لا يكاد يخلو شارع في القاهرة الكبري بل ومختلف المدن المصرية من ظاهرة الباعة الجائلين من بائعي النظارات الشمسية المقلدة والاحذية الجلدية والملابس الجاهزة والمواد الغذائية وكروت شحن التليفونات في شوارع وميادين مصر وكأنهم يعلنون التحدي ضد شرطة المرافق التي يرونها سببا في قطع ارزاقهم علما بأن الحملات لا تتوقف ومع ذلك كلما تتم ازالة الباعة الجائلين من أمام محطات مترو الانفاق ومن داخل عرباته ولكن التجربة علي أرض الواقع والمعايشة اليومية تقر بأن الباعة الجائلين مازالوا يمارسون نشاطهم داخل عربات المترو علي خطي حلوان وشبرا وأمام المحطات وفي الميادين وفي الشوارع وكأن تلك الحملات وقتية لا تملك من الردع ما يكفي. التقديرات تشير إلي أنه لا يوجد احصاء دقيق عن نشاط هؤلاء الباعة إلا ان التقديرات تشير إلي أن رأسمال هذه التجارة يزيد علي5 مليارات جنيه يتم تشغيلها اسبوعيا من خلال2 مليون بائع جائل تقريبا, بالاضافة إلي البعد الاجتماعي لهذه الظاهرة وتهيئة المناخ لهؤلاء التجار خاصة ان الكثير منهم من أصحاب الحالات الاجتماعية الخاصة خاصة ان قيمة البضاعة الموجودة مع كل بائع تتراوح ما بين1500 إلي20 ألف جنيه ولا يوجد أحد يحمل ترخيصا أو بطاقة ضريبية أو شهادة صحية إلا عدد قليل جدا. والباعة الجائلون ومصانع وورش تحت بئر السلم يمثلون40% من الناتج المحلي مما يجعل المسئولين يتحركون بسرعة لإيجاد حل سريع وناجح حتي يتم ضمهم إلي الاقتصاد الرسمي مع وضع شروط ميسرة تجذبهم إليه وعدم المغالاة في وضع شروط يصعب تنفيذها علي ارض الواقع حتي لا يستمروا في الشوارع والميادين والمواصلات العامة وذلك بالتعجيل بإنشاء اسواق يوم واحد او سويقات كخطوة عملية نحو استيعابهم لو صدقت النوايا بين جميع الاطراف محافظة وشرطة مرافق وغرف تجارية ووزارة المالية الضرائب والتأمينات حتي لا يتربص الباعة الجائلون بالحملات وبمجرد ان يرحل افراد الشرطة يعاودون الكرة مرة أخري من كر وفر في انتظار حملة جديدة. ويقول خالد حسين أحد اعضاء رابطة الباعة الجائلين بمنطقة وسط البلد إن اغلب مشكلات الباعة الجائلين تتلخص في غياب الأمن واستمرار ظاهرة الباعة البلطجية الذين يفرشون بضائعهم رغما عن الجميع, مطالبا بمراعاة ان تكون الاسواق الجديدة جاذبة للزبائن حتي لا يحدث ركود في هذه المناطق. وشدد علي أهمية ان تكون هذه المناطق قريبة من محل الاقامة والا تكون نائية وبعيدة عن العمران, وان توجد وسائل مواصلات متوافرة, مشيرا إلي ان بعض هؤلاء الباعة من حملة المؤهلات العليا لذا فإنه من الممكن ان تقوم الحكومة بايجاد الوظائف لهم مقابل التخلي عن هذا النشاط غير الشرعي. واشار إلي ان المحافظة سبق لها ان قامت بحصد اعداد الباعة الجائلين قبل الثورة وبعد الثورة تمهيدا لحصرهم وتحويلهم إلي اماكن جديدة. ورحب بدفع ايجار شهري نظير الحصول علي كشك لبيع البضائع فيه وتقنين الاوضاع الاقتصادية الخاصة بهم دون حدوث خسائر عليهم. في البداية يقول شريف يحيي رئيس شعبة الاحذية بغرفة القاهرة نحن التجار الملتزمون مكبلون بالأعباء من ضرائب وتأمينات واجور وكهرباء وايجار محلات, بالاضافة إلي اعباء الباعة الجائلين الذين يصرون علي الوقوف امام محلاتنا بطرق غير انسانية بلطجة ومع ذلك نحن نؤيد فكرة نقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد من أجل الأمن العام والشكل الحضاري ووضعهم في أي منطقة بديلة بشرط ان تلبي مستوي معيشة لهم, وتضمن مصدر دخل جيد يستطيعون من خلاله تدبير نفقات ومصروفات أسرهم وان ذلك يمثل استقرارا وتقنينا لأوضاعهم الاقتصادية في الوقت الراهن بدلا من قيام شرطة المرافق بمصادرة البضائع الخاصة بهم, كما كان يحدث قبل الثورة, وهو ما يضمن انتقالهم إلي الاقتصاد الرسمي للدولة. ويقول محمود الداعور رئيس شعبة الملابس الجاهزة ان غرفة القاهرة سبق لها ان قامت خلال العقد الماضي بتسكين الباعة الجائلين في شارع البوسطة والجوهري بالاضافة الي انه تم نقل عدد من الباعة الجائلين إلي منطقة الزاوية الحمراء وقد نجحت خطة الحكومة في هذا الصدد مقترحا ان تكون بالاسواق المجمعة للباعة الجائلين في الحديقة الخاصة بالمسرح القومي. واضاف يحيي زنانيري رئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة ان فشل حملات البلدية علي الباعة الجائلين منذ عهد الرئيس السابق وإلي اليوم بسبب بسيط وهو عدم وضع تعريف خاص للبائع الجائل هل هو الشرعي أم الذي يقف امام المحلات لابد ان نعترف بشيء من المرارة ان الباعة الواقفين امام المحلات ما هم إلا متسولون وذلك بسبب صاحب المحل يفرش امام محله ويقوم باستئجار مجموعة من الشباب للقيام بالبيع للبضاعة الدرجة الثانية والثالثة وفي نهاية اليوم يأخذ كل واحد اجره وانتهت العلاقة وفي حالة أي خلاف بين صاحب الفرش وهؤلاء المستأجرين يقوم بطردهم وبالتالي يقومون إما بأعمال البلطجة او التسول, اما النوع الآخر وهو صاحب البضاعة وغالبا ما يسرح في الشوارع, ويكون قريبا من الزبون ويستطيع كسب رزقه وهذا هو البائع المتجول الذي يمكن ويسهل ضمه في نقابة أو رابطة خاضعة للغرف التجارية. واشار الي أنه يجب علي رجال الاعمال ان يلتزموا بالبعد الاجتماعي لحل هذه الازمة وذلك من خلال التبرع بأموال من أجل تسليف بعض غير المستطيعين من الباعة الجائلين من أجل شراء بضاعة ونقلهم الي ساحات مخصصة لهم. واضاف انه يجب عمل استمارة مدون بها اسم البائع والمكان ونوع النشاط والحي التابع له وذلك من أجل السيطرة عليهم, بالاضافة إلي وضع مكان ثابت لهم حتي يستطيع المستهلك استرجاع البضاعة المعيبة وذلك لتحقيق اقصي حماية للطرفين للبائع والمستهلك لكونه أحد طرفي المنظومة الاقتصادية التي يشغل المورد طرفها الآخر. ومن جانبه يؤكد علي شكري نائب رئيس غرفة القاهرة التجارية ان الغرفة بالفعل لديها خطة متكاملة لضم هؤلاء الباعة الاقتصاد الرسمي واستيعابهم في تجمعات تجارية صغيرة تقام في سويقات بالتنسيق مع محافظة القاهرة والاجهزة الامنية سواء اسفل الكباري وبجوار الحدائق العامة أو الاماكن الفضاء غير المستغلة بالأحياء السكنية. وأشار شكري إلي ان الخطة تستهدف ضم نحو2 مليون من الباعة الجائلين لتصحيح اوضاعهم باعتبارهم يمثلون نحو2% من الاسر المصرية هذه المشكلة ذات بعد اجتماعي وذلك نتيجة الاهمال والاخطاء في العهد السابق في عدم العمل علي حل ازمة البطالة والتوسع في العشوائيات, واهمال التنمية في الصعيد مما نتج عنها مشكلة الباعة الجائلين. واضاف ان حجم تجارتهم يقدر بنحو90 مليار جنيه... ويطالب شكري حكومة الدكتور هشام قنديل والدكتور اسامة كمال محافظ القاهرة والاجهزة التنفيذية والامنية التعاون مع الغرفة لتنفيذ هذه الخطة, والتي تتضمن منح بطاقات خاصة من الغرفة يدون بها رقم خاص بالبائع واسمه بالكامل وفي خانة المهنة سيكتب بائع متجول مع تعريف نوع البضاعة التي يقوم ببيعها والمكان المخصص بالبيع حتي يكون هناك نوع من الرقابة والمتابعة وحماية حقوق المستهلكين مع الحفاظ علي الشكل الحضاري للعاصمة وتجنب عمليات اشغال الطريق المنتشرة في الوقت الراهن كما تتضمن الخطة تحصيل مبلغ رمزي شهريا لاستخراج البطاقة مع تمتعهم بمزايا صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية بالغرفة.