بيت عشت فيه حياتك بين اناس تحبهم ثم تحول فجأة إلي وجوه غريبة لا تعرفها..بعد ان كان المكان هادئا ممتعا جميلا تحول إلي صخب مجنون فوجدت من يهدم جدارا ومن يكسر عليك باب غرفتك ومن يستبيح ابسط الأشياء التي كنت تحبها. ما قيمة رحلة سفر لا تجد فيها الصديق الذي يؤنس وحدتك وتراه معك في كل شيء صحة ومرضا سعادة وشقاء.. ما الذي يحملك علي ان تسافر مع من لا يعرف قدرك ولا يؤمن بما تفعل ويري الناس جميعا اصناما متساوية يعصف بها حين يشاء..ويهدر قيمتها كلما راودته اشباح الكراهية وزارته مواكب الحقد.. ماالذي يجعلك تعيش قصة حب من طرف واحد تعطي وتنظر في يديك فلا تري غير التراب رغم انك تستحق من الأشياء اغلاها. وتحب بكل ما حمل القلب من المشاعر والأماني والأحلام ثم تكتشف أنك ترسم وجها جميلا فوق صفحة ماء في مستنقع كريه.. وأن مارسمت وما كتبت وما اعطيت كل هذا لا يساوي شيئا امام نفوس سكنها الخراب واجتاحتها الأنانية ولم تعد تفرق بين العصافير والغربان وبين من يكتب بالدم ومن يعبث في القمامة. ساعتها سوف تشعر ان الحياة صغرت امامك وتحولت إلي كائنات مشوهة في الفكر والسلوك والمشاعر وان الحديقة التي زرعتها علي عينك والأشجار التي رويتها بدمك تتحول كل يوم إلي خرائب امام قلوب فقدت الرحمة واناس لا يحملون من البشر غير الأسماء. ساعتها لا قيمة لشيء علي الإطلاق لا قيمة لمال أو منصب أو بريق كاذب..ولاقيمة لأناس اعطيتهم العمر وبخلوا عليك بلحظة وفاء ومنحتهم الدم وبخلوا عليك بنقطة ماء.. ساعتها يبدو الرحيل عن المكان أفضل..والابتعاد عن الوجوه الكئيبة أجمل وحين يتساوي الحب واللاحب فلا قيمة لشيء علي الإطلاق. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة