يمكن القول إن التقديرات الإسرائيلية باستبعاد فكرة الحرب الشاملة ضدها كانت تقديرات صحيحة- نسبيا- في ضوء ما شكلته نتائج حرب يونيو1967 من أوضاع جديدة عززتها إسرائيل بإنشاء خط بارليف لكي تؤكد تشبثها بامتلاك الضفة الشرقية للقناة إلي أمد غير منظور بحيث لا يمكن أن يعاد فتحها للملاحة مرة أخري إلا عندما تتم الاستجابة لكامل الشروط والمطالب الإسرائيلية بشأن تصفية النزاع العربي الإسرائيلي. لم يكن إنشاء خط بارليف لاعتبارات دفاعية فقط تبتغيها إسرائيل وإنما كان الهدف سياسيا في المقام الأول دون النظر لأي اعتبارات عسكرية فالمهم هو فرض أمر واقع علي الأرض وإظهار جدية التمركز بطول خط المياه علي حافة قناة السويس مباشرة حيث بدأ الأمر بحفر مئات الخنادق علي طول القناة في مواقع مرتجلة.. و عندما بدأت مصر حرب الاستنزاف وتزايدت عمليات قصف الضفة الشرقية بأعداد ضخمة من المدافع المصرية الثقيلة اضطرت إسرائيل إلي تعميق هذه الخنادق وتحصينها. وقد تصور الإسرائيليون في بداية حرب الاستنزاف أن الأمر سوف يبقي في إطار شبيه بما حدث في الحرب العالمية الأولي واصطلح علي تسميته ب حرب الخنادق والتي يمكن التعامل معها هجوميا بتكثيف الرد الجوي والمدفعي علي مصادر النيران والعمل علي تقليل أثرها وإشعار الطرف الآخر بعدم جدوي الاستمرار في القتال. و هكذا لم يرد علي ذهن إسرائيل أن مصر يمكن أن تمتلك خيارات وبدائل للتعامل مع خط بارليف الذي كانوا ينظرون إليه في تل أبيب علي أنه رمز القوة الإسرائيلية التي لا تقهر! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: من بين ركام الزلازل تولد إرادة البناء! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله