إذا قال لي أحد إن المرجعية الدينية تعني السماح بزواج الفتيات بعد بلوغهن الحيض مباشرة فسأقول له: قف مكانك, انت تشوه الإسلام وتخلط بين الدين والعادات والتقاليد. وسوف أهدي له هذه القصة المروعة التي رواها لي طبيب القلب المعروف د. عادل إمام عما حدث لنحو ربع مليون فتاة إثيوبية عشن وما زال نصفهن يعيش حتي الآن حياة مأساوية بسبب الزواج والإنجاب في سن الطفولة. وبالمناسبة فإن غالبية سكان إثيوبيا من المسيحيين ولا يمثل الإسلام سوي33% من عدد السكان مما يدل علي أن الزواج المبكر هو تقليد كان معمولا به في المجتمعات القديمة وصار مرفوضا في كل المجتمعات المتحضرة ولا علاقة له بالدين من قريب أو بعيد. بسبب عدم نضوج أجسادهن واكتمال نمو العظام والأعضاء الداخلية فقد أصيبت هؤلاء الفتيات بتهتكات داخلية بعد الحمل والولادة جعلتهن يقضين حاجتهن من الأمام بدلا من المكان الطبيعي لذلك وهو فتحة الشرج. فماذا فعل الأزواج وأسر هؤلاء الفتيات اللاتي وقعن ضحايا الجهل والتخلف؟ بدلا من أن يبذلوا أقصي الجهود لعلاج تلك المأساة قاموا بتجميع هؤلاء الفتيات خارج المدن والقري وعزلوهن في أكواخ نائية بسبب الرائحة الكريهة المنبعثة منهن. وكان مصير هؤلاء الفتيات أن يقضين ما تبقي لهن من عمر بعيدا عن أطفالهن وأهلهن. ومنذ عشرة أعوام اكتشفت طبيبة أسترالية هذه الدراما الإنسانية فآلت علي نفسها أن تكرس حياتها لعلاج هؤلاء الفتيات وجاءت من بلادها بما يلزم من أدوات جراحية وقامت بإجراء عمليات لإصلاح الأغشية الداخلية التي تمزقت بفعل الحمل والولادة المبكرة ونجحت حتي الآن في علاج أكثر من 100 ألف حالة. والذي يقول لي إن المرجعية الدينية معناها إلقاء القبض علي طفلين أحدهما عمره 9 أعوام والآخر 10 بتهمة ازدراء الأديان أقول له: قف مكانك, فأنت تشوه صورة الإسلام في العالم وتناقض واحدة من أهم الأسس التي قام عليها ديننا الحنيف وهي الرحمة إلي درجة أن الصفتين اللاصقتين بالخالق في القرآن هما الرحمن الرحيم. وهناك بالتأكيد وسائل عديدة لعلاج مثل هذه الأمور لو افترضنا فعلا أن الطفلين قد أقدما علي أفعال بها إساءة لديننا. وإذا قال لي أحد إن المرجعية الدينية معناها أن يكون هم الوفود المصرية في الأممالمتحدة والمنظمات الدولية ولجان حقوق الإنسان هو إدخال نصوص تجرم ازدراء الأديان وتعاقب حرية الكلمة والتعبير وكأننا عدنا إلي عصور محاكم التفتيش التي ابتدعتها أوروبا لإدخال الرعب والجزع في قلوب الناس وحملهم علي الالتزام بتعاليم الدين المسيحي عن طريق البطش والإرغام وليس عن طريق الاقتناع والتسليم.. فسأقول له إن ذلك فهم محدود وخاطيء للدين وإن الإسلام ليس في حاجة إلي ذلك. وإذا قال لي أحد إن المرجعية الدينية معناها الحض علي تهجير الأقباط في شمال سيناء وبعض قري الريف المصري عن طريق التخويف والترويع وعدم شعورهم بالأمان علي أرواحهم وأموالهم أطالبه بالرجوع إلي الوثيقة العظيمة التي تسمي دستور المدينة ليري كيف أسدل الرسول غطاء الأمن والأمان علي جميع سكان المدينة وعلي كافة الأقليات المقيمة بها بمن فيهم اليهود. وإذا قال لي أحد إن المرجعية الدينية معناها الزج بالمواطنين في السجون بتهمة الإلحاد فسوف أذكره بآية من الآيات المحكمات التي لا جدال في تفسيرها وهي تقول:.. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر... وإذا قال لي أحد إن المرجعية الدينية معناها تكميم أفواه الحاقدين والمعترضين فسأقول له انت لا تفهم دينك فهما صحيحا وقد كان الناس في عصر الرسول يعترضون ويجادلون سيد الخلق وكان هو يتقبل ذلك بصدر رحب. المزيد من مقالات شريف الشوباشي