مشكلة النقل والمرور في مصر بلغت حدا لا يمكن السكوت عنه وأصبحت جميع الحلول لا تحقق السيولة المرورية المطلوبة, وقد غاب عنا نهر النيل الذي يبلغ طوله داخل الأراضي المصرية ما يربو علي1562 كيلو مترا من الحدود المصرية السودانية جنوبا حتي البحر المتوسط شمالا, ويبلغ طول شبكة الطرق الملاحية3136 كيلو مترا. وتعتبر الموانئ النهرية واحدة من أهم عناصر البنية الأساسية للنقل النهري, ويبلغ عدد الموانئ النهرية علي شبكة الخطوط الملاحية44 ميناء تقدر طاقتها التخزينية بنحو1.2 مليون طن. النقل النهري يتميز بالكثير من المميزات التي ينفرد بها عن باقي وسائل النقل الأخري المنافسة له كالسكك الحديدية والنقل بالسيارات, وأهم هذه الميزات انخفاض حجم الاستثمار في البنية الأساسية لها( الطرق الملاحية), وقدرته علي نقل البضائع غير النمطية الكبيرة الحجم وذات الأوزان والأطوال الكبيرة التي تتعدي ثلاثين مترا وتزيد أوزانها علي400 طن, ويضاف إلي ذلك انخفاض تكلفة التشغيل لأن الوحدة النهرية التي تصل حمولتها إلي900 طن يسيرها محركان قوتهما460 حصانا كحد أقصي, وهذه الحمولة تحتاج إلي قطار مكون من23 عربة حمولة كل منها40 طنا تسيره قاطرة بقوة1600 حصان, وهذه الحمولة إذا تم نقلها بالسيارات تحتاج إلي30 سيارة حمولة كل منها30 طنا وتحتاج إلي قوة محركة مقدارها7200 حصان, بالإضافة إلي تكلفة وجود ثلاثين سائقا وثلاثين تباعا علي الأقل.. كما تتميز وسائل النقل النهري بإمكانات التصنيع المحلي, حيث يصل المكون المحلي لهذا المرفق إلي نحو75% منه. كما أن الجزء الأكبر من التكلفة يكمن في القوة المحركة التي تقل في النقل النهري عن مثيلتها في أي وسيلة نقل أخري, ولا ننسي دور السياحة النيلية في جذب السياحة لمشاهدة الحضارتين الفرعونية والقبطية التي يقع معظمهما علي جانبي نهر النيل. الثابت أن تكاليف النقل البري من الوقود تفوق تكاليف النقل النهري بسبعة أضعاف ونصف القيمة, وتكاليف النقل بالسكك الحديدية تصل إلي ضعف النقل النهري تقريبا, وبالتالي لو تمت زيادة نسبة النقل النهري إلي30% مما يتم نقله لأمكن توفير30% من كميات الوقود المستهلكة في وسائل النقل البري, وهو ما يجعلنا نغير فجوة عجز الوقود الطاحنة التي نمر بها. وتتمثل المواد التي يمكن نقلها نيليا في المواد البترولية والأسمنت والرمل والزلط والفوسفات والكحول والفحم والحجر والكبريت والطوب والمعادن والغلال والسكر والألومنيوم الخام والأسمدة والحديد والصلب. وقد فقدت وسائل النقل النهري دورها خلال الفترة الماضية بسبب عدم تحديد المجري الملاحي, وعدم توافر العمق الكافي في بعض الأهوسة, فضلا عن سوء حالة الأسطول المتخصص لارتفاع متوسط أعمار الوحدات(30 سنة تقريبا), وحيث تحتاج معظم الوحدات إلي إجراء عمرة جسيمة بها, كما أن المؤشرات المستقبلية تشير إلي إمكان تعظيم دور النقل النهري في خدمة الاقتصاد القومي إذا ما أمكن تهيئة المناخ المناسب كي يعمل هذا المرفق بأقصي كفاءة ممكنة, لذلك نري ما يلي: 1 الاهتمام بالنيل كمجري لنقل البضائع, وذلك بتحديد المجري الملاحي من أسوان وحتي القاهرة مع وضع العلامات الإرشادية( الشمندورات) التي يمكن أن تعمل بالطاقة الشمسية لإمكان امتداد الحركة النهرية علي مدي24 ساعة والعمل علي صيانة المجري للحفاظ علي أبعاده وخصائصه, مع ضرورة وضع مستقبل النقل النهري علي أولويات الدولة. 2 استخدام وسائل النقل النهري الحديثة ذات السرعات العالية لتصبح منافسة لوسائل النقل البري للركاب والبضائع, ومراعاة أن يتم تصميم الوحدات النهرية بحيث يتناسب غاطسها مع عمق المياه في المجري الملاحي. 3 يجب أن يؤخذ في الاعتبار وجود سبعة عشر موقعا تعوق الملاحة في مجري النيل بالوجه القبلي بسبب الإطماء بالغرب من بني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج, مما يستوجب تطهيرها لتعميق المجري الملاحي بما يوفر الغاطس المناسب للوحدات الشاحنة لتحمل بكامل حمولتها للمرور في المجري الملاحي طول العام. 4 تتولي المحافظات إنشاء موانئ نهرية يسهل ربطها بشبكات الطرق البرية والسكك الحديدية بقدر الإمكان, ويجب ربط الموانئ البحرية( دمياط الدخيلة بورسعيد السويس) بشبكة النقل النهري, الأمر الذي سيكون له مردود إيجابي علي الاقتصاد القومي لما يتميز به النقل النهري من خصائص اقتصادية عديدة في تخفيض الضغط علي الطرق وتوفير في وقود السيارات. 5 التنسيق بين وزارتي النقل والمواصلات والري والموارد المائية لرفع كفاءة التشغيل في النقل النهري, خاصة فيما يتعلق بالسياسات المائية للتصرفات خلف السد لتلافي تذبذب الغاطس الملاحي للوحدات النهرية, وتشجيع الاستثمار في مجال إنشاء وتشغيل أساطيل النقل النهري لنقل الركاب والبضائع, وكذلك إنشاء الصوامع علي المجاري الملاحية.