علي الرغم من أن قانون العمل وضع ضوابط وشروط لاستقدام العمالة الأجنبية وحدد تواجدهم بنسبة10% من العمالة المحلية إلا أن هناك الكثير من المستثمرين يلجأون إلي استبدال العمالة الأجنبية بالمحلية ومن هنا نجد وجود تضارب في الآراء حول وجود أزمة البطالة التي يعاني منها الشباب المصريين في حين يشكو اصحاب المصانع والشركات الكبري من عدم وجود عمالة متخصصة ومدربة مستدمية ورفض90% من الشباب العمل في المصانع رغم المزايا المادية المجزية. يفسر محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيحية وصاحب أحد المصانع أسباب استقدام العمالة الأجنبية لاختفاء العمالة الفنية المحلية الماهرة والمدربة نتيجة عدم وجود الرؤيا التعليمية الفنية الصحيحة المرتبطة بالصناعة بمعني أنه لابد وأن يكون هناك خطة محددة تعمل عليها وزارة الصناعة والتربية والتعليم ووزارة التعليم العالي من أجل وجود خريجين من المدارس الفنية المتوسطة والتعليم العالي تتناسب خبراتهم وقدراتهم مع احتياجات سوق العمل المطلوبة فيكون هناك ربط بين المصانع والعملية التعليمية بحيث ترتبط المصانع بالمدارس الثانوية الصناعية تكون موجودة في المنطقة الصناعية أو بالقرب منها وأن تكون نوعية المدارس تتناسب مع المساحة الجغرافية لكل صناعة, فلكل منطقة صناعية في أي مدينة علي مستوي الجمهورية خريطة صناعية بالمشروعات الموجودة بها توجد بجهاز المدينة وبجمعية المستثمرين وينصح محمد المرشدي كل شاب حاصل علي دبلوم صنايع أن يعمل في مجال تخصصه ويقول إنه رغم أننا نحاول حل هذه الأزمة بالتدريب التحويلي( تعليم خريج دبلوم الصنايع مهنة لم يقم بدراستها) إلي أن هذه العملية لم تنجح كما يجب.. ويري أن العامل المصري أجدي وأفضل من العامل الأجنبي ولا يوجد صاحب عمل يتمني أن يستورد عمالا من الخارج لأن هذا يزيد من أعباءه المادية لأنه يعطيه راتبه الشهري بالعملة الأجنبية إلي جانب تحمله تكلفة تذكرة الطيران ذهاب وعودة, كما أنه مسئول عن توفير سكن له وتحمل مصاريف تجديد الاقامة, ولكن استيراد العامل الأجنبي مفيد في حالة واحدة وهو عندما يكون تخصصه نادرا وذا خبرة ومهارة وكفاءة عالية فينقل خبرته الصناعية والإنتاجية للعاملين ويزيد من عملية الإنتاج ويقلل من تكلفة الوحدة الإنتاجية وهذه الاستفادة يجب ألا تتعدي عامين علي الأكثر من خلالها يتم إعداد كوادر محلية مدربة ومنتجة تزيد وتحسن من مستوي المنتج ويشير المرشدي إلي أن صناعات الملابس الجاهزة هي أكثر الصناعات التي تحتاج إلي استيراد العمالة من الخارج ويليها الصناعات النسيجية. يقول الدكتور المهندس نبيه السمري رئيس شعبة الصناعات المغذية بغرفة الصناعات الهندسية ومدير عام إحدي الشركات الخاصة إن استقدام العمالة الأجنبية من الخارج ليست ظاهرة جديدة وإنما بدأت في ازدياد في الآونة الأخيرة نتيجة ضغط العمالة المحلية من إضرابات ودعوات ومطالب فئوية ترغب في زيادة المرتبات والحوافز والأرباح في وقت وجود إنتاجية ضعيفة وعلي الرغم من أن العمالة الأجنبية التي يقوم باستيرادها المستثمرون وأصحاب الشركات والمصانع قد تكون أعلي من العمالة المصرية إلا أنها في الحقيقة هي الأرخص لزيادة الإنتاج ويؤكد السمري رفضه لاستقدام العمالة الأجنبية لكنه يلتمس العذر للمستثمرين الذين يقومون بحساب تكلفة أي منتج من خلال خامات المنتج والأجور المباشرة للعمال والمصروفات الإدارية ويشير إلي أنه كلما قل انتاج العامل زادت تكلفة المنتج ومن هنا يبحث المستثمرون عن زيادة الانتاج حتي تقل تكلفة المنتج لأن المصروفات الإدارية ثابتة ويضيف أن هؤلاء المستثمرين يقومون بعمل مقارنة بين العامل الأجنبي والعامل المصري, فالأول ماهر ويتقن عمله وينتج كمية أكبر في وقت أقل وبالتالي تقل تكلفة الوحدة في المنتج فيزيد من رأس ماله وأرباحه, أما العامل المحلي فيطالب بزيادة أجره وينتج كميات أقل في وقت أكبر وبالتالي يزيد تكلفة الوحدة إلي والوقت الذي يقوم بإهداره في الكلام والمطالب التي لا تنتهي ويأتي قانون العمل الحالي ليحمي العامل ويعطي له الفرصة للبلطجة وعدم الإنتاج وهذا خطأ كبير ويتساءل مدير عام أحدي الشركات لماذا يقوم العمال المصريين في الخارج بدول الخليج علي سبيل المثال لا الحصر بإنتاجية أكبر ومهارة أفضل, ويحافظون علي مكان عملهم لأنهم يحصلون علي عائد كبير يحاولون الحفاظ عليه؟! ويري أن الحل لمشكلة استقدام العمالة الأجنبية هو التدريب والتخصيص والتوعية, بمعني أن نتبع أسلوب التدريب للعمالة كل حسب تخصصه وتعليمه, والتوعية بمختلف وسائل الإعلام حول أهمية دور العامل في بناء المجتمع, وتأكيد أن العامل في المصنع هو المستفيد الأول والأصلي في أي شركة تنجح وتنتج, لأن صاحب المال المستثمر إذا فشل مصنعه أو شركته من السهل عليه أن يغلقه ويتجه الي مصنع آخر أو شركة أخري, ولكن العامل في هذه الحالة هو الخاسر الوحيد لأن مصدر رزقه سينقطع بغلق المصنع أو يقل بقلة إنتاجه, وينصح الدكتور نبيه السمري العمال أن يحافظوا علي نجاح وزيادة انتاج المصنع أو الشركة التي يعملون بها وانعاش الاقتصاد القومي الذي سيعود عليهم شخصيا, ويضيف أن استقدام العمالة الأجنبية في المصانع والشركات في مصر لا يمثل سوي4%, ومازالت العمالة المصرية هي المسيطرة. في حين يري يحيي زلط رئيس غرفة صناعة الجلود وصاحب أحد المصانع, أن معظم مصانع وشركات مصر تستورد العمالة الأجنبية ويتجنبوا العمالة المصرية التي تطيح بعرض الحائط بكل الأبواب المفتوحة للرزق بعمل الإضرابات والوقفات الاحتجاجية التي قد تصل الي تخريب مكان عملهم, خاصة المصانع الكبيرة كثيفة العمالة, فكما يحدث لتوريث بعض المهن العليا مثل الطبيب الناجح الذي يؤهل ابنه ليكون طبيبا مثله, وكذلك الصحفي والمهندس, فلماذا لا يورث العامل الماهر نفس الصنعه والمهنه لاولاده خاصة أن هذا العمل في هذا المصنع هو مصدر رزقه وسد احتياجاته هو واسرته, فمن المفترض أن يعتبره مصنعه, ولكن للأسف الشديد الجميع يرغب في الربح الكثير والجهد القليل ولهذا ينكر رئيس غرفة صناعة الجلود وجود أزمة البطالة بين الشباب, والمشكلة الكبري تكمن في رغبة الشباب في العمل البسيط والسهل دون عناء أو جهد ليحصل منه علي عائد مادي أكبر, ويستكمل يحيي زلط قائلا: إن صناعة الجلود تختلف عن الصناعات الأخري مثل صناعة الغزل والنسيج أو الصناعات الهندسية, لأن صناعة الجلود تحتاج الي فنيين ومهرة, وحرفة اختفت منذ فترة طويلة, ويعتمد هذه الصناعة علي العمال كبار السن الذين يورثون المهنة لأولادهم, فمتوسط عمر العمالة بمصنع الجلود الذي املكه لا يقل عن54 عاما, فالحرفي في الماهر الذي يتقن عمله ويحبه ويزيد من إنتاجه يحصل علي عائد مادي كبير وحوافز وأرباح ومنح في المواسم ويتمسك به صاحب العمل, كما أنه يشعر بأن هذا المصنع ملكه فيحافظ عليه ويورث نفس المهنة لابنه, وهو ما يعود عليهما بمزايا عينية كثيرة, فإذا اخلص العامل في عمله واتقنه لابد علي صاحب العمل مكافأته بالحوافز والارباح والمزايا العينية الأخري في الاعياد والمناسبات, فبعض المستثمرين يصرفون منح للعمال الشباب عند الزواج قد تصل الي خمسة آلاف جنيه, ويضيف يحيي زلط أنه قام بعمل تجربة مع بعض الجمعيات الأهلية لحل مشكلة البطالة, وقاموا باختيار مائة شاب وشابة من الذين يبحثون عن عمل ويقيمون بالمناطق العشوائية, وتم تدريبهم بمصانع الجلود بمنطقة العاشر من رمضان وباب الشعرية ووسط البلد براتب شهري لكل منهم يبدأ من800 جنيها حتي1200 جنيه, والعمل في تخصص واحد من الصناعة, وعلي الرغم من ذلك تسرب الشباب خلال شهر ونصف الشهر, ولم يبق منهم سوي10 عمال فقط من المائة. ويشير رئيس غرفة صناعة الجلود الي أن العمالة المستوردة تختلف من بلد لآخر, فالعمالة الوافدة من بنجلاديش والهند علي سبيل المثال يعيش العامل في غرفة بها20 عاملا دون اعتراض وتعمل8 ساعات متواصلة دون انقطاع بطاقة انتاجية عالية وسرعة فائقة, ولا تعرف أي شيء سوي العمل, وتتقاضي أجرا شهري ما بين120 إلي150 دولار أمريكي شهريا دون المطالبة بأي مكافآت أو حوافز أو أرباح, أما العامل السوري المدرب تدريب جيد يحصل علي2000 جنيه شهريا مقابل الإتقان في العمل وطاقة انتاجية عالية, بينما العامل التركي يبدأ راتبه من ألف دولار, ويعتبر فنيا أو خبيرا يعمل بيده طوال اليوم ويعطي خبرته لمصلحة العمل.